المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌قَوْله: {فصل}   أَبُو يُوسُف، والقرافي، وَابْن حمدَان، وَابْن قَاضِي الْجَبَل: مجَاز - التحبير شرح التحرير - جـ ٢

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌فصل

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ عَن التَّضْحِيَة بالعوراء والعرجاء) انْتهى.وَنَحْوه: النَّهْي عَن الدُّبَّاء، والحنتم، والمقير، فَإِنَّهُ ينصب إِلَى مَا يلْزم مِنْهُ، وَهُوَ النَّبِيذ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ قَالَ لوفد عبد الْقَيْس: " آمركُم بِأَرْبَع: الْإِيمَان بِاللَّه، وَهل تَدْرُونَ مَا الْإِيمَان بِاللَّه؟ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَصَوْم رَمَضَان، وَأَن تعطوا من الْمَغَانِم الْخمس) .وَفِيهِمَا / عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي

- ‌ أَنه قَالَ: " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن…" الحَدِيث

- ‌ بَين الْإِسْلَام وَالْإِيمَان، وَأدْخل الْأَعْمَال فِي مُسَمّى الْإِسْلَام، دون مُسَمّى الْإِيمَان.قَالَ الْعَلامَة ابْن رَجَب فِي " شرح النووية ": (وَجه الْجمع بَين النُّصُوص الْمُتَقَدّمَة، وَبَين حَدِيث سُؤال جِبْرِيل، يَتَّضِح بتقرير أصل، وَهُوَ:

- ‌ فسر الْإِيمَان عِنْد ذكره مُفردا فِي حَدِيث وَفد عبد الْقَيْس، بِمَا فسر بِهِ الْإِسْلَام المقرون بِالْإِيمَان، فِي حَدِيث جِبْرِيل، وَفسّر فِي حَدِيث آخر الْإِسْلَام بِمَا فسر بِهِ الْإِيمَان، كَمَا فِي " الْمسند " عَن عَمْرو بن عبسة، قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي

- ‌ الْإِيمَان أفضل الْإِسْلَام وَأدْخل فِيهِ الْأَعْمَال. - قَالَ ابْن رَجَب وَبِهَذَا التَّفْصِيل يظْهر تَحْقِيق القَوْل فِي مَسْأَلَة الْإِيمَان وَالْإِسْلَام، هَل هما وَاحِد، أَو مُخْتَلِفَانِ؟) .وَيَأْتِي ذَلِك فِي الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌ فِي كل أَمر ديني علم مَجِيئه بِهِ ضَرُورَة، فَيكون من الْحَقَائِق الشَّرْعِيَّة نَظِير الصَّوْم وَالصَّلَاة وَالْحج؛ لِأَنَّهُ تَصْدِيق خَاص) انْتهى.وَقَالَت الْجَهْمِية، والشيعة، أَبُو الْحُسَيْن الصَّالِحِي / من الْقَدَرِيَّة، وَغَيرهم: الْإِيمَان: الْمعرفَة، وَذكره بعض أَصْحَابنَا عَن الْأَشْعَرِيّ وَأكْثر

- ‌ حِين وقف على الْمَقَابِر: " وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون

- ‌ عَن الْإِيمَان وَالْإِسْلَام وَالْإِحْسَان، وَتَفْسِير كل وَاحِد بِغَيْر مَا فسر بِهِ الآخر

- ‌ اللَّهُمَّ لَك أسلمت وَبِك آمَنت ".وَقد قَالُوا فِيمَا تقدم: إِن الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ، ثمَّ قَالُوا: الْإِيمَان وَالْإِسْلَام شَيْء وَاحِد، فَيكون الْإِسْلَام هُوَ التَّصْدِيق، وَهَذَا لم يقلهُ أحد من أهل اللُّغَة، وَإِنَّمَا هُوَ الانقياد وَالطَّاعَة، وَفسّر الْإِسْلَام بِالْأَعْمَالِ

- ‌[أَلا وَإِن] فِي الْجَسَد مُضْغَة إِذا صلحت صلح الْجَسَد كُله، وَإِذا فَسدتْ فسد الْجَسَد كُله أَلا وَهِي الْقلب "، فَلَا يتَحَقَّق الْقلب / بِالْإِيمَان إِلَّا وسعت الْجَوَارِح فِي أَعمال الْإِسْلَام، وَلَيْسَ كل مُسلم مُؤمنا، فَإِنَّهُ قد يكون الْإِيمَان ضَعِيفا فَلَا يتَحَقَّق الْقلب بِهِ تحققاً تَاما

- ‌ أَو مُسلم ". انْتهى كَلَام ابْن رَجَب، وَقد أَجَاد وأشفى الغصة، وَقد أطلنا الْكَلَام فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَهِي أهل لذَلِك

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌{الِاشْتِقَاق}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌{الْحُرُوف}

