الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الركْبَان لِأَن فِيهِ ضَرَرا لغَيرهم من حَيْثُ السّعر فَلذَلِك أَمرهم بِالنَّقْلِ عِنْد تلقي الركْبَان ليوسعوا على أهل الْأَسْوَاق قَوْله " ثمَّ قَالَ " أَي ثمَّ قَالَ نَافِع وَحدثنَا عبد الله بن عمر وَهَذَا دَاخل فِي الْإِسْنَاد الأول قَوْله " حَتَّى يَسْتَوْفِيه " أَي يقبضهُ وَفِي رِوَايَة مُسلم " حَتَّى يكتاله " وَالْقَبْض والاستيفاء سَوَاء وَالَّذِي يُسْتَفَاد من الحَدِيث أَنه صلى الله عليه وسلم َ - نهى عَن بيع الطَّعَام إِلَّا بعد الْقَبْض وَهَذَا الْبَاب فِيهِ خلاف قَالَ القَاضِي عِيَاض فِي شرح مُسلم اخْتلف النَّاس فِي جَوَاز بيع المشتريات قبل قبضهَا فَمَنعه الشَّافِعِي فِي كل شَيْء وَانْفَرَدَ عُثْمَان التَّيْمِيّ فَأَجَازَهُ فِي كل شَيْء وَمنعه أَبُو حنيفَة فِي كل شَيْء إِلَّا الْعقار وَمَا لَا ينْقل وَمنعه آخَرُونَ فِي سَائِر المكيلات والموزونات وَمنعه مَالك فِي سَائِر المكيلات والموزونات إِذا كَانَت طَعَاما وَقَالَ ابْن قدامَة فِي الْمُغنِي وَمن اشْترى مَا يحْتَاج إِلَى الْقَبْض لم يجز بَيْعه حَتَّى يقبضهُ وَلَا أرى بَين أهل الْعلم فِيهِ خلافًا إِلَّا مَا حكى عَن عُثْمَان التَّيْمِيّ أَنه قَالَ لَا بَأْس بِبيع كل شَيْء قبل قَبضه وَقَالَ ابْن عبد الْبر هَذَا قَول مَرْدُود بِالسنةِ وَأما غير ذَلِك فَيجوز بَيْعه قبل قَبضه فِي أظهر الرِّوَايَتَيْنِ وَنَحْوه قَول مَالك وَابْن الْمُنْذر انْتهى وَقَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح وَالثَّوْري وَابْن عُيَيْنَة وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد وَمَالك فِي رِوَايَة وَأحمد فِي رِوَايَة وَأَبُو ثَوْر وَدَاوُد النَّهْي الَّذِي ورد فِي البيع قبل الْقَبْض قد وَقع على الطَّعَام وَغَيره وَهُوَ مَذْهَب ابْن عَبَّاس أَيْضا وَلَكِن أَبُو حنيفَة قَالَ لَا بَأْس بِبيع الدّور وَالْأَرضين قبل الْقَبْض لِأَنَّهَا لَا تنقل وَلَا تحول وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ فِي كل مَبِيع عقارا أَو غَيره وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَمُحَمّد بن الْحسن وَهُوَ مَذْهَب جَابر أَيْضا -
05 -
(بابُ كَرَاهِيَةِ السَّخَبِ فِي السُّوقِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كَرَاهِيَة السخب، وَهُوَ رفع الصَّوْت بالخصام، وَهُوَ بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَالْخَاء الْمُعْجَمَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة، ويروى: الصخب، بالصَّاد الْمُهْملَة، وَالصَّاد وَالسِّين يتقاربان فِي الْمخْرج، ويبدل أَحدهمَا عَن الآخر. قَوْله:(فِي السُّوق)، وَفِي بعض النّسخ:(فِي الْأَسْوَاق) .
