الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستوفيته بمعنىً. وقال آخرون: "متوفيك" أي مستوفٍ كونك في الأرض. وقال القتيبي: قابضك من الأرض من غير موتٍ؛ وهذا قول الفراء المتقدم. قوله: {وهو الذي يتوفاكم بالليل} [الأنعام: 60] فهذه التوفية إماتة. ومنه قول ذي الرمة: [من الوافر]
1829 -
رجيع تنائفٍ ورفيق صرعى
…
توفوا قبل آجال الحمام
فصل الواو والقاف
وق ب:
قوله تعالى: {ومن شر غاسقٍ إذا وقب} [الغسق: 3] الوقوب: الدخول. والغاسق: القمر. وقيل: هو الليل. فوقب هنا بمعنى أظلم. وفي الحديث: "إنه لما رأى الشمس قد وقبت قال: هذا حين حلها" أي غابت ودخلت. وحين حلها، أي وقت وجوب صلاة المغرب. والوقب كالنقرة في الشيء. ومعنى وقب في الأصل: دخل في الوقت. ثم عبر به عن الدخول في الشيء مطلقًا. والإيقاب: تغييبه. والوقيب: صوت قنب الدابة.
وق ت:
قوله تعالى: {كتابًا موقوتًا} [النساء: 103] أي فرضًا موقتًا لا بد منه. والموقت من الأشياء: ما جعل له وقت يفعل فيه. قال بعضهم: الوقت: نهاية الزمان المفروض للعمل. ولهذا لا يكاد يقال إلا مقيدًا نحو قولهم: وقت كذا: جعل له وقتًا. قال تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا} ، {وإذا الرسل أقتت} [المرسلات: 11]. وقيل: معنى "أقتت" جعل لها وقت واحد لفصل القضاء بين الأمة. وقال ابن عرفة: جمعت للميقات، وهو يوم القيامة. وقوله تعالى:{إن يوم الفصل كان ميقاتًا} [النبأ: 17] أي مصير الوقت. ومنه قوله تعالى: {ولما جاء موسى لميقاتنا} [الأعراف: 143] أي الوقت الذي حددناه له. فالميقات: الوقت المضروب للشيء،
والوعد: الذي جعل له وعد. وقد يطلق الميقات ويراد به المكان. ومنه مواقيت الحج المكانية كقوله: "وقت لأهل المدينة ذا الحليفة" الحديث لأنه بمعنى حدد وقوله: {قل هي مواقيت للناس والحج} [البقرة: 189] أي حدود الأزمنة يعرفون بها آجال ديونهم وعدة نسائهم ووقت نسكهم بأداء الحج، وغير ذلك. والتقدير: مواقيت لحاجات الناس.
وق د:
قوله تعالى: {النار ذات الوقود} [البروج: 5] بالفتح: اسم للحطب ونحوه وبالضم المصدر، نحو الوَضوء والوُضوء. وقد قرئ {وقودها} [البقرة: 24] بضمه الواو فقيل: هو على حذف مضافٍ، أي ذوو وقودها. وقيل: هما بمعنى، فقد جاء المصدر على فعول بالفتح في أفعالٍ محصورةٍ أتينا عليها مشروحةً في غير هذا الموضع. وقوله تعالى:{كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله} [المائدة: 64] يجوز أن تكون حقيقةً؛ فإن العادة جرت بإيقاد النار للحروب، وأن تكون استعارةً على المشهور. يعني أنهم يتعاطون التحرز على المؤمنين والتعاضد عليهم. وجعل تعالى خذلانهم لهم عبارةً عن إطفائها، وحسن ذلك المقابلة. وأوقد واستوقد بمعنى {مثلهم كمثل الذي استوقد نارًا} [البقرة: 17]. ويجوز أن يكون استفعل على بابه من طلب الإيقاد مجازًا، وهو أبلغ. ويقال: وقدت النار واتقدت واستوقدت بمعنىً واحدٍ. وقد يستعار الإيقاد للتألق فيقال: اتقد الجوهر والذهب ونحوهما.
وق ذ:
قوله تعالى: {والموقودة} [المائدة: 3] أي المضروبة بعصًا أو حجرٍ ونحوهما حتى تموت.
