الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
جماعة الأقران:
تكون الأسرة في بداية حياة الطفل مسئولة عن تنشئتة الاجتماعية وتعليمه أساليب مجتمعه، فإذا ما ذهب إلى المدرسة يشارك المعلمون الآباء في عملية التنشئة الاجتماعية، وكلما كبر الطفل وزادت مشاركته الاجتماعية، بتفاعله مع الآخرين تحتل جماعة الأقران مركزًا هامًا في التأثير على سلوكه، إذ يصبح هؤلاء الأقران وسيلة لإظهار التقبل أو النبذ، وبالتالي الإثابة أو العقاب وتشكيل سلوك الطفل في الاتجاه الذي ترغبه الجماعة، ومع مده بالنموذج الذي يجب عليه أن يحتذيه إلا أننا يجب أن نشير إلى أنه بالرغم من أهمية جماعة الأقران في تشكيل سلوك الطفل إلا أن تأثير هذه الجماعة لا يحل محل دور الآباء والمعلمين وغيرهم من الكبار إلا بعد بلوغ الفرد سن النضج. وتتم عملية التحول تدريجيًا من الوقوع تحت تأثير الآباء إلى الوقوع تحت تأثير الأقران. وتوجد بذور الانصياع "الامتثال" لضغوط الأقران في الاعتماد الأولى للطفل على الأم، وكلما كبر الطفل زادت حاجته للانتماء لجماعة الأقران مجزيًا ومثيبًا والابتعاد عنهم فيه عقوبة، ويمتص الطفل معايير جماعة الأقران ثم يحكمها في نفسه. ويميز رايسمان Reisman بين ثلاثة أنواع من الناس حسب مدى الانصياع للآخرين والضبط الاجتماعي للسلوك وهذه الأنماط هي:
1-
الأشخاص الذين توجههم التقاليد، وهؤلاء الذين تتحكم في سلوكهم المعايير الاجتماعية والعرف.
2-
الأشخاص الذين يتحكم في سلوكهم ضبط داخلي أساسه المعايير الشخصية.
3-
الأفراد الذين يتوقف سلوكهم على توجيه الآخرين لهم أي الجماعة التي يجد نفسه فيها. ويرى كولمان Coleman "1971" أن جماعة الأقران تحقق ثلاث وظائف تؤثر في شخصية الطفل:
أ- معظم جماعات الرفاق تنقل ثقافة المجتمع إلى الطفل بصفة عامة، فهذه الجماعات تعكس مجتمع الكبار وتدعم معظم معتقداته وقيمه وأنماط السلوك السائدة فيه.
ب- يعمل عالم الأقران كما لو أنه محك مراجعة للواقع، فإذا كانت الأسرة مثلًا تتبع في تنشئة الطفل أسلوب يقوم على التدليل والحماية الزائدة، فإنه يتعرض لصعوبات في التوافق مع الأقران الذين يواجهونه بعدم تقبلهم له بشكل صريح أو حتى بشكل فظ. وغالبًا ما يتعرض هذا الطفل من الأقران لأحكام ناقدة أو ساخرة لسلوكه غير المرغوب بالنسبة لجماعتهم. لذلك كثيرًا ما يكون لعالم الأقران تأثير تقويمي أو ترشيدي لسلوك الطفل.
جـ- تساعد جماعة الأقران الأطفال على أن يحققوا الاستقلال الانفعالي وخاصة في مرحلة المراهقة. وجماعة الأقران تتيح الفرصة للطفل ليتعلم كيف يتفاعل مع زملائه في السن، وكيف يعالج ما يشعر به من كراهية أو عداوة وما يرغب فيه من سطيرة، وكيف يتعلم التواصل مع الآخرين بالأخذ والعطاء والاحترام المتبادل، وكيف يتبادل الأدوار في الجماعة بالقيادة أو التبعية، وهكذا يتعلم الطفل من تفاعله مع أقرانه بعض مهارات التعامل الاجتماعي مع الآخرين وفي مقدمتها الإدراك والفهم الوجداني للآخرين Empathy وتقدير مشاعرهم والتعاطف الوجداني معهم Symathy وفي الواقع فإن تأثر جماعات الأقران على الأحكام الأخلاقية لدى الأطفال وفي مرحلة المراهقة بالغ الأهمية، وهذا ما كشفت عنه دراسات بيك وهافجهرست "1960".
إن جماعات الأقران تمنح الثواب والعقاب لأعضائها قياسًا إلى سلوكهم الخلقي: فأولئك الذين يبدون أمانة ومسئولية وإخلاصًا وودًا وانضباطًا "ذاتيا" يلقون إثابة
…
وتوفر جماعة والأقران أساسًا لتعلم الولاء الاجتماعي، فلما كانت جماعة الرفاق هي أول جماعة اجتماعية يقابلها خارج أسرته، فإنها تميل إلى أن تحدد اتجاهاته نحو الجماعة الاجتماعية بصفة عامة. ويتوقف ولاء الفرد للوطن والمجتمع المحلي وللجماعة المهنية أو جماعة العمل إلى حد ما على تعلم الولاء للجماعات الأصغر وفي مقدمتها الأسرة وجماعة الأقران. وتساعد جماعات الأقران الطفل على أن يتبنى أساسًا سليمًا للسلوك الخلقي، ويعني الأساس السليم