5212 -
حدَّثنا محَمَّدُ بنُ سِنانٍ قَالَ حَدثنَا فُلَيْحٌ قَالَ حدثنَا هِلالٌ عنْ عَطَاءِ بنِ يَسارٍ قَالَ لَ قِيتُ عَبْدَ الله بنَ عَمْرِو بنِ الْعَاصِ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قُلْتُ أخبرنِي عنْ صِفَةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي التَّوْرَاةِ قَالَ أجَلْ وَالله إنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّورَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرآنِ {يَا أيُّهَا النبيُّ إنَّا أرْسَلْناكَ شاهِدا ومُبَشِّرا ونَذِيرا (الْأَحْزَاب: 54) . وحِرْزا لِلأُمِّيِّينَ أنْتَ عَبْدِي ورَسُولِي سَمَّيْتُكَ المُتَوَكِّلَ ليْسَ بِفَظٍّ ولَا غَلِيظٍ ولَا سَخَّابٍ فِي الأسْوَاقِ ولَا يَدْفَعُ بالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةِ ولَكِنْ يَعْفُو ويَغْفِرُ ولَنْ يَقْبِضَهُ الله حتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بأنْ يَقُولُوا لَا إلاه إلَاّ الله ويَفْتَحُ بِهَا أعْيُنا عُمْيا وآذَانا صُمَّا وقُلُوبا غُلْفا. (الحَدِيث 5212 طرفه فِي: 8384) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَلَا سخاب فِي الْأَسْوَاق) ، فالسخب مَذْمُوم فِي نَفسه وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ فِي الْأَسْوَاق، وَهِي مجمع النَّاس من كل جنس، وَلَا يسخب فِيهَا إلَاّ كل فَاجر شرير، وَلَو لم يكن السخب مذموما مَكْرُوها لما قَالَ الله فِي التَّوْرَاة فِي حق سيد الْخلق:(وَلَا سخاب فِي الْأَسْوَاق) وَلَا كَانَ بسخاب فِي غير الْأَسْوَاق.
وَرِجَاله كلهم تقدمُوا فِي أول كتاب الْعلم، وَمُحَمّد بن سِنَان، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وبالنون: أَبُو بكر الْعَوْفِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وفليح، بِضَم الْفَاء وَفتح اللَّام وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَفِي آخِره حاء مُهْملَة: ابْن سُلَيْمَان أَبُو يحيى الْخُزَاعِيّ، وَكَانَ اسْمه: عبد الْملك، وفليح لقبه وَغلب على اسْمه، وهلال، بِكَسْر الْهَاء: ابْن عَليّ فِي الْأَصَح، وَيُقَال: هِلَال بن أبي هِلَال الفِهري الْمَدِينِيّ، وَعَطَاء بن يسَار ضد الْيَمين أَبُو مُحَمَّد الْهِلَالِي، وَلَيْسَ لهِلَال عَن عَطاء عَن عبد الله بن عَمْرو فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (قَالَ: أَخْبرنِي عَن صفة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي التَّوْرَاة) . فَإِن قلت: هَل قَرَأَ عبد الله بن عَمْرو التَّوْرَاة حَتَّى سَأَلَ عَنهُ عَطاء بن يسَار عَن صفة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِيهَا؟ قلت: نعم، كَمَا روى الْبَزَّار من حَدِيث ابْن لَهِيعَة عَن
