المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ وكان رضي الله عنه شجاعا مقداما: - عبق الرياحين في سيرة ذي الجناحين

[نايف منير فارس]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌قال فيه الذهبي رحمه الله:

- ‌وقال النووي رحمه الله:

- ‌أبوه:

- ‌أمه:

- ‌كنيته وألقابه:

- ‌ذو الجناحين وطيار الجنة:

- ‌معنى الجناحين:

- ‌ خير الناس وأبو المساكين:

- ‌مولده رضي الله عنه

- ‌زوجته رضي الله عنه

- ‌أولاده رضي الله عنه

- ‌ذكر نُعْمى بنت جعفر بن أبي طالب:

- ‌عقب جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌تسمية ولد جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وولد النجاشي:

- ‌إخوته وأخواته:

- ‌أولاً: طالب بن أبي طالب:

- ‌ثانياً: عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ثالثاً: علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌رابعا: أم هانئ. فاختة بنت أبي طالب رضي الله عنها

- ‌خامساً: جُمانة بنت أبي طالب رضي الله عنها

- ‌سادساً: أم طالب ريطة بنت أبي طالب:

- ‌دعاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لولد جعفر:

- ‌المؤاخاة:

- ‌الهجرة إلى الحبشة

- ‌فوائد من مواجهة جعفر لرسولَي قريش أمام النجاشي:

- ‌رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في شأن جعفر وأصحابه للنجاشي:

- ‌جعفر رضي الله عنه صاحب السفينة والهجرتين:

- ‌بعض المواقف من حياته رضي الله عنه مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌موقعة مؤتة

- ‌تأملات تربوية من موقعة مؤتة:

- ‌جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه من آل البيت:

- ‌ذكر روايته ومن روى عنه:

- ‌من الأحاديث التي رواها جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌أهم ملامح خَلْقه وخُلُقه:

- ‌ولنلق نظرة على ملامحه الخَلقيَّة أولاً:

- ‌وكان جعفر رضي الله عنه: كريماً جواداً، يُحبه المساكين:

- ‌ وكان رضي الله عنه شجاعاً مقداماً:

- ‌وكان فطناً داعياً إلى الحق صادقاً:

- ‌ وكان رضي الله عنه مضحِّيِا ومهاجراً في سبيل الله:

- ‌إرساله صلى الله عليه وآله وسلم لخطبة ميمونة رضي الله عنها

- ‌حب الصحابة لجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌موقفه من ابنة عمه مع أخيه علي وزيد بن حارثة:

- ‌دعوة جعفر رضي الله عنه للنجاشي وإسلامه:

- ‌دعوة النجاشي عمرو بن العاص رضي الله عنه للإسلام وإسلامه:

- ‌ثبات النجاشي على إسلامه:

- ‌وفاته رضي الله عنه

- ‌مراثي الصحابة في جعفر رضي الله عنهم أجمعين:

- ‌وقفات من سيرة جعفر رضي الله عنه

- ‌ أبناء جعفر رضي الله عنهم أجمعين:

- ‌أولاً: عبد الله بن جعفر

- ‌اسمه ونسبه وكنيته:

- ‌مولده:

- ‌أمه:

- ‌والده:

- ‌إخوته:

- ‌زوجته:

- ‌أولاده:

- ‌مولاه:

- ‌صحبته ومبايعته:

- ‌حديثه وروايته:

- ‌أحاديث عبد الله بن جعفر التي في الصحيحين:

- ‌كرمه وجوده:

- ‌فضائله:

- ‌صفة خَلقه:

- ‌إكرام معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وابنه يزيد له:

- ‌حرص علي بن أبي طالب رضي الله عنه عليه:

- ‌موقفه من مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين:

- ‌وفاته:

- ‌ذكر من رثاه:

- ‌ثانياً: محمد بن جعفر بن أبي طالب:

- ‌اسمه ونسبه وكنيته:

- ‌مولده:

- ‌زوجته:

- ‌أولاده:

- ‌صحبته:

- ‌حديثه وروايته:

- ‌فضائله وصفة خَلقه:

- ‌تفاخره بأبيه عند أمه أسماء بنت عميس:

- ‌وفاته:

- ‌ثالثاً: عون بن جعفر بن أبي طالب:

- ‌إسمه ونسبه وكنيته:

- ‌ولادته:

- ‌زوجته:

- ‌أولاده:

- ‌حديثه وروايته:

- ‌وفاته:

- ‌الخاتمة

- ‌الملاحق

- ‌ملحق 1: ماورد في جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في الكتاب والسنة:

- ‌أولاً: ماورد في جعفر في القرآن الكريم:

- ‌ثانياً: ما ورد في جعفر في الحديث الشريف:

- ‌2. أحاديث ضعيفة عن آل جعفر رضي الله عنه

- ‌4. الأحاديث الصحيحة عن آل جعفر رضي الله عنهم أجمعين:

- ‌ثالثاً: ما ورد عنه من أقوال الصحابة رضي الله عنهم

- ‌ملحق 2: أحاديث رواها عبد الله بن جعفر رضي الله عنه

- ‌ تعليق:

- ‌ملحق 3: روايات ذُكر فيها محمد بن جعفر بن أبي طالب:

- ‌ملحق 4: الأحاديث التي جاءت في ذكر عون بن جعفر:

- ‌المراجع

الفصل: ‌ وكان رضي الله عنه شجاعا مقداما:

فضائل ومآثر آل البيت - ومنهم جعفر رضي الله عنه أكثرهم ليسوا من آل البيت، ولولاهم لما وصلت إلينا هذه الفضائل.

