الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الغيرة
مصادر المواقف التي تنشأ عنها الغيرة
…
3-
الغيرة:
Jealousy:
تقول اليزابيث هيريوك Elzabeth Hurlock "1978" عن الغيرة أنها "استجابة طبيعية لما يهدد بفقدان المحبة سواء كان هذا حقيقيًا أو متوهمًا. وتؤدي إلى شعور بالنفور والكراهية نحو الأشخاص، ويمتزج الغضب بالخوف في النمط الانفعالي المعروف "بالغيرة". لذلك فإن الغيرة كانفعال تثار دائمًا في مواقف اجتماعية متمثلة في البيئة الأسرية والبيئة المدرسة وما يساندهما في عملية التنشئة الاجتماعية للطفل من نادي أو منظمة، وحتى الجيرة والشارع بما تحويه هذه البيئات من علاقات تأثير وتأثر وأدوار ومكانات. كما أن الغيرة تتأثر بسن الطفل من خلال الاستجابات الظاهرة المعبرة عن هذا الانفعال.
ففي حين تكون استجابات الطفل الصغير مباشرة متمثلة في العدوانية الصريحة. تكون استجابات الأطفال الأكبر سنًا غير مباشرة وتتباين تبعًا للموقف ولسن الطفل. هذا وتبلغ الغيرة ذروتها في سن الثالثة من عمر الطفل ثم تنحدر، ثم تأخذ في التزايد ثانية حتى تبلغ الذروة في سن الحادية عشرة "قبل البلوغ مباشرة".
لقد لقي انفعال الغيرة، مثله في ذلك كمثل الغضب، اهتمامًا كبيرًا، غير أن معظم الدراسات التي أجريت حوله كانت وصفية. ومن الغريب أننا نفهم جيدًا التأثيرات السياقية والمعرفية على الغيرة إلا أن معرفتنا بردود الفعل الفسيولوجي ما يزال قاصرًا. وقد اقتراح بعض الباحثين: أن الغيرة ليست في الواقع انفعالًا حقيقيًا لأنها تفتقر لأي رد فعل فسيولوجي، وهذا الافتراض يعكس تعريفًا متزمتًا وضيقًا للانفعال. غير أن أي قارئ يكون قد خبر الغيرة أو لاحظها في الآخرين يعرف أن غياب أي ردود فعل فسيولوجي يمكن تحديدها لا يؤدي إلى اختفاء الغيرة، وأن الموقف الذي يثير انفعال الغيرة هو موقف اجتماعي على الدوام.
مصادر المواقف التي تنشأ عنها الغيرة:
وهناك ثلاث مصادر للمواقف التي تنشأ عنها الغيرة، وتختلف أهمية كل منها باختلاف سن الطفل هي:
1-
معظم حالات الغيرة منبتها الأسرة homegrown: من المحتمل أن تكون الغيرة بين الأطفال قد لقيت من غير العلماء اهتمامًا كبيرًا مما لقيته من علماء النفس المهنيين "والواقع أن كثيرًا من الافتراضات الحالية حول الغيرة لدى الأطفال تستند على دراسة واحدة فقط أجراها سيول Sewall "1930" وقد تضمنت "40" ولدًا و"30" بنتًا تتراوح أعمارهم بين "12، 70" شهرًا، في الوقت الذي ولد لهم فيه شقيق جديد. وثمة صعوبة في دراسة الغيرة، وهي كيف نعرفها. ودراسة سيوال Seawall توضح هذه المسألة بعدم تقديم تعريف حقيقي للكلمة، وإن كانت السلوكيات التالية قد ضمنت على أنها تمثل الانفعال:
أ- الاعتداء البدني على الشقيق الوليد.
ب- تجاهل وجوده.
جـ- إنكار وجوده.
د- تغيرات محددة في الشخصية عند الشقين الأكبر عند ولادة شقيقه الأصغر.
