الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَن الْوَلِيّ يَسْتَوْفِي لَهُ الْقصاص وَكَانَ الْعقل هُوَ الْعلَّة
وَأما قَوْلك إِن مثل هَذَا يلْزم على علتي فَلَيْسَ كَذَلِك لِأَنِّي قلت مُعْتَدَّة من طَلَاق فَلَا يتَصَوَّر أَن يُطلق الصَّبِي فَتكون امْرَأَته مُعْتَدَّة من طَلَاق فألزمه القَاضِي الْمَجْنُون إِذا طلق امْرَأَته
وَمن الغرائب والفوائد عَن القَاضِي أبي الطّيب
حكى القَاضِي أَبُو الطّيب فِي التعليقة وَجها أَن الْقَضَاء سنة وَلَيْسَ بِفَرْض كِفَايَة
قَالَ ابْن الرّفْعَة لم أره لغيره
نقل النَّوَوِيّ رحمه الله فِي المنثورات أَن القَاضِي أَبَا الطّيب قَالَ فِي شرح الْفُرُوع إِن من صلى فَرِيضَة ثمَّ أدْركهَا فِي جمَاعَة فَصلاهَا ثمَّ تذكر أَنه نسي سَجْدَة من الصَّلَاة الأولى لزمَه أَن يُعِيدهَا لِأَن الأولى بترك السَّجْدَة قد بطلت وَلم يحْتَسب لَهُ بِمَا بعْدهَا لِأَن التَّرْتِيب مُسْتَحقّ فِي أَفعَال الصَّلَاة وَأَن ذَلِك لَا يتَخَرَّج على الْخلاف فِي أَن الأولى الْفَرْض أَو الثَّانِيَة
قلت وَهَذَا هُوَ الْفِقْه الَّذِي يَنْبَغِي غير أَنِّي لم أجد كَلَام القَاضِي أبي الطّيب فِي شرح الْفُرُوع صَرِيحًا فِي أَنه لَا يتَخَرَّج على الْخلاف بل قَالَ وَأما الثَّانِيَة فَلَا يحْتَسب بهَا لِأَنَّهُ فعلهَا بنية التَّطَوُّع ثمَّ قَالَ فَإِن قَالَ قَائِل أَلَيْسَ قَالَ الشَّافِعِي رضي الله عنه يحْتَسب الله بِأَيِّهِمَا شَاءَ فَالْجَوَاب أَن أَبَا إِسْحَاق الْمروزِي قَالَ قَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم لَا يُقَال إِن الله يحْتَسب مَا شَاءَ وَلم يقل إِن الثَّانِيَة يَفْعَلهَا بنية التَّطَوُّع وَرجع عَن هَذَا فِي الْجَدِيد وَقَالَ الأولى فَرْضه وَالثَّانيَِة سنة وَالْحَال فِيمَا يدل على أَن الثَّانِيَة سنة لَا فرض وَهَذَا
الْكَلَام يدل على أَن من يمْنَع كَون الثَّانِيَة سنة يمْنَع لُزُوم الْإِعَادَة
وَفِي السُّؤَال الأول من فتاوي الْغَزالِيّ الْمَشْهُورَة مَا يَقْتَضِي النزاع من أَنه لَو صلى فِي بَيته ثمَّ أَتَى الْجَمَاعَة فَأَعَادَهَا ثمَّ بَان أَن الصَّلَاة الأولى كَانَت فَاسِدَة أَن الصَّلَاة الْمُعَادَة تُجزئه وَسكت عَلَيْهِ الْغَزالِيّ
قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب فِي تعليقته فِي كتاب الشَّهَادَات فرع السَّائِل هَل تقبل شَهَادَته أَو لَا ينظر فَإِن كَانَ يسْأَل النَّاس من حَاجَة لم ترد شَهَادَته لِأَنَّهُ إِذا لم يكن لَهُ قُوَّة أَمر بالسؤال وَإِن كَانَ يسْأَل النَّاس من غير حَاجَة لم تقبل شَهَادَته لِأَنَّهُ يكذب فِي قَوْله إِنَّه مُحْتَاج لِأَنَّهُ لَو لم يقل ذَلِك لم يدْفع إِلَيْهِ شَيْء
وَأما إِذا كَانَ مِمَّن لَا يسْأَل وَلَكِن النَّاس يحملون إِلَيْهِ الصَّدقَات فَإِنَّهُ ينظر فَإِن كَانُوا يحملون إِلَيْهِ من الصَّدقَات النَّفْل والتطوع لم ترد شَهَادَته لِأَن ذَلِك يجْرِي مجْرى الهبات والهبات لَا تمنع من قبُول الشَّهَادَة
وَإِن كَانَت الصَّدقَات من الْفَرَائِض فَلَا يَخْلُو من أحد أَمريْن إِمَّا أَن يكون غَنِيا أَو فَقِيرا فَإِن كَانَ فَقِيرا حل لَهُ ذَلِك وَقبلت شَهَادَته وَإِن كَانَ غَنِيا لم يخل من أحد أَمريْن إِمَّا أَن يكون جَاهِلا أَو عَالما فَإِن كَانَ جَاهِلا لَا يعلم أَنه لَا يجوز لَهُ أَخذ الصَّدَقَة الْمَفْرُوضَة مَعَ الْغنى لم ترد شَهَادَته لِأَن ذَلِك خطأ وَالْخَطَأ لَا يُوجب رد الشَّهَادَة وَإِن كَانَ عَالما فَإِنَّهُ لَا تقبل شَهَادَته لِأَنَّهُ يَأْكُل مَالا حَرَامًا وَهُوَ مستغن عَنهُ وَله مستحقون غَيره
انْتهى بنصه وَلَفظه
وَهِي مسَائِل مُتَقَارِبَة شَهَادَة القانع وَقد قدمنَا الْكَلَام عَلَيْهَا فِي تَرْجَمَة الْخطابِيّ وَهُوَ السَّائِل إِلَّا أَن الْكَلَام على شَهَادَته لأهل الْبَيْت الَّذين بيناهم لَا مُطلقًا وَشَهَادَة السَّائِل مُطلقًا وَشَهَادَة الطفيلي وَمن يختطف النثار فِي الأفراح
وَالْفرق بَين هَذِه الصُّور وَشَهَادَة القانع أَن المأخذ فِي منع شَهَادَة القانع عِنْد من منعهَا التُّهْمَة وجلب النَّفْع والمأخذ فِي هَذِه الْمسَائِل قلَّة الْمُرُوءَة أَو أكل مَا لَا يسْتَحق
وَقد جمع صَاحب الْبَحْر أَبُو المحاسن الرَّوْيَانِيّ هَذِه الْمسَائِل وَاقْتضى إِيرَاده أَنَّهَا منصوصات فَقَالَ فرع قَالَ فِي الْأُم وَمن ثَبت عَلَيْهِ أَنه يغشى الدعْوَة بِغَيْر دُعَاء من غير ضَرُورَة وَلَا يسْتَحل من صَاحب الطَّعَام وتتابع ذَلِك مِنْهُ ردَّتْ شَهَادَته لِأَنَّهُ يَأْكُل محرما إِذا كَانَت الدعْوَة دَعْوَة رجل بِعَيْنِه فَإِن كَانَ طَعَام سُلْطَان أَو رجل ينْسب للسُّلْطَان فَدَعَا النَّاس إِلَيْهِ فَهَذَا طَعَام عَام مُبَاح وَلَا بَأْس بِهِ
قَالَ أَصْحَابنَا إِنَّمَا اعْتبر تكَرر ذَلِك لِأَنَّهُ قد يكون لَهُ شُبْهَة حَيْثُ لم يمنعهُ صَاحب الطَّعَام وَإِذا تكَرر صَار دناءة وسفها
