الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ عمر بن الْخطاب يَقُول: إِن كنت كتبتني شقيا فامحني، وَمَا قَالَ: إِن كنت علمتني، لِأَن مَا علم وُقُوعه لَا بُد أَن يَقع. وَيبقى على هَذَا الْجَواب إِشْكَال، وَهُوَ أَن يُقَال: إِذا كَانَ المحتوم وَاقعا فَمَا الَّذِي الَّذِي أَفَادَهُ زِيَادَة الْمَكْتُوب ونقصانه؟ فَالْجَوَاب: أَن الْمُعَامَلَات على الظَّوَاهِر، والمعلوم الْبَاطِن خَفِي لَا يعلق عَلَيْهِ حكم، فَيجوز أَن يكون الْمَكْتُوب يزِيد وَينْقص ويمحى وَيثبت ليبلغ ذَلِك على لِسَان الشَّرْع إِلَى الْآدَمِيّ، فَيعلم فَضِيلَة الْبر وشؤم العقوق. وَيجوز أَن يكون هَذَا مِمَّا يتَعَلَّق بِالْمَلَائِكَةِ، عليهم السلام، فتؤمر بالإثبات والمحو، وَالْعلم الحتم لَا يطلعون عَلَيْهِ. وَمن هَذَا إرْسَال الرُّسُل إِلَى من لَا يُؤمن. الْخَامِس: أَن زِيَادَة الْأَجَل تكون بِالْبركَةِ فِيهِ وتوفيق صَاحبه لفعل الْخيرَات وبلوغ الْأَغْرَاض، فنال فِي قصر الْعُمر مَا يَنَالهُ غَيره فِي طويله. وَزعم عِيَاض أَن المُرَاد بذلك: بَقَاء ذكره الْجَمِيل بعد الْمَوْت على الْأَلْسِنَة، فَكَأَنَّهُ لم يمت، وَذكر الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ: أَن المُرَاد بذلك قلَّة الْمقَام فِي البرزخ.
41 -
(بابُ شِرَاءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالنَّسِيئَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان شِرَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِالنَّسِيئَةِ بِفَتْح النُّون وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْهمزَة، وَهُوَ الْأَجَل وَفِي (الْمغرب) : يُقَال: بَعثه بنساء ونسيء وبالنسيئة، بِمَعْنى.
8602 -
حدَّثنا مُعَلَّى بنُ أسَدٍ قَالَ حَدثنَا عَبْدُ الوَاحِدِ قَالَ حدَّثنا الأعْمَشُ قَالَ ذَكَرْنا عِنْدَ إبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِي السَّلَمِ فَقَالَ حدَّثني الأسْوَدُ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى طَعاما مِنْ يَهُودِيٍّ إلَى أجَلٍ ورَهَنَهُ دِرْعا مِنْ حَدِيدٍ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: مُعلى، بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام الْمَفْتُوحَة: ابْن أَسد أَبُو الْهَيْثَم. الثَّانِي: عبد الْوَاحِد بن زِيَاد. الثَّالِث: سُلَيْمَان الْأَعْمَش. الرَّابِع: إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ. الْخَامِس: الْأسود بن يزِيد. السَّادِس: أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع. القَوْل فِي موضِعين وَفِيه: أَن شَيْخه وَعبد الْوَاحِد بصريان، والبقية كوفيون. وَفِيه: ثَلَاثَة من التَّابِعين على نسق وَاحِد، وهم الْأَعْمَش وَإِبْرَاهِيم وَالْأسود. وَفِيه: رِوَايَة الرَّاوِي عَن خَاله وَهُوَ إِبْرَاهِيم يروي عَن الْأسود وَهُوَ خَاله.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ فِي أحد عشر موضعا فِي الْبيُوع وَفِي الاستقراض وَفِي الْجِهَاد عَن مُعلى بن أَسد، وَفِي السّلم عَن مُحَمَّد بن مَحْبُوب، وَفِي الشّركَة عَن مُسَدّد وَفِي الْبيُوع أَيْضا عَن يُوسُف بن عِيسَى وَعَن عمر بن حَفْص وَفِي السّلم أَيْضا عَن مُحَمَّد عَن يعلى بن عبيد وَفِي الرَّهْن عَن قُتَيْبَة وَفِي الْجِهَاد أَيْضا عَن مُحَمَّد بن كثير وَفِي الْمَغَازِي عَن قبيصَة بن عقبَة. وَأخرجه مُسلم فِي الْبيُوع عَن يحيى بن يحيى وَأبي بكر بن أبي شيبَة وَأبي كريب وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعلي بن خشرم وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة أَيْضا وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم أَيْضا. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن آدم وَعَن أَحْمد بن حَرْب. