الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل الميم والسين
م س ح:
قوله تعالى: {وامسحوا برؤوسكم} [المائدة: 6] أي الصقوا المسح برؤوسكم. وأصل المسح: إمرار اليد على الشيء وإزالة الأثر عنه، وقد يستعمل في كل واحدٍ منهما، يقال: مسحت يدي بالمنديل.
قوله تعالى: {فطفق مسحًا بالسوق} [ص: 33] أي ضربًا بالسيف وهو مستعارٌ؛ يقال: مسحته بالسيف كما مستته به؛ يكنى بذلك عن الضرب. يقال إنه عليه السلام كشف عراقيبها وأعناقها بالسيف غضبًا لله تعالى، وكان ذلك مباحًا في شرعه في قصةٍ مذكورةٍ في التفسير. ويقال: بل يوضح على حقيقته وأنه عليه الصلاة والسلام كان يمسح بيده على نواصيها وأعراقها حنوًا عليها.
قوله: {إنما المسيح عيسى} [النساء: 171] سمي بذلك مسيحًا، قيل: لأنه كان لا يمسح ذا عاهةٍ إلا عوفي. وقيل: لأنه كان يمسح الأرض أي يقطعها بالسير. يقال: مسحت الأرض: إذا ذرعتها أو سرت فيها، وكذا كان عليه السلام يسيح فيها؛ فهو فعيلٌ بمعنى فاعلٍ، وقيل: لأن زكريا عليه السلام مسح عليه، وقيل: لأنه المسيح ضد المسيخ بالخاء المعجمة قال أبو الهيثم: يقال: مسحه الله بالمهملة خلقه حسنًا مباركًا، ومسخه بالمعجمة أي خلقه خلقًا ملعونًا قبيحًا. وفي التفسير بشاعةٌ فظيعةٌ. وقال ابن الأعرابي: المسيح: الصديق. وقال أبو عبيدٍ: أصله بالعبرانية (ماشيحا) فعرب كما عرب موسى. وقيل: كان بالعبرانية (مشوحًا) فعرب. وقيل: لأنه كان في زمان قومٍ يقال لهم المشاؤون والمساحون، أي السائحون في الدنيا؛ سمي بذلك لذهابه في الأرض، وقيل: لأنه خرج من بطن أمه ممسوحًا بالدهن. وقال الراغب: قال بعضهم: المسيح هو الذي مسحت إحدى عينيه، وقد روي أن الدجال ممسوح اليمنى وأن عيسى كان ممسوح اليسرى.
قال: ويعني بأن الدجال قد مسحت عنه القوة المحمودة من العلم والعقل والحلم والأخلاق الجميلة، وأن عيسى قد مسحت عنه القوة الذميمة من الجهل والشره والحرص وسائر الأخلاق الذميمة قلت: لا ينبغي بل لا يجوز اعتقاد مسح العين في عيسى عليه السلام لأنه عاهةٌ، فإن قلت: فأيوب قد ابتلي أجيب بأنه قد عوفي، فإن قيل: فشعيبٌ قد أعمي فعلى تقدير صحته ليس هو في البشاعة كالعور. وأما الدجال فسمي مسيحًا لمسح عينه اليمنى، ومنه الحديث:«أعور عينه» . وقيل: لأنه يمسح الأرض فيقطعها من المشرق إلى المغرب، وقيل: مسح شق وجهه، ففي الحديث:«أنه لا عين له ولا حاجب» نقله الراغب. وقيل: لأنه كان يلبس المسوح، والمسوح جمع مسحٍ وهو ما اتخذ من الشعر، ويجمع أيضًا على أمساحٍ نحو: حمل وأحمال وحمول.
وكثر إطلاق المسح في لسان المشترعة على إمرار اليد بالماء غسلًا كان أو مسحًا، ومنه:«تمسح للصلاة» . وعليه قوله: {وأرجلكم} [المائدة: 6] قال أبو زيدٍ الأنصاري: السمح في كلام العرب يكون غسلًا ويكون مسحًا، قلت: وعلى هذا يكون من استعمال المشترك. في معنييه، فإنه بالنسبة إلى الرؤوس مسحٌ وإلى الأرجل غسلٌ.
