الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلوتاتي والشرف يَعْقُوب بن عوض الْمُؤَذّن والمحدث بدر الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد ابْن خَالِد الفارقي قِرَاءَة عَلَيْهِم وَأَنا أسمع بِالْقَاهِرَةِ قَالُوا كلهم أخبرنَا النجيب الْحَرَّانِي سَمَاعا أخبرنَا عبد الْمُنعم بن عبد الْوَهَّاب بن كُلَيْب أخبرنَا عَليّ بن أَحْمد بن بَيَان أخبرنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مخلد الْبَزَّار أخبرنَا ابْن عَرَفَة فَذكره
وأخبرناه أَيْضا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الخباز بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ غير مرّة وبقراءة الشَّيْخ الإِمَام عَلَيْهِ أَيْضا وَأَنا أسمع قَالَ أخبرنَا ابْن عبد الدَّائِم حضورا فِي الأولى قَالَ أخبرنَا ابْن كُلَيْب فَذكره
وَمن الْفَوَائِد والمسائل عَن أبي نصر رحمه الله
قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ فِي القبس فِي حَدِيث إِذا أقبل اللَّيْل من هَاهُنَا وَأدبر النَّهَار من هَاهُنَا فقد أفطر الصَّائِم وَقعت بِبَغْدَاد نازلة وَهِي أَن رجلا قَالَ بِبَغْدَاد وَهُوَ صَائِم امْرَأَتي طَالِق إِن أفطرت على حَار أَو بَارِد فَرفعت الْمَسْأَلَة إِلَى أبي نصر بن الصّباغ إِمَام الشَّافِعِيَّة بالجانب الغربي فَقَالَ هُوَ حانث إِذْ لَا بُد من الْفطر على أحد هذَيْن
وَرفعت الْمَسْأَلَة إِلَى أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ بِالْمَدْرَسَةِ فَقَالَ لَا حنث عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قد أفطر على غير هذَيْن وَهُوَ دُخُول اللَّيْل قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وسَاق الحَدِيث إِلَى (فقد أفطر الصَّائِم)
قلت وَقد يُقَال إِن الشَّيْخ أَبَا إِسْحَاق مَسْبُوق إِلَى ذَلِك سبقه بِهِ شَيْخه القَاضِي أَبُو الطّيب فنص فِي التعليقة على أَن الْفطر يحصل بالغروب أكل الصَّائِم أم لم يَأْكُل وَاحْتج بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور
وَكَذَلِكَ قَالَ الرَّوْيَانِيّ فِي الْبَحْر فِي آخر بَاب الْوِصَال وَنَقله الرَّافِعِيّ قبيل بَاب الْقَضَاء عَن فتاوي الْغَزالِيّ وَكَلَامهم أَجْمَعِينَ صَرِيح فِي حُصُول الْفطر بالغروب وَمَسْأَلَة هذَيْن الشَّيْخَيْنِ فِي قَول الْقَائِل إِن أفطرت على حَار أَو بَارِد وَلَا فرق لِأَن هَذِه الْعبارَة يقْصد بهَا فِي الْعرف التَّعْمِيم وَمُطلق الْفطر وَقد يُقَال عمومها بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يدْخل الْجوف من المفطرات سَوَاء حارها وباردها وَغير ذَلِك
