الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دور تطور التعلق الاجتماعي
…
دورة تطور التعلق الاجتماعي:
يمكن تقسيم دورة تطور التعلق الاجتماعي إلى ثلاث مراحل وهي:
1-
مرحلة اللاجتماعية: "عدم التعلق الاجتماعي":
وهي تبدأ منذ الميلاد، حيث أشارت الدلائل إلى أن الطفل الرضيع لا يبد أي تعلق اجتماعي بالآخرين، واعتبر الباحثون أن الرضيع "غير متعلق" اجتماعيًا في الشهور المبكرة من حياته، وليس معنى التعبير "لا اجتماعي". هنا: أن الرضيع لا يستجيب للمثيرات الاجتماعية، بل المقصود أن استجابته لا تختلف كثيرًا لهذا المثيرات الأخرى عنها للمثيرات الاجتماعية. وقد وصل الأمر ببعض الباحثين إلى افتراض أن تمييز الطفل لنفسه عن المثيرات في البيئة الخارجية يكون هدفًا رئيسيًا لهذه المرحلة واعتبروا هذا شرطًا ضروريًا لتطور التعلق الاجتماعي فيما بعد.
2-
مرحلة "ما قبل الاجتماعية":
وتبدأ هذه المرحلة تقريبًا في الشهور الأولى حتى الشهر السابع، وتسمى هذه المرحلة أحيانًا مرحلة "التعلق غير التمييزي". والطفل في هذ المرحلة، ومن خلال تفاعله مع الآخرين يتعلم أن يفرد الأشخاص كمواضيع تثيره وتستجيب له أكثر من غيرها في العالم حوله، فهو لا يزال لا يعرف أن هؤلاء الأشخاص أمه أو أبيه مثلًا، لكن يبدو أن هذا ليس مهما في هذه المرحلة، وتتميز هذه المرحلة من التعلق الاجتماعي بغياب الاختيار، فالطفل ما زال يبتسم للوجوه دون أن يميز وجه مألوف وآخر غير مألوف، والطفل قد يحتج إذا ما فصل عن شخص معين، لكن استبدال هذا الشخص بشخص آخر، لا يؤثر في الطفل.
3-
مرحلة الاجتماعية التعلق الاجتماعي المتخصص:
وهذه هي المرحلة الأخيرة تبدأ عادة بعد الشهر السابع تقريبًا وهنا يبدأ الطفل في الاحتجاج إذ غاب عنه شخص معين، "الأم في العادة"، وتظهر على بعض الأطفال علامات التعلق بأكثر من شخص، ولكن يظل هؤلاء أشخاصًا معينين، ولذا يتضح أن بمقدر الطفل أن يميز أمه عن الأفراد الآخرين، فهو يتعلق بها دون غيرها، وكحاضنة رئيسية له تمثل له شخصا ذا دلالة. ولهذا سميت هذه المرحلة بالمرحلة "الاجتماعية".
وتشير الدراسات: إلى أن التعلق يتطور بشكل سريع، ويجب ملاحظة أن المراحل السابقة للتعلق تختلف من مجتمع لآخر، كما أنها تتأثر بعوامل النضج، وبالخبرات الاجتماعية المبكرة التي يمر بها الرضيع، وتتأثر كذلك بطريقة التربية، ولذلك من الصعب ربط كل مرحلة بعمر معين.
