الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ناذرٍ واعد. وليس كل واعدٍ ناذرًا. وهذا إن كان من حيث اللغة فليس كذلك، إذ النذر التزام، وإن كان شرعًا فكذلك.
وإنما هو قسمان: نذر لجاجٍ ونذر تبررٍ، سواء وجدت فيه أداة شرطٍ أم لا. قال الراغب: النذر أن توجب على نفسك ما ليس بواجبٍ لحدوث أمرٍ. يقال: نذرت لله نذرًا. وفي الحديث: ((أن عمر وعثمان قضيا في الملطاة بنصف نذر الموضحة)).
النذر: أرش الجراحة بلغة الحجاز. ويقال: نذر ينذر وينذر، بكسر عين المضارع وضمها. ولا منافاة بين قوله تعالى {يوفون بالنذر} وبين قوله عليه الصلاة والسلام:((النذر لا يأتي بخيرٍ)) وإنما يستخرج به من مال البخيل)) لأن الله تعالى أخبر عنهم أنهم إذا التزموا شيئًا وفوا به، يعني إن صدر ذلك منهم لم يفرطوا فيه، وليس فيه مدحهم بفعلهم النذر بل بوفائه. والحديث النبوي إنما هو في النذر لا في وفائه. فاختلفت الجهات. وقيل: النذر الذي في الآية نذر التبرر والذي في الحديث نذر اللجاج والغضب.
فصل النون والزاي
ن ز ع:
قوله تعالى: {ونزعنا ما في صدورهم من غلٍ} [الأعراف: 43] أي أزلنا وشفينا صدورهم من ذلك. وأصل النزع جذب الأشياء من مقارها بقوةٍ. وحقيقته في الأجرام، هو نزع القوس عن كبده:{ونزعنا من كل أمةٍ شهيدًا} [القصص: 75] ثم يستعمل في المعاني مجازًا نحو {ونزعنا ما في صدورهم من غل} . وقوله تعالى: {والنازعات} [النازعات: 1] أي الملائكة التي تنزع الأرواح عن الأشباح. قيل: تنزع أرواح الكفرة إغراقًا، ((فغرقًا)) مصدر على حذف الزوائد، كما يغرق النازع في القوس. وقيل: المراد بالنازعا غرقا القسي. {والناشطات نشطًا} [النازعات: 2] الإرهاق.
قوله: {ونزع يده} [الأعراف: 108] أي أخرجها بسرعةٍ. قوله: {فلا ينازعنك} [الحج: 67] المنازعة: المجادلة، لأن كلاً من المتجادلين ينزع صاحبه
ينازعنك} [الحج: 67] المنازعة: المجادلة، لأن كلاً من المتجادلين ينزع صاحبه عن غرضه. وقيل: معناه: لا ينازعهم. قال أبو منصورٍ: وكذا كل فعلٍ يكون من اثنين، بخلاف لا يضربنك فلان.
وقوله: {يتنازعون} [الطور: 23] أي يتعاطون، وتناقل بعضهم بعضًا، كأن كلاً منهم ينزع الكأس من صاحبه.
ونزع فلان إلى كذا، أي مال وذهب إليه معتقدًا له. ونزع عن كذا: كف عنه. ونازعته نفسه: أمرته وترددت في طلب شيءٍ، قال الشاعر:[من الوافر]
1623 -
ولي نفس أقول لها إذا ما
…
تنازعني: لعلي أو عساني
والنزوع: شدة الاشتياق. والنزعتان: بياض يكتتف الناصية؛ يقال: رجل أنزع، ولا يقال: امرأة نزعاء بل زعراء. وبئر نزوع: قريبة القعر يتناول منها باليد. وفي الحديث: ((لقد رأيتني أنزع على قليب)) أي أستقي. قال الشاعر: [من الرجز]
1624 -
مالي إذا أنزعها صائت
…
أكبر قد غالني أم بيت؟
وشراب طيب المنزعة، أي المقطع، كقوله:{ختامه مسك} [المطففين: 26] وفي الحديث: ((مالي أنازع القرآن)) أي أجاذبه، وذلك لما جهروا خلفه. ومنه:((إنما هو عرق نزعه)) أي نزع شبهه. ومنه أيضًا: ((طوبي للغرباء، قيل: ومن هم؟ قال: النزاع)) أي الذين نزعوا عن أهليهم، جمع نزيعٍ ونازعٍ.
والنزائع: الغرائب من الإبل، ومنه حديث ظبيان ((أن قبائل من الأزد نتجوا فيها
النزائع)) لأنها نوعت من أيدي الناس. وأنزع إبلهم إلى مواطنهم.
ن ز غ:
قوله تعالى: {وإما ينزغنك} [الأعراف: 200] أي يوسوس. وقال الترمذي: يستخفنك. يقال: نزغ به: استخف. وقيل: يفسد، ومنه: {من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي {[يوسف: 100] أي أفسد. وقيل: النزغ: الإغراء والتسليط. وأصل النزغ الدخول في الأمر لإفساده.
ن ز ف:
قوله تعالى: {لا يصدعون عنها ولا ينزفون} [الواقعة: 19] أي لا يسكرون.
يقال: نزف الرجل ينزف نزفًا، مبنيا للمفعول: ذهب بعقله. ويقال للسكران: نزيف ومنزوف. قال امرؤ القيس: [من المتقارب]
1625 -
وإذا هي تمشي كمشي النزيـ
…
ـف يصرعه بالكثيب البهر
هو مأخوذ من قولهم: نزف دمه ودمعه، أي انتزح. ونزفت ماء البئر، أي نزحته.