قلت مَسْأَلَة القَاضِي أبي الطّيب وجماعته بالغروب وَإِن حصل بِهِ الْفطر لَكِن لَا يُقَال أفطر على حَار أَو بَارِد بل ذَلِك فطر شَرْعِي لَا يداخل الْجوف فَالَّذِي يتَّجه عِنْدِي مَا قَالَه الشَّيْخ أَبُو نصر
وَمِمَّا نقلته من فتاوي ابْن الصّباغ الَّتِي جمعهَا ابْن أَخِيه القَاضِي أَبُو مَنْصُور أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد من الغرائب إِذا كَانَ لَهُ حِصَّة فِي أَرض مشاعة وَهِي لَا تَنْقَسِم فَجَعلهَا مَسْجِدا لم يَصح
وَقَالَ إِن ابْن الصّباغ ذكرهَا فِي كِتَابه الْكَامِل
قلت فِي ذَلِك تأييد لِابْنِ الرّفْعَة فَإِنَّهُ قَالَ الَّذِي يظْهر أَنه لَا يَصح إِن قُلْنَا الْقِسْمَة
بيع وَكَذَا إِن قُلْنَا إِقْرَار وَلم يجوز قسْمَة الْوَقْف من الْمُطلق
قَالَ وَإِن جوزناه فَيُشبه أَن يَأْتِي فِي صِحَّته إِذا أمكن الْإِجْبَار على الْقِسْمَة احْتِمَال وَلَكِن الشَّيْخ الإِمَام رحمه الله ضعف هَذَا وَذكر أَنه يَصح وَقفه مَسْجِدا قَالَ وَتَكون الصَّلَاة فِيهِ أَكثر أجرا من مَوضِع كُله غير مَسْجِد
وَالْقَوْل بِالصِّحَّةِ هُوَ مَا أفتى بِهِ ابْن الصّلاح إِلَّا أَنه قَالَ ثمَّ تجب الْقِسْمَة وَالشَّيْخ الإِمَام خَالفه فِي وجوب الْقِسْمَة
وَمن تفاريع الصِّحَّة أَنه يحرم الْمكْث فِيهِ على الْجنب
كَذَا أفتى بِهِ ابْن الصّلاح وَوَافَقَهُ الشَّيْخ الإِمَام تَغْلِيبًا للْمَنْع وَذكر أَن القَاضِي شرف الدّين بن الْبَارِزِيّ أفتى بِجَوَاز الْمكْث كَمَا يجوز للْجنب حمل حمل الْمُصحف مَعَ أَمْتعَة قَالَ الشَّيْخ الإِمَام رحمه الله وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيح لِأَن مَحل جَوَاز حمل الْمُصحف إِذا كَانَ الْمَقْصُود هُوَ الْأَمْتِعَة وَنَظِير مَسْأَلَتنَا أَن يكون كل مِنْهُمَا مَقْصُودا
وَفِي فتاوي ابْن الصّباغ يسْتَحبّ الْوضُوء لمن قصّ شَاربه
وفيهَا أَن ابْن الصّباغ ذكر فِي كِتَابه الْكَامِل أَنه إِذا قَالَ بِعْتُك إِذا قبلت لَا يَصح البيع لتعليق الْإِيجَاب
قلت وَقد يخرج فِيهِ الْخلاف فِي بِعْتُك إِن شِئْت وَالأَصَح ثمَّ الصِّحَّة
وفيهَا إِذا دفع ثوبا إِلَى خياط فَقَالَ إِن كَانَ يقطع قَمِيصًا فاقطعه فَلَمَّا قطعه لم يكفه قَالَ الشَّيْخ يَعْنِي ابْن الصّباغ يحْتَمل أَن يضمن وَيحْتَمل أَلا يضمن وَحكى عَن أبي ثَوْر أَنه لَا يضمن