هذه الدلالات على الغيرة يبدو أنها تتفق وتعريف لازاروس Lazares للتقييم الدال على ضرار أو أذى في المستقبل. وقد كان الأطفال موضوع الدراسة ينتمون إلى أسر تتراوح بين الطبقة الدنيا والمتوسطة والعليا. وكانت المعطيات قد جمعت من خلال دراسة سجلات الحالات الإكلينيكية، والملاحظات الشخصية والاتصال الأسرية المباشرة، فأبدى "39" طفلًا من بين السبعين "أكثر من 50% بقليل" سلوكًا واحدًا على الأقل من الأربع سلوكيات التي ذكرناها والدالة على الغيرة. وكانت معظم حالات الغيرة قد اتخذت شكل هجمات بدنية على الشقيق الأصغر، 67% من السلوكيات التي سجلت كانت من هذا النوع". أما الثلاث مظاهر الأخرى فلم تسهم بقدر يذكر في حدوث الغيرة. ولعل ما له أهمية أكبر هي المتغيرات التي تبدو أنها تفرق بين الأطفال الذين أظهروا غيرة والذين لم يظهروها. وسواء كان الأطفال قد أخبروا أن ثمة وليدًا سوف يأتي، فإن ذلك لم يكن على ما يبدو تأثير على غيرة الطفل. وكانت الغيرة بدرجة أقل عندما كان
الوليد مرغوبًا فيه من الوالدين. ومن المتغيرات التي كان لها التأثير على الغيرة عدد الأشقاء الموجودين فعلًا في الأسرة. فعندما كان للأسرة طفلان من قبل كانت حالات الغيرة أكثر، ولكن عندما كان للأسرة ثلاثة أطفال أو أكثر لم يكن لعدد الأشقاء تأثير على الغيرة.. ولعل أهم العوامل الملفتة للنظر هو سن الطفل عند ولادة الشقيق الجديد: لقد حدثت الغيرة كثيرًا في سن ما بين "18، 42" شهرًا. ومن المصادفة أن الطفل قد يكون أكثر استعدادًا لإظهار سلوكًا أكثر سلبية ومقاومة في تلك المرحلة من العمر. وبالتالي يصبح أسهل استثارة بوجود المولود الجديد. وثمة تفسير آخر معقول أيضا لهذا التأثير بالسن هو: أن الأطفال في سن ما بين "18، 42" شهرًا يعتمدون كثيرًا على والديهم فيما يختص بمتطلباتهم الجسمية والانفعالية. وهكذا يشعرون بتأثير مولود جديد بدرجة أكثر قوة. وقبل أن يبلغ الطفل شهره الثامن عشر. فإن الوالدين يستطيعان التقليل من اهتمامهما به. ولكن بعد الشهر الثاني والأربعين. فإن الطفل كثيرًا ما يقل اعتماده عليهما في الوفاء باحتياجاته الجسمية والانفعالية.
وثمة متغير آخر حاسم وهو: التغير الذي يبدو أنه يحمل قدرًا كبيرًا من المعنى النفسي ذلك هو استمرار الحزم. إن أولئك الآباء الذين قد قرر الإكلينيكيون بشأنهم أنهم دأبوا على استخدام الحزم في تنشئتهم لأطفالهم. قد واجهوا حالات من الغيرة أقل بشكل ملموس. في حين أن الآباء الذين لم يظهروا القدر الكافي من الحزم "السلوك الذي يعتبر معقولًا اليوم. يعاقب عليه في اليوم التالي". واجهوا حالات من الغيرة أكبر بشكل ملموس. وإذا أخذ الدأب على الحزم كدليل على التوافق الأسري فإن أفضل دليل على الغيرة -أو أهم سوابق الغيرة- يمكن أن يكون هو مستوى التوافق في الأسرة بما في ذلك الطفل قبل قدوم المولود الجديد. وهذا التفسير يبدو معقولًا جدًا إذا تذكرنا أن أقوى دليل على الغيرة كان هو الاعتداء البدني على المولود الجديد ودراسة سيوال Seawall، ودراسات أخرى أيضًا "Jevry، 1966 Smally، 1970 Paldurn، 1977" لم تكشف عن أية وسائل مقررة لمنع الغيرة. وطبقًا لرأي كثير من الباحثين فإن الانفعال يتضمن عنصرًا معرفيًا له دلالته.
وليس لدينا دليل قاطع عن أي المثيرات هي التي يستجيب لها الطفل. وهذه الدراسات تعرض فعلًا. عنصرًا معرفيًا هامًا هو: أن الأشقاء الأصغر والأكثر ذكاء يظهرون غيرة أشد مما يظهره الأشقاء الأقل ذكاء. وعلى ذلك فالأخ الأصغر والأكثر ذكاء في نفس الوقت قد يقرر الموقف على أنه أكثر ضررًا للذات، أكثر مما يقدره الطفل الأقل ذكاء. ومهما يكن من أمر فإن الأسر التي تعيش في جو أكثر توافقًا وثقة يمكن ألا تولد مزيدًا من الغيرة لدى الأخ الأكبر، علاوة على ذلك: فحيثما وجد مثل هذا التوافق وتلك الثقة، وحيث يكون عدد الأطفال كبيرًا فإن احتمال ظهور الغيرة يقل كثيرًا. وأخيرًا فإن معطيات سيوال Seawell تقترح أنه من الواجب على الوالدين أن يراعيا ألا يكون الأخ الأكبر من المولود الجديد بنحو من "18-42" شهرًا.
إن الأمر يتطلب عددًا كبيرًا من الأبحاث عن كيفية تكون الغيرة. إن الراشدين الذين خبروا الغيرة يقررون أنهم شعروا بالغضب أو بالخوف في ذلك الوقت. ولكنهم في ذلك يعتمدون على ذاكرة طويلة المدى وقد لا يتذكرون