الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخاطره، وقضى عليه الصلاة والسلام بما هو الأصلح والأكمل.
دعوته وأثره التربوي والدعوي في الآخرين:
كان لدعوة جعفر رضي الله عنه المتخرّج من المدرسة النبوية عظيم الأثر في إسلام النجاشي رحمه الله وغيره. وسنأخذ في الفقرات التالية نماذج ممَّن تأثر بدعوته رضي الله عنه.
دعوة جعفر رضي الله عنه للنجاشي وإسلامه:
لقد أُرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتبليغ الدين الإسلامي للناس كافة، وحمل عنه هذا الدين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ففهموا وفقهوا أهمية الدعوة، وما كانوا ليزهدوا في أجرها العظيم، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم:(لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم)
(1)
.
وهكذا كان جعفر رضي الله عنه من السابقين إلى هذه الدعوة المباركة، فقد كان من الأولين السابقين لتبليغ الإسلام ونشره، فلا عجب أن يسلم على يديه رضي الله عنه ملك الحبشة النجاشي رحمه الله
(2)
، وأن يكون له في الحبشة موقف متميز دافع فيه عن الإسلام دفاعاً مؤثراً أمام النجاشي، وذلك بعد حوار حدث بينه وبين جعفر رضي الله عنه، فبيّن جعفر للنجاشي عقيدة التوحيد ومن ثم شهد النجاشي بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، واقتنع عند ذلك بالإسلام، ورفض
(1)
أخرجه البخاري (3/ 1357) رقم (3498) و (4/ 1542) رقم (3973)، ومسلم (4/ 1872) رقم (2406).
(2)
قال النووي: «وكان هو - أي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وأصحابه سبب إسلام النجاشى، رحمه الله» . انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي (169)، وانظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري (11/ 342).
طلب القرشيين، وأعلن إسلامه وحمى المسلمين في بلاده.
وقد مرَّ معنا قصة جعفر رضي الله عنه ورفضه للسجود للملك النجاشي قائلاً: لا نسجد إلا لله، ثمَّ محاورته رضي الله عنه للملك، وقد أخذ بسرد أركان الإسلام، وما تميَّز به، وما أُرسل به محمد صلى الله عليه وآله وسلم بوجازةٍ وإتقان، وكان من جملة ما بيَّنه رضي الله عنه، عقيدة المسلمين في عيسى عليه السلام وأنَّه روح الله وكلمته، أخرجه من البتول العذراء مريم التي لم يقربها بشر.
فأقرَّ النجاشي جعفراً رضي الله عنه بعقيدته في عيسى عليه السلام، وكان آخر ما قال في هذه المحاورة:«مرحبا بكم و بمن جئتم من عنده، فأنا أشهد أنه رسول الله، و أنه الذي بشر به عيسى ابن مريم، ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أحمل نعليه، امكثوا في أرضي ما شئتم، وأمر لهم بطعام وكسوة»
(1)
.
لئن كان النجاشي مَلكاً، فقد كان جعفرا مَلكاً باعتزازه بالإسلام، فهو مَلك يدعو إلى الآخرة، يدعو إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.
وبين مَلك الدنيا والآخرة شتّان، فربّما وجد النجاشي في جعفر رضي الله عنه شخصيّة الرجل الذي يبحث عنه. فأُعجب بخلقه وبدعوته، فأسلم منقادا ومذعناً لشهادة أن لا إله إلا الله. معلناً تَبرُّءَه من كل ما يُعبد من دون الله.
(1)
أخرجه أبو داود (2/ 230)، رقم (3205) وسكت عنه «وقد قال في رسالته لأهل مكة ص 28: ما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح، وبعضها أصح من بعض»، وعبد بن حميد (550)، والحاكم (2/ 338) وقال:«هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه» ووافقه الذهبي في التلخيص، قال البيهقي في دلائل النبوة (2/ 299)«إسناده صحيح» ، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 32):«رجاله رجال الصحيح» ، قال الألباني في أحكام الجنائز (117):«إسناده صحيح» ، قال الألباني في صحيح السيرة النبوية (165)«وهذا إسناد جيد قوي» ، وقال الوادعي في صحيح دلائل النبوة (104)«صحيح ورجاله رجال الشيخين» .