الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكلما كبر الطفل وزاد نموه العقلي استطاع التوافق بسرعة مع الظروف المفاجئة أو غير المتوقعة، وينتج عن ذلك أن كثيرًا من المواقف التي كانت تثير مخاوفه وهو صغير لا تعد كذلك. وفيما يلي نلقي الضوء بشيء من التفصيل على أنماط الخوف لدى الأطفال ومثيراتها:-
المخاوف في مرحلة الطفولة المبكرة:
لقد ذكرت بنهام Banham أن أول ظهور للخوف يحدث في حوالي الشهر الرابع من العمر. ولاحظت أن هذا التقدير قد يكون أقل مما يجب. ونظرة شاملة لأعمال سكار وسالابتك Scarr Salapetek "1970" توحي بأن تقدير سن أربعة شهور قد يكون في الواقع تقديرًا سليمًا. وقد دلت الأبحاث التي نشرت على أن الضوضاء وعوامل الضوضاء قد تكون أصلح المثيرات لإحداث الخوف لدى الأطفال الصغار. ولقد أثبتت الدراسات التي قام بها جيبسون ووالك Gihson A Walk "1960" أن الأطفال في سن 6 أشهر أو أكثر قد أظهروا علامات الخوف وهم عند الصخرة المرئية. وأن الأطفال الأكبر سنًا قد أظهروا خوفًا بدرجة أكبر مما أظهر الصغار. وعلى ذلك فإن القرائن تدل على أنه في سن أربعة أشهر على الأقل يبدي الأطفال بعض المخاوف وإن كانت غير محددة وغير ثابتة.
لقد كان علماء نفس النمو دائمي الاهتمام بشأن الخوف الذي يبديه الأطفال حديثي الولادة نحو الغرباء. لذلك فإن البحث في هذا النمط من الخوف قد قدم وسائل سليمة وقاعدة إدراكية معقولة وتضمينات لنمو "التعلق".
أما الجهود في سبيل تمييز السن الحقيقية التي يبدي فيها الأطفال الصغار قلقًا نحو الغرباء فقد واجهت صعابًا كثيرة. وتدل الدراسات المختلفة أن الأطفال يتكون لديهم القلق نحو الغرباء فيما بين سن سبعة أو ثمانية أشهر "Sroufe 1977"، وأن هناك زيادة ثابتة في معدل تكرار وشدة القلق نحو الغرباء خلال العام الأول من العمر. وتختلف المعطيات تبعًا للمكان الذي أجريت فيه الدراسة في المنزل وسط جو، مألوف أو في معمل وسط جو مصطنع، كما وجدت متغيرات أخرى تؤثر في السن الذي يبدأ عنده ظهور القلق نحو الغرباء. فقد قام مورجان وريسيتي "Morgan، Ricciuti""1969"، بتحليل تجريبي منهجي ودقيق عن الخوف من
الغرباء. حيث استخدم الباحثان 80 طفلًا موزعين بالتساوي على مراحل عمرية: 4.5، 6.5، 8.5، 12.5 شهرًا. وفي إحدى الحالات كان الأطفال يجلسون في حجور أمهاتهم. وفي حالة أخرى كانوا يجلسون في مقاعد الأكل "الخاصة بالصغار" على بعد نحو أربعة أقدام من أمهاتهم. والشكل "58" يلخص نتائج الدراسة.. حيث أبدى أطفال مجموعة "الفئة العمرية "12.5" شهرًا رد فعل سلبي واضح تجاه الغريب. ورد الفعل السلبي هذا يتزايد مع السن وإن لم يكن لوجود الغريب أدنى تأثير عندما كان الأطفال في حجور أمهاتهم.
هذا وقد استنتج الباحثان أن نتائجهما تثير التساؤل حول إدعاء سبيتز Spitz، "1965" بأن القلق نحو الغريب يحدث في سن ثمانية شهور وهي السن التي افترض أن القلق يبدأ في الظهور فيها.
وثمة ظرف آخر في التجربة -لم يرد في الجدول- وهو يختص، بوجود الغرباء من الرجال أو النساء. فلقد أثار وجود الرجل الغريب مزيدًا من الخوف أكثر من وجود المرأة الغريبة، وليس واضحًا ما إذا كانت زيادة الخوف من الرجل الغريب ناتجة عن الجنس "كونه رجلا" أم لزيادة حجمه الجسماني، أما جنس الأطفال فلم يظهر لأثره آية دلالة.
