الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روى عَنهُ نصر الله الْمَقْدِسِي وَأَبُو طَاهِر الجنائي وَأَبُو الْحُسَيْن بن الموازيني وَهبة الله بن الْأَكْفَانِيِّ وَآخَرُونَ
توفّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة
423 - طَاهِر بن عبد الله بن طَاهِر بن عمر
الإِمَام الْجَلِيل القَاضِي أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ
أحد حَملَة الْمَذْهَب ورفعائه
كَانَ إِمَامًا جَلِيلًا بحرا غواصا متسع الدائرة عَظِيم الْعلم جليل الْقدر كَبِير الْمحل تفرد فِي زَمَانه وتوحد وَالزَّمَان مشحون بأخدانه واشتهر اسْمه فَمَلَأ الأقطار وشاع ذكره فَكَانَ أَكثر حَدِيث السمار وطاب ثَنَاؤُهُ فَكَانَ أحسن من مسك اللَّيْل وكافور النَّهَار
وَالْقَاضِي فَوق وصف الواصف ومدحه وَقدره رَبًّا على بسيط الْقَائِل وَشَرحه وَعنهُ أَخذ الْعِرَاقِيُّونَ الْعلم وحملوا الْمَذْهَب
ولد القَاضِي بآمل طبرستان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وثلاثمائة
وَسمع بجرجان من أبي أَحْمد الغطريفي وَقد وَقع لنا جُزْء أبي أَحْمد من طَرِيقه
وبنيسابور من شَيْخه أبي الْحسن الماسرجسي وببغداد من الْحَافِظ أبي الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ
وَأسْندَ عَنهُ كثيرا فِي كِتَابه الْمِنْهَاج وَمن مُوسَى بن عَرَفَة والمعافى ابْن زَكَرِيَّا وَعلي بن عمر الْحَرْبِيّ وَغَيرهم
روى عَنهُ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ وَأَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَهُوَ أخص تلامذته بِهِ وَأَبُو مُحَمَّد بن الآبنوسي وَأَبُو نصر أَحْمد بن الْحسن الشِّيرَازِيّ وَأحمد ابْن عبد الْجَبَّار الطيوري وَأَبُو الْمَوَاهِب أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُلُوك وَأَبُو نصر مُحَمَّد ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد العكبري وَأَبُو الْعِزّ أَحْمد بن عبيد الله بن كادش وَأَبُو الْقَاسِم بن الْحُسَيْن وَخلق آخِرهم موتا أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ
ذكره تِلْمِيذه الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق فَقَالَ فِيمَا أخبرناه أَبُو عبد الله الْحَافِظ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ أخبرنَا ابْن القواس أخبرنَا الْكِنْدِيّ إجَازَة أخبرنَا أَبُو الْحسن بن عبد السَّلَام أخبرنَا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عَليّ الشِّيرَازِيّ قَالَ وَمِنْهُم شَيخنَا وأستاذنا أَبُو الطّيب توفّي عَن مائَة وسنتين لم يخْتل عقله وَلَا تغير فهمه يُفْتى مَعَ الْفُقَهَاء ويستدرك عَلَيْهِم الْخَطَأ وَيَقْضِي وَيشْهد ويحضر المواكب إِلَى أَن مَاتَ
