الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعلم الخوف:
رغم أن المتغيرات المعرفية النمائية تلعب دورًا هامًا في تكوين الخوف، فإن لدينا من الدلائل الكثيرة ما يدل على أن الأطفال يكتسبون أيضًا بعض المخاوف المحددة من خلال التعلم: فهناك خمسة أنماط للتعلم تسهم في نمو الأنماط الانفعالية عامة وانفعالات الخوف بصفة خاصة. وتتمثل أنماط التعلم هذه في المحاولة والخطأ، التعلم بطريقة التقليد، وبطريقة التقمص "وفيها يقلد الطفل أشخاصًا بعينهم دون غيرهم بحيث يكون معجبًا بهم أو مرتبطًا بهم ارتباطًا عاطفيًا قويًا"، ثم التعلم بالتدريب، والتعلم بالتشريط أو الاقتران "الارتباط الشرطي".. وبالتجارب المعملية على الحيوانات تبين أنه إذا ما قرن مثير مبدئي محايد، وعدد من المرات مع المثير الضار "كصدمة كهربية مثلًا"، فإن المثير المبدئي المحايد يبدي تجنبًا أو استجابات خوف، متضمنًا تعميم المثير وإخماده. إن تعميم المثير كما يستخدم في الخوف الارتباطي، يعني أن المفحوص يميل لتجنب المثيرات المشابهة للمثير الشرطي، فقد شرط واطسون وراينر Watson Rayner "1920" مثلًا طفلًا في سن 9 شهور للقيام باستجابة انسحاب إزاء قطة بيضاء "أو فأر أبيض"، وبعد ارتباط الخوف، أصبح الطفل يتجنب أيضًا الأشياء الأخرى المشابهة للقطة البيضاء مثل "الأرنب" أو "ذقن بابا نويل" "شكل: 62" إن تعميم المثير يجعل من الصعب عادة تحديد المصدر الرئيسي لبعض المخاوف المحددة لدى الأطفال والراشدين.
وفي دراسة أخرى مشهورة، قام جونز وجونز Jones & Jones "1924" باشراط طفل في الشهر الخامس عشر من عمره ليخاف من أرنب. وقبل الاشتراط كان الطفل يقترب من الأرنب دون أي قلق أو حذر ظاهر، وعند التشريط سمع الطفل صوتًا عاليًا عند لمس الأرنب، كان الأشراط سريعًا جدًا، وكما في دراسة
واطسون وراينر Watson، Rayner، أظهر الطفل خوفًا معممًا من أشياء أخرى ذات فراء وظل الطفل يبدي هذا الخوف لمدة شهر. وفي دراسة لهذا الطفل، استخدم المختبرون وسيلة "التشريط المضاد" counterconditioning لمساعدة الطفل على مخاوفه "خوفه" من الأرنب والأشياء ذات الفراء، فأحضر جونز "Jones" الأرنب موضوعًا في قفص إلى حجرة كان الطفل يجلس فيها وهو يتناول طعامه، وبدأ يعرض الأرنب على مسافة عشرين قدمًا من الطفل، ثم أخذ يقربه تدريجيًا بحيث كانت كل مسافة يقرب فيها الأرانب من الطفل، صغيرة لدرجة لا تسمح بأحداث استجابة انفعالية "إثارة فسيولوجية" للطفل. وبعد فترة قصيرة، اقترب الطفل من الأرنب وأخرجه من القفص.. وبانطلاق الأرنب من القفص أقبل الطفل أخيرًا يلمس الأرنب دون أي رد فعل انفعالي ظاهر. وفيما بعد لن يبد الطفل أي خوف مترسب من الأرنب. واختفت المخاوف من الأشياء الأخرى ذات الفراء. ومن ذلك استنتج جونز "Jones" أن الأشراط المضاد أكثر فاعلية من الوسائل الأخرى مثل الإغراء اللفظي verbal appeal، وعدم الاستخدام disuse، وأبعاد الانتباه distraction، إن إزالة الخوف لا يتحقق دائمًا بنفس السهولة كما فعل جونر Jones. وقد افترض مورر Mowrer "1960"، أن المخاوف يصعب التغلب عليها لأن الإثارة الفسيولوجية الناتجة عن المثير المسبب للخوف تعتبر إثارة لا إرادية. ومن الصعب جدًا السيطرة عقليًا على الاستجابات الإحشائية، ولأن الاستجابات لا إرادية فإنه يصعب الحيلولة دون حدوث دورة:
ولدينا الآن وسائل فنية "لعلاج" كثير من المخاوف. وهذا الإجراء لإزالة الحساسية desensitization يشبه المعالجة التي استخدمها جونز وجونز Jones & Jones فيشجع الشخص على الاسترخاء، أي خفض الشد العضلي، والخطوة التالية في هذا الإجراء هي: تناول الترتيب "المدرج" الهرمي للمخاوف، الأشياء والأحداث المتعلقة بالخوف الأصلي، ودرجة العلاقة تحدد وبشدة خواص تنبيه الانفعال من المثيرات، وهي عادة دالة للتشابه المادي مع الشيء المخيف.. مثل ذلك فإن
الشخص الذي يخاف الثعابين يشعر برد فعل انفعالي شديد عندما يتواجد في حجرة مع ثعبان، وقد يحدث رد فعل أقل شدة إذا كان الثعبان محبوسًا في قفص. وقد يحدث رد فعل أقل أيضًا إذا كان الثعبان يتمثل في صورة، وقد يكون رد الفعل ضئيلًا أو لا يتواجد إطلاقًا إزاء صورة لغابة.. وإجراء إزالة الحساسية يتضمن جعل الشخص ينظر إلى المثيرات "أو يتخيلها" ابتداء من تلك التي في أسفل الترتيب الهرمي. "أي التدرج في شدة المثير تصاعديًا"، فإذا حدث خوف تبعد الصورة ويطلب من الشخص الاسترخاء ثانية.. ويكرر هذا الإجراء إلى أن يكف المثير عن إحداث الخوف.. ويستخدم هذا الإجراء مع كل مثير في الترتيب الهرمي "،Lang 1960 Walpe 1969". لقد نجح إجراء إزالة الحساسية في علاج مجموعة كبيرة من المخاوف.. وأهم سماته -كما في إجراء إزالة التشريط الذي استخدمه جونزو وجونز Jones ،Jones هو الحيلولة دون الشخص وأن يصبح شديد اليقظة الفسيولوجية، وبعبارة أخرى إخماد الاستجابة الفسيولوجية للمثير. كما أن هناك وسيلة ناجحة أخرى، في إزالة المخاوف وهي النمذجة modeling "محاكاة سلوك الغير". فقد صمم بندورا وجرسيك ومنلوف Bandura Gresec & Menlove "1967" أربعة معالجات للتغلب على خوف أطفال ما قبل المدرسة، من الكلاب كما يلي:
أ- أبدى النموذج البالغ الرابعة من العمر سلوكيات جزئية متزايدة نحو الكلب في جو مرح حقلي.
ب- تجلي نفس السلوك الجريء، ولكن في سياق محايد.
جـ- يراقب الأطفال الخائفون، الكلب في سياق شبه جزئي.
د- اختبر السياق المرح فقط ولكن بدون الكلب.
وقد اتضح لهم أن ظروف النمذجة كانت ناجحة جدًا في التغلب إلى مخاوف الأطفال