وهب عَنهُ: أَنه رأى فِي الْمَنَام كَأَن فِي إِحْدَى يَدَيْهِ عسلاً، وَفِي الْأُخْرَى سمنا، وَكَأَنَّهُ يلعقهما، فَأصْبح فَذكر ذَلِك للنَّبِي، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: تقْرَأ الْكِتَابَيْنِ التَّوْرَاة وَالْقُرْآن، فَكَانَ يقرؤهما. قَوْله:(قَالَ: أجل) ، بِفَتْح الْهمزَة وَالْجِيم وباللام، من حُرُوف الإيحاب جَوَاب مثل: نعم، فَيكون تَصْدِيقًا للمخبر، وإعلاما للمستخبر، ووعدا للطَّالِب، وَمن يُجيب عَن قَول الْكرْمَانِي شَرطه أَن يكون تَصْدِيقًا للمخبر وَهنا لَيْسَ كَذَلِك. قَوْله:(وَالله إِنَّه لموصوف) أكد كَلَامه بالمؤكدات وَهِي: الْحلف بِاللَّه، وَبِالْجُمْلَةِ الإسمية، وبدخول: إِن، عَلَيْهَا، وبدخول لَام التَّأْكِيد على الْخَبَر. قَوْله:{يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا} (الْأَحْزَاب: 54) . هَذَا كُله فِي الْقُرْآن فِي سُورَة الْأَحْزَاب وَتَمام الْآيَة {وداعيا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وسراجا منيرا} (الْأَحْزَاب: 64) . قَوْله: {شَاهدا} أَي: لأمتك الْمُؤمنِينَ بتصديقهم وعَلى الْكَافرين بتكذيبهم، أَي: مَقْبُولًا قَوْلك عِنْد الله لَهُم وَعَلَيْهِم، كَمَا يقبل قَول شَاهد الْعدْل فِي الحكم. فَإِن قلت: انتصاب: شَاهدا، بِمَاذَا؟ قلت: على الْحَال الْمقدرَة، كَمَا فِي قَوْلك: مَرَرْت بِرَجُل مَعَه صقر صائدا غَدا، أَي: مُقَدرا بِهِ الصَّيْد غَدا. قَوْله: {وَمُبشرا} أَي: للْمُؤْمِنين. {نذيرا} للْكَافِرِينَ {وداعيا إِلَى الله} أَي: إِلَى توحيده. قَوْله: {بِإِذْنِهِ} أَي: بأَمْره لَك بِالدُّعَاءِ. وَقيل: بِإِذْنِهِ بتوفيقه. {وسراجا} جلى بِهِ الله ظلمات الْكفْر فاهتدى بِهِ الضالون، كَمَا يجلى ظلام اللَّيْل بالسراج الْمُنِير ويهتدي بِهِ، وَصفه بالإنارة لِأَن من السراج مَا لَا يضيء إِذا قل سليطه، أَي: زيته، ودقت فتيلته. قَوْله:{وحرزا} بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة، أَي: حَافِظًا، والحرز فِي الأَصْل الْموضع الْحصين، فاستعير لغيره. وسمى التعويذ أَيْضا حرْزا، وَالْمعْنَى: حَافِظًا لدين الْأُمِّيين، يُقَال: حرزت الشَّيْء أحرزه حرْزا: إِذا حفظته وضممته إِلَيْك وصنته عَن الْأَخْذ، والأميُّون: الْعَرَب، لِأَن الْكِتَابَة كَانَت عِنْدهم قَليلَة. قَوْله:(سميتك المتَوَكل) يَعْنِي لقناعته باليسير من الرزق واعتماده على الله تَعَالَى فِي الرزق والنصر وَالصَّبْر على انْتِظَار الْفرج، وَالْأَخْذ بمحاسن الْأَخْلَاق وَالْيَقِين بِتمَام وعد الله، فتوكل عَلَيْهِ فَسمى المتَوَكل. قَوْله:(لَيْسَ بِفَظٍّ)، أَي: سيىء الْخلق. (وَلَا غليظ) أَي: شَدِيد فِي القَوْل، وَقَول الْقَائِل لعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنْت أفظ وَأَغْلظ من رَسُول. قيل: لم يَأْتِ أفعل هُنَا للمفاضلة بَينه وَبَين من أشرك مَعَه، بل بِمَعْنى: أَنْت فظ غليظ، على الْجُمْلَة لَا على التَّفْصِيل، وَهَهُنَا الْتِفَات لِأَن الْقيَاس يَقْتَضِي الْخطاب بِأَن يُقَال: وَلست، وَلَكِن الْتفت من الْخطاب إِلَى الْغَيْبَة. قَوْله:(وَلَا سخاب) على وزن: فعال، بِالتَّشْدِيدِ من السخب، وَفِي (التَّلْوِيح) : وَفِيه ذمّ الْأَسْوَاق وَأَهْلهَا الَّذين يكونُونَ بِهَذِهِ الصّفة المذمومة من الصخب واللغط. وَالزِّيَادَة فِي المدحة والذم لما يتبايعونه، والأيمان الحانثة، وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم:(شَرّ الْبِقَاع الْأَسْوَاق)، لما يغلب على أَهلهَا من هَذِه الْأَحْوَال المذمومة. انْتهى. قلت: لَيْسَ فِيهِ الذَّم إلَاّ لأهل السُّوق الموصوفين بِهَذِهِ الصِّفَات، وَلَيْسَ فِيهِ الذَّم لنَفس الْأَسْوَاق ظَاهرا، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب. قَوْله:(وَلَا يدْفع بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة) أَي: لَا يسيء إِلَى من أَسَاءَ إِلَيْهِ، على سَبِيل المجازاة الْمُبَاحَة مَا لم تنتهك حُرْمَة الله تَعَالَى، لَكِن يَأْخُذ بِالْفَضْلِ. قَوْله:(حَتَّى يُقيم بِهِ)، أَي: حَتَّى ينقى بِهِ الشّرك وَيثبت التَّوْحِيد. قَوْله: (الْملَّة العوجاء) ، هِيَ مِلَّة الرب، ووصفها بالعوج لما دخل فِيهَا من عبَادَة الْأَصْنَام وتغييرهم مِلَّة إِبْرَاهِيم، عليه الصلاة والسلام، عَن استقامتها، وإمالتهم بعد قوامها. وَالْمرَاد من إِقَامَتهَا: إخْرَاجهَا من الْكفْر إِلَى الْإِيمَان. قَوْله: (أعينا عميا) ، الْأَعْين جمع عين، والعمي، بِضَم الْعين جمع عمياء. قَالَ ابْن التِّين: كَذَا للأصيلي، يَعْنِي: جعل عميا صفة للأعين، وَفِي بعض رِوَايَات الشَّيْخ أبي الْحسن: أعين عمي، بِالْإِضَافَة و: عمي، على هَذِه الرِّوَايَة جمع أعمى. قَوْله:(وآذانا صمًّا) كَذَلِك بالروايتين. إِحْدَاهمَا: يكون الصم جمع صماء صفة للآذان، وَالْأُخْرَى: يكون وآذان صم، بِالْإِضَافَة. فعلى هَذَا يكون الصم جمع أَصمّ. قَوْله:(وَقُلُوبًا غلفًا)، وَقع فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ وَالْمُسْتَمْلِي: والغلف، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة جمع أغلف، سَوَاء كَانَ مُضَافا أَو غير مُضَاف، وَترك الْإِضَافَة فِيهِ بيِّن، والآن يَجِيء تَفْسِيره.
تابَعَهُ عَبْدُ العَزِيزِ بنُ أبِي سَلَمَةَ عنْ هِلالٍ
أَي: تَابع فليحا عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة عَن هِلَال فِي رِوَايَته عَن عَطاء، وَأخرج البُخَارِيّ هَذِه الْمُتَابَعَة مُسندَة، فَقَالَ: حَدثنَا عبد الله حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة عَن هِلَال بن أبي هِلَال عَن عَطاء بن يسَار عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: إِن هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي الْقُرْآن: {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك. .} (الْأَحْزَاب: 54) . الحَدِيث. أخرجه فِي سُورَة الْفَتْح، وَعبد الله شَيْخه هُوَ ابْن سَلمَة، قَالَه أَبُو عَليّ بن السكن، وَقَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي: هُوَ عبد الله بن مُحَمَّد بن رَجَاء، وَقَالَ الجياني: هُوَ عبد الله بن عبد الله بن صَالح