الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإنه عادة يجد صعوبة كبيرة في إنجاز ما يعتبر عملًا بسيطًا. وأحيانًا لا يستطيع أداء هذا الواجب بالمرة، وإن كان كثير من الأطفال يستطيعون أداءه بمهارة على كلا القدمين اليمنى واليسرى. وبالنسبة للأطفال الأكبر، فإن هذه المهمة تعتبر بالطبع أسهل كثيرًا، ولكننا نلاحظ الآن عدم تناظر جانبي، أن معظم الأطفال يستطيعون القفز بخفة عظيمة على القدم اليمنى، ولكن بدرجة أقل بكثير على اليسرى. ويحتاج الأمر لمزيد من الوقت لكي يتمكنوا من التكيف مع هذه اللاتناظرية الجديدة، ولكنهم ينجحون في النهاية.
ويجب أن نلاحظ أن الواجبات "المهام" القليلة التي وصفناها تتعلق بالنمو العصبي والعضلي العصبي. وتتوقف صحة تشخيصاتها، جزئيًا على سن الأطفال الذين يجري عليهم الاختبار. مثال ذلك أن اختيار بندر جشطلت لا تكاد تكون له قيمة تشخيصية مع الأطفال في سن العاشرة، ذلك لأنهم جميعًا يستطيعون أداء هذا الواجب، أي لا توجد تنوعية. وبصفة عامة: فإن لهذه الواجبات قيمة قصوى عندما يكون السلوك متوقعًا أن يظهر أولا. وبالنسبة لواجبات "مهام كيفارت" Kephart وواجبات الرسم، والنقل "إعادة الإنتاج" فإن العمر يكون من 5-9 سنوات. وكثير من هذا الواجبات تكون جزءًا مما يعرف بواجبات الاستعداد للقراءة وهي التي تستخدم كثيرًا في المدارس: ونعود ونكرر القول بأنه ما من واجب واحد أو طريقة واحدة تخلو من الخطأ. من ثم فإن الكثير من الواجبات هو الذي يجب أجراؤه.
العوامل المؤثرة في النمو الحركي:
يعد السلوك الحركي حصيلة للعوامل الوراثية والجسمية والبيئية التي تؤثر في الطفل ويمكن حصر العوامل المؤثرة في النمو الحركي للطفل فيما يلي:
1-
الحالة الصحية والفسيولوجية:
ويقصد بها التاريخ الصحي للطفل ومقدار الرعاية الصحية المتاحة، والعيوب الجسمية، والإصابة بالأمراض "إن وجدت"، وظروف الولادة، واتزان إفرازات الغدد، ومدى سلامة الأجهزة العصبية والهضمية والدورية.. وما إلى ذلك.
ويوجد ارتباط بين حالة الطفل الجسمية وصحته العامة من ناحية ونموه الحركي من ناحية أخرى: فالأطفال الذين يستمتعون بصحة جيدة يبكرون في نموهم الحركي عن الأطفال الذين في مثل سنهم ولكنهم يعانون من ضعف في الصحة بسب الأمراض وسوء التغذية إلى غير ذلك.. أما الأمراض الخطيرة والعمليات الجراحية وسوء التغذية ونقص الفيتامينات والكالسيوم والفسفور الذي يسبب الكساح فإنه يؤثر على نمو المهارات الحركية: كالقبض على الأشياء والجلوس والوقوف والمشي
…
كما يلاحظ أي نقص أو اضطراب في الحواس خاصة حاسة البصر سوف يؤخر النمو الحركي للطفل. فالطفل الكفيف بسبب عدم تعرضه للاستثارة الكافية لخوف الوالدين عليه فإنه يكون خجولًا متهيبًا السلوك الحركي.
2-
الذكاء:
توجد علاقة طردية بين الذكاء والنمو الحركي خاصة في السنوات الأولى من حياة الطفل، ومن هنا كانت كثرة البنود العملية في اختبارات الذكاء وخاصة في الاختبارات الخاصة بالسنوات الأولى حتى الخامسة، ولذا كان الموهوبون والمتفوقون في الذكاء أكثر نشاطًا وحركة وتفوقًا في الأداء الحركي والمهارات الحركية، كما وجد أن الأطفال الذين يتأخرون في عمليات النمو المختلفة مثل الجلوس والوقوف والمشي متأخرون أيضًا في عطائهم الذهني.
3-
التدريب والتعلم:
يلعب التعلم والتدريب دورًا كبيرًا في النمو الحركي في الطفولة، حيث يساعد على اكتساب الأطفال الدقة والاتزان في أداء المهارات الحركية.. فلا يفيد في اكتساب المهارات الحركية مجرد ملاحظتها أو التعرف على الحركات المطلوبة لأدائها معرفة نظرية، بل لا بد من ممارستها والتدريب عليها حتى يتحقق تعلمها.. فالطفل يحتاج إلى التدريب والتعلم ليتمكن من ركوب الدراجة بنفسه وممارسة عملية الإمساك بها وتوجيهها بالأيدي ودفع العجلات وتحريكها بالأرجل وغير ذلك من الحركات الضرورية قبل أن يتحكم في ركوب الدراجة.
