الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مائل بزاوية 45. ورتب عدد الاستجابات الارتباطية للتجارب على المثيرات الأربعة بنفس الترتيب الذي أوضحناه، مع فارق كبير حدث في عدد الاستجابات للمثير الأصلي "ارتباط 1" وشبه المنحرف على درجة 45 درجة "الارتباط الرابع". وقد رأى الباحث أن نتائج هذه التجربة تدل على: "أنه من الواضح أن هؤلاء الأطفال لم يتعلموا الاستجابة بشكل بارز أو شبكي ولكن بشكل إيجابي، يمكن التعرف عليه في اتجاه جديد، وكان إظهارهم لثبات الشكل عظيمًا لهذا الحد""Bower، 1966، 833".
4-
توجيه المثير:
توجيه المثير Stimulus orientation يقصد به الدرجة التي يمكن أن يدار بها شيء على محوريه الأفقي والرأسي ويظل مميزًا بأنه نفس الشيء. والوسائل المتبعة لاختبار توجيه المثير شديدة الشبه بالوسائل التي اتبعها "باور" في دراسة ثبات الشكل. وفي حين كان "باور" مهتمًا بقدرة الأطفال الصغار على التعرف على نفس الشيء، فإن اهتمامنا ينصب على تأثيرات دوران المثيرات على قدرة الأطفال على التعرف على شيء قياسي وسط مجموعة من أشياء أخرى.
وقد يكون من المفيد أن نصف تجربة قامت بها غنت براين "1985" Ghent Braine وفحصت فيها تأثيرات توجيه المثير. لقد استخدمت عينة من أطفال في سن 3 سنوات و5 سنوات، ووضعت المثيرات الموضحة بالشكل "39" في اتجاهات مختلفة، والواقع إنها كانت معكوسة. واعتبرت المثير الذي على هيئة ثقب المفتاح هو المثير القياسي، وطلبت من الأطفال تفحصه جيدًا لأنه سيطلب منهم فيما بعد مناظرته بمثير آخر ضمن عدة مثيرات. وفي أحد العروض قدم المثير ذو الجزء المستدير في أعلاه، وفي عرض آخر جعل الجزء المستدير في أسفله. كما عرض المثلث برأسه إلى أعلى مرة وإلى أسفل مرة أخرى. وكان تحليل الباحثة القائمة بالتجربة هو أن الجزء المستدير لثقب المفتاح ورأس المثلث هما المثيران البؤريان بالنسبة للأطفال في سن ما قبل المدرسة وبالتالي فهما على درجة كبيرة من الإلزام. إن لهذا الافتراض أساس اختباري في تجربة مجانسة العينة" التي أجراها سلاباتيك وكيسن Salapatek & Kessen والتي أظهرت أن الأطفال الصغار يميلون للتركيز أكثر على أركان المثلث. وكما ترى من الشكل، فإن كل مثير له سمات مميزة معينة استخدمها الأطفال فعلًا لتمييز الشكل القياسي عن باقي المثيرات. وعلى ذلك فإن القائمة بالتجربة قدمت المثيرات في الوضع القائم مع جعل السمات المميزة لها في أسفل، وفي وضع مقلوب مع جعل السمات المميزة في أعلى. وعندما كانت النقطة البؤرية في أعلى، افترضت الباحثة أن الأطفال سيبدأون بالتفرس في النقطة البؤرية "في أعلى" ثم يتحرك نظرهم إلى أسفل، وأخيرًا يتفحصون السمات المميزة. وبالعكس فعندما تكون النقطة البؤرية في أسفل "الوضع المقلوب"، فإنهم يبدأون بالنقطة البؤرية وكذلك يتحرك تفرسهم إلى أسفل، وبذلك يتركون السمات المميزة. وقد افترضت غنت براين Ghent Braine "1985" أن الميل الطبيعي للتفرس هو من أعلى إلى أسفل، وعلى ذلك فإن توجيه المثير واستراتيجية التفرس للأطفال الصغار يجب أن يؤديا إلى أداء ناقص في مهمة "مجانسة العينة"، وبصرف النظر عن توجيه المثير، فإن الأطفال الأكبر سنًا كان المتوقع منهم أن يبدأوا عند القمة ثم يتفحصوا المثيرات فحصًا منتظمًا في اتجاه إلى أسفل وبهذه الطريقة يكونون دائمًا متأكدين من ملاحظة المثيرات
المتميزة. ولكن الذي حدث، أن نجاح الأطفال الصغار قد اختلف تبعًا لتوجيه المثير القياسي. وعندما كانت النقطة البؤرية للمثير القياسي في أعلى، أحسن الأطفال الصغار الأداء، ولكن عندما كانت النقطة البؤرية في أسفل كان أداؤهم ضعيفًا، وبذلك فإن توجيه المثير لم يؤثر على الأطفال الأكبر.