قلت المجزوم بِهِ فِي الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة وَغَيرهمَا الضَّمَان فِي هَذِه الصُّورَة بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ هَل يَكْفِينِي قَمِيصًا فَقَالَ نعم فَقَالَ اقطعه فَقَطعه فَلم يكف فَإِنَّهُ لَا ضَمَان لِأَن الْإِذْن مُطلق
وفيهَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا على سَائِر الْمذَاهب قَالَ القَاضِي أَبُو مَنْصُور
لم أَجدهَا مسطورة فَسَأَلت شَيخنَا يَعْنِي ابْن الصّباغ فَقَالَ يَقع فِي الْحَال
قَالَ القَاضِي أَبُو مَنْصُور وَسمعت من رجل ثِقَة كَانَ يحضر عِنْد القَاضِي أبي الطّيب أَن القَاضِي قَالَ لَا يَقع لِأَنَّهُ لَا يكون أوقع ذَلِك على الْمذَاهب كلهَا
قَالَ القَاضِي أَبُو مَنْصُور وَلَا بَأْس بِهَذَا القَوْل لِأَن الطَّلَاق يَصح تَعْلِيقه على الشُّرُوط الصَّحِيحَة والفاسدة وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق على مَذْهَب فلَان وَفُلَان يعْتد بِخِلَافِهِ يَنْبَغِي أَن يُقَال يَقع فِي الْحَال وَلَا أَظن ذَلِك لِأَن الرجل لم يُوقع طَلَاقه بل علقه
اسْتشْكل ابْن الصّباغ قَول الْأَصْحَاب إِن من نذر صوما لزمَه صَوْم يَوْم قَائِلا لَا يَنْبَغِي أَن يكْتَفى بِصَوْم يَوْم إِذا حملنَا النّذر على وَاجِب الشَّرْع فَإِن أقل مَا وَجب بِالشَّرْعِ ثَلَاثَة أَيَّام والاستشكال مَعْرُوف بِهِ وَقد سبقه إِلَيْهِ الْمَاوَرْدِيّ فَقَالَ وَلَو قيل يلْزمه صَوْم ثَلَاثَة أَيَّام كَانَ مذهبا لِأَنَّهُ أقل صَوْم ورد فِي الشَّرْع نصا وَحَكَاهُ عَنهُ الرَّوْيَانِيّ فِي الْبَحْر ساكتا عَلَيْهِ وَاحْترز بقوله نصا عَمَّا وَجب بِسَبَب من الْمُكَلف كَصَوْم يَوْم فِي جَزَاء الصَّيْد وَعند إفاقة الْمَجْنُون وبلوغ الصَّبِي قبل طُلُوع فجر آخر يَوْم من رَمَضَان
وحاول ابْن الرّفْعَة دفع هَذَا الْإِشْكَال فَقَالَ لَا نسلم أَن أقل صَوْم وَجب بِالشَّرْعِ ثَلَاثَة أَيَّام ابْتِدَاء وَلَئِن سلمنَا أَن ذَلِك يَشْمَل مَا وَجب بِإِيجَاب الشَّرْع ابْتِدَاء أَو بِسَبَب من الْمُكَلف فصوم يَوْم فَقَط يجب بِالشَّرْعِ فِي جَزَاء الصَّيْد وَعند إفاقة الْمَجْنُون وبلوغ الصَّبِي قبل طُلُوع فجر آخر يَوْم من رَمَضَان
ثمَّ حكى كَلَام الْمَاوَرْدِيّ وَقَالَ احْتَرز بقوله نصا عَمَّا ذَكرْنَاهُ
قلت وَعَجِبت من الْمُعْتَرض والمجيب فَإِن أقل صَوْم وَجب بِالشَّرْعِ ابْتِدَاء نصا صَوْم
