الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعيد أو يطلبونه من مكان قريب؟ وهي حالة الاختيار والانتفاع إشارة لقوله: {لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل} [الأنعام:158].
ن اي:
قوله تعالى: {أعرض ونأى} [الإسراء:83] أي، تباعد. يقال: نأى عني ينأى نأيًا، فهو ناءٍ. وأنشد:[من الطويل]
1589 -
ألا حبذا هند وأرض بها هند
…
وهند أتى من دونها النأي والبعد
جمع المترادفين تأكيدًا، وحسنه اختلافهما كقوله:{صلوات من ربهم ورحمة} [البقرة:157] وقول الآخر: [من الوافر]
1590 -
فألفى قولها كذبًا ومينا
وقيل: نأى أي، أعرض، وقيل: تكبر نحو شمخ بأنفه. وكلها معان متقاربة. ومن ذلك النؤي، وهو ما يحفر حول الخباء، لينفذ منه الماء. وأنشد للنابغة:[من البسيط]
1591 -
إلا الأواري لأيًا ما أبينه
…
والنؤي كالوض بالمظلومة الجلد
فصل النون والباء
ن ب أ:
قوله تعالى: {ولقد جاءك من نبأ المرسلين} [الأنعام:34] أي، من أخبارهم مع قومهم. والنبأ: الخبر، كذا فسره الهروي وغيره. ولم يكتف الراغب بذلك، بل قيده بثلاثة أمور فقال: النبأ خبر ذو فائدة عظيمة، يحصل به علم أو غلبة ظن، قال: ولا يقال للخبر في الأصل نبأ حتى يتضمن هذه الأشياء الثلاثة. وحق الخبر الذي يقال فيه نبأ، أن يتعرى عن الكذب، كالتواتر وخبر الله وخبر الرسول. قال: ولتضمن النبأ معنى الخبر يقال: أنبأته بكذا أي أخبرته به، ولتضمنه معنى العلم قيل: أنبأته كذا كقولك: أعلمته كذا. قال
تعالى: {قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون} [ص:67 و 86].
قلت: أنبأ ونبأ، وأخبر وخبر متى تضمنت معنى أعلم تعدت لثلاثة مفاعيل. وهي نهاية التعدي. وأما أعلمته بكذا فتلضمنه معنى الإحاطة.
قوله: {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} [الحجرات:6] فيه تبينه أنه إذا كان الخبر شيئًا عظيمًا له قدر، فحقه أن يتثبت فيه ويتيقن، وإن غلب صحته على الظن حتى يعاد النظر فيه.
قيل: ونبأته أبلغ من أنبأته، ولذلك قال تعالى:{من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير} [التحريم:3]، ولم يقل: أنبأني. فنزل ذلك على أنه من قبل الله تعالى.
قوله: {قل هو نبأ عظيم} [ص:67] قيل: هو أخبر به من أمر يوم القيامة. قوله: {عم يتساءلون} [النبأ:1] قيل: هو القرآن، وقيل: أمر القيامة. قوله: {نبئنا بتأويله} [يوسف:36] أي خيرنا. وذلك لأنه أمر عظيم عند ما رأيا ما رأيا. قوله: {وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم} [يوسف:15] أي، لتجازينهم بأمرهم. فعبر بذلك عن المجاوزى غالبًا يؤنب من مجازيه. والعرب تقول لمن تتوعده: لأنبئنك. ومثله قوله تعالى: {فلننبئن الذين كفروا بما عملوا} [فصلت:50] أي، لنقرعنهم.
والنبي قرئ بالهمز وبغير الهمز؛ فمن همزه جعله من النبأ. وهو فعيل بمعنى مفعول، لأنه منبأ من جهة الله تعالى ومخبر. وقيل: بمعنى فاعل، لأنه ينبئ الإنسان بما أوحي إليه. ويدل على ذلك أعني أن الهمز جمع لفظه على نبآء قال:[من الكامل]
1592 -
يا خاتم النبآء إنك مرسل
وقد أنكر بعضهم هذه القراءة. وليس بمصيب، لحديث رواه وهو أن رجلًا قال:((يا نبيء الله، فقال: لست بنبيء الله، ولكن نبي الله)). وقد ذكرنا هذا مستوفى في
((العقد)) و ((الدر)) وغيرهما، فعليك باعتبار ثمة. ومن قرأه غير مهموز فمن نبا ينبو. وسيأتي في مادته.
ن ب ت:
قوله تعالى: {وأنبتها نباتًا حسنًا} [آل عمران:37] هذا مجاز عن [التربية] أي، رباها تربية. والنبت: والنبات: ما يخرج من الأرض من الناميات، سواء كان له ساق كالشجر أو لم يكن كالنجم. ولكن اختص في التعارف بما لا ساق له. قال الراغب: بل اختص عند العامة بما تأكله الحيوانات، وعليه قوله تعالى:{لنخرج به حبًا ونباتًا} [النبأ:15] ومتى اعتبرت الحقيقة فإنه يستعمل في كل نام نباتًا كان أو حيوانًا أو إنسانًا.
قال بعضهم في قوله تعالى: {والله أنبتكم من الأرض نباتًا} [نوح:17]: النحويون يقولون: نباتًا موضوع موضع الإنبات، وهو مصدر. وقال غيرهم: هو حال لا مصدر، ونبه بذلك أن الإنسان هو من وجه نبات من حيث إن بدأه ونشأه من التراب، وإنه ينمو نموه وإن كان له وصف زائد على النبات. وعليه نبه في قوله تعالى:{هو الذي خلقكم من تراب} [غافر:67].