يقال: وقذتها أقذها وقذًا فهي وقيذ. وموقوذة: إذا أثخنتها ضربًا. ووقذت الرجل:
ضربته حتى مات. ووصفت عائشة رضي الله عنا أباها فقالت: "كان وقيذ الجوانح" أي حزين القلب، والجوانح تجن. كذا روي هذا بالذال المعجمة. ولو روي بها مهملةً لكان أحسن؛ من وقيد النار. تصفه بأنه كان لشدة حزنه كالمحرق الجوف. ويؤيد ما قلته أنه يقال: كان يشم من فيه رائحة كبدٍ مشويةٍ. ووجه الرواية الأولى أن الحزن قد كشره وأضعفه بمنزلة من ضرب فضعف. وفي حديثها أيضًا تصفه: "فوقذ النفاق" أي كسره ودمغه.
وق ر:
قوله تعالى: {وفي آذاننا وقرٍ} [فصلت: 5] الوقر بالفتح: الثقل، والوقر بالكسر: الحمل. ومنه: {فالحاملات وقرا} [الذاريات: 2]. وقيل: الوقر للحمار والبغل كالوسق للبعير؛ فهو فعيل بمعنى مفعولٍ. يقال: وقرت أذنه تقر، وتوقر وقرًا: إذا صمت. ووقرت فهي موقورة. ونخلة موقرة وموقِرة؛ بالفتح والكسر.
قوله تعالى: {ما لكم لا ترجون لله وقارًا} [نوح: 13] أي عظمة. والرجاء هنا الخوف. وأصل الوقار السكون والحلم؛ يقال: هو وقور ووقار ومتوقر. وفلان ذو وقرة. قوله تعالى: {وقرن في بيوتكن} [الأحزاب: 33] جعله بعضهم من الوقار. وقيل: هو من: وقرت أقر، أي جلست. وفي الحديث:"ووقير كثير الرسل". قال يعقوب: الوقير: أصحاب الغنم. والقرة والقار: الغنم. وقال أبو عبيدٍ: القار الإبل، والقرة والقار: الغنم. واستشهد بعضهم لذلك بقول مهلهلٍ: [من الوافر]
1830 -
كأن التابع المسكين فيها
…
أجير في حدايات الوقير
قال بعضهم: سمي القطيع من الضأن وقيرًا كأن فيه وقارًا لكثرته وبطء سيره.
وق ع:
قوله تعالى: {وإذا وقع القول عليهم} [النمل: 82] أي وجب وثبت. والوقوع في الأصل: ثبوت الشيء واستقراره. ومنه قول أبي زيدٍ: [من البسيط]
1841 -
واستحدث القوم أمرًا غير ما فهموا
فطار أنصارهم شتى وما وقعوا
أي ما ثبتوا.
أو يعبر به عن السقوط؛ يقال: وقع الطائر، أي سقط. وأكثر ما جاء في القرآن من لفظ "وقع" جاء في العذاب والشدائد، نحو قوله تعالى:{إذا وقعت الواقعة} [الواقعة: 1]. والواقعة لا تقال إلا في الشدائد والمكروه، نحو: أصابتهم واقعة. وعليه {إذا وقعت الواقعة} لأنها عبارة عن يوم القيامة، ولا شدة أعظم من شدته. نسأل الله الأمن فيه من عذابه.
قوله: {ووقع القول عليهم} [النمل: 85] ووقوع القول عبارة عن وقوع متضمنه، أي وجب العذاب الذي وعدوا به. قوله:{فقد وقع أجره على الله} [النساء: 100] عبر بالوقوع عن إثابة الله تأكيدًا لذلك، لا أنه يجب عليه؛ إذ لا يجب عليه تعالى شيء، إنما هو تفضل وامتنان. وهكذا قوله تعالى:{وكان حقًا علينا نصر المؤمنين} [الروم: 47].
قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم} [الواقعة: 75]. قيل: هي نجوم القرآن بدليل: {إنه لقرآن كريم} [الواقعة: 77]. وقيل: هي الأنواء، ومواقع الغيم: مساقطه. والمواقعة: يكنى بها عن الجماع، وكذا الإيقاع. ووقعت الحديدة أقعها وقعًا: إذا حددتها بالميقعة. والوقيعة: الغيبة مجازًا. والوقيعة أيضًا: المكان المستنقع فيه الماء،
والجمع الوقائع. والتوقيع: أثر الدبر في ظهر البعير. ومنه قول عمر رضي الله تعالى عنه: "من يدلني على نسيج وحده؟ فقالوا: ما نعلمه غيرك. فقال: ما هي إلا إبل موقع ظهورها" يهضم نفسه ويقول: أنا مثل تلك الإبل عيبًا. وكان رضي الله تعالى عنه مبرأ من العيوب. وعنه استعير التوقيع في الكتابة لظهور أثرها.