تفقه بآمل على أبي عَليّ الزجاجي صَاحب ابْن الْقَاص وَقَرَأَ على أبي سعد الْإِسْمَاعِيلِيّ وعَلى القَاضِي أبي الْقَاسِم بن كج بجرجان ثمَّ ارتحل إِلَى نيسابور وَأدْركَ أَبَا الْحسن الماسرجسي وَتَبعهُ وَصَحبه أَربع سِنِين ثمَّ ارتحل إِلَى
بَغْدَاد وعلق عَن أبي مُحَمَّد الْبَاقِي الْخَوَارِزْمِيّ صَاحب الداركي
وَحضر مجْلِس الشَّيْخ أبي حَامِد وَلم أر فِيمَن رَأَيْت أكمل اجْتِهَادًا وَأسد تَحْقِيقا وأجود نظرا مِنْهُ
شرح الْمُزنِيّ وصنف فِي الْخلاف وَالْمذهب وَالْأُصُول والجدل كتبا كَثِيرَة لَيْسَ لأحد مثلهَا ولازمت مَجْلِسه بضع عشرَة سنة ودرست أَصْحَابه فِي مَسْجده سِنِين بِإِذْنِهِ ورتبني فِي حلقته وسألني أَن أَجْلِس فِي مَسْجِد التدريس فَفعلت فِي سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة أحسن الله تَعَالَى عني جزاءه وَرَضي عَنهُ
وَقَالَ الْخَطِيب كَانَ أَبُو الطّيب ورعا عَارِفًا بالأصول وَالْفُرُوع محققا حسن الْخلق صَحِيح الْمَذْهَب
اخْتلفت إِلَيْهِ وعلقت الْفِقْه عَنهُ سِنِين
وَذكره أَبُو عَاصِم فِي آخر الطَّبَقَة السَّادِسَة وَهُوَ آخر مَذْكُور فِي كِتَابه وَقَالَ فِيهِ فَاتِحَة هَذِه الطَّبَقَة شيخ الْعرَاق أَبُو الطّيب طَاهِر بن عبد الله الطَّبَرِيّ
وَقَالَ أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله القَاضِي ابْتَدَأَ القَاضِي أَبُو الطّيب يدرس الْفِقْه ويتعلم الْعلم وَله أَربع عشرَة سنة فَلم يخل بِهِ يَوْمًا وَاحِدًا إِلَى أَن مَاتَ
وَعَن أبي مُحَمَّد البافي أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ أفقه من أبي حَامِد الإسفرايني
وَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر الشَّامي قلت للْقَاضِي أبي الطّيب شَيخنَا وَقد عمر لقد متعت بجوارحك فَقَالَ لم لَا وَمَا عصيت الله بِوَاحِدَة مِنْهَا قطّ
وَعَن القَاضِي أبي الطّيب أَنه رأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَام وَقَالَ لَهُ يَا فَقِيه وَأَنه كَانَ يفرح بذلك وَيَقُول سماني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقِيها
وَعَن القَاضِي أبي الطّيب خرجت إِلَى جرجان للقاء أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ فقدمتها يَوْم الْخَمِيس فَدخلت الْحمام فَلَمَّا كَانَ من الْغَد لقِيت أَبَا سعد ابْن الشَّيْخ أبي بكر فَأَخْبرنِي أَن وَالِده قد شرب دَوَاء لمَرض كَانَ بِهِ وَقَالَ لي تَجِيء فِي صَبِيحَة غَد فَتسمع مِنْهُ
فَلَمَّا كَانَ فِي بكرَة السبت غَدَوْت للموعد فَسمِعت النَّاس يَقُولُونَ مَاتَ أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ
