الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرع من بَاب الشَّهَادَة على الشَّهَادَة
إِذا لم يعرف الْفَرْع الْمَشْهُود عَلَيْهِ تحمل على الِاسْم وَالنّسب فَإِن لم يعرفهُ بعد ذَلِك أدّى على الْعين وَإِن حضر شخص ادّعى أَنه الْمَشْهُود لَهُ قَالَ القَاضِي الْحُسَيْن والفوراني فَعَلَيهِ أَن يُؤَدِّي الشَّهَادَة على الِاسْم وَالنّسب ثمَّ ينظر فَإِن أقرّ الْخصم فَذَاك وَإِن تناكرا فعلى الْمُدَّعِي إِقَامَة الْبَيِّنَة على اسْمه وَنسبه فَإِن قَامَت بَيِّنَة بِذَاكَ حكم لَهُ
قَالَ ابْن الرّفْعَة وَفِي فتاوي القَاضِي حُسَيْن أَنه لَو أقرّ رجل فَقَالَ لفُلَان ابْن فلَان عَليّ كَذَا فجَاء رجل وَقَالَ أَنا فلَان بن فلَان الَّذِي أقرّ لي بِالْحَقِّ عندكما فاشهدا لي فَلَيْسَ لَهما أَن يشهدَا حَتَّى يعرفا أَنه هُوَ الْمقر لَهُ فَلَو أَقَامَ الرجل بَيِّنَة عِنْد القَاضِي أَنه فلَان بن فلَان حِينَئِذٍ يَشْهَدَانِ لَهُ بِهِ
قَالَ ابْن الرّفْعَة وَهَذَا مُنَاقض لما تقدم فَلْيَكُن فِي الْمَسْأَلَة جوابان
قلت هَذَا كَلَام ابْن الرّفْعَة وَكَأَنَّهُ فهم أَن الفوراني وَالْقَاضِي أَولا يَقُولَانِ لَا تتَوَقَّف تأديتهما الشَّهَادَة على تحققهما أَن هَذَا الْمُدَّعِي فلَان بن فلَان الْمقر لَهُ لِأَنَّهُمَا لَا يَشْهَدَانِ بنسبه وَإِنَّمَا يَشْهَدَانِ بِالْحَقِّ لهَذَا الِاسْم فيؤديان الشَّهَادَة هَكَذَا وَفِي هَذَا إِشْكَال لِأَن تأدية الشَّهَادَة لَا تقع فِي وَجه مُدع عرف أَنه الْمقر لَهُ فَلَا يكونَانِ قد أديا للْمُدَّعِي وَإِنَّمَا أديا لمسمى بِهَذَا الِاسْم الَّذِي يحْتَمل أَلا يكون هُوَ هَذَا الْمُدَّعِي فَمن ثمَّ يَقُول القَاضِي لَا يؤديان حَتَّى يعرفا أَنه فلَان بن فلَان وَجعل من طَرِيق معرفتهما قيام الْبَيِّنَة عِنْد الْحَاكِم بذلك فَحِينَئِذٍ يَشْهَدَانِ
فَمَعْنَى الجوابين هَكَذَا أَحدهمَا أَن التأدية تسبق ثُبُوت كَونه فلَان بن فلَان لِأَنَّهَا لَا تقع على شخصه وَإِنَّمَا تقع للمسمى بِهَذَا الِاسْم فَلم يضر كَونهَا سَابِقَة
وَالثَّانِي أَن كَونهَا سَابِقَة يُوجب كَونهَا لم تقع ضمن دَعْوَى من يتحققان أَنه الْمَشْهُود لَهُ فَيضر وَلَا يؤديان حَتَّى يعرفانه وَيبقى النّظر بعد ذَلِك فِي أَنَّهُمَا إِذا قَامَت الْبَيِّنَة بِأَنَّهُ فلَان بن فلَان هَل يَشْهَدَانِ أَنه الْمقر لَهُ أَو إِنَّمَا يَشْهَدَانِ أَنه أقرّ لفُلَان بن فلَان وَلَا يذكران أَنه هَذَا لِأَن قيام الْبَيِّنَة بِأَنَّهُ هُوَ لَا يُوجب لَهما الْعلم بِأَنَّهُ هُوَ هَذَا مَحل نظر
ظَاهر كَلَام القَاضِي يدل للْأولِ وَقد يخرج ذَلِك على طَريقَة من يَكْتَفِي بِالتَّسَامُعِ فِي ثُبُوت النّسَب من عَدْلَيْنِ كَمَا هِيَ طَريقَة الشَّيْخ أبي حَامِد لَا سِيمَا وَقد تَأَكد ذَلِك بِقِيَام الْبَيِّنَة عِنْد الْحَاكِم وَالْأَظْهَر عِنْدِي أَن يحمل كَلَامه على الثَّانِي وَيُقَال إِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ للمسمى بِهَذَا الِاسْم وَيكون الضَّمِير فِي قَول القَاضِي لَهُ عَائِدًا على فلَان بن فلَان لَا على هَذَا الشَّخْص لِأَنَّهُمَا لَا يعرفانه بِهَذَا النّسَب فَكيف يَشْهَدَانِ لشخصه وَالْمَسْأَلَة لَيست مسوقة للشَّهَادَة بِالنّسَبِ بل للشَّهَادَة بِالْمَالِ ومصورة بِمَا إِذا قَالَ فلَان بن فلَان بن فلَان فَإِنَّهُ لَا بُد من اسْم الْأَب وَالْجد وَلذَلِك تلفظ بهما القَاضِي فِي الفتاوي وَحذف ابْن الرّفْعَة اسْم الْجد اختصارا لِأَنَّهُ مَعْرُوف فِي مَكَانَهُ
وَقد رَأَيْت الْمَسْأَلَة فِي فتاوي القَاضِي وَقد قَالَ جَامعهَا الْبَغَوِيّ عَقبهَا قلت عِنْدِي لَا يجوز لَهما أَن يشهدَا بِالْمَالِ بِشَهَادَة الشُّهُود أَنه فلَان بن فلَان حَتَّى يعلماه يَقِينا وَلَا يتَيَقَّن بقول الشُّهُود فَإِن عرفا يَقِينا أَنه الْمقر لَهُ وَوَقع الِاخْتِلَاف فِي النّسَب حِينَئِذٍ يثبت النّسَب بقول الشُّهُود
انْتهى
وَابْن الرّفْعَة حذف كَلَام الْبَغَوِيّ هَذَا فَلم يذكرهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ من الْبَغَوِيّ دَلِيل على أَنه فهم أَن الْمَسْأَلَة فِي أَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ بِالْمَالِ لشخصه بعد قيام الْبَيِّنَة بِأَنَّهُ هُوَ فلَان ابْن فلَان فالعجب من ابْن الرّفْعَة فِي حذفه كَلَام الْبَغَوِيّ وَهُوَ ذكر الْمَسْأَلَة فِي