المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب ما ذكر في الأسواق) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ١١

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ الصَّائِمِ يُصْبِحُ جُنُبا)

- ‌(بابُ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ)

- ‌(بابُ القُبْلَةِ لِلصَّائِمِ)

- ‌(بابُ اغْتِسَالِ الصَّائِمِ)

- ‌(بابُ الصَّائِمِ إذَا أكَلَ أوْ شَرِبَ نَاسِيا)

- ‌(بابٌ السوَاكُ الرَّطْبُ والْيابِسُ لِلصَّائِمِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إذَا تَوَضَّأ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمِنْخرِهِ المَاءَ)

- ‌(بابٌ إذَا جامَعَ فِي رَمَضَانَ)

- ‌(بابٌ إِذا جامَعَ فِي رَمَضَانَ ولَمْ يَكُنْ لَهُ شَيءٌ فتُصُدِّقَ عَلَيْهِ فلْيُكَفِّرْ)

- ‌(بابُ المُجامِعِ فِي رَمَضَانَ هَلْ يُطْعِمُ أهْلَهُ مِنَ الكَفَّارَةِ إذَا كانُوا مَحَاوِيجَ)

- ‌(بابُ الحِجَامَةِ والْقَيءِ لِلْصَّائِمِ)

- ‌(بابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ والإفْطَارِ)

- ‌(بابٌ إذَا صامَ أيَّاما مِنْ رمَضَانَ ثُمَّ سافَرَ)

- ‌(بابُ قَولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ واشْتَدَّ الحَرُّ لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَاب لم يعب أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم بَعضهم بَعْضًا فِي الصَّوْم والإفطار)

- ‌(بابُ منْ أفْطَرَ فِي السَّفَرِ لِيَرَاهُ الناسُ)

- ‌(بابٌ {وعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ} )

- ‌(بابٌ مَتَى يُقْضَى قَضَاءُ رَمَضَانَ)

- ‌(بابُ الحَائِضِ تَتْرُكُ الصَّوْمَ والصَّلاةَ)

- ‌(بابُ منْ ماتَ وَعلَيْهِ صَوْمٌ)

- ‌(بابٌ مَتَى يَحِلُّ فِطْرُ الصَّائِمِ)

- ‌(بابٌ يُفْطِرُ بِمَا تَيَسَّرَ عَلَيْهِ بالمَاءِ وغَيْرِهِ)

- ‌‌‌(بابُ تَعْجِيلِ الإفْطَارِ

- ‌(بابُ تَعْجِيلِ الإفْطَارِ

- ‌(بابٌ إذَا أفطَرَ فِي رمَضَانَ ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ)

- ‌(بابُ صَوْمَ الصِّبْيَانِ)

- ‌(بابُ الوِصالِ)

- ‌(بابُ التَّنْكِيلِ لِمَنْ أكْثَرَ الوِصَالَ)

- ‌(بابُ الوِصَالِ إلَى السَّحَرِ)

- ‌(بابُ مَنْ أقْسَمَ عَلَى أخِيهِ لِيُفْطِرَ فِي التَّطَوُّعِ ولَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَضَاءً إِذا كانَ أوْفَقَ لَهُ)

- ‌(بابُ صَوْمَ شَعْبَانَ)

- ‌(بابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ صَوْمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وإفْطَارِهِ)

- ‌(بابُ حَقِّ الضِّيْفِ فِي الصِّوْمِ)

- ‌(بابُ حَقِّ الجِسْمِ فِي الصَّوْمِ)

- ‌(بابُ صَوْمِ الدَّهْرِ)

- ‌(بابُ حَقِّ الأهْلِ فِي الصَّوْمِ)

- ‌(بابُ صَوْمِ يَوْمٍ وإفْطارِ يَوْمٍ)

- ‌(بابُ صَوْمِ دَاوُدَ عليه السلام

- ‌(بابُ صِيَامِ البِيضِ ثَلاثَ عَشَرَةَ وَأرْبَعَ عَشَرَةَ وخَمْسَ عَشَرَةَ)

- ‌(بابُ مَنْ زَارَ قَوْما فَلَمْ يُفْطِرْ عِنْدَهُمْ)

- ‌(بابُ الصَّوْمِ آخِرَ الشَّهْرِ)

- ‌(بابُ صَوْمِ يَوْمِ الجُمْعَةِ فإذَا أصْبَحَ صَائِما يَوْمَ الجُمْعَةِ فَعَلَيْهِ أنْ يُفْطِرَ يَعْنِي إذَا لَمْ يَصُمْ قَبْلَهُ وَلا يُرِيدُ أنْ يَصُومَ بَعْدَهُ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَخُصُّ شَيْئا مِن الأيَّام)

- ‌(بابُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ)

- ‌(بابُ صَوْمِ يَوْمِ الفِطْرِ)

- ‌(بابُ الصَّوْمِ يَوْمَ النَّحْرِ)

- ‌(بابُ صِيامِ أيَّامِ التَّشْرِيقِ)

- ‌(بابُ صِيامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ)

- ‌(كِتَابُ التَّرَاوِيحِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ مَنْ قامَ رَمَضَانَ)

- ‌(بابُ فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ)

- ‌(بابُ الْتِماسِ لَيْلَةِ القَدْرِ فِي السَّبْعِ الأوَاخِرِ)

- ‌(بابُ تَحَرِّي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي الوِتْرِ مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ)

- ‌(بابُ رفْعِ مَعْرِفَةِ لَيْلَةِ القَدْرِ لتلاحِي النَّاسِ)

- ‌(بابُ الْعَمَلِ فِي العَشرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضانَ)

- ‌(كِتَابُ الاعتِكَافُ)

- ‌(أبْوَابُ الإعْتِكَافِ)

- ‌(بابُ الإعْتِكَافِ فِي العَشْرِ الأوَاخِرِ)

- ‌(بابُ الحَائِضِ تَرَجِّلُ المُعْتَكِفَ)

- ‌(بابٌ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلَاّ لِحَاجَةٍ)

- ‌(بابُ غُسْلِ الْمُعْتَكِفِ)

- ‌(بابُ الاعْتِكافِ لَيْلاً)

- ‌(بابُ اعْتِكَافِ النِّساءِ)

- ‌(بابُ الأخْبِيَةِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَخْرُجُ المُعْتَكِفُ لِحَوَائِجِهِ إِلَى بابِ المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ الاعْتِكَافِ وخَرَج النبيُّ صلى الله عليه وسلم صَبِيحَةَ عِشْرِينَ)

- ‌(بابُ اعْتِكَافِ الْمُسْتَحَاضَةِ)

- ‌(بابُ زِيَارَةِ المرْأةِ زَوْجَهَا فِي اعْتِكافِهِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَدْرَأ المُعْتَكِفُ عنْ نَفْسِهِ)

- ‌(بابُ منْ خَرَجَ مِنَ اعْتِكَافِهِ عِنْدَ الصُّبْحِ)

- ‌(بابُ الاعْتِكَافِ فِي شَوَّالٍ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ صَوْما إذَا اعْتَكَفَ)

- ‌(بابٌ إذَا نَذَرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ أنْ يَعْتَكِفَ ثُمَّ أسْلَمَ)

- ‌(بابُ الاعْتِكَافِ فِي العَشْرِ الأوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ)

- ‌(بابُ منْ أرَادَ أنْ يَعْتَكِفَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أنْ يَخْرُجَ)

- ‌(بابُ المُعْتَكِفِ يُدْخِلِ رَأسَهُ البَيْتَ لِلْغُسْلِ)

- ‌(كِتَابُ البُيُوعِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قَوْلِ الله تعَالى {فإذَا قُضَيْتِ الصَّلَاةُ فانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ الله واذْكُرُوا الله كثِيرا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وإذَا رَأوْا تجَارَةً أوْ لَهْوا انْفَضُّوا إلَيْهَا وتَرَكُوكَ قائِما قُلْ مَا

- ‌(بابٌ الحَلَالُ بَيِّنٌ والحَرَامُ بَيِّنٌ وبَيْنَهُمَا مُشَبَّهاتٌ)

- ‌(بابُ تَفْسِير المشبَّهات)

- ‌(بابُ مَا يُتَنَزَّهُ مِنَ الشُّبُهَاتِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ الوَساوِسَ ونَحْوَها مِنَ المُشَبَّهاتِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {وإذَا رَأوْا تِجَارَةً أوْ لَهْوا انْفَضُّوا إلَيْهَا} (الْجُمُعَة:

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يُبَالِ مِنْ حَيْثُ كَسَبَ المَالَ)