وَعَن القَاضِي أبي الطّيب رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي النّوم فَقلت يَا رَسُول الله أَرَأَيْت من روى عَنْك أَنَّك قلت (نضر الله امْرأ سمع مَقَالَتي فوعاها) الحَدِيث أَحَق هُوَ قَالَ نعم
وَكَانَ القَاضِي أَبُو الطّيب حسن الْخلق مليح المزاح والفكاهة حُلْو الشّعْر
قيل إِنَّه دفع خفه إِلَى من يصلحه فَأَبْطَأَ بِهِ عَلَيْهِ وَصَارَ القَاضِي كلما أَتَاهُ يتقاضاه فِيهِ يغمسه الصَّانِع فِي المَاء حِين يرى القَاضِي وَيَقُول السَّاعَة أصلحه فَلَمَّا طَال على القَاضِي ذَلِك قَالَ إِنَّمَا دَفعته إِلَيْهِ لتصلحه لَا لتعلمه السباحة
وَكَانَ القَاضِي أَبُو الطّيب قد ولي الْقَضَاء بِربع الكرخ بعد موت القَاضِي الصَّيْمَرِيّ
فَإِذا أطلق الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق وَشبهه من الْعِرَاقِيّين لفظ القَاضِي مُطلقًا فِي فن الْفِقْه فإياه يعنون كَمَا أَن إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَغَيره من الخراسانيين يعنون بِالْقَاضِي القَاضِي الْحُسَيْن والأشعرية فِي الْأُصُول يعنون القَاضِي أَبَا بكر بن الطّيب الباقلاني والمعتزلة يعنون عبد الْجَبَّار الأسداباذي
توفّي القَاضِي يَوْم السبت وَدفن يَوْم الْأَحَد الْعشْرين من شهر ربيع الأول سنة خمسين وَأَرْبَعمِائَة
وَمن شعره رَحمَه الله تَعَالَى
(ألابس علم الْفِقْه وَهُوَ مرامه
…
شَدِيد وَفِي إِدْرَاكه الكذ والكد)
(فَتَاوِيهِ مَا بَين المضيء طَرِيقه
…
وَبَين خَفِي فِي طرائقه جهد)
(إِذا اجْتهد الْمفْتُون فِيهِ تباينوا
…
فيدركه عَمْرو ويخطئه زيد)
(لقد كدني مأثوره وفروعه
…
وتعليله والنقض وَالْعَكْس والطرد)
(لَهُ شعب من كل علم تحوطه
…
وَمَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ مستبعد رد)
(وعادته مذ لم يزل فقر أَهله
…
وَمن كَانَ ذَا وجد فَمن غَيره الوجد)
(وأنى يكون الْيُسْر مِنْهُ وَإنَّهُ
…
لداع إِلَى الإقلال غَايَته الزّهْد)
وَكتب إِلَيْهِ استفتاء صورته
(يأيها الْعَالم مَاذَا ترى
…
فِي عاشق ذاب من الوجد)
(من حب ظَبْي أهيف أغيد
…
سهل الْمحيا حسن الْقد)
(فَهَل ترى تقبيله جَائِزا
…
فِي النَّحْر والعينين والخد)
(من غير مَا فحش وَلَا رِيبَة
…
بل بعناق جَائِز الْحَد)
(إِن أَنْت لم تفت فَإِنِّي إِذا
…
أصيح من وجدي وأستعدي)
فَأجَاب
(يأيها السَّائِل إِنِّي أرى
…
تقبيلك المعشوق فِي الخد)
(يُفْضِي إِلَى مَا بعده فاجتنب
…
قبلته بالجد والجهد)
(فَإِن من يرتع حول الْحمى
…
يُوشك أَن يجني من الْورْد)
(تغنيك عَنهُ كاعب ناهد
…
تحضر بِالْملكِ أَو العقد)