يَوْم فَإِن رَمَضَان عندنَا معاشر الشَّافِعِيَّة ثَلَاثُونَ عبَادَة وَهُوَ أصل بَيْننَا وَبَين الْمَالِكِيَّة قَالَ أَصْحَابنَا هُوَ ثَلَاثُونَ عبَادَة كل مِنْهَا مُسْتَقل بِنَفسِهِ وَخَالفهُم الْمَالِكِيَّة فَقَالُوا بل صَوْم رَمَضَان كُله عبَادَة وَاحِدَة وَخرج على الْخلاف وجوب النِّيَّة عندنَا لكل يَوْم والاكتفاء عِنْدهم بنية وَاحِدَة لجَمِيع الشَّهْر وَاحْتج أَصْحَابنَا بِأَنَّهُ لَا يجب التَّتَابُع فِي قَضَائِهِ وَمن يَقُول هَذَا الأَصْل فَكيف يُنكر أَن أقل صَوْم وَجب بِالشَّرْعِ ابْتِدَاء صَوْم يَوْم فعجبت من خَفَاء هَذَا على الْمَاوَرْدِيّ وَابْن الصّباغ ثمَّ عجبت من عدم اعْتِرَاض ابْن الرّفْعَة بِهِ
قَالَ الْأَصْحَاب يشْتَرط فِي الْقَاسِم إِذا كَانَ مَنْصُوبًا من جِهَة القَاضِي أَن يكون حرا بَالغا عَاقِلا عدلا عَالما بِالْقِسْمَةِ وَلَا يشْتَرط فِي مَنْصُوب الشُّرَكَاء الْعَدَالَة وَالْحريَّة فَإِنَّهُ وَكيل من جهتهم
قَالَ الرَّافِعِيّ كَذَا أَطْلقُوهُ وَيَنْبَغِي أَن يكون تَوْكِيل العَبْد فِي الْقِسْمَة على الْخلاف فِي تَوْكِيله فِي البيع وَالشِّرَاء وَلَو حكم الشُّرَكَاء رجلا ليقسم بَينهم قَالَ أَصْحَابنَا الْعِرَاقِيُّونَ هُوَ على الْقَوْلَيْنِ فِي التَّحْكِيم إِن جوزناه فَيكون الَّذِي حكموه كمنصوب القَاضِي
انْتهى
وَفِيه كلامان أَحدهمَا قَوْله يَنْبَغِي أَن يكون تَوْكِيل العَبْد فِي الْقِسْمَة على الْخلاف فِي تَوْكِيله فِي البيع وَالشِّرَاء فِيهِ نظر فَإِن البيع وَالشِّرَاء تتَعَلَّق الْعهْدَة فِيهِ بالوكيل وَلَا كَذَلِك التَّوْكِيل فَلَا يلْزم من منع التَّوْكِيل فيهمَا مَنعه فِي الْقِسْمَة وَبِتَقْدِير استوائهما فَكَانَ صَوَاب الْعبارَة أَن يَقُول على الْخلاف وَالتَّفْصِيل فَإِن الْخلاف فِي تَوْكِيل العَبْد فِي البيع وَالشِّرَاء إِنَّمَا هُوَ فِيمَا إِذا كَانَ بِغَيْر إِذن السَّيِّد أما بِإِذْنِهِ فَيجوز جزما فَإِن كَانَت الْقِسْمَة مثلهمَا فَيَنْبَغِي أَن يفصل هَكَذَا
وَالثَّانِي قَوْله فِي الْمُحكم إِنَّه على القَوْل بِجَوَاز التَّحْكِيم كمنصوب القَاضِي وَإِن الْعِرَاقِيّين ذكرُوا ذَلِك مُرَاده بتخصيصهم بِالذكر أَن غَيرهم سَاكِت عَنهُ لَا أَن غَيرهم مُخَالف ثمَّ الْجَزْم بِأَنَّهُ كمنصوب القَاضِي قد يسْتَدرك بقول صَاحب الْبَيَان مَا نَصه يجوز أَن يكون الَّذِي ينصبه الشريكان عبدا أَو فَاسِقًا لِأَنَّهُ وَكيل لَهما هَكَذَا ذكره أَكثر أَصْحَابنَا