·‌

‌ وكان رضي الله عنه شجاعاً مقداماً:

وهنا بيان لمعرفة النبي ص للصحابة، وإرادته إظهار المناقب والمراتب لبعضهم، فإن جعفراً رضي الله عنه كان في الحبشة وقتاً طويلاً، فلم يشهد غزوة بدرٍ ولا أحد ولا الخندق ولا الحديبية ولا خيبر، لكنه وافى مع الصحابة خيبر، فقسم له النبي ص من غنائم خيبر، وأول معركة أو غزوة عظيمة كانت بعد ذلك جعل النبي ص جعفراً من قادتها، وهي غزوة مؤتة، قاتل زيد حتى استشهد، فحمل الراية جعفر رضي الله عنه، وقاتل قتال الأبطال.

فقد كان جعفر رضي الله عنه قوياًّ شديداً على أعداء الله، محباً للشهادة في سبيل الله، فقد عقر فرسه بعد أن رأى الغلبة يوم مؤتة، وإنما فعل ذلك موِّطنا نفسه على الموت في سبيل الله، لأنه إذا قتل فرسه وبقي راجلاً فقد حقق عزيمته على القتال، وأنه لا يفر ولا ينهزم:

فعن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: «حدثني أبي الذي أرضعني، وهو أحد بني مرة بن عوف، وكان في الغزاة، غزاة مؤتة، قال: والله، لكأني أنظر إلى جعفر، حين اقتحم عن فرس له شقراء، فعقرها، ثم قاتل القوم حتى قتل»

(1)

.

(1)

أخرجه أبو داود (2/ 33)، رقم (2573)، والطبراني (18/ 474) وانظر أيضا:(18/ 473)، والبيهقي (9/ 87)، وأخرجه أيضا ابن اسحاق، انظر: الإصابة (1/ 487)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 234): رواه الطبراني ورجاله ثقات، وقال ابن كثير في إرشاد الفقيه (2/ 319): إسناده جيد، وحسَّنه ابن حجر في فتح الباري (7/ 511)، وحسَّنه الألباني في أبي داود (2573).

ص: 105

قال ابن اسحاق: وهو أول من عقر من المسلمين دابته

(1)

.

وكان من شجاعته أنه قُتل مقبلاً غير مدبر رغم كثرة جراحه وطعنات الكفار فيه:

فقد روى البخاري: عن نافع أن ابن عمر ب أخبره: «أنه وقف على جعفر يومئذ وهو قتيل فعددت به خمسين طعنة وضربة ليس منها شيء في دبره، يعني في ظهره»

(2)

.

فقد روى البخاري عن نافع عن عبد الله بن عمر ب قال: «كنت فيهم في تلك الغزوة

(3)

فالتمسنا جعفر بن أبى طالب، فوجدناه في القتلى، ووجدنا ما في جسده بضعاً وتسعين من طعنة ورمية»

(4)

.

أي أنه رضي الله عنه لم يُولّ ظهره للعدو، وتولية الظهر كناية عن الفرار والجبن، وذلك دليل شجاعته وإقدامه وثباته وقوة إيمانه ويقينه وفروسيته رضي الله عنه.

قال ابن حجر بعد أن ذكر روايتي البخاري: «وظاهرهما التخالف، ويجمع

(1)

السيرة لابن إسحاق (1/ 80).

(2)

أخرجه البخاري (5/ 181، رقم 4260).

(3)

غزوة مؤتة.

(4)

انظر تخريج الحديث تحت عنوان: «الأحاديث الصّحيحة في ذكر جعفر رضي الله عنه، حديث رقم (7).

ص: 106

بأن العدد قد لا يكون له مفهوم، أو بأن الزيادة باعتبار ما وجد فيه من رمي السهام، فإن ذلك لم يذكر في الرواية الأولى»

(1)

.

وقال العيني: «وكان ذلك من الطعنات والضربات وهذا من الطعنات والرميات والفرق بينهما أن الطعنة بالرمح والضربة بالسيف والرمية بالسهم مع أن التخصيص بالعدد لا يدل على نفي الزائد»

(2)

.

فلنا أن نتخيل هذا العدد الضخم من السهام والضربات والطعنات في جسده رضي الله عنه، وهو ثابت لا يولي دبره لأحدٍ، ثابت لا يخاف إلا الله.

فهو يعلم أنَّ سلعة الله غالية، ألا إنَّ سلعة الله الجنة.

فهذا هو الجمال المكنون في شخصيّة ذي الجناحين رضي الله عنه، لقد كان في جيش تعداده الثلاثة آلاف ليواجهوا مائتي ألف من الروم، فعندما حمل الراية بعد زيد بن حارثة رضي الله عنه، صبَّ الروم بأسهم على جعفر رضوان الله عليه، فقاتلهم على قدميه، إلى آخر قطرة من دمه، إنه يقاتل في شجاعة نادرة، وقد ألقى بالحياة وراء ظهره، يريد الشهادة في سبيل الله، فلمّا قطعوا يديه واستشهد أبدله الله بجناحين يطير بهما في الجنة.

ثم تأمَّل معي أيها القارئ الكريم كيف أنَّ عبد الله بن عمر بن الخطاب ب يروي فضيلة لجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو من آل البيت، معظماً له، وما هذا بغريب فيمن مدحهم الله بأنهم {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}

(3)

، ولا على الذين ربَّاهم محمد ص، فكانوا أخوة يجاهدون سوياًّ، ويرون فضائل

(1)

فتح الباري (7/ 512).

(2)

عمدة القاري (26/ 122).

(3)

سورة الفتح الآية «29» .

ص: 107