(تنَال مِنْهَا كل مَا تشْتَهي
…
من غير مَا فحش وَلَا صد)
(هَذَا جوابي لقتيل الْهوى
…
فَلَا تكن فِي ذَاك تستعدي)
وَمن شعره
(لَا تحسبن سُرُورًا دَائِما أبدا
…
من سره زمن ساءته أزمان)
(لَا تغترر بشباب آنق خضل
…
فكم تقدم قبل الشيب شُبَّان)
وَيَا أَخا الشيب لَو ناصحت نَفسك لم
…
يكن لمثلك فِي اللَّذَّات إمعان) هَب الشبيبة تملى عذر صَاحبهَا
…
مَا عذر شيب ليستهويه شَيْطَان)
أخبرنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ أخبرنَا عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن البُخَارِيّ إجَازَة أخبرنَا الإِمَام أَبُو الْفرج عبد الرَّحْمَن بن الْجَوْزِيّ إجَازَة أخبرنَا الْحَافِظ أَبُو الْفضل بن نَاصِر إجَازَة أخبرنَا الْمُبَارك بن عبد الْجَبَّار ابْن أَحْمد الصَّيْرَفِي بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ أخبرنَا القَاضِي الإِمَام أَبُو الطّيب طَاهِر ابْن عبد الله بن طَاهِر الطَّبَرِيّ كَانَ ابْن بابك الشَّاعِر دخل الدينور وَكَانَ يتفقه عِنْد أبي الْحُسَيْن الْقطَّان مَعَ القَاضِي أبي الْقَاسِم بن كج فِي مجْلِس أبي الْحُسَيْن الْقطَّان فَعَاتَبَهُ القَاضِي أَبُو الْقَاسِم بن كج على ترك الْفِقْه واشتغاله بالأدب وَقَالَ لَهُ والدك يَحُثُّك على الْفِقْه وَيُحِبهُ فَتركت مَا كَانَ أَبوك يختاره واشتغلت بِغَيْرِهِ فَعمِلت قصيدة سَأَلَني إنشادها فِي مَجْلِسه عَلَيْهِ
(أناها أَيهَا القَاضِي الْجَلِيل
…
فقد كشف التَّأَمُّل مَا أَقُول)
(رَأَيْت الشَّرْع مسموعا مؤدى
…
تناقله البصائر والعقول)
(تحلى الشّرْب من سوم المبادي
…
عَلَيْهِ لكل مُجْتَهد دَلِيل)
(ترَاض لَهُ القرائح وَهِي شوس
…
وتدركه العرائد وَهِي ميل)
(إِذا استفتيت فِيهِ وَأَنت صدر
…
يقلدك الورى فِيمَا تَقول)
(أحلّت على نُصُوص واضحات
…
أَتَاك بهَا كتاب أَو رَسُول)
(ونظم الشّعْر مُمْتَنع الدَّوَاعِي
…
فَلَيْسَ إِلَى مضايقه وُصُول)
(إِذا التَّنْزِيل أشكل مِنْهُ لفظ
…
فشاهد ذَلِك الشّعْر الْمَقُول)
(ينَال بِهِ الْغنى طورا وطورا
…
ينَال بِهِ الطوائل وَالدُّخُول)
(تسالمه الْمُلُوك وتتقيه
…
وَذَاكَ لعمرك الْخطب الْجَلِيل)
(فلولا الْحَمد مَا زكتْ الأيادي
…
وَلَوْلَا الذَّم مَا عرف الْبَخِيل)
(وَقد ذكر امْرأ الْقَيْس بن حجر
…
فأسهب فِي مناقبه الرَّسُول)
(وَحمله لِوَاء الشّعْر حَتَّى
…
تجاذب عَن عقيرته الحمول
(وَأخْبر أَن فِي التِّبْيَان سحرًا
…
وَتلك شَهَادَة لَا تستحيل)
(وَقد مدح النَّبِي بِهن حَتَّى
…
جرى فِي مَاء بهجته الْقبُول)
(بِشعر يسترق بِهِ الغواني
…
وتعبث فِي مناسبه الشُّمُول)
(وَمَا أسرى إِلَى الْأَعْدَاء إِلَّا
…