وَقَالَ ابْن الصّباغ إِذا نصب الشريكان قاسما فقسم بَينهمَا لم تلْزمهُ قسمته إِلَّا بتراضيهما بقسمته بعد الْقرعَة وَجَاز أَن يكون عبدا أَو فَاسِقًا وَإِن حكما رجلا ليقسم بَينهمَا فقسم فَقَوْلَانِ كالقولين فِي التَّحْكِيم فَإِذا قُلْنَا يلْزم وَجب أَن يكون على الشَّرَائِط الَّتِي ذَكرنَاهَا فِي قسم القَاضِي وَإِن قُلْنَا لَا تلْزم قسمته إِلَّا بتراضيهما بعد الْقرعَة جَازَ أَن يكون عبدا أَو فَاسِقًا فَفرق بَين النصب والتحكيم وَالطَّرِيق الأول أَقيس
انْتهى لفظ الْبَيَان
وَخرج فِيهِ أَنه لَا يتَعَيَّن على القَوْل بالتحكيم أَن يكون كمنصوب القَاضِي بل وَرَاءه شَيْء آخر وَهُوَ أَن حكم الْمُحكم هَل يتَوَقَّف على التَّرَاضِي فَيصير مَنْصُوب القَاضِي شَرط مِنْهُ الْعَدَالَة وَالْحريَّة جزما وَلَا كَذَلِك منصوبهما جزما أما محكمها فَيشْتَرط فِيهِ ذَلِك إِن قُلْنَا إِن حكمه يلْزم وَإِن قُلْنَا يتَوَقَّف على الرِّضَا فَهُوَ كمنصوبهما غير أَن عبارَة ابْن الصّباغ فِي الشَّامِل لَا تَقْتَضِي أَنه قَالَ ذَلِك نقلا بل إِنَّمَا قَالَه بحثا بعد أَن اعْترف بِأَن النَّقْل خِلَافه وَهَذَا لَفظه قَالَ فِي أول بَاب الْقَاسِم من الشَّامِل وَإِذا حكمُوا رجلا ليقسم بَينهم كَانَ على الْقَوْلَيْنِ إِذا حكمُوا رجلا ليحكم بَينهم فَإِن قُلْنَا يَصح وَجب أَن يكون على الشَّرَائِط الَّتِي ذَكرنَاهَا فِي قسم القَاضِي وَإِذا قسم وأقرع
فَهَل يلْزمهُمَا فِيهِ وَجْهَان وَيَنْبَغِي إِذا قُلْنَا لَا يلْزمهُمَا إِلَّا بتراضيهما أَلا يشْتَرط فِي الِابْتِدَاء الْحُرِّيَّة وَالْعَدَالَة
انْتهى
وَخرج مِنْهُ أَن مَنْقُول الرَّافِعِيّ صَحِيح وَلم يفته إِلَّا بحث لِابْنِ الصّباغ وَفِي هَذَا الْبَحْث تَطْوِيل يَنْبَغِي اشْتِرَاطه وَإِن قُلْنَا لَا يلْزم إِلَّا بِالتَّرَاضِي فَإنَّا سنبين توقفنا فِي عدم اشْتِرَاطه وَإِن كَانَ مَنْصُوبًا من جهتهم غير مُحكم فَنَقُول كَلَام الرَّافِعِيّ أحسن من كَلَام صَاحب الْبَيَان من الْوَجْه الَّذِي أبديناه فَإِن صَاحب الْبَيَان نقل عَن ابْن الصّباغ مَا يُوهم أَنه قَالَه نقلا وَإِنَّمَا قَالَه بحثا وَكَلَام الْبَيَان أحسن من كَلَام الرَّافِعِيّ من جِهَة أَنه بَين أَن الْأَكْثَرين أطْلقُوا اشْتِرَاط الْعَدَالَة وَالْحريَّة فِي الْقَاسِم من غير تعرض إِلَى التَّفْصِيل بَين مَنْصُوب القَاضِي ومنصوب الشُّرَكَاء وَالْأَمر كَذَلِك فَإِن الَّذِي نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَذكره الجماهير إِطْلَاق القَوْل بِأَن الْقَاسِم شَرطه