- ‌(بابُ التِّجَارَةِ فِي البَرِّ وغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ الخُرُوجِ فِي التِّجَارَةِ)

- ‌(بابُ التِّجارَةِ فِي البَحْرِ)

- ‌(بابٌ {وإذَا رَأوْوا تِجارَةً أوْ لَهْوا انْفَضُّوا إلَيْهَا} وقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ ولَا بَيْعٌ عنْ ذِكْرِ الله}

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {أنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا كَسِبْتُمْ} (الْبَقَرَة:

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ الْبَسْطَ فِي الرِّزْقِ)

- ‌(بابُ شِرَاءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالنَّسِيئَةِ)

- ‌(بابُ كَسْبِ الرَّجُلِ وعَمَلِهِ بِيَدِهِ)

- ‌(بابُ السُّهُولَةِ والسَّمَاحَةِ فِي الشِّرَاءِ والْبَيْعِ ومَنْ طَلَبَ حَقَّا فلْيَطْلُبْهُ فِي عَفَافٍ)

- ‌(بابُ منْ أنْظَرَ مُوسِرا)

- ‌(بابُ مَنْ أنْظَرَ مُعْسِرا)

- ‌(بابٌ إذَا بَيَّنَ الْبَيْعَانِ ولَمْ يَكْتُما ونَصَحا)

- ‌(بابُ بَيْعِ الْخِلْطِ مِنَ التَّمْرِ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي اللَّحَّامِ والجَزَّارِ)

- ‌(بابُ مَا يَمْحَقُ الكَذِبَ والْكِتْمَانُ فِي الْبَيْعِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تأكُلُوا الرِّبَا أضْعَافا مُضاعفَةً واتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (آل عمرَان:

- ‌(بابُ آكِلِ الرِّبا وشَاهِدِهِ وكاتِبِهِ)

- ‌(بابُ مُوكِلِ الرِّبا)

- ‌(بابٌ {يمْحَقُ الله الرِّبَا ويُرْبي الصَّدَقاتِ وَالله لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أثِيم} (الْبَقَرَة:

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الحَلِفِ فِي البَيْعِ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي الصَّوَّاغِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ الْقِينِ والحَدَّادِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ الخَيَّاطِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ النَّسَّاجِ)

- ‌(بابُ النَّجَّارِ)

- ‌(بابُ شِرَاءِ الإمامِ الحَوَائِجَ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابُ شِرَاءِ الدَّوَابِّ والحَمِيرِ)

- ‌(بابُ الأسْوَاقِ الَّتِي كانَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ فَتَبَايَعَ بِهَا النَّاسُ فِي الإسْلَامِ)

- ‌(بابُ شِرَاءِ الإبِلِ الْهِيمِ أوْ الأجْرَبِ الْهَائِمِ المُخَالِفُ لِلْقَصْدِ فِي كُلِّ شَيْءٍ)

- ‌(بابُ بَيْعِ السِّلاحِ فِي الفِتْنَةِ وغَيْرِهَا)

- ‌(بابٌ فِي الْعَطَّارِ وبَيْعِ المِسْكِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ الحجَّامِ)

- ‌(بابُ التِّجَارَةِ فِيمَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ لِلرِّجَالِ والنِّساءِ)

- ‌(بابٌ صاحِبُ السِّلْعَةِ أحَقُّ بالسَّوْمِ)

- ‌(بابٌ كَمْ يَجُوزُ الخِيَارُ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُوَقِّتْ فِي الخِيارِ هَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ)

- ‌(بابٌ الْبَيِّعانِ بالخيارِ مَا لَمْ يتَفَرَّقا)

- ‌(بابٌ إذَا خَيَّرَ أحَدُهُمَا صاحِبَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَقدْ وجَبَ الْبَيْعُ)

- ‌(بابٌ إذَا كانَ الْبَائِعُ بالخِيَارِ هَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ)

- ‌(بابٌ إذَا اشْتَرَى شَيئا فَوَهَبَ مِنْ ساعَتِهِ قِبْلَ أنْ يَتَفَرَّقَا ولَمْ يُنْكِر البَائِعُ عَلى المُشْتَرِي أوِاشْتَري عَبْدا فأعْتَقَهُ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الخِدَاعِ فِي البَيْعِ)

- ‌(بابُ مَا ذُكِرَ فِي الأسْوَاقِ)

- ‌(بابُ كَرَاهِيَةِ السَّخَبِ فِي السُّوقِ)

- ‌(بابٌ الْكَيْلُ عَلَى الْبائِعِ والْمُعْطِى)

- ‌(بابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الكَيْلِ)

- ‌(بابُ بَرَكَةِ صاعِ النبيِّصلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومُدِّهِ)

- ‌(بابُ مَا يُذْكَرُ فِي بَيْعِ الطَّعامِ والحُكْرَةِ)

- ‌(بابُ بَيْع الطَّعام قَبْلَ أنْ يُقْبَضَ وبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ)

- ‌(بابُ مَنْ رَأى إذَا اشْتَرَى طَعاما جِزَافا أنْ لَا يَبِيعَهُ حتَّى يُؤْوِيهِ إلَى رَحْلِهِ والأدَبِ فِي ذَلِكَ)

- ‌(بابٌ إِذا اشْتَرَى مَتاعا أَو دَابَّةً فوَضَعَهُ عِنْدَ الْبائِعِ أوْ ماتَ قَبلَ أنْ يُقْبَضَ)

- ‌(بابٌ لَا يَبِيعُ عَلى بَيْعِ أخِيهِ ولَا يَسُومُ علَى سَوْمِ أخِيهِ حتَّى يأذَنَ لَهُ أوْ يَتْرُكَ)

- ‌(بابُ بَيْعِ المُزَايَدَةِ)

- ‌(بابُ النَّجْشِ)

- ‌(بابُ بَيْعِ الْغَرَرِ وحَبْلِ الْحَبَلَةِ)

- ‌(بابُ بَيْعِ المُلامَسَةِ)

- ‌(بابُ بَيْعِ المُنَابَذَةِ)

- ‌(بابُ النَّهْيِ لِلْبَائِعِ أنْ لَا يُحَفَّلَ الأبلَ والْبَقَرَ والْغَنَمُ وكُلَّ مَحْفَلَةٍ والمُصْرَاةُ الَّتِي صُرَّىَ لَبَنُهَا وحُقِنَ فِيهِ وجُمِعَ فَلَمْ يُحْلَبْ أيَّاما وأصْلُ التَّصْرِيَةِ حَبْسُ المَاءِ يُقالُ مِنْهُ صَرَّيْتُ الماءَ

- ‌(بابٌ إِن شاءَ رَدَّ المُصَرَّاةَ وفِي حَلُبتِهَا صاعٌ مِنْ تَمْرٍ)

- ‌(بابُ بَيْع الْعَبْدِ الزَّانِي)

- ‌(بابُ الْبَيْعِ والشِّرَاءِ مَعَ النِّسَاءِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَبِيعُ حاضِرٌ لِبَادٍ بِغَيْرِ أجْرٍ وهَلْ يُعِينُهُ أوْ يَنْصَحُهُ)

- ‌(بابُ مَنْ كَرِهَ أنْ يَبِيعَ حاضِرٌ لِبادٍ بأجْرٍ)

- ‌(بابٌ لَا يَبِيعُ حاضِرٌ لِبادٍ بالسَّمْسَرَةِ)

- ‌(بابُ النَّهْيِ عنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ)

- ‌(بابُ مُنْتَهَى التَّلَقِّي)

- ‌(بابٌ إذَا اشْتَرَطَ شُرُوطا فِي البَيْعِ لَا تَحِلُّ)

- ‌(بَاب بَيْعِ التَّمْرِ بالتَّمْرِ)

- ‌(بابُ بَيْعِ الزَّبِيبِ بالزَّبِيبِ والطَّعامُ بالطَّعامِ)

- ‌(بابُ بَيْعِ الشَّعِيرِ بالشَّعِيرِ)

- ‌(بابُ بَيْعِ الذَّهَبِ بالذَّهَبِ)

- ‌(بابُ بَيْعِ الْفِضَّةِ بالْفِضَّةِ)

- ‌(بابُ بَيْعِ الدِّينارِ بالدِّينارِ نَسَاءً)

- ‌(بابُ بَيْع الوَرَقِ بالذَّهَبِ نَسيئَةً)

- ‌(بابُ بَيْع الذَّهَبِ بالوَرِق يدَا بِيدٍ)