- ‌ من حلف على يَمِين "، أَي: يَمِينا.وَأنكر سِيبَوَيْهٍ وُقُوع زيادتها.فَائِدَة: اخْتلف فِي " على "، هَل تكون اسْما أم لَا؟ على مَذَاهِب

- ‌ واشترطي لَهُم الْوَلَاء "، أَن المُرَاد: عَلَيْهِم

- ‌ قَالَ فِي سَالم مولى أبي

- ‌ فِي بنت أم سَلمَة: " لَو لم تكن ربيبتي فِي حجري مَا حلت لي، إِنَّهَا لابنَة أخي من الرضَاعَة "، فَإِن لتحريمها سببين: كَونهَا ربيبته، وَكَونهَا ابْنة أَخِيه من الرضَاعَة.الثَّالِث: أَن يكون أدون مِنْهُ، وَلَكِن يلْحق بِهِ لمشاركته فِي الْمَعْنى، كَقَوْلِك فِي أُخْت النّسَب

- ‌ لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف لما قَالَ: تزوجت: " أولم وَلَو بِشَاة ": (المُرَاد بِالشَّاة هُنَا وَالله أعلم للتقليل، أَي: وَلَو بِشَيْء قَلِيل كشاة) انْتهى.قلت: فِيهِ شَيْء، لدلَالَة الْحَال، فَإِن عبد الرَّحْمَن رضي الله عنه لما قدم الْمَدِينَة وَتزَوج هَذِه الْأَنْصَارِيَّة، كَانَ فَقِيرا

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ باسم لم يسمه بِهِ أَبوهُ، وَلَا يُسمى بِهِ نَفسه، وَكَذَا كل كَبِير من الْخلق ".قَالَ: " فَإِذا امْتنع فِي حق المخلوقين، فامتناعه فِي حق الله تَعَالَى أولى ".وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يجوز أَن يُطلق عَلَيْهِ اسْم وَلَا صفة توهم نقصا، وَلَو ورد ذَلِك نصا، فَلَا يُقَال: ماهد

- ‌ بَين مُرَاده فِيمَا جَاءَ بِهِ، وَلنَا أَلْفَاظ نقطع بمدلولها بمفردها، وَتارَة بانضمام قَرَائِن، أَو شَهَادَة الْعَادَات، ثمَّ يمْنَع مُعَارضَة الدَّلِيل الْعقلِيّ الْقطعِي للدليل الشَّرْعِيّ.وَقَوْلهمْ: الْمَوْقُوف على المظنون مظنون، بَاطِل، لِأَن الْمَوْقُوف على الْمُقدمَات الظنية قد يكون

- ‌قَوْله: {فصل فِي الْأَحْكَام}

- ‌قَوْله: {فصل شكر الْمُنعم}

- ‌ وشرعها) .وَقَالَ: (وعَلى هَذَا يخرج وجوب معرفَة الله تَعَالَى، هَل هِيَ وَاجِبَة

- ‌قَوْله: {فصل]

- ‌(من أعظم الْمُسلمين جرما من سَأَلَ عَن شَيْء لم يحرم محرملأجل مَسْأَلته ") ، وَقَوله

- ‌ من الله تَعَالَى، لِأَنَّهُ وَحي، وَتَقْرِير لَهُ فِيمَا اجْتهد بِهِ) انْتهى.وَقَالَ ابْن عقيل أَيْضا -: (الْأَلْيَق بمذهبه أَن يُقَال: لَا نَدْرِي مَا الحكم)

- ‌ اتَّقوا فراسة الْمُؤمن فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله ".وَقَوله

- ‌ شَهَادَة قلبه بِلَا حجَّة أولى من الْفَتْوَى، فَثَبت أَن الإلهام حق، فَإِنَّهُ وَحي بَاطِن، إِلَّا أَن العَبْد إِذا عصى ربه وَعمل بهواه حرم هَذِه الْكَرَامَة.وَلَا حجَّة فِي شَيْء من ذَلِك، لِأَنَّهُ لَيْسَ المُرَاد الْإِيقَاع فِي الْقلب بِلَا دَلِيل، بل الْهِدَايَة إِلَى الْحق بِالدَّلِيلِ، كَمَا قَالَ عَليّ

- ‌قَوْله: {فصل الحكم الشَّرْعِيّ}

- ‌ لَكِن خطاب الْمَلَائِكَة، وخطاب الرَّسُول دلّت على خطاب الله تَعَالَى.فخطاب جنس، وَهُوَ مصدر خَاطب، لَكِن المُرَاد بِهِ هُنَا الْمُخَاطب بِهِ، لَا معنى الْمصدر الَّذِي هُوَ تَوْجِيه الْكَلَام لمخاطب، فَهُوَ من إِطْلَاق الْمصدر على اسْم الْمَفْعُول.وَخرج: خطاب غير الشَّارِع؛ إِذْ لَا

