الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَاتب اللَّيْث، وَالْحَاكِم. قطع على أَن البُخَارِيّ لم يخرج فِي (صَحِيحه) عَن عبد الله بن صَالح كَاتب اللَّيْث، نعم أخرج هَذَا الحَدِيث فِي كتاب (الْأَدَب) عَن عبد الله بن صَالح.
وَقَالَ سَعِيدٌ عنْ هِلَال عنْ عَطاءٍ عنِ ابنِ سَلَامٍ
سعيد هَذَا هُوَ ابْن أبي هِلَال، هُوَ الْمَذْكُور فِي سَنَد الحَدِيث عَن عَطاء بن يسَار عَن عبد الله بن سَلام الصَّحَابِيّ، وَقد خَالف سعيد هَذَا عبد الْعَزِيز وفليحا فِي تعْيين الصَّحَابِيّ، وَهَذِه الطَّرِيقَة وَصلهَا الدَّارمِيّ فِي (مُسْنده) وَيَعْقُوب بن سُفْيَان فِي (تَارِيخه) وَالطَّبَرَانِيّ جَمِيعًا بِإِسْنَاد وَاحِد عَنهُ، وَلَا مَانع أَن يكون عَطاء حمل الحَدِيث عَن كل من عبد الله بن عَمْرو وَعبد الله ابْن سَلام، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث مُحَمَّد بن يُوسُف بن عبد الله بن سَلام عَن أَبِيه عَن جده، قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة صفة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم.
غُلْفُ كُلُّ شَيْءٍ فِي غِلافٍ وسَيْفٌ أغْلَفُ وقَوْسٌ غَلْفاءُ ورجُلً أغْلَفُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَخْتُونا قالهُ أبُو عَبْدِ الله
غلف كل شَيْء، بِإِضَافَة: غلف، إِلَى: كل شَيْء، وَهُوَ مُبْتَدأ، وَقَوله: فِي غلاف، خَبره يَعْنِي: أَنه مَسْتُور عَن الْفَهم والتمييز، يُقَال: سيف أغلف إِذا كَانَ فِي غلاف، وَكَذَا يُقَال: قَوس غلفاء، إِذا كَانَت فِي غلاف يصنع لَهُ مثل الجعبة وَنَحْوهَا. قَوْله:(قَالَه أَبُو عبد الله) ، هُوَ البُخَارِيّ نَفسه.
15 -
(بابٌ الْكَيْلُ عَلَى الْبائِعِ والْمُعْطِى)
هَذَا بَاب فِي بَيَان مؤونة الْكَيْل على البَائِع، وَكَذَا مؤونة الْوَزْن، أَي: فِيمَا يُوزن على البَائِع. قَوْله: (والمعطي) أَي: ومؤونة الْكَيْل على الْمُعْطِي أَيْضا، سَوَاء كَانَ بَائِعا أَو موفيا للدّين أَو غير ذَلِك.
وَقَالَ الْفُقَهَاء: إِن الْكَيْل وَالْوَزْن فِيمَا يُكَال ويوزن من المبيعات على البَائِع، وَمن عَلَيْهِ الْكَيْل وَالْوَزْن فَعَلَيهِ أُجْرَة ذَلِك، وَهُوَ قَول مَالك وَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأبي ثَوْر. وَقَالَ الثَّوْريّ: كل بيع فِيهِ كيل أَو وزن أَو عدد فَهُوَ على البَائِع حَتَّى يُوفيه إِيَّاه، فَإِن قَالَ: أبيعك النَّخْلَة فجذاذها على المُشْتَرِي، وَفِي (التَّوْضِيح) : وَعِنْدنَا أَن مؤونة الْكَيْل على البَائِع وَوزن الثّمن على المُشْتَرِي، وَفِي أُجْرَة النقادوجهان، وَيَنْبَغِي أَن يكون على البَائِع، وَأُجْرَة النَّقْل الْمُحْتَاج إِلَيْهِ فِي تَسْلِيم الْمَنْقُول على المُشْتَرِي، صرح بِهِ الْمُتَوَلِي. وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا: على الإِمَام أَن ينصب كيالاً ووزانا فِي الْأَسْوَاق ويرزقهما من سهم الْمصَالح.
وَقَالَت الْحَنَفِيَّة: وَأُجْرَة نقد الثّمن ووزنه على المُشْتَرِي، وَعَن مُحَمَّد بن الْحسن: أُجْرَة نقد الثّمن على البَائِع، وَعنهُ أَن أُجْرَة النَّقْد على رب الدّين بعد الْقَبْض، وَقَبله على الْمَدِين، وَأُجْرَة الكيال على البَائِع فِيمَا إِذا كَانَ البيع مكايلة، وَكَذَا أُجْرَة وزن الْمَبِيع وذرعه وعده على البَائِع، لِأَن هَذِه الْأَشْيَاء من تَمام التَّسْلِيم، وَهُوَ على البَائِع، وَكَذَا إِتْمَامه.
