الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المُرَاد الشّغل الْحَاصِل من جِهَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَلم يَقع فِي رِوَايَة مُسلم عَن أَحْمد عَن يُونُس شيخ البُخَارِيّ قَالَ يحيى: الشّغل إِلَى آخِره، وَوَقع فِي رِوَايَته عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ يحيى بن سعيد بِهَذَا الْإِسْنَاد، غير أَنه قَالَ: وَذَلِكَ لمَكَان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَفِي رِوَايَة عَن مُحَمَّد بن رَافع، قَالَ: فَظَنَنْت أَن ذَلِك لمكانها من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، يحيى يَقُوله، وَفِي رِوَايَته عَن عَمْرو النَّاقِد لم يذكر فِي الحَدِيث الشّغل برَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَرِوَايَته عَن يُونُس بِدُونِ ذكر يحيى، يدل على أَن قَوْله: الشّغل من رَسُول الله أَو برَسُول الله صلى الله عليه وسلم من كَلَام عَائِشَة، أَو من كَلَام من روى عَنْهَا. وَأخرجه أَبُو دَاوُد من طَرِيق مَالك وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق يحيى الْقطَّان بِدُونِ هَذِه الزِّيَادَة، وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَة مُسلم فِي رِوَايَته عَن عَمْرو النَّاقِد كَمَا ذَكرْنَاهُ، وَقَالَ بَعضهم: وَأخرجه مُسلم من طَرِيق مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن أبي سَلمَة بِدُونِ الزِّيَادَة، لَكِن فِيهِ مَا يشْعر بهَا، فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: فَمَا أَسْتَطِيع قضاءها مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. انْتهى. قلت: لَيْسَ متن حَدِيث هَذَا الطَّرِيق مثل الَّذِي ذكره، وَإِنَّمَا قَالَ مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن أبي عمر الْمَكِّيّ، قَالَ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي عَن يزِيد بن عبد الله بن الْهَاد عَن مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: إِن كَانَت إحدانا لتفطر فِي زمَان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَمَا تَسْتَطِيع أَن تقضيه مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَأْتِي شعْبَان. وروى التِّرْمِذِيّ وَابْن خُزَيْمَة من طَرِيق عبد الله الْبَهِي عَن عَائِشَة: مَا قضيت شَيْئا مِمَّا يكون عَليّ من رَمَضَان إلَاّ فِي شعْبَان، حَتَّى قبض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قيل: مِمَّا يدل على ضعف الزِّيَادَة أَنه، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يقسم لنسائه فيعدل، وَكَانَ يدنو من الْمَرْأَة فِي غير نوبتها فيقبِّل ويلمس من غير جماع، فَلَيْسَ فِي شغلها بِشَيْء من ذَلِك مِمَّا يمْنَع الصَّوْم، أللهم إلَاّ أَن يُقَال: كَانَت لَا تَصُوم إلَاّ بِإِذْنِهِ وَلم يكن يَأْذَن لاحْتِمَال حَاجته إِلَيْهَا، فَإِذا ضَاقَ الْوَقْت أذن لَهَا. وَكَانَ، صلى الله عليه وسلم، يكثر الصَّوْم فِي شعْبَان، فَلذَلِك كَانَت لَا يتهيأ لَهَا الْقَضَاء إلَاّ فِي شعْبَان. قلت: وَكَانَت كل وَاحِدَة من نِسَائِهِ، صلى الله عليه وسلم، مهيئة نَفسهَا لرَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، لاستمتاعه من جَمِيع أوقاته إِن أَرَادَ ذَلِك، وَلَا تَدْرِي مَتى يُريدهُ، وَلَا تستأذنه فِي الصَّوْم مَخَافَة أَن يَأْذَن وَقد يكون لَهُ حَاجَة فِيهَا فتفوتها عَلَيْهِ، وَهَذَا من عادتهن، وَقد اتّفق الْعلمَاء على أَن الْمَرْأَة يحرم عَلَيْهَا صَوْم التَّطَوُّع وبعلها حَاضر إلَاّ بِإِذْنِهِ، لحَدِيث أبي هُرَيْرَة الثَّابِت فِي مُسلم:(وَلَا تَصُوم إلَاّ بِإِذْنِهِ)، وَقَالَ الْبَاجِيّ: وَالظَّاهِر أَنه لَيْسَ للزَّوْج جبرها على تَأْخِير الْقَضَاء إِلَى شعْبَان، بِخِلَاف صَوْم التَّطَوُّع، وَنقل الْقُرْطُبِيّ عَن بعض أشياخه، أَن لَهَا أَن تقضي بِغَيْر إِذْنه لِأَنَّهُ وَاجِب، وَيحمل الحَدِيث على التَّطَوُّع.