فكأن السكران نزف فهمه بسكره.
وقرئ ((ينزفون)) ومعناه: لا يفنى شرابهم. ويقال: أنزف القوم، أي فني شرابهم، ومنه الحديث في زمزم:((لا تنزف ولا تذم)). وقد تكلمنا على هذه الآية بأوسع من هذا في ((الدار)) و ((العقد)).
ن ز ل
قوله تعالى: {نزل به الروح الأمين} [الشعراء: 193] النزول: الهبوط من علو
إلى سفل، هذا أصله، وقد يراد به مجرد الحلول كقوله تعالى:{فإذا نزل بساحتهم} [الصافات: 177]، أي حل. ويقال: نزلت بالجبل، وإن كان من سفل إلى علو لغلبة الاستعمال، وهو عكس تعال؛ فإنه أصله أن تدعو من هو أسفل أن يرتفع إليك. ثم كثر حتى يقول المستفل للمرتفع: تعال.
وأنزلته مكان كذا: جعلته نازلًا منه. قال تعالى: {وقل رب أنزلني منزلا مباركا} [المؤمنون:29]. قال بعضهم: إنزال الله تعالى نعمه على خلقه؛ أعطاهم إياها، وذلك إما بإنزال الشيء نفسه، كإنزال القرآن. وإما بإنزال أسبابه والهداية إليه، كإنزال الحديد واللباس ونحو ذلك. قال تعالى:{أنزل على عبده الكتاب} [الكهف: 1]{وأنزلنا الحديد} [الحديد: 25]{قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوءاتكم} [الأعراف: 26]. ومن إنزال العذاب قوله تعالى: {إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا} [العنكبوت: 34]
قال الراغب: والفرق بين الإنزال والتنزيل في وصف القرآن والملائكة أن التنزيل يختص بالموضع الذي يشير إلى إنزاله متفرقًا، ومرة بعد أخرى، والإنزال عام. قلت: هذا الذي ذكره الراغب تبعه فيه أبو القاسم الزمخشري، وقد اعترضت عليها بقوله تعالى:{الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة} [الفرقان: 32] فإنه أتى بصيغة ((أنزل)) مع ((جملة)) دفعة واحدة من غير تفريق ولا تنجيم. وقد نقحنا في غير هذا.
قال: وقوله: {لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة} [محمد: 20] فإنما ذكر في الأول ((نزل)) وفي الثاني ((أنزل)) تنبيهًا أن المنافقين يقترحون أن ينزل شيء فشيء من الحث على القتال ليتولوه. وإذا أمروا بذلك دفعة واحدة تحاشوا عنه فلم يفعلوه، فهم يقترحون الكثير ولا يفون منه بالقليل. قوله:{إنا أنزلناه في ليلة القدر} [القدر: 1] إنما خص لفظ الإنزال دون التنزيل لما روى أن القرآن نزل دفعة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم
نزل نجمًا نجمًا
قوله: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل} [الحجر: 21 - 22] ولم يقل: نزلنا، منبهًا أنا لو خولناه مرة واحدة ما خولناك مرارًا لرأيته خاشعًا متصدعًا. قوله:{قد أنزل الله إليكم ذكرًا رسولًا} [آل عمران: 45] قيل؛ أراد بإنزال الذكر هنا بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، كما سمي عيسى عليه السلام ((كلمة)).فعلى هذا يكون قوله:{رسولًا} بدلا من قوله: {ذكرًا} . وقيل: أراد إنزال ذكره، فيكون رسولًا مفعولًا لقوله:{ذكرًا} أي ذكرًا رسولًا. قلت ويجوز أن يكون ((ذكرًا)) مفعولًا له، ورسولًا مفعول الإنزال. فإن قل: قد اختلف الفاعل؛ فإن فاعل الإنزال غير فاعل الذكر، فالجواب: إنا وإن سلمنا اشتراط ذلك فالفاعل متحد، لأن الذكر بمعنى التذكر، أي أنزل الرسول ليذكركم به. وهو معنى حسن طائل. قال: وأما التنزل فكالنزول به؛ يقال: نزل الملك بكذا، وتنزل. ولا يقال: نزل الله بكذا، ولا تنزل؛ قال تعالى:{نزل به الروح الأمين} [الشعراء: 193] وقال تعالى: {تنزل الملائكة والروح فيها} [القدر: 4] ولا يقال في المفترى والكذب، وما كان من الشياطين إلا التنزل؛ قال تعالى:{وما تنزلت به الشياطين} [الشعراء: 210] قوله: وما كان من الشياطين ثم تلا قوله تعالى: {وما تنزلت به الشياطين} ليس مطابقا لذلك، لأن ((ما)) نافية، أي أن الشياطين لم تنزل به، أي بالقرآن.
قوله تعالى: {هذا نزلهم يوم الدين} [الواقعة: 56] النزل: ما يعد للنازل من الضيافة؛ أنزلته: أضفته. فمن ثم قيل: إن هذا على سبيل التهكم نحو: {فبشرهم} [آل عمران: 21] ت. وإنه لم يكن لهم نزول إلا هذا كقوله: [من الوافر]
1626 -
تحية بينهم ضرب وتجميع
قوله: {نزلًا من عند الله} [آل عمران: 198] هذا على بابه، وقيل: ثوابًا ورزقًا. وهو بمعنى الأول. قوله: {وأنا خير المنزلين} [يوسف: 59] هو من: أنزلته، أي أضفته.