وفي امتداد لدراسة "مورجان وريسيتي" استخدم لويس وبروكس lewis & brook "1974" 24 طفلًا في سن من "7-19" شهرًا. وعرض الباحثان الأطفال لغريبين من رجل وامرأة متشابهان تقريبًا في التركيب الجسماني ثم عرضوا الطفلة في سن أربعة سنوات. وقد قدرت درجة الانفعالية نحو الغرباء من على أربع مسافات أبعادها عند مدخل الحجرة وأقربها عندما حاول الغريب لمس الطفلة. والجدول رقم "9" يبين المعايير التي استخدمت لتقدير درجة الانفعال ومحتوياتها لا تختلف كثيرًا عن محتويات دراسة "مورجان". أما بالنسبة لنتائج التجربة فقد كانت على قدر كبير من الوضوح: فعندما اقترب الغرباء الراشدون أبدى الأطفال قلقًا متزايدًا. وبالتحكم في حجم الغريب رجلًا كان أم امرأة أو فتاة لم يكن لاختلاف جنس الغريب أي تأثير على ردود فعل الأطفال، كما كان لسن الطفل أثرًا على درجة انفعاله حيث كان الأطفال الأكبر سنًا أكثر سلبية نحو الغريب من ردود فعل الأطفال الأصغر سنًا. ويتضح ذلك من الشكل "59".
وردود الفعل نحو الغرباء يتأثر أيضًا بسياق المقابلة. وقد اقترح سروف/ وواتر وراتو Sroufe Waters Rattao "1974"، أن وضع المعمل قد يرفع من مستوى الطفل الصغير انفعاليًا أكثر من اقتراب الغرباء. وقد أجرى هؤلاء الباحثون سلسلة من التجارب قابلوا فيها الأطفال في المنزل وفي بيئة افتراض أنها مألوفة وكذلك في المعمل، واستخدموا في تلك البيئات الثلاث طريقة "اقتراب الغريب". ولكن بدلًا من مقاييس السلوك للانفعال. قاموا بتسجيل ضربات القلب "قلب الطفل" ودرجة سرعتها في تحديد الانفعالية. وقد دلت المعطيات على سرعة أكبر في عدد ضربات القلب في المعمل عنها في المنزل، معززة الافتراض بأهمية السياق في ردود فعل الأطفال الصغار للغرباء "Rheingol Ehermans". 1973" أي أن الأشخاص غير المألوفين لا يكونوا مثيرًا غريزيًا للخوف.
وقد أجرى هذان الباحثان دراسة حصلا منها في الواقع على عكس الأثر الذي توصلت إليه الدراسات الأخرى فقد شرع الأطفال في اللعب فعلًا مع الغرباء
غير ن هذه الملاحظات قد أجريت في المعمل. وقد ذكر سكارين Skarin "1977" أن مزيدًا من الخوف قد ظهر في المعمل، وأن رد الفعل كان أسرع عندما كانت الأم غير موجودة. ومن الواضح أننا هنا أمام نتائج أبحاث متناقصة. وفي الموقف التجريبي تميل ردود الفعل الانفعالية للارتفاع مع تزايد السن. كما أوضحت "جودانف" ذلك، والمثير الحاصل عن الغريب لا يولد رد فعل شديد، وهو ما يتصل اتصالًا أقرب بقرب الغريب. وبعدم ألفه السياق.
ولقد كان الأطفال في هذه الدراسات يختلفون كثيرًا في ردود أفعالهم نحو الغريب والصورة التي تظهر ها هي: أن سن الطفل، وسياق الموقف، وربما أيضًا المزاج العام للطفل هي المثيرات الأساسية التي تسبب الاستجابة الانفعالية للطفل ونوعها. وقد اقترح سروف "Sroufe" وزملاؤه أن "التركيز" على سلوك الخوف أو سلوكه الانتسابي "الانتماء" إنما يقدم وجهات نظر مشوهة عن نمو الطفل "Srofe، Waters Matas 1974 ص69-70". وقد لاحظوا أيضًا أنه "بدلًا من إحداث أثر سلبي أو إيجابي فإنه من الواضح أن المواقف المستجدة والأشخاص الغرباء تعمل جميعها على تنشيط الميول للاقتراب القوي والتجنب القوي، ويصبح تحديد الناتج الوجداني "المؤثر" مرتبط بعوامل مثل: السياق وتتابع الأحداث والتآلف".
والتفسير الذي أضفى على هذه الدراسات الرئيسية هو أن السلوك الانفعالي يخضع لتغيرات نمائية هامة خلال نصف السنة الأولى. وما زلنا أمام سؤال بدون إجابة. وهو ما إذا كان الأطفال قبل سن ثمانية أشهر يبدون ردود أفعال انفعالية إزاء الأشياء والأشخاص غير المألوفة؟ وتدل المعطيات التي جمعها برونسون.S W Bronson "1972" على أن الأطفال حديثي الولادة يبدون فعلًا ضيقًا خلال الستة أشهر الأولى من حياتهم، مع علامات قوية من الحذر للغرباء تظهر في الشهر الرابع. وتصبح أكثر حدوثًا "تكرار" خلال النصف الثاني من السنة الأولى، وقد يكون مصادفة أن الشهر الرابع هو الذي قررت بنهام Banham أن الخوف فيه يظهر إلى جانب الضيق عند الاستثارة العامة. وإن ما قد لاحظته قد يكون هو الحذر من الغرباء. كما أنه من المهم أن نلاحظ أن استنتاجات برونسون "Bronson عن الأطفال في سن "3-9" شهور تكاد تطابق استنتاجات إكرمان ورينجولد