وَمِمَّا يُسْتَفَاد من هَذَا الحَدِيث: أَن الْقَضَاء موسع، وَيصير فِي شعْبَان مضيقا، وَيُؤْخَذ من حرصها على الْقَضَاء فِي شعْبَان أَنه لَا يجوز تَأْخِير الْقَضَاء حَتَّى يدْخل رَمَضَان، فَإِن دخل فالقضاء وَاجِب أَيْضا، فَلَا يسْقط. وَأما الْإِطْعَام فَلَيْسَ فِي الحَدِيث لَهُ ذكر، لَا بِالنَّفْيِ وَلَا بالإثبات، وَقد تقدم بَيَان الْخلاف فِيهِ. وَفِيه: أَن حق الزَّوْج من الْعشْرَة والخدمة يقدم على سَائِر الْحُقُوق مَا لم يكن فرضا محصورا فِي الْوَقْت، وَقيل: قَول عَائِشَة: فَمَا أَسْتَطِيع أَن أقضيه إلَاّ فِي شعْبَان، يدل على أَنَّهَا كَانَت لَا تتطوع بِشَيْء من الصّيام، لَا فِي عشر ذِي الْحجَّة، وَلَا فِي عَاشُورَاء وَلَا فِي غَيرهمَا، وَهُوَ مَبْنِيّ على أَنَّهَا مَا كَانَت ترى جَوَاز صِيَام التَّطَوُّع لمن عَلَيْهِ دين من رَمَضَان، وَلَكِن من أَيْن ذَلِك لمن يَقُول بِهِ، والْحَدِيث سَاكِت عَن هَذَا؟
14 -
(بابُ الحَائِضِ تَتْرُكُ الصَّوْمَ والصَّلاةَ)
أَي: هَذَا بَاب تذكر فِيهِ: الْحَائِض تتْرك الصَّوْم وَالصَّلَاة، إِنَّمَا قَالَ: تتْرك للْإِشَارَة إِلَى أَنه مُمكن حسا وَلكنهَا تتركهما اخْتِيَارا لمنع الشَّرْع لَهَا من مباشرتهما.
وَقَالَ أبُو الزِّنادِ: إنَّ السُّنُنَ وَوُجُوه الحَقِّ لَتَأتِي كَثيرا عَلَى خِلافِ الرَّأيِ فَمَا يَجِدُ المُسْلِمُونَ بُدّا مِنِ اتِّبَاعِهَا مِنْ ذلِكَ أنَّ الحَائِضَ تَقْضِي الصِّيَامَ ولَا تَقْضِي الصَّلاةَ
أَبُو الزِّنَاد، بِكَسْر الزَّاي وبالنون: اسْمه عبد الله بن ذكْوَان الْقرشِي أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمدنِي، وَعَن ابْن معِين: ثِقَة حجَّة، وَعَن أَحْمد: كَانَ سُفْيَان يُسَمِّي أَبَا الزِّنَاد أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي الحَدِيث، مَاتَ سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة، وَهُوَ ابْن سِتّ وَسِتِّينَ سنة، وأبدله ابْن بطال