الْعَدَالَة وَمِمَّنْ أطلق ذَلِك الْمَاوَرْدِيّ وَصَاحب الْبَحْر وَغَيرهمَا وَقَيده ابْن الصّباغ وَصَاحب التَّهْذِيب بِمَا إِذا كَانَ مَنْصُوب الْحَاكِم وصرحا فِيمَا إِذا كَانَ مَنْصُوب الشُّرَكَاء بِجَوَاز كَونه عبدا أَو فَاسِقًا وَأما إِذا كَانَ محكما فَلم يذكرهُ صَاحب التَّهْذِيب وَذكره ابْن الصّباغ وَقد أريناك كَلَامه وَهُوَ صَرِيح أَو كَالصَّرِيحِ فِي أَن الْمَنْقُول فِيهِ اشْتِرَاط الْعَدَالَة وَالْحريَّة وَأَن لَهُ بحثا أبداه فِيهِ بِنَاء على أَن حكم الْمُحكم لَا يلْزم إِلَّا بِالتَّرَاضِي فَجرى الرَّافِعِيّ على
منقوله دون بَحثه فَإِنَّهُ أعرض عَن ذكره إِمَّا لضَعْفه عِنْده أَو لكَونه مخرجا على ضَعِيف أَو لغير ذَلِك
وَاعْلَم أَن تَجْوِيز كَونه فَاسِقًا أَو عبدا إِذا كَانَ مَنْصُوب الشُّرَكَاء خلاف ظَاهر إِطْلَاقهم وَدَعوى الرَّافِعِيّ أَنهم أطْلقُوا اشْتِرَاط الْعَدَالَة وَالْحريَّة فِي مَنْصُوب القَاضِي وأطلقوا عدم اشتراطهما فِي مَنْصُوب الشُّرَكَاء مُسْتَدْرك فَإِنَّهُم لم يطلقوا عدم اشتراطهما فِي مَنْصُوب الشُّرَكَاء وَإِنَّمَا أطْلقُوا اشتراطهما فِي الْقَاسِم فقيده ابْن الصّباغ وَالْبَغوِيّ بمنصوب الْحَاكِم فأحد الشقين مُسلم للرافعي وَأما الشق الثَّانِي وَهُوَ دَعْوَاهُ إِطْلَاقهم عدم اشتراطهما فِي مَنْصُوب الشُّرَكَاء الَّذِي بنى عَلَيْهِ بَحثه الْمُتَقَدّم غير مُسلم
وَقد صرح صَاحب الْبَيَان بِخِلَافِهِ كَمَا رَأَيْت وَهُوَ أَنهم أطْلقُوا اشتراطهما فِي مُطلق الْقَاسِم من غير تَقْيِيد بمنصوب الْحَاكِم وَأَن الَّذِي فصل إِنَّمَا هُوَ ابْن الصّباغ وَأَن طَرِيق الْإِطْلَاق أَقيس فَخرج مِنْهُ أَنه يرجح تَعْمِيم الْإِطْلَاق وَاشْتِرَاط الْعَدَالَة وَالْحريَّة فِي كل قَاسم سَوَاء مَنْصُوب الشُّرَكَاء وَغَيره وَإِذا كَانَ هَذَا فِي منصوبهم وَإِن لم يكن محكما فَمَا الظَّن بالمحكم فَإِن قلت هَل لهَذَا من وَجه فَإِن مَنْصُوب الشُّرَكَاء وَكيل وَقد يُوكل العَبْد وَالْفَاسِق
قلت الْقَاسِم وَإِن كَانَ مَنْصُوب الشُّرَكَاء فَلَيْسَ هُوَ وَكيلا على الْحَقِيقَة فَإِن الْوَكِيل لَا يتَوَلَّى الطَّرفَيْنِ وَهَذَا يتَوَلَّى الطَّرفَيْنِ فَإِنَّهُ يقسم لهَذَا وَلِهَذَا فَيَأْخُذ من هَذَا لهَذَا مَا يَأْخُذ فِي مُقَابلَته من هَذَا لهَذَا أَو يعين ثمَّ يَأْخُذ الشُّرَكَاء بعد الإقراع لِأَن رضاهم لَا بُد مِنْهُ بعد الْقرعَة فِي هَذِه الصُّورَة فَكَأَن الْقِسْمَة على كل حَال فِيهَا