- ‌(بابُ بَيْع المزَابَنَةِ وهْيَ بَيْعُ التَّمْرِ بالثَّمَرِ وبَيْعُ الزَّبِيبِ بالكَرْمِ وبَيْعُ العَرَايا)

- ‌(بَاب بيع الثَّمر على رُؤْس النّخل بِالذَّهَب وَالْفِضَّة)

- ‌(بَاب تَفْسِير الْعَرَايَا)

الفصل: ‌(باب ما ذكر في الأسواق)

الْيَوْم وَشبهه ويسار عَلَيْهَا الْبَرِيد وَنَحْوه، وَفِي الدَّار الشَّهْر ليختبر ويشاور فِيهَا. وَلَا فرق بَين شَرط الْخِيَار للْبَائِع وَالْمُشْتَرِي. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: يجوز أَن يشْتَرط شهرا أَو أَكثر. وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَزفر: الْخِيَار فِي البيع ثَلَاثَة أَيَّام، وَلَا يجوز الزِّيَادَة عَلَيْهَا، فَإِن زَاد فسد البيع، وَرُوِيَ أَيْضا عَن ابْن شبْرمَة. وَفِي (شرح الْمُهَذّب) : وَيجوز شَرط خِيَار ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْبيُوع الَّتِي لَا رَبًّا فِيهَا، فَأَما الْبيُوع الَّتِي فِيهَا رَبًّا، وَهِي: الصّرْف وَبيع الطَّعَام بِالطَّعَامِ

فَلَا يجوز فِيهَا شَرط الْخِيَار، فَإِنَّهُ لَا يجوز أَن يَتَفَرَّقَا قبل تَمام البيع. وروى ابْن مَاجَه بِسَنَد جيد حسن من حَدِيث يُونُس بن بكير عَن ابْن إِسْحَاق: حَدثنِي نَافِع (عَن ابْن عمر، قَالَ: سَمِعت رجلا من الْأَنْصَار يشكو إِلَى النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، أَنه يغبن فِي الْبيُوع، فَقَالَ: إِذا بَايَعت فَقل: لَا خلابة، ثمَّ أَنْت بِالْخِيَارِ فِي كل سلْعَة ابتعتها ثَلَاث لَيَال) . وَلما رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي (تَارِيخه) بِسَنَد صَحِيح إِلَى ابْن إِسْحَاق جعله عَن منقذ بن عَمْرو. وروى ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : حَدثنَا عباد بن الْعَوام عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لمنقذ بن عَمْرو: (قل لَا خلابة إِذا بِعْت بيعا، فَأَنت بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا) . وروى عبد الرَّزَّاق فِي (مُصَنفه) من حَدِيث أبان ابْن أبي عَيَّاش: (عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَن رجلا اشْترى من رجل بَعِيرًا وَاشْترط عَلَيْهِ الْخِيَار أَرْبَعَة أَيَّام، فَأبْطل رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، البيع، وَقَالَ: الْخِيَار ثَلَاثَة أَيَّام) . وَذكره عبد الْحق فِي أَحْكَامه من جِهَة عبد الرَّزَّاق، وَأعله بِابْن أبي عَيَّاش. وَقَالَ: إِنَّه لَا يحْتَج بحَديثه مَعَ أَنه كَانَ رجلا صَالحا. وروى الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه عَن أَحْمد بن عبد الله بن ميسرَة. حَدثنَا أَبُو عَلْقَمَة حَدثنَا نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(الْخِيَار ثَلَاثَة أَيَّام) . وَأحمد بن عبد الله بن ميسرَة إِن كَانَ هُوَ الْحَرَّانِي فَهُوَ مَتْرُوك. وَقَالَ ابْن حبَان: ثمَّ التَّقْدِير بِالثلَاثِ خرج مخرج الْغَالِب، لِأَن النّظر يحصل فِيهَا غَالِبا، وَهَذَا لَا يمْنَع من الزِّيَادَة عِنْد الْحَاجة، كَمَا قدرت حِجَارَة الِاسْتِنْجَاء بِالثلَاثِ، ثمَّ تجب الزِّيَادَة عِنْد الْحَاجة، وَالله أعلم.

94 -

(بابُ مَا ذُكِرَ فِي الأسْوَاقِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا ذكر فِي الْأَسْوَاق، وَهُوَ جمع: سوق، وَهِي مَوضِع الْبياعَات، وَهِي مُؤَنّثَة وَقد تذكر.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ عَوْفٍ لَمَّا قَدِمْنا المَدِينَةَ قُلْتُ هَلْ مِنْ سُوقٍ فيهِ تِجَارَةٌ قَالَ سوقُ قَيْنُقاعَ

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (سوق بني قينقاع) ، وَهَذَا قِطْعَة من حَدِيث أنس، أخرجه مَوْصُولا، قَالَ: لما قدم عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف الْمَدِينَة

الحَدِيث، وَقد ذكره فِي أول كتاب الْبيُوع، وَمر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى. وَقَالَ ابْن بطال: أَرَادَ بِذكر الْأَسْوَاق إِبَاحَة المتاجر وَدخُول الْأَسْوَاق للأشراف والفضلاء. فَإِن قلت: روى أَحْمد وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم، وَصَححهُ من حَدِيث جُبَير بن مطعم:(أَن النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أحب الْبِقَاع إِلَى الله تَعَالَى الْمَسَاجِد، وَأبْغض الْبِقَاع إِلَى الله تَعَالَى الْأَسْوَاق) . وَأخرجه ابْن حبَان وَالْحَاكِم أَيْضا من حَدِيث ابْن عمر، نَحوه. قلت: هَذَا لم يثبت على شَرطه من أَنَّهَا شَرّ الْبِقَاع، فَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى هَذَا، وَلَكِن لَا يعلم إلَاّ من الْخَارِج. وَقَالَ ابْن بطال: وَهَذَا أخرج على الْغَالِب، وَالْأَقْرَب سوق يذكر الله فِيهَا أَكثر من كثير من الْمَسَاجِد.

وَقَالَ أنسٌ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمانِ دُلُّونِي عَلى السُّوقِ

هَذَا أَيْضا فِي نفس حَدِيث أنس الْمَذْكُور فِي أول كتاب الْبيُوع.

وَقَالَ عُمَرُ ألْهانِي الصَّفْقُ بِالأسْواقِ

هَذَا التَّعْلِيق أَيْضا وَصله البُخَارِيّ فِي أثْنَاء حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي: بَاب الْخُرُوج فِي التِّجَارَة فِي كتاب الْبيُوع.

8112 -

حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاحِ قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ زَكَرِيَّا عنْ مُحَمَّدِ بنِ سُوقَةَ عنْ نافِعِ ابنِ جُبَيْر بنِ مُطْعمٍ قَالَ حدَّثَتْنِي عائشةُ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ

ص: 235

فإذَا كانُوا بِبَيْداءَ مِنَ الأرْضِ يُخْسَفُ بأوَّلِهِمْ وآخِرِهِمْ قالَتْ قُلْتُ يَا رَسُول الله كَيْفَ يَا رسولَ الله كَيْفَ يُخْسَفُ بأوَّلِهِمْ وآخِرِهِمْ وفِيهِمْ أسْواقُهمْ ومَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ قَالَ يُخْسَفُ بِأوَّلِهِم وآخِرِهِم ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَفِيهِمْ أسواقهم) ، حَيْثُ ذكر هَذَا اللَّفْظ فِي الحَدِيث.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: مُحَمَّد بن الصَّباح، بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة، قد مر فِي: بَاب من اسْتَوَى قَاعِدا فِي صلَاته. الثَّانِي: إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا أَبُو زِيَاد الْأَسدي مَوْلَاهُم الخلقاني، قَالَ البُخَارِيّ: جَاءَ نعيه إِلَى أَهله سنة أَربع وَسبعين وَمِائَة. الثَّالِث: مُحَمَّد بن سوقة، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو وبالقاف: أَبُو بكر الغنوي، مر فِي كتاب الْعِيد. الرَّابِع: نَافِع بن جُبَير مصغر الْجَبْر ضد الْكسر ابْن مطعم، بِلَفْظ اسْم الْفَاعِل من الْإِطْعَام، مر فِي: بَاب الرجل يُوصي بِصَاحِبِهِ. الْخَامِس: أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وَفِيه: أَن شَيْخه بغدادي أَصله هروي نزل بَغْدَاد، وَأَن إِسْمَاعِيل وَمُحَمّد بن سوقة كوفيان، وَأَن نَافِعًا مدنِي. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصحابية، فَإِن مُحَمَّد بن سوقة من صغَار التَّابِعين وَكَانَ ثِقَة عابدا صَالحا وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث، وَحَدِيث آخر تقدم فِي الْعِيدَيْنِ. وَفِيه: أَن نَافِعًا هَذَا لَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ عَن عَائِشَة سوى هَذَا الحَدِيث، وَوَقع فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن بكار عَن إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا عَن مُحَمَّد بن سوقة: سَمِعت نَافِع بن جُبَير.

أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ وَفِيه: حَدَّثتنِي عَائِشَة، هَكَذَا قَالَ إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا عَن مُحَمَّد بن سوقة، وَخَالفهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة فَقَالَ: عَن مُحَمَّد بن سوقة عَن نَافِع بن جُبَير عَن أم سَلمَة أخرجه التِّرْمِذِيّ، وَيحْتَمل أَن يكون نَافِع بن جُبَير سَمعه مِنْهُمَا، فَإِن رِوَايَته عَن عَائِشَة أتم من رِوَايَته عَن أم سَلمَة. وَأخرجه مُسلم من وَجه آخر عَن عَائِشَة: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة حَدثنَا يُونُس بن مُحَمَّد حَدثنَا الْقَاسِم ابْن الْفضل الْحَرَّانِي عَن مُحَمَّد بن زِيَاد (عَن عبد الله بن الزبير: أَن عَائِشَة قَالَت: عَبث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي مَنَامه، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله {صنعت شَيْئا فِي مَنَامك لم تكن تَفْعَلهُ؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الْعجب أَن نَاسا من أمتِي يؤمُّونَ بِالْبَيْتِ بِرَجُل من قُرَيْش قد لَجأ بِالْبَيْتِ حَتَّى إِذا كَانَ بِالْبَيْدَاءِ خسف بهم، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله} إِن الطَّرِيق قد يجمع النَّاس. قَالَ: نعم فيهم المستبصر والمخبور وَابْن السَّبِيل، يهْلكُونَ مهْلكا وَاحِدًا وَيَصْدُرُونَ مصَادر شَتَّى يَبْعَثهُم الله على نياتهم.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (يَغْزُو جَيش الْكَعْبَة) أَي: يقْصد عَسْكَر من العساكر تخريب الْكَعْبَة. قَوْله: (ببيداء من الأَرْض)، وَفِي رِوَايَة مُسلم:(بِالْبَيْدَاءِ) ، وَفِي رِوَايَة لمُسلم عَن أبي جَعْفَر الباقر، قَالَ:(هِيَ بيداء الْمَدِينَة) ، وَهِي بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف ممدودة، وَهِي فِي الأَصْل الْمَفَازَة الَّتِي لَا شَيْء فِيهَا، وَهِي فِي هَذَا الحَدِيث اسْم مَوضِع مَخْصُوص بَين مَكَّة وَالْمَدينَة. قَوْله:(يخسف بأولهم وَآخرهمْ)، وَزَاد التِّرْمِذِيّ فِي حَدِيث صَفِيَّة:(وَلم ينج أوسطهم)، وَفِي مُسلم أَيْضا فِي حَدِيث حَفْصَة:(فَلَا يبْقى إلَاّ الشريد الَّذِي يخبر عَنْهُم) . قَوْله: (وَفِيهِمْ أسواقهم) ، جملَة حَالية، وَهُوَ جمع: سوق، وَالتَّقْدِير أهل أسواقهم الَّذين يبيعون ويشترون كَمَا فِي المدن. وَفِي (مستخرج) أبي نعيم:(وَفِيهِمْ أَشْرَافهم) ، بالشين الْمُعْجَمَة وَالرَّاء وَالْفَاء، وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن بكار عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ:(وَفِيه سواهُم)، وَقَالَ: وَقع فِي رِوَايَة البُخَارِيّ: (وَفِيهِمْ أسواقهم) وَلَيْسَ هَذَا الْحَرْف فِي حديثنا وأظن أَن أسواقهم تَصْحِيف فَإِن الْكَلَام فِي الْخَسْف بِالنَّاسِ لَا بالأسواق وَقَالَ بَعضهم بل لفظ: سواهُم، تَصْحِيف فَإِنَّهُ بِمَعْنى قَوْله: وَمن لَيْسَ مِنْهُم، فَيلْزم مِنْهُ التّكْرَار بِخِلَاف رِوَايَة البُخَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. نعم أقرب الرِّوَايَات إِلَى الصَّوَاب رِوَايَة أبي نعيم. انْتهى. قلت: لَا نسلم لُزُوم التّكْرَار، لِأَن معنى: أسواقهم: أهل أسواقهم، كَمَا ذكرنَا، وَالْمرَاد بقوله: وَمن لَيْسَ مِنْهُم: الضُّعَفَاء وَالْأسَارَى الَّذين لَا يقصدون التخريب، وَلَا نسلم أَيْضا أَن أقرب الرِّوَايَات إِلَى الصَّوَاب رِوَايَة أبي نعيم، لِأَن أَشْرَافهم هم عُظَمَاء الْجَيْش الَّذِي يقصدون التخريب، وَرِوَايَة البُخَارِيّ على حَالهَا صَحِيحَة على التَّفْسِير الَّذِي ذكرنَا. وَقَوله: بل لفظ سواهُم تَصْحِيف، غير صَحِيح، لِأَن مَعْنَاهُ: وَفِي الْجَيْش الَّذين يقصدون التخريب سواهُم مِمَّن لَا يقْصد وَلَا يقدر. قَوْله: (قَالَ: يخسف بأولهم وَآخرهمْ) أَي: قَالَ، صلى الله عليه وسلم، فِي جَوَاب عَائِشَة: يخسف بأولهم وَآخرهمْ، يَعْنِي: كلهم، هَذَا الَّذِي يفهم مِنْهُ بِحَسب الْعرف، قَالَ الْكرْمَانِي: لم يعلم

ص: 236

مِنْهُ الْعُمُوم إِذْ حكم الْوسط غير مَذْكُور، وَالْجَوَاب مَا قُلْنَا، أَو نقُول: إِن الْوسط آخر بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأول، وَأول بِالنِّسْبَةِ إِلَى الآخر، على أَنا قد ذكرنَا الْآن أَن فِي رِوَايَة صَفِيَّة:(وَلم ينج أوسطهم)، وَهَذَا يُغني عَن تكلّف الْجَواب. قَوْله:(ثمَّ يبعثون على نياتهم)، أَي: يخسف بِالْكُلِّ لشؤم الأشرار، ثمَّ أَنه تَعَالَى يبْعَث لكل مِنْهُم فِي الْحَشْر بِحَسب قَصده إِن خيرا فَخير، وَإِن شرا فشر.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: يُسْتَفَاد مِنْهُ قطعا قصد هَذَا الْجَيْش تخريب الْكَعْبَة، ثمَّ خسفهم بِالْبَيْدَاءِ وَعدم وصولهم إِلَى الْكَعْبَة لإخبار لمخبر الصَّادِق بذلك، وَقَالَ ابْن التِّين: يحْتَمل أَن يكون هَذَا الْجَيْش الَّذِي يخسف بهم هم الَّذين يهدمون الْكَعْبَة فينتقم مِنْهُم فيخسف بهم. رد عَلَيْهِ بِوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا: أَن فِي بعض طرق الحَدِيث عِنْد مُسلم: (أَن نَاسا من أمتِي) ، وَالَّذين يهدمونها من كفار الْحَبَشَة، وَالْآخر: أَن مُقْتَضى كَلَامه: يخسف بهم، بعد الْهدم وَلَيْسَ كَذَلِك، بل خسفهم قبل الْوُصُول إِلَى مَكَّة فضلا عَن هدمها. وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: أَن من كثَّر سَواد قوم فِي مَعْصِيّة وفتنة أَن الْعقُوبَة تلْزمهُ مَعَهم إِذا لم يَكُونُوا مغلوبين على ذَلِك. وَمن ذَلِك: أَن مَالِكًا استنبط من هَذَا أَن من وجد مَعَ قوم يشربون الْخمر وَهُوَ لَا يشرب أَنه يُعَاقب، وَاعْترض عَلَيْهِ بَعضهم بِأَن الْعقُوبَة الَّتِي فِي الحَدِيث هِيَ الهجمة السماوية، فَلَا يُقَاس عَلَيْهَا الْعُقُوبَات الشَّرْعِيَّة، وَفِيه: نظر، لِأَن الْعُقُوبَات الشَّرْعِيَّة أَيْضا بالأمور السماوية، وَمن ذَلِك: أَن الْأَعْمَال تعْتَبر بنية الْعَامِل والشارع أَيْضا، قَالَ:(وَلكُل امرىء مَا نوى)، وَمن ذَلِك وجوب التحذير من مصاحبة أهل الظُّلم ومجالستهم وتكثير سوادهم إلَاّ لمن اضطُرَّ. فَإِن قلت: مَا تَقول فِي مصاحبة التَّاجِر لأهل الْفِتْنَة؟ هَل هِيَ إِعَانَة لَهُم على ظلمهم أَو هِيَ من ضرورات البشرية؟ قلت: ظَاهر الحَدِيث يدل على الثَّانِي. وَالله أعلم. فَإِن قلت: مَا ذَنْب من أكره على الْخُرُوج أَو من جمعه وإياهم الطَّرِيق؟ قلت: إِن عَائِشَة لما سَأَلت وَأم سَلمَة أَيْضا سَأَلت، (قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله! فَكيف بِمن كَانَ كَارِهًا؟) رَوَاهُ مُسلم، أجَاب صلى الله عليه وسلم بقوله: (يبعثون على نياتهم بهَا، فماتوا حِين حضرت آجالهم، ويبعثون على نياتهم.