قوله: {تنبت بالدهن} [المؤمنون:20] قرئ تنبت من نبت ثلاثيًا، وتنبت من أنبت. وفي ذلك أقوال أحدها أن الباء مزيدة في قراءة تنبت، كقوله:{ولا تلقوا بأيديكم} [البقرة:195].
1593 -
لا يقرأن بالسور
ويقال: إن بني فلان لنابتة شد. ونبتت فيهم نابتة، أي نشأ فيهم صغار.
ن ب ذ:
قوله تعالى: {فنبذوه وراء ظهورهم} [آل عمران:187] أي رموه وطرحوه. قوله: {وراء ظهورهم} تمثيل عن قلة مبالاتهم به. لم يكتفوا بطرحه بل لا يهمون به، لأن الإنسان قد يرمي الشيء مع التفاته إليه. وفي المثل:((نبذه نبذ النعل الخلق)).
قوله: {فانبذ إليهم على سواء} [الأنفال:58] أي ألق عهدهم إليه، وآذنهم بالحرب ولا تأخذهم على غرة. قيل: واستعمال النبذ هنا كاستعمال الإلقاء في قوله: {فألقوا إليهم القول} [النحل:86]{وألقوا إلى الله يومئذ السلم} [النحل:87] تنبيه ألا يؤكد معهم عهدًا بل حقهم أن يطرح إليهم ذلك طرحًا، مستحثًا به على سبيل المجاملة، وأن يراعيهم حسب مراعاتهم، ويعاهدهم على قدر ما عاهدوه.
قوله: {انتبذت من أهلها} [مريم:16] أي، اعتزلت وتنحت؛ يقال: انتبذ فلان مجلسه، وجلس نبذة ونبذة أي: اعتزل، يحيث إذا نبذت إليه شيئًا وصل إليه. وصبي منبوذ ونبيذ نحو ملقوط ولقيط. قيل: لكن منبوذ يقال اعتبارًا بمن طرحه، وملقوط ولقيط اعتبارًا بمن تناوله. والنبيذ: ما ألقي فيه تمر أو زبيب مع الماء، يقصدون بذلك تحلية الماء وعذوبته. ولذلك نهى الشارع عن الانتباذ في أوان مخصوصة، لئلا يشتد فيسكر. وصار النبيذ في العرف العام اسمًا للشراب المسكر، وإن كان النبيذ في الأصل إنما هو للشيء الملقى في الماء كالتمر والفضيح ونحوهما، ثم أطلق على ذلك الماء الذي ألقي فيه مجازًا للمجاورة، ثم غلب على المسكر.
ونابذت زيدًا عهده، يجوز أن يكون مما وقع منه فاعلت موقع فعلت، نحو: سافرت وعاقبت اللص وطارقت النعل، وأن يكون على بابه من المفاعلة، وأن كلًا منهما نبذ عهد صاحبه إلى الأخر.
ن ب ز:
قوله تعالى: {ولا تنابزوا بالألقاب} [الحجرات:11] أي: لا تداعوا به. وهذا محمول على ما إذا كان التلقيب مؤذيا لصاحبه. فأما إذا كان غير مؤذيه، وفيه تعظيمه فلا
حرمة. وكذا إذا لم يعرف إلا به، وكان فيه مفسدة لو لم يذكر به، كتضييع حق الغير لا سيما إذا روي عنه كالأعرج والأعمش، حيث غلب على هذين. وكره سعيد بن المسيب فتح الياء من المسيب، وكان يقول: سيب الله من سيب أبي. وكره التلقيب مطلقًا وإن أحبه صاحبه.
ن ب ط:
قوله تعالى: {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} [النساء:83] أي يستخرجونه. يقال: استنبطت الماء من الأرض، وأنبطته، أي استخرجته. وأصله من النبط وهو أول ما يخرج من البئر حين تحفر. وفي المثل:((أنبط في غضراء)) أي استخراج الماء من طين حر. وأنشد: [من الطويل]
1594 -
نعم، صادقًا، والقائل الفاعل الذي
…
إذا قال قولًا أنبط الماء، في الثرى
وسئل بعضهم عن رجل فقال: ذاك قريب الثرى بعيد النبط أي: قريب الوعد بعيد الوفاء. وفي الحديث: ((ورجل ارتبط فرسًا ليستنبطها)) أي ليخرج ما في بطنها. وسأل عمر بن الخطاب عمرو بن معدي كرب عنه فقال: ((ذاك أعرابي في حبوته، نبطي في جبوته)) أراد أنه في حبوة العرب، وكالنبطي في علمه بأمر الخراج وجبايته وعمارة الأرض، حذقًا بها ومهارة فيها.
والنبط: جيل معروف، سموا بذلك، لأنهم ينبطون الماء في الأرض ويزرعونها، ويستخرجون بذرها. بمقابلة العرب يقال: ذاك عربي وهذا نبطي، ولذلك قال الفقهاء: لو قال لعربي: يا نبطي كان قذفًا. وكان عمر يقول: ((تمعددوا ولا تستنبطوا)) أي تشبهوا بمعد لا بالنبط.