المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌اكتساب السلوك والتفكير الخلقي: - علم نفس النمو - جـ ٢

[حسن مصطفى عبد المعطي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأول: النمو الجسمي

- ‌أولا: مرحلة ما قبل الميلاد

- ‌الفترة الجنينية

- ‌الفترة الحميلية:

- ‌ثانيا: مرحلة ما بعد الميلاد

- ‌نمو الطول والوزن

- ‌ نمو الوظائف العضوية:

- ‌ التسنين:

- ‌ علاقة صحة الطفل بنموه الجسمي:

- ‌النمو

- ‌ نمو العمليات الفسيولوجية:

- ‌ الجهاز الدوري:

- ‌ نمو الغدد الصماء:

- ‌ نمو المخ:

- ‌العوامل المؤثرة في النمو الجسمي:

- ‌دور المربيين لتحقيق النمو الجسمي السليم:

- ‌الفصل الثاني: النمو الحركي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: النمو الحركي المبكر

- ‌الخصائص العامة للنمو الحركي:

- ‌مظاهر النمو الحركي المبكر:

- ‌النضج والتدريب على المهارات الحركية المبكرة:

- ‌ثانيا: النمو الحركي في سن ما قبل المدرسة

- ‌الخصائص العامة للنمو الحركي

- ‌خصائص النمو الحركي في سنوات الطفولة المبكرة

- ‌ثالثا: النمو الحركي لطفل المدرسة الابتدائية

- ‌مدخل

- ‌النمو غير المنتظم:

- ‌العوامل المؤثرة في النمو الحركي:

- ‌دور الوالدين والمربين في رعاية النمو الحركي:

- ‌خلاصة:

- ‌الفصل الثالث: نمو الإدراك الحسي

- ‌الإدراك الحسي فطري أم متعلم

- ‌المبادئ الأساسية للارتباط الشرطي والإدراك

- ‌مدخل

- ‌الارتباط الشرطي التقليدي "الكلاسيكي

- ‌الارتباط الشرطي الإجرائي:

- ‌الاهتمام الإدراكي

- ‌مدخل

- ‌التعود:

- ‌طرق دراسة الانعكاس التوجيهي والتعود:

- ‌القدرة الحسية المبكرة

- ‌القدرة البصرية

- ‌ القدرة السمعية:

- ‌ الإحساس التذوقي والشمي:

- ‌السلوك الإدراكي والنمو

- ‌إدراك الشكل

- ‌ إدراك العمق:

- ‌ ثبات الحجم والشكل:

- ‌ توجيه المثير:

- ‌التكامل الإدراكي

- ‌النمو فيما بين الحواس

- ‌ التمثيل المكاني:

- ‌ السلوك الإدراكي الحركي:

- ‌خلاصة:

- ‌الفصل الرابع: النمو اللغوي

- ‌اللغة ووظائفها:

- ‌النمو اللغوي المبكر

- ‌مدخل

- ‌أولًا: مرحلة الاستجابات المنعكسة

- ‌ثانيًا: مرحلة المناغاة

- ‌ثالثًا: مرحلة التقليد والاستجابات اللغوية

- ‌رابعًا: مرحلة الكلام

- ‌خامسًا: نمو مفردات الطفل

- ‌النمو اللغوي لطفل المرحلة الابتدائية

- ‌نمو المحصول اللفظي

- ‌ نمو التراكيب اللغوية:

- ‌ نمو مهارات الاتصال:

- ‌ مهارة القراءة:

- ‌ الكتابة:

- ‌رعاية النمو اللغوي

- ‌رعاية النمو اللغوي لطفل ما قبل المدرسة

- ‌التطبيقات التربوية لرعاية النمو اللغوي لطفل المدرسة الابتدائية:

- ‌الفصل الخامس: النمو الانفعالي

- ‌مدخل

- ‌وجهات نظر في تفسير النمو الانفعالي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: المفاهيم البيولوجية

- ‌ثانيًا: المفاهيم الثقافية

- ‌ثالثًا: الإجراءات المعرفية

- ‌تطور الاستجابات الانفعالية

- ‌المرحلة الجنينية والمهد

- ‌ الانفعال خلال السنة الأولى من العمر:

- ‌ الانفعال خلال السنة الثانية من العمر:

- ‌ سنوات الطفولة المبكرة:

- ‌ مرحلة الطفولة الوسطى والمتأخرة:

- ‌ مرحلة المراهقة:

- ‌التباين في نمط الاستجابات الانفعالية:

- ‌العوامل المؤثرة في النمو الانفعالي:

- ‌الخصائص المميزة لانفعالات الأطفال

- ‌مدخل

- ‌انفعالات الوليد:

- ‌ظهور استجابات انفعالية محددة

- ‌الانفعالات بعد مرحلة الطفولة المبكرة:

- ‌العلاقة الوجدانية المعرفية:

- ‌الفصل السادس: تطور بعض الانفعالات في الطفولة

- ‌الخوف

- ‌مدخل

- ‌المخاوف في مرحلة الطفولة المبكرة:

- ‌الخوف لدى الأطفال الأكبر سنًا:

- ‌الأسباب الرئيسية للتباين في نمط الخوف هي:

- ‌السن وأنواع الخوف:

- ‌تعلم الخوف:

- ‌الأنماط الانفعالية المرتبطة بالخوف

- ‌الخجل

- ‌ الحرج أو الارتباك:

- ‌ الانشغال:

- ‌ القلق:

- ‌الغضب

- ‌فهم الغضب

- ‌مثيرات الغضب:

- ‌استجابات الغضب:

- ‌الغيرة

- ‌مصادر المواقف التي تنشأ عنها الغيرة

- ‌استجابات الغيرة:

- ‌ الأسى:

- ‌الانفعالات الإيجابية

- ‌مدخل

- ‌تننشيط النمو الانفعالي

- ‌السيادة الانفعالية

- ‌الفصل السابع: التفاعل بين الوالدين والطفل

- ‌مدخل

- ‌الأبحاث المبكرة في أساليب تربية الطفل

- ‌مدخل

- ‌ السيطرة الوالدية:

- ‌تربية الطفل وإساءة معاملته

- ‌تعريف إساءة معاملة الطفل

- ‌معدل حدوث إساءة معاملة الطفل:

- ‌أسباب إساءة معاملة الطفل:

- ‌أثر هذا الأسلوب في سلوك الأطفال:

- ‌نمو الارتباط "التعلق" الوالدي

- ‌مدخل

- ‌نظريات التعلق:

- ‌دور تطور التعلق الاجتماعي

- ‌التعلق والاستكشاف:

- ‌التنشئة الاجتماعية والتعلق الاجتماعي:

- ‌الأم والتعلق:

- ‌الأب والتعلق:

- ‌نتائج التعلق:

- ‌ الانفصال:

- ‌الاعتمادية

- ‌مدخل

- ‌تعريف وقياس الاعتمادية:

- ‌وسائل تربية الطفل والاعتمادية:

- ‌العدوانية

- ‌التعريف

- ‌فروق السن والجنس:

- ‌العدوانية وأساليب تربية الطفل:

- ‌النماذج العدائية:

- ‌الخلاصة:

- ‌الفصل الثامن: العلاقة بالأقران

- ‌مدخل

- ‌صعوبات دراسة علاقات الأقران:

- ‌جماعات الأقران واللعب

- ‌اللعب الفردي

- ‌ اللعب الجماعي:

- ‌العوامل المؤثرة في اللعب بين الأقران:

- ‌تكوين جماعات الأقران:

- ‌تقبل الأقران

- ‌مدخل

- ‌عوامل التقبل

- ‌الأقران وعملية التطبيع الاجتماعي

- ‌مدخل

- ‌ التوحد:

- ‌ التعلم

- ‌ تعلم الأدوار:

- ‌ الأقران كمرجع للحقيقة:

- ‌ الامتثال لمعايير الجماعة:

- ‌ التعاون:

- ‌ التنافس:

- ‌ العدوان:

- ‌الشعبية بين الوفاق

- ‌خلاصة:

- ‌الفصل التاسع: النمو الخلقي

- ‌مدخل

- ‌اكتساب السلوك والتفكير الخلقي:

- ‌السيطرة التنظيمية للوالدين والنمو الخلقي

- ‌مدخل

- ‌بحث هوفمان وسالتز شتاين:

- ‌تأييد نتائج دراسة هوفمان وسالتز شتاين:

- ‌السيطرة التنظيمية والنمو الأخلاقي: "البحث المعملي

- ‌الضوابط الخلقية:

- ‌مصادر الضبط الاجتماعي والتنشئة الاجتماعية

- ‌الأسرة

- ‌ جماعة الأقران:

- ‌ الأفكار الدينية والدين:

- ‌المراجع:

- ‌فهرس:

الفصل: ‌اكتساب السلوك والتفكير الخلقي:

من العقاب الخارجي أو لاعتبارات اجتماعية خارجية أو لمجرد وجود أي من أرباب السلطة ولكن بالتقدم في العمر يتم ضبط سلوك الطفل بتأثير ضوابط داخلية حتى في غيبة السلطة الخارجية. "عبد الرحمن عيسوي، 1985، 222".

