الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6-
السلوك الإدراكي الحركي:
من أهم سمات النمو الإدراكي لدى الأطفال هي الصعوبة التي يواجهونها في نسخ الأشكال. والمشكلة التجريبية المتميزة تتضمن نسخ أشكال هندسية مثل الدائرة والمربع والمعيّن والترتيب الذي تنتظم فيه هذه الأشكال يقترب من ترتيب الصعوبة التي يواجهها الأطفال في نسخ هذه الأشكال.
شكل "50" إن اختبار "رسم رجل" يعتبر مقياسًا لقدرة الطفل على تمثيل الجسم البشري.
والنقط "الدرجات" في هذا الاختبار وفي اختبارات معامل الذكاء مرتبطة.
وكما سبق أن رأينا، فإن الأطفال في سن الثانية أو حتى قبل ذلك، يستطيعون التمييز بين هذه الأشكال بل ويمكنهم عنونتها بدقة. ورغم هذه القدرات، فإن الأطفال الصغار لا يستطيعون نسخ الأشكال. والتفسير الشائع لهذا القصور هو أن نموهم العضلي ضعيف أو أن قدرتهم الفنية ضعيفة. وقد يكون ذلك تفسيرًا صحيحًا جزئيًا تبعًا لما نعنيه بالقدرة الفنية، ولكن من المؤكد أن عدم القدرة على نسخ الأشكال لا تنتج عن نقص في السيطرة الحركية. وعادة يقال مثلًا أن الطفل عندما يطلب منه أن يرسم رجلًا "وهو اختبار ما يزال شائع الاستخدام في اختبار الذكاء" فإن عدم دقة الرسم هي نتيجة لضعف القدرة الفنية. والواقع أن الصورة غير سليمة التكوين لشخص تدل على شيء أكثر أهمية: إنها تكشف عن مستوى الطفل في التمثيل المعرفي للشكل الإنساني، وتفسير السبب في حدوث تتابع الأحداث لا يمكن تقديمه عن ثقة، ولكننا سوف نستطلع المفاهيم التي نشك في أنها أساس الموضوع.
واقتراح ماكوبي وبي "1965" Maccoby & Bee أن الطفل لكي ينسخ صورة وجه عليه أن يهتم بمزيد من السمات المميزة للنموذج ويستوعبها أكثر مما عليه أن يميز هذه الصورة عن غيرها من الصور. وعلى ذلك مثلًا يستطيع الأطفال أن يرسموا دوائر في وقت مبكر عن قدرتهم على رسم المعين. ورأى ماكوبي Maccoby & Bee يتفق وهذا الفرق في النمو: أن رسم الدائرة يتطلب القدرة على رسم الشكل العام ثم يصل بين النقطتين. أما نسخ معين فيتطلب الاهتمام بأربعة أركان وهي الأركان التي يتطلبها رسم المربع ولكن أركان المعين تقع على زاوية 45 درجة في الفضاء. ولذلك وعلاوة على الأربعة أركان التي في المعين، فهناك أيضًا مشكلة تمثيل المعين في الفضاء. هذه كلها إشارات يجب الاهتمام بها واستيعابها قبل أن تنجح عملية النسخ.
ولا شك في أن التفسير يتفق والمعطيات ولكن من المحتمل أنه لا يأخذ في الاعتبار بعض المعطيات الأخرى التي لم تكن متيسرة في الوقت الذي قدم فيه هذا
التفسير. وفي كتاب لأولسون "1970" Olson يبحث في اكتساب الأطفال للقدرة على نسخ أو تكوين شبه منحرف، أو ما أسماه باكتساب الانحرافية، وافق "أولسون" على أنه بينما لا يجد الراشدون صعوبة تذكر في رسم شكل شبه منحرف، فإن واجب الأطفال في هذه الحالة يتطلب وقتًا طويلًا، ويبدو أنه صعب بالفطرة. وعند تحليل رأي ماكوبي وبي Maccoby، Bee ميز أولسون Olson بين "الفضاء الإدراكي، واللافضاء التمثيلي". فالفضاء الإدراكي يتضمن قدرة الطفل في التعرف على المربع كشكل مختلف عن المثلث، في حين أن الفضاء التمثيلي يتضمن مسألة ما إذا كان الطفل يعرف مم يتكون المربع. وفي تقديم رأيه: يذكر أولسون "1970- ص74" Olson رأي بياجيه وانهلدر "1956" Piaget & Inheler وأن حقيقة كون الأمر يتطلب عامين على الأقل من العمل للانتقال من نسخ المربع إلى نسخ شكل المعين يدل بوضوح على أنه لتكوين شكل إقليدي، يتطلب الأمر أكثر من مجرد انطباع بصري سليم". وعلى ذلك فإن الرسم هو في الواقع مؤشر على الطريقة التي يتمثل بها الطفل الفضاء "الإدراك المكاني"، وهذه الخاصية. كما ذكر سيجل وهوايت Siegl & White في مناقشتهما، قد تكون مسئولة عن الصعوبة التي يواجهها الأطفال في تناول الكثير من الأشكال الهندسية التي يطلب منهم نسخها. ويجب أن نلاحظ أن الشكل شبه المنحرف الذي ذكره أولسون Olson، ورسم المعين أمر صعب، وفي الواقع أن المعين يمكن النظر إليه كمجموعة من منحرفين. وعلى ذلك فإن الانحرافية لا بد وأن يكون لها من السمات ما يجعل رسمها صعبًا.
وفي ختام هذا الفصل، يمكننا أن نعود إلى وجهات النظر الآلية مقابل وجهات النظر العضوية لتقييم علاقتها بالنمو الإدراكي. والدليل المقدم يؤيد الاعتقاد بأن التركيب العضوي سابق البرمجة ليكون باحثًا نشطًا عن الإثارة البيئية. أن كثيرًا من القدرات الإدراكية تظهر عند الميلاد أو بعدها بقليل، في حين أن غيرها يتطلب وقتًا وخبرة أكبر للوصول إلى حالة النضج. وبعكس النظريات الأخرى، فإن وجهة النظر العضوية قد غيرت بدرجة كبيرة نظرة علماء نفس النمو ودراستهم للإدراك. وكما ذكر "باور""1966" Bower فإن نظريات الاختيارية