وكني بالمسح عن الجماع كما كني عنه بالمس واللمس.
ودرهمٌ مسيحٌ، أي أطلس لا نقش عليه. ومكانٌ أمسح، أي أملس لا نبات به. وفي صفته عليه الصلاة والسلام:«كان مسيح القدمين» أي أنهما ملساوان لا وسخ عليهما ولا شقوق فيهما ولا تكسر، إذا أصابهما الماء نبا عنهما، وقيل: بل غارمان من اللحم يعني: قليلٌ لحمهما، وهو صفة حسنٍ في القديم. وفي الحديث:«على وجهه مسحة ملكٍ» والعرب تقول: على وجه فلانٍ مسحة جمالٍ، قال الشاعر:[من الطويل]
1523 -
على وجه مي مسحةٌ من ملاحةٍ
…
ومن تحتٍ ذالك الخزي لو كان باديًا
والتمساح: حيوانٌ في البحر وليس لنا مثال تفعالٍ إلا هو وتمثالٌ والباقي.
م س خ:
قوله تعالى: {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم} [يس: 67] المسخ: تشويه الخُلُق والخَلْق وتحويلهما من صورةٍ إلى صورةٍ. قال بعض الحكماء: المسخ ضربان؛ ضربٌ يحصل في بعض الأزمان دون بعضٍ وهو مسخ الخلق وتحويل الصور. وهذا كما مسخ الله طائفةً من اليهود فجعل شبابهم قردة وشيوخهم خنازير. ومنه قوله تعالى: {وجعل منهم القردة والخنازير} [المائدة: 60] وقال: {فقلنا لهم كونوا قردةً} [البقرة: 65]. والمنقول أن هؤلاء لم يتناسلوا ولم يعيشوا إلا ثلاثًا عن ابن عباسٍ. وضربٌ يحصل في كل زمانٍ وهو تغيير الخلق، وذلك أن يصير الإنسان متخلقًا بخلقٍ ذميمٍ من أخلاق بعض الحيوانات، كأنه يصير في شدة الحرص كالكلب، وفي شدة الشره كالخنزير، وفي شدة الغمارة كالثور، وفي شدة البلادة كالحمار، قال الراغب: قوله: {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم} يتضمن الأمرين وإن كان الأول أظهر، يعني تحويل الصورة إلى صورةٍ أخرى.
والمسيخ من الطعام: ما لا طعم له. ومسخت الناقة: أنضيتها حتى أزلت خلقتها عن حالها، قال الشاعر:[من المتقارب]
1524 -
وأنت مسيخٌ كلحم الحوار
والماسخي: القواس، وأصله أن رجلًا كان منسوبًا إلى ماسخة قبيلةٍ معروفةٍ تعمل القصي، فسمي كل قواسٍ باسمه، كما قيل لكل حدادٍ هالكي.
م س د:
قوله تعالى: {في جيدها حبلٌ من مسدٍ} [المسد: 5] أي ليفٌ، وقيل: ليفٌ يتخذ من ليف النخل فيمسد، أي يفتل ومنه امرأةٌ ممسودةٌ، أي مطوية الخلق غير مفاضةٍ
ولارهلةٍ، كأنما فتل جسدها بالشحم. والمسد: الحبل من أي شيءٍ اتخذ، قال الشاعر:[من الرجز]
1525 -
يا رب عيسى لا تبارك في أحد
…
في قائمٍ منهم ولا في من قعد
إلا الذين قاموا بأطراف المسد
والمسد يحتمل أن يكون مكانًا، وعن ابن عباسٍ: عني بالمسد هنا في الآية السلسلة التي ذكرها في قوله تعالى: {ذرعها سبعون ذراعًا} [الحاقة: 32] أي أنها تسلك فيها.
م س س:
قوله تعالى: {إذا مسهم طائفٌ} [الأعراف: 201] أي ألم بهم. والمس: مباشرة الجسم، والمس كاللمس، وقد تقدم أن اللمس قد يقال لطلب الشيء وإن لم يوجد، وإليه نحا الشاعر في قوله [من مجزوء الوافر]
1526 -
وألمسه فلا أجده
والمس يقال فيما يكون منه إدراكٌ بحاسة اللمس، وفي كتاب الراغب: بحاسة السمع، وأظنه غلطًا عليه.