وقد أبرزت دراسات أخرى قامت بها غنت براين Ghint Braine نفس النتائج، ولكنها أثارت بعض التساؤلات حول الطريقة. لقد استخدمت في هذه التجارب جهاز التاكستوسكوب "وهو جهاز يعرض صورًا أو جُملًا خاطفة وغير ذلك على شاشة لمدد قصيرة ولكنها موقوتة بدقة". وهكذا فإن سرعة التجربة بهذا الجهاز كانت كبيرة لدرجة لا تتيح أي حركة للعين "Pick & Pick 1970" والتجربة التي أجراها مايروداوير Meyer & Dwyer "1974" تؤيد هذا النقد. لقد أبرز هذان الباحثان مثيرات غنت براين Ghent Braine وعرضاها فوق شاشة
معتمة. وسمحًا للأطفال بتفحص المثيرات لمدة 8 ثوانٍ، وطلبًا منهم أن يتفحصا المثير القياسي بعناية، لأنهم يستخرجونه فيما بعد. وقد قام كل طفل بتفحص كل مثير 4 مرات، مرتان في الوضع القائم ومرتان في الوضع المقلوب، لمدة 8 عروض. وكان الغرض من هذه الدراسة هو تحديد الدرجة التي يستخدم بها الأطفال استراتيجيات تفحصية مختلفة. عندما يقدم لهم أكثر من الوقت الكافي لتفحص مثير، وقد سجلت حركات العين. وكان الأطفال مجموعتين مجموعة من سن 3-7 شهور، ومجموعة من أطفال أكبر من سن 4 سنوات و10 شهور في المتوسط.
وكانت النتائج الأساسية للدراسة هي أنه مهما كان وضع النقطة البؤرية وبصرف النظر عن السن فإن الأطفال كانوا يتفحصون المثيرات إلى أعلى وإلى أسفل بنفس النسبة. ويجب أن نلاحظ أنه لو أن هذين الباحثين قد استخدما واجب "المناظرة مع العينة" لكانت النتائج مشابهة لتلك التي توصلت إليها غنت براين Ghent Braine. وبالتحديد وجد أن الأطفال الأكبر سنًا اهتموا -ثبتوا النظر أكثر- على السمات المميزة أكثر من الأطفال الصغار. وعلى ذلك ففي واجب النقل كان من المحتمل أن يكون أداؤهم أفضل لأنهم كانوا يدركون تلك السمات المميزة.
ومن أكثر الدراسات مكانة عن تمييز الشكل والتوجيه ابتكر جيسون وآخرون Gibson، Gibson، Pick & Osser "1962" عددًا من الأشكال تشبه الحروف مع مجموعة من التحولات لهذه الأشكال، اعتقدوا إنها أما حاسمة أو غير حاسمة في عملية تمييز الحروف الإنجليزية. وقد عرضنا مجموعة المثيرات الناتجة في الشكل "40". ويلاحظ أن البيانات المختصرة في أعلى كل عمود قد مدت لزيادة إيضاح التحويل.