تقدمه من الشُّعَرَاء جيل)
(فلولا الشّعْر مَا عز ابْن أُنْثَى
…
إِلَى مجد وَلَا وسم الذَّلِيل)
(وَلَا انتمت الرِّيَاح إِلَى قراها
…
وَلَا انتسبت إِلَى الْعتْق الْخُيُول)
(وَلَا وصف الكمي إِذا تَلَوت
…
عجاجته وَلَا ندب الْقَتِيل)
(إِذا كرم الْفَتى أَو عز بَأْسا
…
فبالتقريظ ينعم أَو يديل)
(وَمَا يعصون عَن ذل وَلَكِن
…
جبال الثَّلج تجرفها السُّيُول)
(وَيملك أنفس العظماء قهرا
…
ويملكنا الرَّحِيق السلسبيل)
(يصانع بالصواهل والغواني
…
ويبرز عِنْد ذِي الصل الجزيل)
(فَزَاد الشَّاعِر النعم الصوافي
…
وَزَاد الْعَالم الصَّبْر الْجَمِيل)
(وَإِن تكن الْقِيَامَة وعد قوم
…
فللعثرات يَوْمئِذٍ مقيل)
(فقصرك لَا تطل عيب ابْن ود
…
رماك بِطيبَة الْبَرْق الْمُحِيل)
(إِذا فتشت عَنهُ رَأَيْت شخصا
…
لَهُ فِي كل سارحة مثول)
(بِخَير عناية أجْرى إِلَيْهَا
…
فأدركها وَلَيْسَ لَهُ رسيل)
(يكد بهَا غَنِي أمل قصير
…
وذيل من مناصبة طَوِيل)
(وجدت أبي أَخا مَال صَحِيح
…
يسف وَرَاءه وَهن عليل)
(لمعمعة على تَغْيِير سم
…
كَمَا يتعظم الْفَحْل الصؤول)
(ينبهني وناظره سؤوب
…
ويشحذني وخاطره كليل)
تهويني إِلَى العلياء نفس
…
بهَا لَا بلات لذاتي أصُول)
(ظَفرت بمرمق عبقت شذاه
…
إِلَيْهِ وأعين الرائين حول)
(وَلم أحرز عَلَيْهِ بِذَاكَ عارا
…
بلَى عَار الغبينة لَا يَزُول)
(حميت مرابضي ونباح كَلْبِي
…
فَمَا للركب عَن أرضي قفول)
(يجوز إِذا أردْت أسود برج
…
وينفر عَن شقاشقتي الفحول)
(إِذا الْملك اشرأب إِلَى ثنائي
…
فعمت فرفضت مِنْهُ الشُّمُول)
(فدونك نفثة المصدور واسلم
…
فَأَنت لكل مرتزق وَكيل)
(إِذا مَا الدَّهْر أيسر كل راج
…
فَأَنت بنجعة الراجي كَفِيل)
(إِذا مَا عَم أهل الأَرْض طرا
…
نداك فقد بدأت بِمن تعول)
(جعلت الْبشر وَالْإِحْسَان دينا
…
فَمَا يَنْفَكّ ينفس أَو يسيل)
(فَأَنت لكل ذِي قُرَّة حميم
…
وَأَنت لكل ذِي ود خَلِيل)
(كَأَن الأَرْض دَارك حِين تدني
…
قرانا وَأَهْلهَا ركب نزُول)
(بنيت الْأَمر حَتَّى كل وَاد
…
بمهبطه مبيت أَو مقيل)
(أعرت الأَرْض زينتها فجاست
…
خلال رياضها الرّيح الْقبُول)
(ودان لَك الْمُلُوك فَكل دَان
…
وَقاص صادر عَمَّا تَقول)
(فَأَنت الْحَاكِم الْعدْل التقي
…
الْعَالم الْبر الْوُصُول)
قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب فَقَالَ القَاضِي أَبُو الْقَاسِم بن كج أجب عَنهُ ورد عَلَيْهِ فأجبت عَلَيْهِ بِهَذَا
(بإذنك أَيهَا القَاضِي الْجَلِيل
…
أرد على ابْن بابك مَا يَقُول)
(وَلَوْلَا مدْخل الْمَأْثُور فِيهِ
…
ورغبة شَاعِر فِيمَا تنيل)
(لما أطرقت سَمعك مِنْهُ حرفا
…
رَأَيْت بِهِ إِلَيْهِ أستقيل)
(وصنتك عَن مقَالَة مستبد
…
