الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1428 -
وخير الحديث ما كان لحنًا
أي هو مستملح من المتكلم، فإن التقعر في الكلام مستهجن، وهذا ليس بشيء لأن العدول عن سنن الأعراب خطأ فاحش. وأما البيت فقد تقدم أن أكثر الأدباء على أنه الفطنة أو التعريض.
واللحن - أيضًا - لغة، ومنه قول عمر رضي الله عنه:"تعلموا اللحن كما تعلمون القرآن" وعن أبي ميسرة: "العرم المسناة بلحن اليمن" أي بلغتهم. قال أبو عبيدة في تفسير كلام عمر أي تعلموا الخطأ في الكلام، ومنه قول أبي العلية:"كنت أطوف مع ابن عباسٍ فيعلمني اللحن" قلت: يعلمه ليتجنبه فغنه يتعلم الصواب ليرتكب والخطأ ليتجنب. وقيل: عنى بذلك إنه كان يميل بلغته أي لغة الفرس. وعن عمر بن عبد العزيز: "عجبت لمن لاحن الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم" أي فاطنهم. وقال أبو الهيثم: اللحن والعنوان واحد وهما العلامة، يشير بها الإنسان إلى آخر ليفطن.
فصل اللام والدال
ل د د:
قوله تعالى:} وهو ألد الخصام {[البقرة: 204] أي شديد الخصومة. واللدد: شدة الخصومة. يقال: رجل من قومٍ لد، ومنه قوله تعالى:} قوما لدًا {[مريم: 97] وامرأة لداء وجمعها لد كالمذكر كحمرٍ لأحمر وحمراء، وهو منقاس في ذلك كما بيناه في موضعه. وإنما سمي الشديد الخصومة ألد، اشتقاقًا من لديدي الإنسان وهما جانبا الفم، لأن المخاصم لك كلما أخذت في جانبٍ أخذ في آخر من الجدال. وقيل: من لديدي العنق، وهما جانباه، إذ إنه شديد اللديد وهو صفحة العنق لأنه لا يمكن صرفه
عما يريده، يقال: لد زيد يلد لددًا فهو ألد، وفي حديث علي كرم الله وجهه:"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فقلت: يا رسول الله ماذا لقيت بعدك من الأود واللدد" قال المبرد: الأود: العوج واللدد: الخصومات.
ولددته اللدة، أي غلبته في اللدد، وفي الحديث:"خير ما تداويتم به اللدود" هو ما سقي الإنسان في أحد شقي الفم، وفي حديثٍ آخر:"أنه لد في مرضه" وقيل: هو ما سقي الإنسان من وراء في أحد شقي وجهه، وقد التددت ذلك. والتلدد - أيضًا - التلفت يمنًة ويسرًة تحيرًا من لديدي العنق لأنه كلما التفت تحرك لديداه.
ل د ن:
قوله تعالى:} وهب لنا من لدنك رحمًة {[آل عمران: 8] لدن: ظرف لأول غاية زمانٍ أو مكانٍ فهو متردد بين ظرفين، ويضاف للزمان، ومنه قول الشاعر:[من الرجز]
1439 -
سقى الرعيدة في ظهيري
…
من لدن الظهر إلى العصير
بخلاف عند، والفرق بينهما أيضًا أن عند لا يستدعي حضورًا ولدن يستدعيه؛ تقول: عندي مال وإن كان غائبًا من مجلسك، ولا تقول لدي إلا وهو بمجلسك. وقد تضاف إلى جملةٍ اسميةٍ، كقول الشاعر:[من الطويل]
1440 -
تذكر نعماه لدن أنت يافع
…
إلى أنت ذو فودين أبيض كالنسر
وفيها لغات كثيرة حررناها في "إيضاح السبيل" ولما ذكرناه من الفرق المعنوي بينهما، قال تعالى:} آتيناه رحمًة من عندنا وعلمناه من لدنا علمًا {[الكهف: 65] لما كان العلم أشرف الأشياء أتى معه بالظرف الأخص تنبيهًا على شرفه، وإلا فالظرفية الحقيقة مستحيلة في جانب الباري تعالى.
وتلدنت في الأمر: مكثت فيه، وفي الحديث: "أن رجلاً ركب ناضجًا له فبعثه