4-
النضج:
يقصد بالنضج وجود أنماط سلوكية تحدث نتيجة عملية نمو داخلية لا علاقة
لها بالتدريب أو أي عامل خارجي آخر إذ يرى جيزل Gesell أن الجهاز العصبي ينمو وفقًا لخصائصه الذاتية، ومن ثم تنشأ عنه أنماطًا أولية من السلوك تحددها عوامل الإثارة في العالم الخارجي وليس للخبرة علاقة خاصة بها.
وعلى هذا: فكلما كان الطفل على درجة من النضج احتاج إلى قدر أقل من التدريب للوصول إلى درجة معينة من الفاعلية أو الكفاءة في أداء المهارات الحركية ويلاحظ أن تعليم الطفل المهارات التي تتطلب تآزر العضلات الصغيرة الدقيقة قبل أن تنضج العضلات الكبرى لديه يؤثر عادة على اكتساب المهارة: فتعلم الكتابة يعتمد على نضج وتآزر العضلات الكبرى قبل التفصيلية، لذلك كان تعلم الكتابة قبل السيطرة على العضلات الكبرى قد يفقد الطفل الثقة في نفسه، ويؤثر اكتساب المهارات اللازمة لذلك ومن ثم كان لزامًا أن نهيئ الفرص للطفل للشخبطة والتلوين حتى ينضج لديه التوافق بين وظيفة الإبصار وحركات الأصابع.
5-
المثيرات البيئية:
وإذا كان النضج عملية داخلية ترجع إلى التركيب العضوي للطفل إلا أنه متوقع تحت شروط البيئة والعوامل الخارجية، حيث يتوقع من الطفل -إذا توافرت هذه الشروط الخارجية- أن يتبع خطأ معينًا من النمو الحركي، ويصل إلى مستويات معينة خلال هذا النمو.
وعلى هذا: تلعب المثيرات البيئية دورًا فاعلًا في التأثير في السلوك الحركي للأطفال وفي تحديد المستوى الذي يمكن أن يبلغه الطفل في نموه الحركي.. ففي دراسة قامت بها دينيس Denes حول العوامل التي تعجل وتؤخر النمو الحركي عند الأطفال لاحظت أن الأطفال الذين تأخروا في النمو الحركي لم ينالوا الرعاية المناسبة ولم يتعرضوا للمثيرات التي تيسر النمو الحركي، فلم يساعدهم أحد على أداء المهارات الحركية، ولم يزودهم أحد بأية تغذية راجعة هادفة
…
أما الأطفال الذين لقوا عناية مناسبة، وكان المشرفون يقدمون لهم العون المناسب في الوقت المناسب قد تمكنوا من إتقان المهارات في وقت أقصر وبصورة أفضل مما جعل "دينيس" ترجع التأخر في تعلم المهارات الحركية إلى عدم توافر الفرص المناسبة لتعلمها، كما دعاها إلى تحذير المربين من الاقتصار على عامل النضج كعامل وحيد في النمو الحركي وشددت على ضرورة الاهتمام
بالعوامل البيئية في عملية تطوير السلوك الحركي للأطفال، وانتهت إلى أن الأطفال الذين لم يتعرضوا لبيئة غنية بالخبرات البصرية وغيرها من المثيرات الحية الممتعة لم يتمكنوا من النهوض والحركة بالمقارنة مع غيرهم من الأطفال الذين توافرت لديهم البيئة المادية المناسبة.
6-
المعاملة الوالدية:
كثيرًا ما يفضل الآباء والمربون الأطفال الهادئين الذين لا يقومون بأية حركات تزعجهم وتعكر صفو جلستهم وتعليماتهم، ويلجأ البعض إلى فرض القيود على حركات الأطفال فيحولون بين هؤلاء وبين التعبير الحر عما في داخلهم من نشاط وحيوية، ومما لا شك فيه: أن مثل هذه المواقف من النشاط الحركي للأطفال لا يعود بالخير على الأطفال أنفسهم بل على العكس من ذلك: فقد تؤدي مثل هذه الاتجاهات إلى كبت الأطفال وإحباطهم، ومن ثم إعاقة نموهم وتطورهم الحركي وسيكون لهذه الإعاقة انعكاسات سلبية على فرص النمو في الجوانب الأخرى ولا سيما الجوانب الاجتماعية والعقلية.
ومن ثم: فإنه ينبغي على الأباء توفير عوامل الإثارة والحفز والتشجيع المادي والمعنوي للطفل قبل وفي أثناء وبعد ممارسة ألوان السلوك الحركي المختلفة، بدلًا من كبح السلوك الحركي للطفل.
7-
الحالة الانفعالية للطفل:
ومن العوامل الأخرى التي تؤثر على النمو الحركي شخصية الطفل وحالته الانفعالية:
- فحياء الطفل الزائد يقضي على روح الإقدام.
- والطفل المضطرب نفسيًا دائم التردد في القيام بعمليات فيها تجديد ويهاب التجريب عادة.
- أما عدوان الطفل واندفاعه فيؤثر على اكتساب الدقة والرشاقة والاتزان في العمليات التي يقوم بها.