بِرَأْي لَا يساعده الْقبُول)
(وَشعر أشعر الإنحاس مِنْهُ
…
وخطب ضمه قَالَ وَقيل)
(فكم للقاك مِنْهُ كل يَوْم
…
صداع من أَذَاهُ لَا يَزُول)
(وَكم فِيهِ قواف صادرات
…
عَن الْفُقَهَاء أصدرها الذحول)
(وعذري فِي رِوَايَته جميل
…
وَأَرْجُو أَن يكون لَهُ قبُول)
(ذممت طَرِيقه وَنَصَحْت فِيهِ
…
فأحرج صَدره النصح الْجَمِيل)
(وشق عَلَيْهِ إِن الْحق مر
…
على الْإِنْسَان مورده ثقيل)
(فطال لِسَانه فَأَفَاضَ فِيهِ
…
لِأَن لِسَان مصدور طَوِيل)
(يعظم بَين أهل الشَّرْع شعرًا
…
وَيَزْعُم أَنه علم جليل)
(ويمدحه ويغلو فِي هَوَاهُ
…
وَيعلم أَنه فِيهِ محيل)
(لِأَن الله ذمهم جَمِيعًا
…
وَأنزل فِيهِ مَا وضح الدَّلِيل)
(وَلَو كَانَ الْفَضِيلَة كَانَ مِنْهَا
…
لأَفْضَل خلقه الْحَظ الجزيل)
(وَلما أَن نَهَاهُ الله عَنهُ
…
علمت بِأَنَّهُ نزر قَلِيل)
(فَكيف تَسَاويا وَالْفِقْه أصل
…
موثق من معاقده الْأُصُول)
(بِهِ عبد الْإِلَه وَكَانَ فِيهِ
…
صَلَاح الْكل وَالدّين الْأَصِيل)
(إِذا عدل الْمُكَلف عَنهُ يَوْمًا
…
أضلّ طَرِيقه ذَاك الْعُدُول)
(وَإِن لزم الْحفاظ عَلَيْهِ أولي
…
نعيما مَا لآخره أفول)
(كفى الْفُقَهَاء أَنهم هداة
…
وأعلام كَمَا كَانَ الرَّسُول)
(مدَار الدّين وَالدُّنْيَا عَلَيْهِم
…
وَفرض النَّاس قَوْلهم الْمَقُول)
(وَأما الشّعْر مدح أَو هجاء
…
وَأعظم مَا يُرَاد بِهِ الفضول)
(لذَلِك مَوضِع الشُّعَرَاء أقْصَى
…
مجالسنا وموقفهم ذليل)
(كَفاهُ أَنه يهجو أَبَاهُ
…
وَقد رباه وَهُوَ لَهُ سليل)
(يصول بهجوه وَيَقُول فِيهِ
…
مقَالا مَا لَهُ مِنْهُ مقيل)
(وجدت أَبى أَخا مَال صَحِيح
…
يسف وَرَاءه وَهن عليل)
(ينبهني وناظره متور
…
ويشحذني وخاطره كليل)
(وَلَو سَمِعت بِهِ أذنا أَبِيه
…
نَفَاهُ وَهُوَ وَالِده الْوُصُول)
(على أَنِّي رَأَيْت الشّعْر سهلا
…
مآخذه بِلَا تَعب يطول)
(يحس إِذا اجتباه الْمَرْء طبعا
…
تساوى الحبر فِيهِ والجهول)
(وَعلم الْفِقْه معتاص الْمعَانِي
…
يقصر دونهَا البطل الصؤول)
(وَمن هَذَا ابْن بابك فر مِنْهُ
…
وَولى فهمه وَبِه فلول)
(رأى بحرا وَلم ير منتهاه
…
بعيد الْغَوْر لَيْسَ لَهُ وُصُول)
(وَلَو عاناه كَانَ الله عونا
…
وَعون الله فِي هَذَا كَفِيل)
(يقرب مَا تبَاعد مِنْهُ حدا
…
ويسهل من بوارقه السقيل)
(فَهَذَا عينه فِيمَا حباه
…
ومدحك بغيتي فِيمَا أَقُول)
(نوالك للورى غيث هطول
…
وجاهك مِنْهُم ظلّ ظَلِيل)
(عممت الْكل بالنعما فأضحوا
…
يؤمك مِنْهُم جيل فجيل)
(وَسَار بعلمك الركْبَان حَتَّى
…
لَهُ فِي كل نَاحيَة نزُول)
(لسَانك فِي خصومك مستطيل
…
ورأيك فيهم سيف صقيل)
(إِذا ناظرتهم كَانُوا جَمِيعًا
…
ثعالب بَينهَا أَسد يصول)