الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: نمو الإدراك الحسي
الإدراك الحسي فطري أم متعلم
…
الفصل الثلث: نمو الإدراك الحسي
الإدراك الحسي فطري أم متعلم:
نبدأ بحث موضوع الإدراك الحسي بقضية سادت الكثير من مناقشات الإدراك ونموه هي: ما إذا كانت العمليات الإدراكية سابقة التحديد فطريًا، أم إنها متعلمة طبقًا لمبادئ سلوكية المثير الاستجابة "S/ R"؟
حتى عهد قريب كان ثمة نموذجان نظريان لنمو السلوك الحسي/ الحركي والإدراك الحسي:
الأول: هو ما يمكن أن نسميه استعداد النمو Growth- readiness model الذي اقترن في الماضي بأسماء علماء نفس أمثال ستانلي هول "1921" وأرنولد جيزل "1928" وغيرهما ويقرر -باختصار- أن أنماط نمو منظمة معينة لا بد وأن تظهر قبل أن يستطيع التعليم الإسهام بفاعلية في الارتقاء، وأكبر دليل لهذه النظرية يأتي أساسًا من دراسات نمو الوظائف الجسمية والحركية في الأطفال الصغار، كما أن نتائج الدراسات تفسر بأن التدريب على أداء حركي ما ينبغي له أن ينتظر إلى أن يصبح الصغير مستعدًا بحكم النضج Maturationally ready قبل أن يشرع في نظام التدريب المؤدي إلى البراعة المنشودة. "كمال دسوقي، 1979، 417".
ويطلق على هذا النموذج الخلقية أو الاستعداد الفطري الكامن، ويركز على أن الطفل محرك نشط للبيئة.
والثاني: هو النموذج المؤيد للتعلم ويشار إليه بالتجريبية، وهو عادة يفترض أن الطفل يتلقى الإثارة الخارجية بسلبية، وتحكمه الأحداث البيئية، ومن ثم: فإن الإدراك الحسي متعلم وفقًا لمبادئ التعلم، ومن ثم تحولت الدفة إلى دراسة تعلم الوليد والطفل في السنة الأولى من العمر الحركات وتعلم الكلام والإحساس والإدراك، ومن ثم: كثرت الاتجاهات النظرية التي تصف الإدراك الحسي والنمو العقلي الإنساني كنظرية التعلم التراكمية Cumulative learning model؛ فالادراكات المركبة تتكون من ارتباطات المبادئ الأبسط التي تكونت بدورها من اقترانات المفاهيم
الكلية Concepts التي تتطلب هي أيضًا سبق تعلم التميزات، وهي بدورها تكتسب على أساس سلاسل واقترانات سبق تعلمها، وبتبسيط أكثر: فإن أحد أطوار النمو الإدراكي يتوقف على ما يعرفه الطفل من قبل، وكم لا يزال يجب عليه أن يتعلم لكي يتحقق هدفًا خاصًا، وليست أطوار النمو مرتبطة بالسن إلا بمعنى كون التعلم يستغرق وقتًا، وهي ليست مقترنة بالتراكيب المنطقية إلا من حيث أن ربط إمكانات سابقة في قابليات جديدة يحمل في باطنه منطقه الفطري الخاص "كمال دسوقي: 1979، 419-420".
وموقفنا هو أن المبادئ العامة للنمو تميل نحو وجهة النظر الخلقية لأن النمو غير توجيهي ويميل للحدوث في تتابع ثابت نسبيًا، ومن جهة أخرى فإننا لا ننكر أن الأحداث البيئية تعتبر حاسمة، ونحن نوافق على الإدعاء بأن كثيرًا من مظاهر السلوك الإنساني هي نتيجة للتعلم.. والواقع أن هذا الوضع يعيد التمييز الذي رأته ماكجرو Mc-Graw بين الأنشطة الفطرية والأنشطة المكتسبة، حيث أوضحت ببراعة أن الأحداث الخارجية ليست ذات أهمية نسبيًا في الأنشطة الفطرية ولكنها مهمة جدًا في الأنشطة المكتسبة.. ورأينا بصفة عامة هو أن الطفل أو التركيب العضوي محرك نشط للأحداث البيئية، ويبدي أنماطًا نمائية في تحريكه لتلك الأحداث. وقد ذكر هوريتز Horowitz "1975 ص2" هذا الموضوع بوضوح:
"لا تكاد توجد اختبارات حاسمة لأحد الموقفين تجاه الآخر.. إنه لمن المعقول جدًا أن ننظر إلى الطفل حديث الولادة كمحرك نشط للبيئة مع تتابع نمائي خاص بالجنس يكمن في ظهور استراتيجيات إجرائية معينة، وفي نفس الوقت ننظر إلى إدراك الطفل في ضوء نوع التحكم في المثيرات البيئية الذي يتمثل في النماذج التقليدية للارتباط.. ومن المحتمل أن يصبح دون الارتباط الشرطي متزايدًا في التعقيد مع تقدم النمو.. والواقع أن بنك المعطيات الخاصة بنمو الأطفال حديثي الولادة قد يصبح قريبًا كافيًا لتكامل جدي بين طريقتي المعالجة مما قد يعود بنا إلى التعقل عند نظرتنا إلى نمو الطفل".