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَحْكَام عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (فِي السّلم)، أَي: السّلف وَلم يرد بِهِ السّلم الَّذِي هُوَ بيع الدّين بِالْعينِ، وَهُوَ أَن يُعْطي ذَهَبا أَو فضَّة فِي سلْعَة مَعْلُومَة إِلَى أمد مَعْلُوم. قَوْله:(اشْترى طَعَاما من يَهُودِيّ) ، وَاخْتلف فِي مِقْدَار مَا استدانه من الطَّعَام، فَفِي البُخَارِيّ من حَدِيث عَائِشَة:(بِثَلَاثِينَ صَاعا من شعير)، وَفِي أُخْرَى:(بِعشْرين)، وَفِي (مُصَنف) عبد الرَّزَّاق:(بوسق شعير أَخذه لأَهله)، وللبزار من طَرِيق ابْن عَبَّاس:(أَرْبَعِينَ صَاعا) . وَعند التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس: (رهن درعه بِعشْرين صَاعا من طَعَام أَخذه لأَهله) . وَعند ابْن أبي شيبَة: (أَخذهَا رزقا لِعِيَالِهِ) . وَعند النَّسَائِيّ: (بِثَلَاثِينَ صَاعا من شعير لأَهله) . وَفِي (مُسْند) الشَّافِعِي: (أَن الْيَهُودِيّ يكنى أَبَا الشحمة)، وَفِي (التَّوْضِيح) : وَهَذَا الْيَهُودِيّ يُقَال لَهُ أَبُو الشَّحْم. قَالَه الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي (مبهماته) : وَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَة الشَّافِعِي وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث جَعْفَر بن أبي طَالب عَن أَبِيه: أَنه صلى الله عليه وسلم رهن درعا عِنْد أبي الشَّحْم الْيَهُودِيّ، رجل من بني طفر، فِي شعير. لكنه مُنْقَطع كَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيّ، وَوَقع فِي رِوَايَة إِمَام الْحَرَمَيْنِ
تَسْمِيَته: بِأبي الشحمة، كَمَا ذكرنَا عَن (مُسْند) الإِمَام الشَّافِعِي. قَوْله:(وَرَهنه درعا من حَدِيد) ، الدرْع، بِكَسْر الدَّال الْمُهْملَة: هُوَ درع الْحَرْب، وَلِهَذَا قَيده بالحديد، لِأَن الْقَمِيص يُسمى درعا. وَقَالَ ابْن فَارس: درع الْحَدِيد مُؤَنّثَة، وَدرع الْمَرْأَة قميصها مُذَكّر.
فَإِن قلت: كَانَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم دروع، فَأَي درع هَذِه؟ قلت: قَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي بكر التلمساني فِي كتاب (الْجَوْهَر) : إِن هَذِه الدرْع هِيَ ذَات الفضول. فَإِن قلت: مَا معنى اخْتِيَاره لرهن الدرْع؟ قلت: رهن مَا هُوَ أَشد حَاجَة إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ مَا وجد شَيْئا يرهنه غَيره. فَإِن قلت: مَا كَانَت ضَرُورَته إِلَى السّلف حَتَّى رهن عِنْد الْيَهُودِيّ درعه؟ قلت: قد مر أَنه أَخذه لأَهله وَرِزْقًا لِعِيَالِهِ، وَيحْتَمل أَنه فعل بَيَانا للْجُوَاز فَإِن قلت: قد ورد فِي الصَّحِيح أَن النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يدّخر لأَهله قوت سنة، فَكيف استلف مد الْيَهُودِيّ؟ قلت: قد يكون ذَلِك بعد فرَاغ قوت السّنة، وَقد يكون كَانَ يدّخر قوت السّنة لأَهله على تَقْدِير أَن لَا يرد عَلَيْهِ عَارض، وَقيل: إِنَّمَا أَخذ النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، الشّعير من الْيَهُودِيّ لضيف طرقه، ثمَّ فدَاه أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. فَإِن قلت: لِمَ لَمْ يرْهن عِنْد مياسير الصَّحَابَة؟ قلت: حَتَّى لَا يبْقى لأحد عَلَيْهِ منَّة لَو أَبرَأَهُ مِنْهُ. فَإِن قلت: الْمُعَامَلَة مَعَ من يظنّ أَن أَكثر مَاله حرَام مَمْنُوعَة، فَكيف عَامل النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، مَعَ هَذَا الْيَهُودِيّ؟ وَقد أخبر الله تَعَالَى: أَنهم أكالون للسحت؟ قلت: هَذَا عِنْد التيقن أَن الْمَأْخُوذ مِنْهُ حرَام بِعَيْنِه، وَلم يكن ذَلِك على عهد النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، خفِيا. وَمَعَ هَذَا إِن الْيَهُود كَانُوا باعة فِي الْمَدِينَة حِينَئِذٍ، وَكَانَت الْأَشْيَاء عِنْدهم مُمكنَة، وَكَانَ وقتا ضيقا وَرُبمَا لم يُوجد عِنْد غَيرهم.