كما أن النمو الخلقي هو نمو الضمير والتعبير عنه، وهذا الضمير يشكل نظرة الفرد للحياة، وهو البنية الشخصية للقيم الاجتماعية، أو بعبارة أخرى يدل النمو الخلقي على مدى اتفاق سلوك الفرد مع معاييره الخلقية، ومع معايير الجماعة التي يتوحد معها. وهذا المفهوم يعني أمرين:-

أولًا: أن تصبح أفعال الفرد وأقواله مسايرة لنواياه وضميره ولمعاييره وقيمه الشخصية.

ثانيًا: أن تصبح أفعال الفرد وأقواله مسايرة لالتزاماته نحو المجتمع ومسئولياته إزاءه. "جابر عبد الحميد جابر، 1976، 315".

ص: 373

‌اكتساب السلوك والتفكير الخلقي:

خضعت دراسة السلوك الإنساني القائم على القيم الأخلاقية لتفسيرات وجدت أساسها في ثلاثة مداخل أساسية: أولها، التكوين البيولوجي للإنسان، ثانيها مدى التفهم العقلي لدى الإنسان، ثالثها التأثير الاجتماعي:

- ويرتبط التفسير البيولوجي بالاشتراط الكلاسيكي على أساس أن منشأة كان حول تغيرات الأفعال المنعكسة عند الأفراد نتيجة ارتباط مثير محايد بمثير نشط فيكتسب المثير المحايد بعد اقترانه بالمثير النشط. قوة استثارة استجابة مشابهة للفعل الانعكاسي الذي ينتج عن المثير النشط. والضمير يمكن أن ننظر إليه باعتباره استجابة للقلق مشروطة بأنواع معينة من المواقف والأعمال، وأنه يتكون عن طريق الربط بين مثيرات معينة مثل الخسائر العدوانية والعقاب أو ما يشابه العقاب من مثيرات غير محببة. وهذه الارتباطات الشرطية وتعميمها تنتج نوعًا من الصراع بين الرغبة في إشباع المشاعر الداخلية أو الحاجات الفورية وبين المتاعب التي تنشأ عن القلق. واستنتج ايزنك Eysenck تصوره للنموذج الارتباطي في

ص: 373

تكوين الضمير، فيقول إن الطفل حين يفعل شيئًا يعتبر في نظر والديه قبيحًا فإن العقاب السريع الذي يلي مثل هذا الفعل على أية صورة يؤدي إلى توليد شعور غير سار عنده، وينتج عن ذلك نموذج من الارتباط الكلاسيكي:

حيث أن الألم الذي يعتبر استجابة غير شرطية للعقاب باعتباره مثيرًا غير شرطي يمكن أن يستثيره الفعل القبيح باعتباره مثيرًا شرطيًا بالعقاب. ويستمر تأثير هذا النموذج حتى ينشأ نوع من الخوف الشرطي أو القلق يصاحب القيام بمثل هذا الفعل الشائن أو حتى التفكير في القيام به. وهذا القلق الشرطي هو ما يمكن أن نطلق عليه الضمير، كما تلعب التسمية التي نمارسها تجاه الأفعال الأخرى دورها في تعميم هذا النموذج فيكفي أن نطلق على أي فعل أنه قبيح ليكتشف نفس الأثر. أما بالنسبة للسلوك غير الأخلاقي فيمكن أن نعزوه لسببين رئيسين: أولهما العوامل الاجتماعية المتمثلة في نقص الاشتراط الاجتماعي السليم، فإذا فشل القائمون بالتطبيع الاجتماعي في ممارسة التنشئة الاجتماعية السليمة كأن يرى الآباء فعل ما سليمًا بينما يراه المعلمون قبيحًا، ويظهر الرفقاء المتعة المرتبطة بعمل ما بينما يفشل الآباء والمعلمون في إظهار الألم المصاحب له فإن الناتج لا يمكن أن يكون في حدود المتوقع، وثانيهما: العوامل البيولوجية والفروق الفردية فيها، ويرى أيزنك أن التركيب البيولوجي للإنسان هو الذي يحدد تصرفه أو يشكل مدى استجابته للمثيرات الخارجية. "محمد رقي 1983، 17".