أبحاث شافر وإمرسون Scaffer & Emarson:
قام هذا الباحثان "1964" بإجراء واحدة من أولى الدراسات الطولية حول التعلق لدى الإنسان، مستخدمين مجموعة من "60" طفلًا اسكتلنديا، وقد قام هذان الباحثان بتعريف التعلق على أنه ميل الطفل إلى البحث عن القرب من أعضاء النوع الآخر، كما يدل على الاعتراض على الانفصال عن هؤلاء الآخرين. وقد أرادا في بحثهما أن يستطلعا السن الذي يبدأ فيه التعلق، ومدى شدته وأهدافه. وقد لاحظا واختبرا "31" ذكرًا، "29" أنثى. وقد قيس التعلق في عدد من ظروف الانفصال عن الأم: ترك الطفل بمفرده في حجرة، تركه مع أشخاص أخرين، تركه في عربة خارج المنزل أو خارج محل تجاري، ووضعه في الفراش ليلًا، وضعه بعد أن كان محمولًا، والمرور عليه وهو ما يزال في الفراش. هذا والمعطيات التي جمعت خلال المقابلات مع الأمهات كل أربعة أسابيع في السنة الأولى من الحياة ثم في سن 18 شهرًا، كانت تتضمن:
مظهر احتجاج الطفل على الانفصال، ومدى تكراره، وشدته، والشخص الذي وجه إليه الاعتراض، أي الشخص الذي أدى رحيله إلى حدوث الاستجابة ويبدأ ظهور التعلق في الربع الثالث من السنة الأولى، وفي أثناء الستة شهور الأولى يحتج الطفل عادة عندما يرحل أي شخص كان قريبًا، وهو شكل من أشكال التعلق غير التمييزي. ويقترح "شافر وإمرسون" أنه في خلال الستة شهور الأولى يبحث الطفل عن الاتصال وجذب انتباه الأغراب والمألوفين على حد سواء مما يدل على التعلق بالناس عامة. وفي خلال الستة شهور الثانية من الحياة فقط يقوم الطفل بإظهار الاعتراض على الانفصال عن أشخاص معينين وبذلك يظهر التعلق بإناس معينين، وخاصة الأم. وهذه التعلقات الشديدة تبلغ الذروة بين سن 12، 18 شهرًا.
ويبين الشكل التالي منحنيات النمو لأنماط معينة من التعلق، والتعلق بالأم والتعلق غير المتميز. لاحظ أن بداية تعلق معين لا يستبعد الاحتجاج على الانفصال عن الناس بصفة عامة "التعلق غير المميز"، لقد احتج الأطفال بطريقة ما عندما غادرهم أي شخص، ولكن بعد نحو "7" شهور كان احتجاجهم أكثر شدة عندما تركهم أشخاص معينون. إن الأطفال بصفة فردية يكونون تعلقًا خاصة فجأة وليس بالتدريج، كما يبين الشكل أن هذه المنحنيات تمثل متوسط الدرجات المسجلة لكن سن. إن الأطفال في أي سن محددة يختلفون بقدر كبير في احتياجاتهم كما يتغير أيضا السن الذي تحدث فيه تعلقات خاصة.
إن طفلًا واحدًا أظهر تعلقًا خاصًا في سن "22" أسبوعًا، ولكن الأطفال الآخرين لم يظهورا هذا التعلق إلا بعد أن بلغوا من العمر عامًا أو أكثر.
وإذا كان المتعلق به هو شيء واحد محدد، فإن 65% من أفراد العينة اختاروا الأم. أم الأطفال الباقين فغالبًا قد اختاروا الأب. وكان الأشخاص الآخرون
بالنسبة للتعلق المتميز هم غالبًا من أفراد الأسرة وليس من أفراد المجتمع المحلي أو أصدقاء الوالدين. وعندما يأتي الوقت الذي يكون فيه الطفل تعلقًا محددًا، فإن عدد الأشخاص الذين يتعلق بهم الطفل يزداد ببطء، بحيث يصبح الطفل العادي متعلقًا بعدد من أشخاص مختلفين، وهو في سن 12، 13، 14 شهرًا. وتدل هذه النتائج على أن عملية التعلق تتكون من ثلاث مراحل: ففي المرحلة الأولى أو المرحلة اللاجتماعية يبحث الفرد عن الإثارة من كل أجزاء بيئته. وتستمر هذه المرحلة إلى نحو سن سبعة شهور. وفي المرحلة قبل الاجتماعية يقوم الفرد بتمييز الكائنات البشرية كأشياء باعثة على الرضا ويحاول نشطًا أن يبحث عنهم. وفي المرحلة الأخيرة أو الاجتماعية، وهي التي تبدأ في سن حوالي ثمانية أشهر يكون الطفل متعلقًا بأشخاص معينين.
إن الاحتجاج على الانفصال يقل عند سن حوالي "18" شهرًا، عندما يتم نمو الطفل ويفهم أن الوالد ما يزال موجودًا حتى ولو لم يعد يراه.
إن هذه النتيجة تدل على أن العوامل المعرفية تلعب دورًا له دلالته في نمو التعلق والاحتجاج على الانفصال.