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: جَوَاز البيع إِلَى أجل، ثمَّ هَل هُوَ رخصَة أَو عَزِيمَة؟ قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: جعلُوا الشِّرَاء إِلَى أجل رخصَة، وَهُوَ فِي الظَّاهِر عَزِيمَة، لِأَن الله تَعَالَى يَقُول فِي مُحكم كِتَابه:{يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم بدين إِلَى أجل مُسَمّى فاكتبوه} (الْبَقَرَة: 282) . فأنزله أصلا فِي الدّين ورتب عَلَيْهِ كثيرا من الْأَحْكَام. وَفِيه: جَوَاز مُعَاملَة الْيَهُود وَإِن كَانُوا يَأْكُلُون أَمْوَال الرِّبَا، كَمَا أخبر الله عَنْهُم، وَلَكِن مُبَايَعَتهمْ وَأكل طعامهم مَأْذُون لنا فِيهِ بِإِبَاحَة الله، وَقد ساقاهم النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، على خَيْبَر. فَإِن قلت: النَّصَارَى كَذَلِك أم لَا؟ قلت: روى أَبُو الْحسن الطوسي فِي (أَحْكَامه)، فَقَالَ: حَدثنَا عَليّ بن مُسلم الطوسي بِبَغْدَاد حَدثنَا مُحَمَّد ابْن يزِيد الوَاسِطِيّ عَن أبي سَلمَة عَن جَابر بن يزِيد عَن الرّبيع بن أنس (عَن أنس بن مَالك، قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، إِلَى حليق النَّصْرَانِي يبْعَث إِلَيْهِ بأثواب إِلَى الميسرة، قَالَ: فَأَتَيْته فَقلت: بَعَثَنِي إِلَيْك رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، تبْعَث إِلَيْهِ بأثواب إِلَى الميسرة. فَقَالَ: وَمَا الميسرة؟ وَمَتى الميسرة؟ مَا لمُحَمد ثاغية وَلَا راغية. فَأتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: كذب عَدو الله، أنَّا خير من بَايع، لِأَن يلبس أحدكُم ثوبا من رقاع شَتَّى خير لَهُ من أَن يَأْخُذ فِي أَمَانَته مَا لَيْسَ عِنْده) . وَفِيه: رهن فِي الْحَضَر، وَمنعه مُجَاهِد فِي الْحَضَر، وَقَالَ: إِنَّمَا ذكر الله الرَّهْن فِي السّفر، وَتَبعهُ دَاوُد، وَفعل النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، كَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَالله تَعَالَى ذكر وَجها من وجوهه وَهُوَ: السّفر. وَفِيه: جَوَاز رهن السِّلَاح وَآلَة الْحَرْب فِي بلد الْجِهَاد عِنْد الْحَاجة إِلَى الطَّعَام، لِأَنَّهُ تعَارض حِينَئِذٍ أَمْرَانِ فَقدم الأهم مِنْهُمَا، لِأَن نَفَقَة الْأَهْل وَاجِبَة لَا بُد مِنْهَا، واتخاذ آلَة الْحَرْب من الْمصَالح لَا من الْوَاجِبَات، لِأَنَّهُ يُمكن الْجِهَاد بِدُونِ آلَة، فَقدم الأهم.
9602 -
حدَّثنا مُسْلِمٌ قَالَ حدَّثنا هشامٌ قَالَ حدَّثنا قَتَادَةُ عنْ أنَسٍ ح وحدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله بنِ حَوْشَبٍ قَالَ حدَّثنا أسْبَاطٌ أبُو الْيَسَعِ البَصْرِيُّ قَالَ حدَّينا هِشامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ عنْ قَتادَةَ عَنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّهُ مَشَى إِلَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم بِخُبْزِ شَعِيرٍ وإهالَةٍ سَنِخَةٍ ولَقَدْ رَهَنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم دِرْعا لَهُ بِالمَدِينَةِ عِنْدَ يَهُودِيٍّ وأخَذَ مِنْهُ شَعِيرا لأِهْلِهِ ولَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَا أمْسَى عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم صاَعُ بُرٍّ ولَا صاعُ حَبٍّ وَإِن عِنْدَهُ لَتِسْعَ نِسْوَةٍ. (الحَدِيث 9602 طرفه فِي: 8052) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله وهم سِتَّة. وَأخرجه من طَرِيقين، وَمُسلم على لفظ اسْم الْفَاعِل من الْإِسْلَام، ابْن إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ الفراهيدي القصاب، وَهِشَام هُوَ الدستوَائي. وَمُحَمّد بن عبد الله بن حَوْشَب، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو وَفتح الشين