ويكنى به عن الجماع كالمباشرة والملامسة، قال تعالى:{من قبل أن تمسوهن} [البقرة: 237] وقرئ {تماسهن} والمفاعلة ظاهرةٌ فيه. ويكنى به عن الجنوهن لأن الشيطان يمس المجنون، قال تعالى:{الذي يتخبطه الشيطان من المس} [البقرة: 275]. قال: به مسٌ ولمسٌ ولممٌ وطيفٌ وطائفٌ، وقد مس فهو ممسوسٌ.
والمس يقال في كل ما ينال الإنسان من شرٍ كقوله تعالى: {مستهم البأساء والضراء} [البقرة: 214]. وعندي أن فيه مبالغةً من حيث إنه جعل البأساء كالجسم
الماس لهم. ومثله قوله تعالى: {ذوقوا مس سقرٍ} [القمر: 48] قال الأخفش: جعل المس يذاق كما يقال: كيف وجدت طعم الضرب؟
ومس الحمى: أول ما ينال منها.
قوله: {أن تقول لا مساس} [طه: 97] أي مماسة؛ كان السامري يقولها فلا يقربه أحدٌ عقوبةً لها حتى صار وحشيًا.
م س ك:
قوله تعالى: {ولا تمسكوهن ضرارًا} [البقرة: 231] الإمساك هنا المنع، وأصل الإمساك التعلق بالشيء وحفظه، ومنه قوله تعالى:{إن الله يمسك السموات والأرض إن تزولا} [فاطر: 41].
قوله: {فقد استمسك بالعروة الوثقى} [البقرة: 256] أي تعلق بها. قوله: {فاستمسك بالذي أوحي إليك} [الزخرف: 43] أي تحر الإمساك.
قوله: {هل هن ممسكات رحمته} [الزمر: 38] أي مانعاتٌ. قوله: {لأمسكتم خشية الإنفاق} [الإسراء: 100] أي بخلتم، والإمساك كنايةٌ عن البخل، لأن من بخل فقد منع ما عنده وحفظه وتعلق به.
قوله تعالى: {الذين يمسكون بالكتاب} [الأعراف: 170] أي يتمسكون به؛ يقال: مسك بالشيء وأمسك وتمسك وامتسك واستمسك بمعنى، قال زهيرٌ:[من البسيط]
1427 -
بأي حبل جوارٍ كنت امتسك؟
قول: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} [الممتحنة: 10] قرئ بالتشديد
والتخفيف، أي خلواً سبيلهن.
والمسكة من الطعام والشراب: ما يمسك به الرمق.
والمسك بالفتح الذبل المشدود على المعصم، والمسك أيضًا الجلد الممسك للبدن. والمسك: الطيب المعروف؛ قال تعالى: {ختامه مسكٌ} [المطففين: 26] أي منقطعه رائحة المسك لأنه يمسك قوة النفس. وفي الحديث: «خذي فرصةً ممسكة» ، قيل: مطيبة بالمسك، وقيل: من التمسك باليد. وقال القتيبي: محتملةٌ أي تحتملينها معك. وفي الحديث: «نهى عن بيع المسكان» بضم الميم وكسرها، قيل: المسكان: العربان وهو العربون. وفي صفته عليه الصلاة والسلام: «بادنٌ متماسكٌ» أي بعض أعضائه يمسك بعضًا؛ وصف بالقوة صلى الله عليه وسلم.
م س ي:
قوله تعالى: {فسبحان الله حين تمسون} [الروم: 17] أي تدخلون في المساء، وهو الزوال إلى الصبح، ولذلك استدل بها بعضهم على الصلوات الخمس. فقوله:{تمسون} شمل صلاة العصر والمغرب والعشاء و {وتصبحون} [الروم: 17] الصبح و {وتظهرون} [الروم: 18] الظهر، وقيل: المساء من الغروب. والمسي والصبح: المساء والصباح، قال الشاعر:[من المنسرح]
1528 -
والمسي والصبح لا فلاح معه
أي لا بقاء.
وأمسىى: فعلٌ ناقصٌ مثل كان، يدل على اقتران مضمون الجملة بزمن المساء، قال النابغة:[من البسيط]