9112 -

حدَّثنا قُتَيْبَةُ قَالَ حدَّثنا جَرِيرٌ عنِ الأعْمَشِ عَن أبِي صالِحٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صَلاةُ أحَدِكُمْ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلاتِهِ فِي سوقِهِ وبَيْتِهِ بِضْعا وعِشْرِينَ درَجةً وذَلِكَ بأنَّهُ إذَا تَوَضَّأ فأحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ أتَى المَسْجِدَ لَا يُريدُ إلَاّ الصلاةَ لَا يَنْهَزُهُ إلَاّ الصَّلاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلَاّ رُفِعَ بِهَا درَجةً أَو حَطَّتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئةٌ والمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلى أحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَاّهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ اللَّهُمَّ صَلِّي علَيهِ أللَّهُمَّ ارْحَمْهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ وَقَالَ أحدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فِي سوقه)، وَالْغَرَض من إِيرَاد هَذَا الحَدِيث هُنَا ذكر السُّوق وَجَوَاز الصَّلَاة فِيهِ مَعَ أَنه أخرج هَذَا الحَدِيث فِي أَبْوَاب الْجَمَاعَة فِي: بَاب فضل الْجَمَاعَة، عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الْوَاحِد عَن الْأَعْمَش، قَالَ: سَمِعت أَبَا صَالح، يَقُول: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

الحَدِيث. وَهنا أخرجه: عَن قُتَيْبَة عَن سعيد عَن جرير بن عبد الحميد عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن أبي صَالح ذكْوَان الزيات السمان عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

قَوْله: (لَا ينهزه)، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون النُّون وَكسر الْهَاء بعْدهَا زَاي: أَي ينهضه وزنا وَمعنى، وَهَذِه الْجُمْلَة كالبيان للجملة السَّابِقَة عَلَيْهَا. قَوْله:(أللهم صل عَلَيْهِ)، أَي: يَقُول: اللَّهُمَّ صل عَلَيْهِ، وَهُوَ أَيْضا بَيَان لقَوْله:(تصلي) وَكَذَلِكَ قَوْله: (أللهم ارحمه) لقَوْله: (أللهم صل عَلَيْهِ)، وَكَذَا قَوْله:(مَا لم يؤذِ فِيهِ) مَا لم يحدث فِيهِ، وَمَعْنَاهُ: مَا لم يؤذ أحدكُم الْمَلَائِكَة نَتن الْحَدث.

0212 -

حدَّثنا آدَمُ بنُ أبِي إياسٍ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فِي السَّوقِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَبَا القَاسِمُ فالْتَفَتَ إلَيهِ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 237

فَقَالَ إنَّمَا دَعَوْتُ هذَا فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم سَمُّوا باسْمي وَلَا تكَنَّوْا بِكُنْيَتِي.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فِي السُّوق) . وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي صفة النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن حَفْص بن عمر، وروى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة فِي هَذَا الْبَاب مِنْهُم عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. أخرج حَدِيثه أَبُو دَاوُد حَدثنَا عُثْمَان وَأَبُو بكر ابْنا أبي شيبَة قَالَا: حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن فطر بن خَليفَة عَن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة، قَالَ:(قَالَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قلت: يَا رَسُول الله! إِن ولد لي بعْدك ولد أؤسميه بِاسْمِك وأكنيه بكنيتك؟ قَالَ: نعم) . قَالَ عَليّ للنَّبِي، صلى الله عليه وسلم، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ عَن ابْن بشار عَن يحيى بن سعيد عَن فطر بن خَليفَة

إِلَى آخِره نَحوه، وَقَالَ: حَدِيث صَحِيح. وَأخرجه الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا أَبُو أُميَّة قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن قادم، قَالَ: حَدثنَا فطر عَن الْمُنْذر الثَّوْريّ عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله إِن ولد لي ابْن أُسَمِّيهِ بِاسْمِك وأكنيه بكنيتك؟ قَالَ: نعم. وَكَانَت رخصَة من رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، لعَلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ) . ثمَّ قَالَ الطَّحَاوِيّ: فَذهب قوم إِلَى أَنه لَا بَأْس بِأَن تكنى الرِّجَال بِأبي الْقَاسِم، وَأَن يتسمى مَعَ ذَلِك بِمُحَمد، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِهَذَا الحَدِيث.

قلت: أَرَادَ بالقوم هَؤُلَاءِ: مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة ومالكا وَأحمد فِي رِوَايَة، فَإِنَّهُم قَالُوا: لَا بَأْس للرجل أَن يجمع بَين التكني بِأبي الْقَاسِم والتسمي بِمُحَمد، وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور. وَأجِيب عَن حَدِيث الْبَاب بأجوبة: الأول: أَنه مَنْسُوخ وَالثَّانِي: أَنه نهي تَنْزِيه. وَالثَّالِث: أَن النَّهْي عَن التكني بِأبي الْقَاسِم يخْتَص بِمن اسْمه مُحَمَّدًا وَأحمد، وَلَا بَأْس بهَا لمن لم يكن اسْمه ذَلِك.

وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: وَكَانَ فِي زمن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جمَاعَة قد كَانُوا متسمين بِمُحَمد مكتنين بِأبي الْقَاسِم، مِنْهُم: مُحَمَّد بن طَلْحَة، وَمُحَمّد بن الْأَشْعَث، وَمُحَمّد بن أبي حُذَيْفَة قلت: مُحَمَّد بن طَلْحَة هُوَ مُحَمَّد بن طَلْحَة بن عبد الله، وَذكره ابْن الْأَثِير فِي الصَّحَابَة، وَقَالَ: حمله أَبوهُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَمسح رَأسه وَسَماهُ مُحَمَّدًا، وَكَانَ يكنى أَبَا الْقَاسِم، وَكَانَ مُحَمَّد هَذَا يلقب بالسجاد لِكَثْرَة صلَاته وَشدَّة اجْتِهَاده فِي الْعِبَادَة، قتل يَوْم الْجمل مَعَ أَبِيه سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ، وَكَانَ هَوَاهُ مَعَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إلَاّ أَنه أطَاع أَبَاهُ، فَلَمَّا رَآهُ عَليّ قَالَ: هَذَا السَّجَّاد قَتله بر أَبِيه. وَمُحَمّد بن الْأَشْعَث بن قيس الْكِنْدِيّ قيل: إِنَّه ولد على عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ أَبُو نعيم: لَا تصح لَهُ صُحْبَة، وروى عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. وَمُحَمّد بن أبي حُذَيْفَة بن عتبَة ابْن ربيعَة بن عبد شمس بن عبد منَاف الْقرشِي العبشمي، كنيته أَبُو الْقَاسِم، ولد بِأَرْض الْحَبَشَة على عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْن خَال مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، وَلما قتل أَبوهُ أَبُو حُذَيْفَة أَخذه عُثْمَان بن عَفَّان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وكفله إِلَى أَن كبر، ثمَّ سَار إِلَى مصر فَصَارَ من أَشد النَّاس على عُثْمَان، وَقَالَ أَبُو نعيم: هُوَ أحد من دخل على عُثْمَان حِين حوصر فَقتل، وَلما استولى مُعَاوِيَة على مصر أَخذه وحبسه فهرب من السجْن، فظفر بِهِ رشد بن مولى مُعَاوِيَة فَقتله. قلت: وَمن جملَة من تسمى بِمُحَمد وتكنى بِأبي الْقَاسِم من أَبنَاء وُجُوه الصَّحَابَة: مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي طَالب، وَمُحَمّد بن سعيد بن أبي وَقاص، وَمُحَمّد بن حَاطِب، وَمُحَمّد بن الْمُنْتَشِر ذكرهم الْبَيْهَقِيّ فِي (سنَنه) فِي: بَاب من رخص فِي الْجمع بَين التسمي بِمُحَمد والتكني بِأبي الْقَاسِم. وَقَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالشَّافِعِيّ: لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يتكنى بِأبي الْقَاسِم كَانَ اسْمه مُحَمَّدًا أَو لم يكن. وَفِي (التَّوْضِيح) : وَمذهب الشَّافِعِي وَأهل الظَّاهِر أَنه لَا يحل التكني بِأبي الْقَاسِم لأحد أصلا، سَوَاء كَانَ اسْمه مُحَمَّدًا أم لم يكن لظَاهِر الحَدِيث أَي: حَدِيث الْبَاب وَهُوَ حَدِيث أنس الْمَذْكُور. وَقَالَ أَحْمد وَطَائِفَة من الظَّاهِرِيَّة: لَا يَنْبَغِي لأحد اسْمه مُحَمَّد أَن يتكنى بِأبي الْقَاسِم، وَلَا بَأْس لمن لم يكن اسْمه مُحَمَّدًا أَن يكنى بِأبي الْقَاسِم، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: (تسموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي) ، وَرَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه بأسانيد مُخْتَلفَة، وألفاظ مُتَغَايِرَة، وروى الطَّحَاوِيّ أَيْضا من حَدِيث جَابر نَحوه، وَأخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا، وروى مُحَمَّد بن عجلَان عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة يرفعهُ:(لَا تجمعُوا بَين اسْمِي وكنيتي، أَنا أَبُو الْقَاسِم الله يُعْطي وَأَنا أقسم) . وروى مُسلم عَن عبد الرَّحْمَن عَن أبي زرْعَة عَنهُ: (من تسمى باسمي فَلَا يتكنَّ بكنيتي، وَمن تكنَّ بكنيتي فَلَا يتسمَّ باسمي) . وروى ابْن أبي ليلى من حَدِيث أم حَفْصَة بنت عبيد عَن عَمها الْبَراء بن عَازِب: (من تسمى باسمي فَلَا يتكنَّ بكنيتي) . وَفِي لفظ: (لَا تجمعُوا بَين كنيتي وإسمي) .

قَوْله: (سموا) . أَمر من: سمى يُسَمِّي تَسْمِيَة. قَوْله: (وَلَا تكنوا)، قَالَ ابْن التِّين: ضبط فِي أَكثر الْكتب بِفَتْح التَّاء وَضم النُّون الْمُشَدّدَة،

ص: 238

وَفِي بَعْضهَا: بِضَم التَّاء وَالنُّون، وَفِي بَعْضهَا: بِفَتْح التَّاء وَالنُّون مُشَدّدَة مَفْتُوحَة على حذف إِحْدَى التَّاءَيْنِ. قلت: لِأَن أَصله: لَا تتكنوا.

1212 -

حدَّثنا مالِكُ بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حَدثنَا زُهَيْرٌ عنْ حُمَيْدٍ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ دعَا رجُلٌ بالْبَقِيعِ يَا أَبَا القَاسِمِ فالْتَفَتَ إلَيْهِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَمْ أعْنِكَ قَالَ سَمُّوا باسمي ولَا تكْتَنْوا بِكُنْيَتِي. .

هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة السَّابِق، وَقَالَ ابْن التِّين: لَيْسَ هَذَا الحَدِيث مِمَّا يدْخل فِي هَذَا التَّبْوِيب، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذكر السُّوق. وَقَالَ بَعضهم: وَفَائِدَة إِيرَاد الطَّرِيق الثَّانِيَة. قَوْله: (فِيهَا: إِنَّه كَانَ بِالبَقِيعِ)، فَأَشَارَ إِلَى أَن المُرَاد بِالسوقِ فِي الرِّوَايَة الأولى السُّوق الَّذِي كَانَ بِالبَقِيعِ. انْتهى. قلت: هَذَا يحْتَاج إِلَى دَلِيل على أَن المُرَاد مَا ذكره، وَالْبَقِيع فِي الأَصْل من الأَرْض الْمَكَان المتسع، وَلَا يُسمى بقيعا إلَاّ وَفِيه شجر أَو أُصُولهَا. وبقيع الْغَرْقَد: مَوضِع بِظَاهِر الْمَدِينَة فِيهِ قُبُور أَهلهَا، كَانَ بِهِ شجر الْغَرْقَد، فَذهب وَبَقِي اسْمه، وَفَائِدَة إِيرَاد هَذَا الطَّرِيق، وَإِن لم يكن فِيهِ ذكر السُّوق، التَّنْبِيه على أَنه رَوَاهُ من طَرِيقين، فالمطابقة للتَّرْجَمَة فِي الطَّرِيق الأولى ظَاهِرَة، وَأما الطَّرِيق الثَّانِيَة فَفِي الْحَقِيقَة تبع للطريق الأول، فَيدْخل فِي حكمه، وَقَالَ الْكرْمَانِي: مَا وَجه تعلقه بالترجمة؟ قلت: كَانَ فِي البقيع سوق فِي ذَلِك الْوَقْت. قلت: هَذَا يحْتَاج إِلَى الدَّلِيل كَمَا ذَكرْنَاهُ عِنْد قَول بَعضهم، وَالظَّاهِر أَنه أَخذ مَا قَالَه الْكرْمَانِي وَمَالك بن إِسْمَاعِيل بن زِيَاد أَبُو غَسَّان النَّهْدِيّ الْكُوفِي، وَزُهَيْر هُوَ ابْن مُعَاوِيَة قَوْله:(لم أعنِكَ) أَي: لم أقصدك. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْأَمر للْوُجُوب أَولا وَالنَّهْي للتَّحْرِيم آخرا. قلت: قد ذكرنَا جَوَابه عَن قريب.

2212 -

حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا سُفيَانُ عنْ عُبَيْدِ الله بنِ أبِي يَزِيدَ عنْ نافِعِ بنِ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِي رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فِي طائِفَةِ النَّهَارِ لَا يُكَلِّمُنِي ولَا أكَلِّمِهُ حَتَّى أَتَى سُوقَ بَنِي قَيْنُقَاعَ فجَلَسَ بِفَناءِ بَيْتِ فاطِمَةَ فَقَالَ أثمَّ لُكَعُ أثَمَّ لُكَعُ فَحَبَسَتْهُ شَيْئا فَظَنَنْتُ أنَّهَا تُلْبِسُهُ سِخابا أَو تُغَسِّلُهُ فَجاءَ يَشْتَدُّ حَتَّى عانَقَهُ وقَبَّلَهُ وَقَالَ أللَّهُمَ أحْبِبْهُ وأحبَّ منْ يحِبُّهُ. (الحَدِيث 2212 طرفه فِي: 4885) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (حَتَّى أَتَى سوق بني قينقاع) . وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعبيد الله ابْن أبي يزِيد من الزِّيَادَة قد مر فِي: بَاب وضع المَاء عِنْد الْخَلَاء.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي للباس عَن اسحاق بن ابراهيم الْحَنْظَلِي وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان بِهِ، وَعَن أَحْمد بن حَنْبَل عَنهُ بِبَعْضِه. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي المناقب عَن حُسَيْن بن حَرْب. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي السّنة عَن أَحْمد بن عَبدة عَن سُفْيَان نَحوه مُخْتَصرا.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (عَن عبيد الله)، وَفِي رِوَايَة مُسلم: عَن سُفْيَان حَدثنِي عبيد الله. قَوْله: (نَافِع بن جُبَير) ، هُوَ الْمَذْكُور فِي الحَدِيث الأول، وَلَيْسَ لَهُ عَن أبي هُرَيْرَة فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث. قَوْله:(الدوسي)، بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو وبالسين الْمُهْملَة: نِسْبَة إِلَى أبي هُرَيْرَة إِلَى دوس بن عدنان بن عبد الله، قَبيلَة فِي الأزد. قَوْله:(فِي طَائِفَة النَّهَار) أَي: فِي قِطْعَة مِنْهُ. قَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بَعْضهَا: فِي صائفة النَّهَار، أَي: حر النَّهَار، يُقَال: يَوْم صَائِف: أَي حَار. قلت: هَذَا هُوَ الْأَوْجه. قَوْله: (لَا يكلمني وَلَا ُأكَلِّمهُ) ، أما من جَانب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلَعَلَّهُ كَانَ مَشْغُول الْفِكر بِوَحْي أَو غَيره، وَأما من جَانب أبي هُرَيْرَة فللتوقير، وَكَانَ ذَلِك شَأْن الصَّحَابَة إِذا لم يرَوا مِنْهُ نشاطا. قَوْله:(فَجَلَسَ بِفنَاء بَيت فَاطِمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا) الفناء، بِكَسْر الْفَاء بعْدهَا نون ممدودة: اسْم للموضع المتسع الَّذِي أَمَام الْبَيْت. وَقَالَ الدَّاودِيّ: سقط بعض الحَدِيث عَن النافل، وَإِنَّمَا أَدخل حَدِيث فِي حَدِيث، إِذْ لَيْسَ بَيت فَاطِمَة فِي سوق بني قينقاع، إِنَّمَا بَيتهَا بَين بيُوت النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قيل: لَيْسَ فِيهِ إِدْخَال حَدِيث فِي حَدِيث، وَلَكِن فِيهِ بعض سقط، وَرِوَايَة مُسلم تبينه، وَلَفظه عَن سُفْيَان: حَتَّى جَاءَ سوق بني قينقاع ثمَّ