وق ف:
قوله تعالى: {وقفوهم إنهم مسؤولون} [الصافات: 24] أي احبسهوهم عن المشي. ومنه: وقفت الدابة أقفها وقوفًا ووقفًا. وقال بعضهم: وقفت القوم أقفهم وقفًا، ووقفوا وقوفًا. والوقوف يكون جمعًا. وقد قيل في قول امرئ القيس [من الطويل]
1832 -
وقوفًا بها صحبي على مطيهم
…
يقولون: لا تهلك أسى وتجمل
يجوز الأمران كما أوضحنا في غير هذا. ومنه استعير: وقف الأعيان تصدقًا، لأنه حبسها عن التصريف الذي كان له. وأوقف لغية ضعيفة. وفي الحديث:"المؤمن وقاف متأنٍ" كالتأكيد؛ فإنه هو الوقاف في الأمور غير العجل. وهذا ينظر إلى قول الآخر: [من البسيط].
1833 -
قد يدرك المتأني بعض حاجته
…
وقد يكون مع المستعجل الزلل
والوقاف: الجبان عن الحرب. ومنه قول دريد بن الصمة: [من الطويل]
1834 -
فإن يك عبد الله خلى مكانه
…
فما كان وقافًا ولا راعش اليد
وفي الحديث: "ولا واقفًا في وقيفاه" الواقف: خادم البيعة. والوقيفي: الخدمة. والوقف: سوار العاج. وحمار موقف بأرساغه مثل الوقف من البياض كقولهم: فرس
محجل: إذا كان به مثل الحجل: وموقف الإنسان حيث يقف. والموافقة: أن يقف كل واحدٍ منهم على ما يقف عليه صاحبه. والوقيفة الوحشية: التي يجلبها الصائد إلى أن تقف إلى أن تصاد.
وق ي:
قوله تعالى: {هو أهل التقوى وأهل المغفرة} [المدثر: 56]. التقوى: مصدر على فعلى فأبدلت فاؤها تاءً ولامها واوًا، لأنها من وقى يقي. فأصلها وقيًا. يقال: وقاه يقيه وقايةً. والوقاية: فرط الصيانة. قال ابن عباسٍ في قوله تعالى: {هو أهل التقوى وأهل المغفرة} : يقول الله تعالى: أنا أهل أن أتقى فإن عصيت فأنا أهل أن أغفر. وقيل: الوقاية: حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره، كقوله تعالى:{فوقاهم الله شر ذلك اليوم} [الإنسان: 11].
والتوقي: جعل النفس في وقايةٍ مما يخاف، هذا تحقيقه. ثم يسمى الخوف تارةً تقوى، والتقوى حسب المقتضى لمقتضيه والمقتضي لمقتضاه. قال الراغب: وصارت التقوى في تعارف الشرع حفظ النفس مما يؤثم، وذلك بترك المحظور، ويتم ذلك بترك بعض المباحات لما روي:"الحلال بين والحرام بين، ومن رتع حول الحمى فحقيق أن يقع يقع فيه".
قوله: {أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب} تنبيه أنه لا شدة أشد مما ينالهم، وذلك أن سائر الأعضاء يتقى بها عن الوجه، وهؤلاء لشدة ما ينالهم يتقون بما هو أشرف الأعضاء. يقال: اتقى فلان بكذا: إذا جعله وقايةً لنفسه. وقوله تعالى: {لعلكم تتقون} [البقرة: 21] أي لعلكم أن تجعلوا ما أمركم الله به وقايةً بينكم وبين النار. ومنه قول العرب: اتقاه بحقه، أي جعله وقايةً من المطالبة والمخاصمة. قوله تعالى:{إلا أن تتقوا منهم تقاةً} [آل عمران: 28]. تقاة مصدر بمعننى الاتقاء. والمعنى: إلا أن تتقوا منهم تقية، أي مخافة. يقال: اتقاه يتقيه اتقاءً وتقاةً وتقيةً. وقد قرئ "تقية" موضع "تقاةً".