وقَوْلِ الله تَعَالى {وإذَا كَالُوهُمْ أوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} (المطففين: 3) . يعْنِي كالُوا لَهُمْ وَوَزَنُوا لَهُمْ كَقَوْلِهِ يَسْمَعُونَكُمْ: يَسْمَعُونَ لَكُمْ
قَول الله، بِالْجَرِّ عطفا على قَوْله: الْكَيْل، وَالتَّقْدِير: بَاب فِي بَيَان الْكَيْل، وَفِي بَيَان معنى قَوْله:{وَإِذا كالوهم} (المطففين: 3) . وَقد بَينه بقوله: يَعْنِي: كالوهم
…
إِلَى آخِره، وَفِي بعض النّسخ: لقَوْل الله تَعَالَى: {وَإِذا كالوهم} (المطففين: 3) . فعلى هَذِه يَقع هَذَا تعليلاً للتَّرْجَمَة، فوجهه أَنه لما كَانَ الْكَيْل على البَائِع وعَلى الْمُعْطِي، بالتفسير الَّذِي ذَكرْنَاهُ، وَجب عَلَيْهِمَا تَوْفِيَة الْحق الَّذِي عَلَيْهِمَا فِي الْكَيْل وَالْوَزْن، فَإِذا خانوا فيهمَا بِزِيَادَة أَو نُقْصَان فقد دخلا تَحت قَوْله تَعَالَى: {ويل لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذين
…
} (المطففين: 1) . إِلَى قَوْله: {يخسرون} (المطففين: 1) . وعَلى النُّسْخَة الْمَشْهُورَة تكون الْآيَة من التَّرْجَمَة، وَهَذِه السُّورَة مَكِّيَّة فِي رِوَايَة همام وَقَتَادَة وَمُحَمّد بن ثَوْر عَن معمر، وَقَالَ السّديّ: مَدَنِيَّة. وَقَالَ الْكَلْبِيّ: نزلت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي طَرِيقه من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي (مقامات التَّنْزِيل) : نظرت فِي اخْتلَافهمْ فَوجدت أول السُّورَة مدنيا، كَمَا قَالَ السّديّ، وَآخِرهَا مكيا، كَمَا قَالَ قَتَادَة. وَقَالَ الواحدي عَن السّديّ: قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
الْمَدِينَة وَبهَا رجل يُقَال لَهُ: أَبُو جُهَيْنَة، وَمَعَهُ صَاعَانِ يَكِيل بِأَحَدِهِمَا وَيَكْتَال بِالْآخرِ، فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة. وَفِي (تَفْسِير) الطَّبَرِيّ: كَانَ عِيسَى بن عمر فِيمَا ذكر عَنهُ يجعلهما حرفين، وَيقف عَليّ: كالوا وعَلى: وزنوا، فِيمَا ذكر ثمَّ يبتدىء فَيَقُول: هم يخسرون، وَالصَّوَاب عندنَا فِي ذَلِك الْوَقْف على: هم، يَعْنِي: كالوهم. قَوْله: (يَعْنِي: كالوا لَهُم) ، حذف الْجَار وأوصل الْفِعْل، وَفِيه وَجه آخر، وَهُوَ: أَن يكون على حذف الْمُضَاف وَهُوَ الْمكيل وَالْمَوْزُون. أَي: كالوا مكيلهم.
وَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: اكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا
هَذَا التَّعْلِيق ذكره ابْن أبي شيبَة من حَدِيث طَارق بن عبد الله الْمحَاربي بِسَنَد صَحِيح. قَوْله: (اكتالوا) ، أَمر للْجَمَاعَة من الاكتيال، وَالْفرق بَين الْكَيْل والاكتيال أَن الاكتيال إِنَّمَا يسْتَعْمل إِذا كَانَ الْكَيْل لنَفسِهِ، كَمَا يُقَال: فلَان مكتسب لنَفسِهِ وكاسب لنَفسِهِ وَلغيره، وكما يُقَال: اشتوى إِذا اتخذ الشواء لنَفسِهِ، وَإِذا قيل: شوى، هُوَ أَعم من أَن يكون لنَفسِهِ وَلغيره.