ص: 239

انْصَرف حَتَّى أَتَى فنَاء فَاطِمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَأخرجه الْحميدِي فِي (مُسْنده) عَن سُفْيَان، فَقَالَ فِيهِ: حَتَّى إِذا أَتَى فنَاء بَيت عَائِشَة فَجَلَسَ فِيهِ. وَالْأول أرجح. قَوْله: (فَقَالَ أَثم لكع؟) أَي: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَأَرَادَ بِهِ الْحسن، وَقيل: الْحُسَيْن على مَا سَيَأْتِي، والهمزة فِي: إِثْم؟ للاستفهام، و: ثمَّ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة: اسْم يشار بِهِ إِلَى الْمَكَان الْبعيد وَهُوَ ظرف لَا يتَصَرَّف، فَلذَلِك غلط من أعربه مَفْعُولا لرأيت فِي قَوْله تَعَالَى:{وَإِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت} (الْإِنْسَان: 02) . ولكع، بِضَم اللَاّم وَفتح الْكَاف وبالعين الْمُهْملَة. قَالَ الْأَصْمَعِي: الكلع العيس الَّذِي لَا يتَّجه لنظر وَلَا لغيره، مَأْخُوذ من الملاكيع، وَهُوَ الَّذِي يخرج مَعَ السلا من الْبَطن. وَقَالَ الْأَزْهَرِي: القَوْل قَول الْأَصْمَعِي، أَلا ترى أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْحسنِ وَهُوَ صَغِير: أَيْن لكع؟ أَرَادَ أَنه لصغره لَا يتَّجه لمنطق وَلَا مَا يصلحه، وَلم يرد أَنه لئيم وَلَا عبد، وَعلم مِنْهُ أَن اللَّئِيم يُسمى لكعا أَيْضا، وَكَذَلِكَ العَبْد يُسمى بِهِ. وَفِي (التَّلْوِيح) الْأَشْبَه والأجود أَن يحمل الحَدِيث على مَا قَالَه بِلَال بن جرير الخطفي، وَسُئِلَ عَن اللكع؟ فَقَالَ: فِي لغتنا هُوَ الصَّغِير. قَالَ الْهَرَوِيّ: وَإِلَى هَذَا ذهب الْحسن، إِذا قَالَ الْإِنْسَان: لَا يكع، يُرِيد: يَا صَغِير وَيُقَال للْمَرْأَة: لكيعة ولكعاء ولكاع وملكعانة، ذكره فِي (الموعب) . وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: لَا يُقَال ملكعانة إلَاّ فِي النداء، وَعَن ابْن يزِيد، اللكع الغلو، وَالْأُنْثَى لكعة. وَفِي (الْمُحكم) : اللكع الْمهْر. وَفِي (الْجَامِع) : أصل اللكع من اللكع وَلَكِن قلب. قَوْله: (فحسبته شَيْئا) أَي: فحبست فَاطِمَة الْحسن، أَي: منعته من الْمُبَادرَة إِلَى الْخُرُوج إِلَيْهِ قَلِيلا. قَوْله: (فَظَنَنْت) ، قَائِله أَبُو هُرَيْرَة. (أَنَّهَا)، أَي: أَن فَاطِمَة (تلبسه) بِضَم التَّاء من الإلباس أَي: تلبس الصَّغِير (سخابا) ، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وبالخاء الْمُعْجَمَة الْخَفِيفَة وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة، قَالَ الْخطابِيّ: هِيَ قلادة تتَّخذ من طيب لَيْسَ فِيهَا ذهب وَلَا فضَّة. وَقَالَ الدَّاودِيّ: من قرنفل. وَقَالَ الْهَرَوِيّ: هِيَ قلادة من خيط فِيهَا خرز تلبسه الصّبيان والجواري، وروى الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن ابْن أبي عمر أحد رُوَاة هَذَا الحَدِيث قَالَ: السخاب شَيْء يعْمل من الحنظل كالقميص والوشاح. قَوْله: (أَو تغسله) بِالتَّشْدِيدِ، وَفِي رِوَايَة الْحميدِي:(وتغسله) بِالْوَاو. قَوْله: (فجَاء يشْتَد) أَي: يسْرع فِي الْمَشْي، وَفِي رِوَايَة عمر بن مُوسَى عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ:(فجَاء الْحسن أَو الْحُسَيْن) ، وَقد أخرجه مُسلم عَن ابْن أبي عمر، فَقَالَ فِي رِوَايَته:(أثَمَّ لُكَّعْ؟) يَعْنِي: حسنا، وَكَذَا قَالَ الْحميدِي فِي (مُسْنده)، وَسَيَأْتِي فِي اللبَاس من طَرِيق وَرْقَاء عَن عبيد الله بن أبي يزِيد بِلَفْظ:(فَقَالَ: أَيْن لكع؟ أدع لي الْحسن بن عَليّ، فَقَامَ الْحسن بن عَليّ يمشي) . قَوْله: (حَتَّى عانقه)، وَفِي رِوَايَة وَرْقَاء عَن عبيد الله بن أبي يزِيد بِلَفْظ:(فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ هَكَذَا)، أَي: مدها. فَقَالَ الْحسن بِيَدِهِ هَكَذَا، فَالْتَزمهُ قَوْله:(أللهم أحبه) ، بِلَفْظ الدُّعَاء وبالإدغام، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أحببه، بفك الْإِدْغَام، وَزَاد مُسلم عَن ابْن أبي عمر:(فَقَالَ: أللهم إِنِّي أحبه فَأَحبهُ) . قَوْله: (وَأحب) أَمر أَيْضا. وَقَوله: (من يُحِبهُ) ، فِي مَحل النصب مَفْعُوله.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: بَيَان مَا كَانَ الصَّحَابَة عَلَيْهِ من توقير النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالْمَشْي مَعَه. وَفِيه: مَا كَانَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ من التَّوَاضُع من الدُّخُول فِي السُّوق وَالْجُلُوس بِفنَاء الدَّار وَرَحمته الصَّغِير والمزاح مَعَه، وَقَالَ السُّهيْلي: وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يمزح وَلَا يَقُول إلَاّ حَقًا، وَهَهُنَا أَرَادَ تشبيهه بالفلو وَالْمهْر، لِأَنَّهُ طِفْل، وَإِذا قصد بالْكلَام التَّشْبِيه لم يكن إلَاّ صدقا. وَفِيه: جَوَاز المعانقة وفيهَا خلاف، فَقَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين وَعبد الله بن عون وَأَبُو حنيفَة وَمُحَمّد: المعانقة مَكْرُوهَة، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد، قَالَ: أخبرنَا عبد الله، قَالَ: أخبرنَا حَنْظَلَة بن عبيد الله (عَن أنس بن مَالك، قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله! الرجل منا يلقى أَخَاهُ أَو صديقه، أفينحني لَهُ؟ فَقَالَ: لَا. قَالَ: أفيلتزمه ويقبله؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أفيأخذ بِيَدِهِ ويصافحه؟ قَالَ: نعم) . قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن. وَقَالَ الشّعبِيّ وَأَبُو مجلز: لَاحق بن حميد وَعَمْرو بن مَيْمُون وَالْأسود بن هِلَال وَأَبُو يُوسُف: لَا بَأْس بالمعانقة. وَرُوِيَ ذَلِك عَن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا فَهد، قَالَ: حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، وَقَالَ: حَدثنَا أَسد بن عَمْرو عَن مجَالد بن سعيد عَن عَامر عَن عبد الله بن جَعْفَر عَن أَبِيه قَالَ: لما قدمنَا على النَّبِي صلى الله عليه وسلم من عِنْد النَّجَاشِيّ تَلقانِي فاعتنقني، وَرِجَاله ثِقَات، ومجالد بن سعيد وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ، وروى لَهُ الْأَرْبَعَة، وروى الطَّحَاوِيّ عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة أَنهم كَانُوا يتعانقون، قَالَ: فَدلَّ ذَلِك على أَن مَا رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من إِبَاحَة المعانقة كَانَ مُتَأَخِّرًا عَمَّا رُوِيَ عَنهُ من النَّهْي عَن ذَلِك، وَفِي (التَّلْوِيح) : معانقته صلى الله عليه وسلم لِلْحسنِ إِبَاحَة ذَلِك،