وقد استخدمت هذه المواد المثيرة في عملية "مجانسة مع العينة" مع الأطفال من سن 4-8 سنوات. وقد وضع كل نموذج أصلي على قمة رف عرض يتكون
من 4 صفوف كل منها 13 شكلًا أحدهما يتضمن الشكل الأصلي. وكان على الطفل أن يبحث في المثيرات ويجد الشكل الذي يطابق الشكل الأصلي. وقد لخصنا نتائج التجربة في الشكل "41". وقد أظهرت النتائج ميلًا نحو تناقص عدد الأخطاء كما هو متوقع. وأن بعض التحولات تثبت أنها أكثر صعوبة من غيرها. وقد فسو القائمون بالتجربة هذه النتائج بأنها تدل على أنه عندما يبدأ الأطفال في القراءة في سن حوالي 6 سنوات، فإنهم يتعلمون اكتشاف السمات الحاسمة في المثير. وهذا التفسير العام يتفق مع رأي جيبسون Gibson "1989" في أن الأداء المحسن في واجبات التمييز الإدراكي ينتج عن أنشطة الأطفال التي يواجهون فيها سمات. مميزة للبيئة ويتعلمون كيف يتعرفون على هذه السمات. ومن معطيات هذه الدراسة التي لم تعزز بصفة عامة أن مستوى الأخطاء في الصورة المرآتية المقلوبة "فون - تحت" كان شبيهًا بمعدل تكرار أخطاء الصور المرآتية يمين - يسار. وبصفة عامة، وجد باحثون آخرون أن تحويل الصورة المرآتية يمين - يسار أكثر صعوبة. والطلبة الذين ألفوا حالات الصعوبة في القراءة التي يواجهها أطفال الصف الأول، سوف يدركون أن تمييز اليمين -يسار هو من الواجبات التي يجدها الأطفال صعبة في العادة خاصة عندما يحاولون التمييز بين الحرف qP أو d و b. وقد لاحظ ذلك دافدسون Davidson "1935" الذي وجد أن الأطفال يستطيعون التمييز الرأي للحروف "d و b و q و p" قبل أن يتمكنوا من التمييز الأفقي بحوالي سنتين. وبين جفري Jeffrey "1958" أن الصعوبة في تمييز اليمين - يسار يمكن التغلب عليها بجعل مثيرات التمييز أكثر وضوحًا. وقد عززت دراسات عديدة بعد دراسة جفري Jeffrey النتائج العامة: أن الأطفال يستطيعون تحقيق تمييز يمين - يسار قبل سن 7 سنوات، ولكن فقط من خلال إجراءات معينة.
وقد يكون من المفيد أن ندرك السبب في أن الأطفال يجدون صعوبة في تمييز اليمين - يسار بالمقارنة بالتمييز فوق - تحت. وقد وصف بيك وبيك Pick، Pick "1970 ص81" هذا الموضوع وصفًا رائعًا:
"إن كلا التحولين "يمين - يسار، وفوق - تحت" يقدمان عادة في الترتيب الأفقي، وهذا مما يجعل مقارنة صور المرأة يسار - يمين أكثر صعوبة. وقد قام سكولر وروزنبيلث Rosenblith، Sekuler "1964" وهتنليشر Huttenlocher "1967" باختبار مثل هذا الافتراض. وقد وجد الأولان تفاعلا
ملحوظًا، كما كان متوقعًا في الموقف المتضمن لأحكام "نفس الشيء/ مختلف" ولم تكنن هناك سوى قياسات قليلة جدًا فيما يختص بالصور المرآتية "فوق - تحت" عندما وضعت في خط واحد أفقي، ولكن الإلتباسات كانت عديدة عندما وضعت رأسيًا ومن جهة أخرى كانت هناك انتشارات قليلة لصور لليمين - يسار عندما رتبت في خط رأسي، وانتشارات كثيرة عندما رتبت في وضع أفقي. ووجد هوتنلوشن Huttenlochen نتائج مماثلة في موقف تعلم تمييزي. إن تعلم التفرقة بين الصور المرآتية يمين - يسار كان صعبًا نسبيًا عندما رتبت الصور أفقيًا أكثر مما كان في حالة ترتيبها رأسيًا. وكان العكس صحيحًا مع الصور فوق - تحت وإن كان حجم الفرق صغيرًا نسبيًا".
وهذا التفسير يدلل على أن الصعوبات القائمة هي نتيجة لطلبات الإظهار المعارضة التي تحدث عندما تكون الصورة المرآتية ووضعها مختلفين وليس عندما يكونا متماثلين. ويبدو أن هذا التفسير معقول جدًا ويدل على مظهر من مظاهر الخبرة الإدراكية يتسم بالصعوبة ولكن في الوقت نفسه ضروري في القراءة.
إن المادة التي قدمناها في هذا القسم كانت مستفيضة وتتسم بشيء من الصعوبة. وبوضع هذه المادة في إطار منظور نمائي عام، نظن أن ثمة موضوعين هامين يبرزان لنا. الأول أن النتائج تدل على أنه في مرحلة مبكرة جدًا من السن، كوّن الأطفال، أو أنه كانت لديهم فعلًا، بعض القدرات الإدراكية الأساسية، بما في ذلك ثبات الحجم وإدراك العميق. علاوة على ذلك، فإنه من الواضع بالأدلة أن بعض الآليات الداخلية تعمل بكفاءة في خلال أيام بعد الولادة، وبهذه الآليات يستطيع الوليد أن يبدأ في تعلم السمات الأساسية التي تكون بيئته. وعلى ذلك، ومن هذا المنظور -كما كان الحال بالنسبة للقدرة الحسية- يستطيع الطفل الصغير أداء عدد كبير من القدرات الإدراكية الأساسية ويستخدمها في تكوين ومعرفة بالعالم أكثر اتساعًا وفهمًا ونضجًا.
