الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتقاة والتقية اسمان بمعنى الاتقاء. وقال ابن عرفة: أي يكون لهم عهد أو ذمام أو رحم فيخالفون على ذلك ويحاملون عليه. وقيل: تقاة جمع كغزاةٍ ورماة. ولهذين القولين موضع هو أليق من هذا. وأما قوله: {اتقوا لله حق تقاته} [آل عمران: 102] فهو مصدر ليس إلا، ومعناه: اتقوه على نحو ما أمركم ونهاكم. وليس فيه تكليف بما لا يطاق، لنه قل من يتقي الله حق تقاته؛ فإن ذلك لا يوجد إلا في الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ومن لطف الله به ووفقه. اللهم بجاه كتابك وكتبك ونبيك وأنبيائك اجعلنا من الحزب الذين يتقونك حق تقاتك.
وجمع التقوى تقاوى نحو فتوى وفتاوى. وجمع التقاة تقى نحو طمةٍ وطلى. والمتقى اسم فاعلٍ من اتقى تقي، أي أفرط في الصيانة. والأصل موتقي- فأبدلت الواو تاءً، وفي الحديث:"كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم" أي جعلناه وقايةً لنا من العذاب. ومنه قول عنترة: [من الكامل]
1835 -
إذ يتقون بي الأسنة لم أخم
…
عنها، ولكني تضايق مع قدمي
أي يتقون بي حر القتال.
فصل الواو والكاف
وك أ:
قوله تعالى: {قال هي عصاي أتوكأ عليها} [طه: 18] أي أتكأ عليها وأعتمد. وحقيقته من الوكاء، وهو رةاط الشيء. ومنه وكاء السقاء. وفي الحديث:"العينان وكاء السه" أي بمنزلة الوكاء. فمعنى توكأ على العصا: تسدد بها وتقوى. وفي المثل: "يداك أوكتا وفوك نفخ" قيل في رجلٍ نفخ في زق وربطه، فسبح عليه في الماء فانحل رباطه، فقيل له "يداك أوكتا وفوك نفخ". يضرب لكل من لم يحتط في أمره. وفي معناه قول الآخر [من الوافر]
1836 -
لنفسك لم ولا تلم المطايا
…
ومت كمدًا فليس لك اعتذار
وك د:
قوله تعالى: {ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها} [النحل: 91] أي تقويتها وإحكامها. يقال: وكدت القول وأكدته -بالواو والهمز- نحو: ورخ وأرخ -بمعنى أحكمته وقويته. ومنه التوكيد الاصطلاحي؛ فإنه تقوية المعنى في النفس. وقد فرق الخليل بين الواو والهمز فقال: «أكدت» في الأيمان أجود، و «كدت» في لبقول أجود. تقول إذا عقدت: أكدت وإذا حلفت: وكدت؛ نقله الراغ وفيه نظر؛ فإن القراء كلهم على الواو في الآية الكريمة، ولا يقال توكيدًا. انتهى. يعني أنه اختص بهذا اللفظ بالهمز دون الواو، وفيه نظر؛ إذ ليس في النطق باللغة الأخرى حجر، وفي الحديث، وقد ذكر طالب العلم:«قد أوكدتاه يداه، وأعمدتاه رجلاه» . أوكدتاه، أعلمتاه. يقال: وكد فلان أمرًا: قصده: وما زال هذا وكدي، أي دأبي وقصدي. وأما الوكد -بالفتح- فمصدر. ووكد فلان وكد فلانٍ: قصد قصده وتخلق بخلقه.
وك ز:
قوله تعالى: {فوكزه موسى} [القصص: 15] أي ضربه بعصًا. والمشهور ضربه بجمع كفه. يقال: لكزه، أي ضربه ببعضه، ووكزه بكله. وقيل الوكز: الدفع بجمع الكف.
وك ل:
قوله تعالى: {وكفى بالله وكيلًا} [الأحزاب: 3] الباء مزيدة في فاعل كفى، ووكيلًا تمييز، أي كفى بالله متوليًا أمور خلقه؛ فإن الوكيل عبارة عمن يعتمد عليه في الأمور المهمة. وقيل: معناه اكتف به أن يتولى أمرك ويتوكل عليك. قوله: {وما أنت عليهم بوكيلٍ} [الزمر: 41] أي بموكلٍ عليهم وحافظٍ لهم، بل عليك البلاغ. وهذا
تسلية له لأنه عليه الصلاة والسلام كان حريصًا على سعادتهم دنيا وأخرى. فأبوا إلا الشقاء. ونظيره: {لست عليهم بمصيطرٍ} [الغاشية: 22].
قوله: {أم من يكون عليهم وكيلًا} [النساء: 109] قال الراغب: أي من يتوكل عنهم؟ وفي اللفظ نبو عن هذا. قال: والتوكيل يقال على وجهين؛ يقال: توكلت لفلانٍ بمعنى توليت له. ويقال: وكلته فتوكل لي. وتوكلت عليه: اعتمدته. قال تعالى: {وعلى الله فليتوكل المؤمنون} [التوبة: 51]. قوله: {ألا تتخذوا من دوني وكيلًا} [الإسراء: 2] قال الفراء: أي كفيلًا. وهذا لم يرتضه الراغب؛ فإنه قال: وربما فسر الوكيل بالكفيل، والوكيل أعم لأن كل وكيلٍ كفيل وليس كل كفيلٍ وكيلًا.
وواكل فلان: ضيع أموره باعتماده على غيره. وتواكلوا: إذا اتكل بعضهم على بعضٍ. ورجل وكلة: إذا كان معتمدًا على غيره في أموره. وفي الحديث: «فتواكلا الكلام» أي اتكل كل منهما على صاحبه في ذلك. واتكل أصله اوتكل فقلبت الواو ياء وأدغمت في تاء الافتعال. فوزنه افتعل. والوكل: الجبان؛ قال الشاعر: [من البسيط]
1837 -
كائنٍ دعيت إلى بأساء داهيةٍ
…
فما انبعثت بمزؤود ولا وكل
لأن الجبان يتكل على شجاعة غيره. يقال: وكل ووكل -بفتح العين وكسرها- قال شمر: أي بليد. وفي مقتل الحسين رضي الله تعالى عنه وعن آبائه الكرام قال قاتله لعنه كثيرًا، وهو سنان بن أنسٍ، للحجاج:«ووليت رأسه أمرًا غير وكلٍ» . قال الهروي: الوكال: البلادة. وقد واكلت الإبل: إذا أساءت السير. وقال الراغب: الوكال في الدابة: ألا تمشي إلا بمشي غيرها.
قوله تعالى: {وعلى الله فتوكلوا} [المائدة: 23] أي كلوا أموركم إليه. يقال: توكل فلان بالأمر: إذا ضمن القيام به. ووكل فلان فلانًا، أي وكل أمره إليه يستكفيه إياه،