ص: 240

وَأما معانقة الرجل للرجل فاستحبها سُفْيَان وكرهها مَالك، قَالَ: هِيَ بِدعَة، وتناظر مَالك وسُفْيَان فِي ذَلِك فاحتج سُفْيَان بِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فعل ذَلِك بِجَعْفَر، قَالَ مَالك: هُوَ خَاص لَهُ، فَقَالَ: مَا يَخُصُّهُ بِغَيْر ذَلِك؟ فَسكت مَالك. وَقَالَ صَاحب (الْهِدَايَة) : الْخلاف فِي المعانقة فِي إِزَار وَاحِد، وَأما إِذا كَانَ على المعانق قَمِيص أَو جُبَّة لَا بَأْس بِاتِّفَاق أَصْحَابنَا، وَهُوَ الصَّحِيح. وَفِيه: جَوَاز التَّقْبِيل، قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث فِي (شرح الْجَامِع الصَّغِير) الْقبْلَة على خَمْسَة أوجه: قبْلَة تَحِيَّة، وقبلة شَفَقَة، وقبلة رَحْمَة. وقبلة شَهْوَة، وقبلة مَوَدَّة. فَأَما قبْلَة التَّحِيَّة فكالمؤمنَيْن يقبل بعضهما بَعْضًا على الْيَد، وقبلة الشَّفَقَة قبْلَة الْوَلَد لوالده أَو لوالدته، وقبلة الرَّحْمَة قبْلَة الْوَالِد لوَلَده والوالدة لولدها على الخد، وقبلة الشَّهْوَة قبْلَة الزَّوْج لزوجته على الْفَم، وقبلة الْمَوَدَّة قبْلَة الْأَخ وَالْأُخْت على الخد، وَزَاد بَعضهم من أَصْحَابنَا: قبْلَة ديانَة، وَهِي الْقبْلَة على الْحجر الْأسود، وَقد وَردت أَحَادِيث وآثار كَثِيرَة فِي جَوَاز التَّقْبِيل، وَلَكِن مَحل ذَلِك إِذا كَانَ على وَجه المبرة وَالْإِكْرَام، وَأما إِذا كَانَ على وَجه الشَّهْوَة فَلَا يجوز إلَاّ فِي حق الزَّوْجَيْنِ، وَأما المصافحة فَلَا بَأْس بهَا بِلَا خلاف لِأَنَّهَا سنة قديمَة، وروى الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث حُذَيْفَة ابْن الْيَمَان عَن النَّبِي، صلى الله عليه وسلم. قَالَ:(إِن الْمُؤمن إِذا لَقِي الْمُؤمن فَسلم عَلَيْهِ وَأخذ بِيَدِهِ فصافحه تناثرت خطاياهما كَمَا يَتَنَاثَر ورق الشّجر) .

قَالَ سُفْيانُ قَالَ عُبَيْدُ الله أخبرَنِي أنَّهُ رَأى نافِعَ بنَ جُبَيْرٍ أوْتَرَ بِرَكْعَةٍ

هَذَا مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعبيد الله هُوَ ابْن أبي يزِيد الْمَذْكُور فِي الحَدِيث، وَقد تقدم الرَّاوِي على قَوْله: أَخْبرنِي أَنه، وَهَذَا لَا يضر، وَفَائِدَة إِيرَاد هَذِه الزِّيَادَة التَّنْبِيه على لَقِي عبيد الله لنافع بن جُبَير، فَلَا تضر العنعنة فِي الطَّرِيق الْمَوْصُول، لِأَن مَا ثَبت لقاؤه لمن حدث عَنهُ وَلم يكن مدلسا حملت عنعنته على السماع اتِّفَاقًا. وَإِنَّمَا الْخلاف فِي المدلس أَو فِيمَن لم يثبت لقِيه لمن روى عَنهُ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: مَا وَجه ذكر الْوتر فِي هَذَا الْبَاب؟ ثمَّ أجَاب بِأَنَّهُ لما روى عَن نَافِع انتهز الفرصة لبَيَان من ثَبت مِنْهُ مِمَّا اخْتلف فِي جَوَازه. انْتهى. قلت: لَا وَجه لما ذكره أصلا. وَالْوَجْه مَا ذَكرْنَاهُ.

74 -

(حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر قَالَ حَدثنَا أَبُو ضَمرَة قَالَ حَدثنَا مُوسَى عَن نَافِع قَالَ حَدثنَا ابْن عمر أَنهم كَانُوا يشْتَرونَ الطَّعَام من الركْبَان على عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فيبعث عَلَيْهِم من يمنعهُم أَن يبيعوه حَيْثُ اشتروه حَتَّى ينقلوه حَيْثُ يُبَاع الطَّعَام قَالَ وَحدثنَا ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ نهى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - أَن يُبَاع الطَّعَام إِذا اشْتَرَاهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيه) قيل لَيْسَ لذكر هَذَا الحَدِيث هَهُنَا وَجه (قلت) يُمكن أَن يُؤْخَذ وَجه الْمُطَابقَة بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين التَّرْجَمَة من لفظ الركْبَان لِأَن الشِّرَاء مِنْهُم يكون باستقبال النَّاس إيَّاهُم فِي مَوضِع وَهَذَا الْموضع يُطلق عَلَيْهِ السُّوق لِأَن السُّوق فِي اللُّغَة مَوضِع الْبياعَات وَهَذَا وَإِن كَانَ فِيهِ نوع تعسف فيستأنس بِهِ فِي وَجه الْمُطَابقَة فَافْهَم وَإِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر على لفظ اسْم الْفَاعِل من الْإِنْذَار أَبُو إِسْحَاق الْحزَامِي الْمدنِي وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ وَأَبُو ضَمرَة بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمِيم وبالراء اسْمه أنس بن عِيَاض وَقد مر فِي بَاب التبرز فِي الْبيُوت ومُوسَى بن عقبَة بِالْقَافِ ابْن أبي عَيَّاش الْمدنِي مولى الزبير بن الْعَوام مَاتَ سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَة والإسناد كُله مدنيون والْحَدِيث الْمَذْكُور من أَفْرَاده وَحَدِيث بيع الطَّعَام قبل الْقَبْض أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ بأسانيد مُخْتَلفَة وألفاظ متباينة قَوْله " من الركْبَان " وهم الْجَمَاعَة من أَصْحَاب الْإِبِل فِي السّفر وَهُوَ جمع رَاكب وَهُوَ فِي الأَصْل يُطلق على رَاكب الْإِبِل خَاصَّة ثمَّ اتَّسع فِيهِ فَأطلق على كل من ركب دَابَّة قَوْله " على عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - " أَي على زَمَنه قَوْله " فيبعث " أَي النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَوْله " من يمنعهُم " فِي مَحل النصب لِأَنَّهُ مفعول يبْعَث قَوْله " أَن يبيعوه " أَي بِأَن يبيعوه فكلمة أَن مَصْدَرِيَّة أَي من البيع فِي مَكَان اشتروه حَتَّى ينقلوه ويبيعوه حَيْثُ يُبَاع الطَّعَام فِي الْأَسْوَاق لِأَن الْقَبْض شَرط وبالنقل الْمَذْكُور يحصل الْقَبْض وَوجه نَهْيه عَن بيع مَا يشترى من الركْبَان إِلَّا بعد التَّحْوِيل إِلَى مَوضِع يُرِيد أَن يَبِيع فِيهِ الرِّفْق بِالنَّاسِ وَلذَلِك ورد النَّهْي عَن تلقي

ص: 241