ويُذْكَرُ عنْ عُثْمَانَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ إذَا بِعْتَ فَكِلْ وإذَا ابْتَعْتَ فاكْتَلْ
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن معنى قَوْله: (إِذا بِعْت فَكل)، هُوَ معنى قَوْله فِي التَّرْجَمَة: بَاب الْكَيْل على البَائِع، وَقَالَ ابْن التِّين: هَذَا لَا يُطَابق التَّرْجَمَة لِأَن معنى قَوْله: (إِذا بِعْت فَكل)، أَي: فأوفِ، وَإِذا ابتعت فاكتل، أَي: استوفِ. قَالَ: وَالْمعْنَى أَنه إِذا أعْطى أَو أَخذ لَا يزِيد وَلَا ينقص أَي: لَا لَك وَلَا عَلَيْك. قلت: لَا ينْحَصر مَعْنَاهُ على مَا ذكره، لِأَنَّهُ جَاءَ فِي حَدِيث رَوَاهُ اللَّيْث وَلَفظه: أَن عُثْمَان، قَالَ: كنت أَشْتَرِي التَّمْر من سوق بني قينقاع، ثمَّ أجلبه إِلَى الْمَدِينَة ثمَّ أفرغه لَهُم وَأخْبرهمْ بِمَا فِيهِ من المكيلة، فيعطوني مَا رضيت بِهِ من الرِّبْح، ويأخذونه بخبري، فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ:(إِذا بِعْت فَكل) فَظهر من ذَلِك أَن مَعْنَاهُ: إِعْطَاء الْكَيْل حَقه، وَهُوَ أَن يكون الْكَيْل عَلَيْهِ، وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ طلب عدم الزِّيَادَة أَو نقصانه، فَظهر من ذَلِك أَن وَجه الْمُطَابقَة بَين الحَدِيث والترجمة مَا ذَكرْنَاهُ.
وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق عبيد الله بن الْمُغيرَة عَن منقذ مولى سراقَة عَن عُثْمَان بِهَذَا، ومنقذ مَجْهُول الْحَال، لَكِن لَهُ طَرِيق آخر أخرجه أَحْمد وَابْن مَاجَه وَالْبَزَّار من طَرِيق مُوسَى بن وردان عَن سعيد ابْن الْمسيب عَن عُثْمَان بِهِ. فَإِن قلت: فِي طَرِيقه ابْن لَهِيعَة؟ قلت: هُوَ من قديم حَدِيثه، لِأَن ابْن عبد الحكم أوردهُ فِي (فتوح مصر) من طَرِيق اللَّيْث عَنهُ.
6212 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ نافِعٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ منِ ابْتاعَ طَعَاما فَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَه.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ النَّهْي عَن بيع الطَّعَام إلَاّ بعد الِاسْتِيفَاء، وَهُوَ الْقَبْض، وَإِذا أَرَادَ البيع بعده يكون الْكَيْل عَلَيْهِ، وَهُوَ معنى التَّرْجَمَة، وَقد مضى معنى هَذَا الحَدِيث فِي آخر حَدِيث عَن ابْن عمر أَيْضا فِي آخر: بَاب مَا ذكر فِي الْأَسْوَاق.
والْحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ أَيْضا عَن عبد الله بن سَلمَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر على مَا يَأْتِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَأخرجه مُسلم فِي حَدِيث نَافِع فِي لفظ:(فنهانا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن نبيعه حَتَّى ننقله من مَكَانَهُ)، وَفِي لفظ:(حَتَّى يَسْتَوْفِيه ويقبضه) ، وَرُوِيَ من حَدِيث عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر، وَلَفظه:(فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يقبضهُ)، وَرُوِيَ من حَدِيث سَالم عَن ابْن عمر وَلَفظه:(أَنهم كَانُوا يضْربُونَ على عهد رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، إِذا اشْتَروا طَعَاما جزَافا أَن يبيعوه فِي مَكَانَهُ حَتَّى يحولوه) . وَفِي لفظ: (حَتَّى يؤووه إِلَى رحالهم)، وَرُوِيَ أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(من اشْترى طَعَاما فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يكتاله) ، وَرُوِيَ أَيْضا من حَدِيث جَابر بن عبد الله، يَقُول:(كَانَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، يَقُول: إِذا ابتعت الطَّعَام فَلَا تبعه حَتَّى تستوفيه) . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن عمر وَلَفظه: (نهى أَن يَبِيع أحد طَعَاما اشْتَرَاهُ بكيل حَتَّى يَسْتَوْفِيه)، وَرُوِيَ أَيْضا من حَدِيث ابْن عَبَّاس:(من ابْتَاعَ طَعَاما فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يقبضهُ) . وَرُوِيَ أَيْضا من حَدِيث زيد بن ثَابت: نهى أَن تبَاع السّلع حَيْثُ تبْتَاع حَتَّى يجوزوها إِلَى رحالهم. وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي آخر: بَاب الْأَسْوَاق.