فرع قَالَ وَلَو ذهب مَال الرجل بجائحة حلت لَهُ الْمَسْأَلَة وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ فِي مصلحَة وَإِذا أَخذهَا لم أرد شَهَادَته لِأَنَّهُ يَأْخُذهَا بِحَق فَإِن كَانَ يسْأَل النَّاس طول عمره أَو بعضه وَهُوَ غَنِي لَا أقبل شَهَادَته لِأَنَّهُ يَأْخُذ الصَّدَقَة بِغَيْر حق ويكذب أبدا فَيَقُول إِنِّي مُحْتَاج
وَلَيْسَ بمحتاج فَإِن أعطي الصَّدَقَة من غير سُؤال ينظر فَإِن كَانَت صَدَقَة تطوع فَلَا بَأْس وَلَا ترد شَهَادَته وَإِن كَانَت صَدَقَة وَاجِبَة فَإِن لم يكن علم تَحْرِيمهَا فَلَا ترد وَإِن علم بتحريمها ردَّتْ شَهَادَته
فرع وَإِذا نثر على النَّاس فِي الْفَرح فَأخذ من حضر لم يكن فِي هَذَا مَا يخرج عَن الشَّهَادَة لِأَن كثيرا يزْعم أَن هَذَا حَلَال مُبَاح لِأَن مَالِكه إِنَّمَا طَرحه لمن يَأْخُذهُ فَأَما أَنا فأكرهه لمن أَخذه من قبل أَنه يَأْخُذهُ من أَخذه وَلَا يَأْخُذهُ إِلَّا بِغَلَبَة لمن حَضَره إِمَّا بِفضل قُوَّة وَإِمَّا بِفضل قلَّة حَيَاء وَالْمَالِك لم يقْصد بِهِ قَصده وَإِنَّمَا قصد بِهِ الْجَمَاعَة فأكرهه
انْتهى لفظ الْبَحْر
والرافعي رحمه الله اقْتصر على مَسْأَلَة السَّائِل فَذكر أَن شَهَادَة الطّواف على الْأَبْوَاب وَسَائِر السُّؤَال تقبل شَهَادَتهم إِلَّا أَن يكثر الْكَذِب فِي دَعْوَى الْحَاجة وَهُوَ غير مُحْتَاج أَو يَأْخُذ مَا لَا يحل لَهُ أَخذه فيفسق قَالَ وَمُقْتَضى الْوَجْه الذَّاهِب إِلَى رد شَهَادَة أهل الْحَرْف رد شَهَادَته لدلالته على خسته
قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب رحمه الله سَمِعت القَاضِي أَبَا الْفرج الْمعَافى بن زَكَرِيَّا رحمه الله يَقُول كنت أحضر مجْلِس أبي الْحسن بن أبي عمر يَوْم النّظر فَحَضَرت يَوْمًا أَنا وَجَمَاعَة بِالْبَابِ ننتظره ليخرج فَدخل أَعْرَابِي فَجَلَسَ بِالْقربِ منا وَإِذا بغراب سقط على نَخْلَة فِي الدَّار وَصَاح ثمَّ طَار فَقَالَ الْأَعرَابِي إِن هَذَا الْغُرَاب يَقُول إِن صَاحب هَذِه الدَّار يَمُوت بعد سَبْعَة أَيَّام قَالَ فصحنا عَلَيْهِ وزبرناه فَقَامَ وَانْصَرف ثمَّ دَخَلنَا إِلَى أبي الْحسن فَإِذا بِهِ متغير اللَّوْن فَقَالَ أحدثكُم بِأَمْر شغل بالي إِنِّي رَأَيْت البارحة فِي الْمَنَام شخصا وَهُوَ يَقُول
(منَازِل آل حَمَّاد بن زيد
…
على أهليك وَالنعَم السَّلَام)