ويحدد سيرز وماكوبي Sears Maccoby & Levin "1957" ثلاثة معايير للنضج الخلقي هي معايير الضمير كظاهرة سلوكية متعلمة كما يلي:-

ص: 374

أ- مقاومة الغواية والإغراء.

ب- التهذيب الذاتي القائم على إطاعة قواعد السلوك السليم.

جـ- المظاهر السلوكية الدالة على الشعور بالذنب في حالة الخروج على هذه القواعد.

وهذه المعايير تدل على أن الطفل يتمتع بضبط مستدخل internalized control قد استوعبه ومارسه بواسطة ما تعرض له من قبل من إثابة وعقاب، فما خبرة من أساليب ومعايير للضبط من الخارج -وخاصة من الوالدين- تتحول غالبًا إلى ضبط من الداخل وإلى توجيه ذاتي.

أ- مقاومة الإغراء Resistance of temptation

وتتضح هذه الظاهرة حينما يعزف الطفل عن الإقدام نحو مثير يجذبه أو يغويه لأنه يعتبر خاطئًا أو غير أخلاقي من وجهة نظر ثقافته، وتفسير ذلك أن استجابة الإقدام تخضع للكف بواسطة بعض جوانب الموقف المثير التي تقترن بالعقاب في الماضي، حتى لو كانت هذه الجوانب غير واضحة للملاحظة أو لملاحظة الشخص لذاته. وفي حالة الإغراء تتوقف النقطة التي يصير عندها الشخص قلقًا بدرجة كبيرة على نفس النقطة التي عوقب عليها في الماضي. فإذا كان العقاب نادرًا ما يوقع أو يوقع بعد إرجاء طويل، فقد لا تنمو عند الطفل القدرة على مقاومة الإغراء على الإطلاق أو تنمو بدرجة ضعيفة.

ب- التهذيب الذاتي القائم على إطاعة قواعد السلوك السليم:

يذكر هيكل Hail أن الطاعة القائمة على التهذيب الذاتي تحدث وفقًا للمبادئ الخلقية التي يتلفظ بها الوالدان في تفاعلهما الاتصالي مع الطفل، وبواسطة ما يلاحظه من أنماط سلوكية والدية وفقا لهذه المبادئ والأحكام. والمبدأ الأساسي الذي يخضع له هذا التعلم هو المحاكاة عن طريق التعلم بالملاحظة Observation Learning أو التعلم الانتقالي Vicarious Learning أي الذي ينتقل من الكبار إلى الصغار بالمحاكاة من خلال الملاحظة. وقد يخفق الطفل في هذا التعلم إما بسبب أن هذه المبادئ والأحكام التي لم يتلفظ بها الوالدان في تفاعلهما مع الطفل أو بسبب

ص: 375

عدم توفر المواقف والظروف التي يلاحظ فيها الوالدان لكي يحاكي سلوكهما. لهذا السبب فإن الأطفال الذين ينشأون في مؤسسات أو ملاجئ لا يتوافر فيها النموذج أو الوالدي الثابت قد يجدون صعوبة أكثر من غيرهم في تعلم المبادئ والأحكام الخلقية والأنماط السلوكية المتسقة معها.

جـ- الدلالة الواضحة للشعور بالذنب:

ويشير مصطلح الذنب إلى بعض المظاهر السلوكية المتعددة الدالة عليه الاستجابات الانفعالية، التلفظ بمشاعر الذنب أو ربما النزعة إلى عقاب الذات فما يقوم به الطفل أحيانًا ببعض الأفعال الخاطئة غالبًا ما يتبع بالتأنيب أو عدم الرضا من قبل الوالدين وغير ذلك من أشكال العقاب. وإذا كان ذلك يحدث بدرجة كافية، فإن الطفل يتعلم أن أيسر وسيلة لكي يسترد بها عطف والديه إذا اقترف عملًا خاطئًا هو أن يعترف ويلقي ما يستحقه من عقاب، وأن يكف عن مثل هذه الأفعال دون إرجاء، فتوقع النبذ والسعي إلى العقاب الذي يتبع مخالفة القواعد الخلقية هو ما يصفه الفرد ذاته كشعور بالذنب وبالنسبة للشخص الراشد فقد يظل الشعور بالذنب محتفظًا بمستوى متوائم يتزايد ويتناقص وفقًا للاحتمال الحقيقي للعقاب، "طلعت منصور وحليم بشاي، 1982، 13".