والموضوع الثاني الذي يبرز لنا هو إنه لا الرأي الاختباري ولا الرأي الخلقي وحده بكافٍ لتفسير القدرات الإدراكية للطفل. إن بعض الأنماط السلوكية تكون جزءًا وثيقًا من المخزون السلوكي للوليد، في حين أن الأنماط الأخرى يبدو
أنها تحتاج لدرجة كبيرة من الخبرة بالبيئة. ويبدو واضحًا بالنسبة للنتائج التي وصفناها في الفصل الأول عن الحرمان من المثير، أن النمو الطبيعي لأي عملية إدراكية يتطلب تفاعلًا مع البيئة. وعلى ذلك فحتى لو أمكن تبيان أن ثبات الحجم مثلًا كان موجودًا من لحظة الولادة، فإن ثبات الحجم الناضج يظل في حاجة لخبرة مع البيئة، وأن الحرمان البصري الحسي يحرم الطفل من أي وظيفة طبيعية في هذه الناحية.
إن الاستنتاجات السابقة تتفق والآراء النظرية لاليانور جيبسون "1970" التي درست النمو الإدراكي دراسة مستفيضة وهي ترى أن المعلومات عن البيئة تأتي مباشرة من الحواس، ولذلك فإن التعرف على الأشياء والأحداث تتضمن الاكتشاف الإدراكي للسمات المميزة. إن المعرفة الإدراكية للأشياء والأحداث لا
تحتاج لتفسير معرفي. فالمثيرات الضرورية والسمات المميزة المطلوبة لتكوين نماذج عقلية، موجودة في المثيرات نفسها. والنمو يتضمن التعلم لاكتشاف سمات المثيرات التي تكون أقل ظهورًا في البداية. وبعكس نظرية التعود فإن نظرية الكشف detectation theory تعتبر أن النمو يؤدي إلى قدرة متزايدة على تمييز الأشياء والأحداث وإلى تعلم أي السمات هي غير المتغيرة.
ومن السمات الهامة لنظرية "جيبسون" أنها تعتبر الإدراك عملية تكيفية بنفس الطريقة كالمشي. وعلى ذلك فإن الفطرية والاختبارية لازمتان للنمو. إن بعض القدرات الإدراكية "إدراك العمق مثلًا" متيسرة للوليد عند الولادة أو بعد الولادة بقليل، وتعمل على حماية الوليد من أي ضرر جسمى محتمل. والتعلم مطلوب لكي يتمكن التركيب العضوي من الكشف عن السمات الأكثر حسمًا وتكوين تعقيدات للسمات. وترى "جيبسون" أن التعلم ليس من نوع "مثير - استجابة" ولكن ينتج عن إنماء الطفل للقدرة على اكتشاف سمات أكثر. "غير التفرقة المتناهية في الدقة لمجموعات معقدة من الأشياء متعددة الأبعاد يحتل مركزًا عاليًا في الخطة التطورية والنمو، وهي عملية لا يتم فيها التكيف إلا من خلال التعليم" Gibson، 1907، 106. إن إشارتها إلى التعليم تعني أن الأطفال يجب أن يتعلموا أي سمات المثير أو الحادث ذات موضوع وأيها ليست ذات موضوع.
ويجدر بنا أن نلاحظ أن أعمال باور Bower "1966" أوصلته إلى رأي عن الإدراك يشبه نوعًا ما رأي جيبسون Gibson. إن نتائجه، كما رأينا تدل على أن الأطفال حديثي الولادة قادرون إدراكيًا وربما كانت هذه القدرة مساوية لقدرتهم على الحصول على المعلومات من البيئة مثل الكبار. ويعتقد "باور" Bower أن الأطفال حديثي الولادة ليس لديهم القدرة على إعداد المعلومات اللازمة لتناول طاقة المثير. وعلى ذلك فإن العلاقات بين المثيرات والأحداث تصبح واضحة مع تزايد قدرة الطفل المعرفية.