ومن المعروف أن الطفل حينما يولد يكون خلوًا من الضمير، ومن ثم لا يمكن أن يوصف بأنه على خلق Moral أو عار منها immoral بل إنه في هذه الحالة يكون محايدًا بالنسبة للقيم الخلقية، هذا وفي تعلمه أو اكتسابه لأي معانٍ خلقية فإنما يأتيه ذلك من المجتمع المحيط به "عبد الفتاح حجاج، 1985، 154"، وعلى المحيطين بالطفل أو المسئولين عنه أن يساعدوه على تشرب النمط السائد والامتثال للمعايير والمقننات وعدم الانحراف عنها بمخالفة ما تأمر به أو ارتكاب ما تنهى عنه "كمال دسوقي، 1979، 308".

ويتعلم الطفل السلوكي الأخلاقي -كما في تعلم أي مهارة عملية- إما بالمحاولة والخطأ، أو بالتلقين والتعليم المباشر، وإما من خلال التقمص والتمثل والطريقتين الثانية والثالثة ليستا فقط الأفضل والأجدى، بل الأكثر استخدامًا أيضًا

ص: 376

لكون تعلم المحاولة والخطأ مضيعة للوقت والجهد وأن ثمرته آخر الأمر أبعد من أن تكون مرضية. والتعليم المباشر هدفه تعريف الصغير بما هو خير أو صواب، ثم دفعه لأن يتصرف على النحو الذي يتوقعه منه المجتمع. وإذا ما صاحب هذا التلقين لون إيجابي من التعويد أو التأديب ليستخدم بثبات يصبح السلوك الخلقي اعتياديًا أي عندما يقترن الثواب والاستحسان الاجتماعي والثناء بالسلوك المرغوب منه اجتماعيًا، يكون تعلم السلوك الأخلاقي أسرع وأيسر. "كمال دسوقي، 1979، 315" وإذا قارنا هذه العملية بقدرة الطفل على تعميم الخبرة وانتقال أثر التدريب، فإنه يستطيع أن يحدد استجابته للمواقف المختلفة طبقًا للتشابه بين المثيرات. بمعنى أن الطفل يتم تعليمه أنماطًا معينة من السلوك يقوم بها على أساس أنها مقبولة اجتماعيًا فيتم تعزيزه فيستمر أداؤها عبر الزمان وفي مواقف مختلفة، وإذا كان السلوك غير مقبول اجتماعيًا فإنه بالطبع سيتم عقابه بأي صورة من صور العقاب مع اعتبار شروط فعاليته كوسيلة ومن ثم فإن يختفي. أي أن الموقف يدور حول الإرادة الخارجية للسلوك والرغبة الداخلية في الحصول على الثواب، وتجنب العقاب، ويتكون لدى الطفل نوع من القلق التوقعي يساعد على الكف المبدئي للسلوك المشين "محمد رفقي، 1983، 18". وهكذا يستطيع أن يواجه المواقف المختلفة من خلال تعرفه على التشابهات المختلفة في الموقف مع المواقف السابقة ويتصرف تبعًا للقيم والمعايير التي تسود المجتمع، أما في المواقف التي تختلف عن المواقف السابقة فلن يتصرف فيها إلا وفقًا لظروف خاصة. ومن الضروري هنا أن تكون المعايير والمقتفات التي يتعلمها الطفل في البيت والمدرسة ومن جماعة اللعب والأقران ثابتة حتى لا يختلط عليه الأمر مما يسهل له تنمية مفاهيم مجردة عن الخير والشر، والصواب والخطأ. وفي تعلم السلوك الخلقي بالتقمص يأخذ الصغير قيم شخص آخر ويشكل سلوكه هو وفقًا لسلوك ذلك الشخص، وهو يفعل ذلك لا شعوريًا بالقياس إلى التقليد الشعوري الذي يحاول به عمدًا أن يكون مثل شخص آخر. فالصغير يتعلم فعل ما يفعله أحد الكبار، وكذلك ما يطلب إليه الكبير أن يفعله. وحين يتقمص الصغير شخصًا هو معجب به، من غير أي ضغط أو تعليم مباشر فهو يحاكي أنماط السلوك التي يلاحظها

ص: 377