- ‌ وكالحكم بِشَهَادَة

- ‌ صلَة الرَّحِم تزيد فِي الْعُمر "؛ فَإِنَّهُ [إِخْبَار بِخلق] الْعَمَل، لَا أنشأ مُتَعَلق بِالْعَمَلِ اقْتِضَاء أَو تخييراً؛ لِأَن الِاقْتِضَاء: هُوَ الطّلب للْفِعْل جزما، أَو غير جزم، أَو التّرْك جزما، أَو غير جزم، بنهي مَقْصُود أَو غَيره، [والتخيير: الْإِبَاحَة]

- ‌ استاكوا

- ‌ إِذا تَوَضَّأ أحدكُم فَأحْسن وضوءه، ثمَّ خرج عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِد فَلَا يشبك بَين أَصَابِعه فَإِنَّهُ فِي / صَلَاة " رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، وَابْن

- ‌ لَا يمسك ذكره وَهُوَ يَبُول ".وَإِن ورد الْخطاب بالتخيير فَهُوَ الْإِبَاحَة، كَقَوْلِه

- ‌قَوْله: { [فصل] }

- ‌قَوْله: { [فصل] }

- ‌ قَالَ: " يَقُول الله تَعَالَى: مَا تقرب إِلَيّ عَبدِي بِمثل أَدَاء مَا افترضت عَلَيْهِ

- ‌ فَرضهَا "، فسوى بَينهمَا، وَقَالَ فِي رِوَايَة الْمَرْوذِيّ: (ابْن عمر يَقُول: " فرض رَسُول الله

- ‌ غسل يَوْم الْجُمُعَة وَاجِب على كل محتلم "، كَمَا قَالَ القَاضِي، وَتقول: حَقك عَليّ وَاجِب.قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي " المسودة ": (وَذهب طَائِفَة من أَصْحَابنَا وَغَيرهم إِلَى أَنَّهَا تحْتَمل توكيد الِاسْتِحْبَاب) انْتهى

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ فنؤمر بِقَضَاء الصَّوْم " مُتَّفق عَلَيْهِ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ فَإِنَّهُ

- ‌ بواجبات، ومحظورات، ومباحات، وكرامات) .وَفرض الْكِفَايَة: كالجهاد وَنَحْوه، وَهُوَ كثير، وَقد حصره وعده جمَاعَة من الْعلمَاء.وَسنة الْكِفَايَة: كابتداء السَّلَام، وتشميت الْعَاطِس على قَول

- ‌ شَاتين أَو عشْرين درهما "، وَمثل الْوَاجِب فِي الْمِائَتَيْنِ من الْإِبِل: " أَربع حقاق أَو خمس بَنَات لبون "، وكالتخيير بَين غسل الرجلَيْن فِي الْوضُوء للابس الْخُف أَو الْمسْح عَلَيْهِ، وَنَحْوهَا

- ‌وَقَوله: {فصل}

- ‌ أَوله وَآخره وَقَالَ: " الْوَقْت مَا بَينهمَا "، وَقَالَهُ لَهُ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: [فصل فِي الشَّخْص الْوَاحِد ثَوَاب وعقاب}

- ‌قَوْله " { [فصل}

- ‌ وَالْمُسْتَحب: مَا فعله مرّة أَو مرَّتَيْنِ. - وَألْحق بذلك بَعضهم: مَا أَمر بِهِ، وَلم ينْقل أَنه فعله والتطوع: مَا لم يرد فِيهِ بِخُصُوصِهِ نقل) .ورده أَبُو الطّيب فِي " منهاجه ": (بِأَن النَّبِي

- ‌ وَالْمُسْتَحب: مَا أَمر بِهِ، سَوَاء فعله، أَو لَا، أَو فعله وَلم يداوم عَلَيْهِ) .وَقيل: (السّنة: مَا ترتبت، كالراتبة مَعَ الْفَرِيضَة، وَالنَّفْل وَالنَّدْب: مَا زَاد على ذَلِك) .وَقَالَت الْمَالِكِيَّة: (مَا أَمر الشَّرْع بِهِ وَبَالغ فِيهِ سنة، وَأول الْمَرَاتِب تطوع ونافلة

- ‌ لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة " مُتَّفق عَلَيْهِ، ولعصى بِتَرْكِهِ.رد: المُرَاد بهَا أَمر الْإِيجَاب، وَلِهَذَا قَيده بالمشقة، وَكَذَا خبر بَرِيرَة الْآتِي فِي أَن الْأَمر للْوُجُوب

- ‌ كَانَ يَنْوِي صَوْم التَّطَوُّع ثمَّ يفْطر "، رَوَاهُ مُسلم وَغَيره

- ‌ قد أبطل تطوعه كَمَا سبق

الفصل: ‌ ‌قَوْله: {فصل}   أَبُو يُوسُف، والقرافي، وَابْن حمدَان، وَابْن قَاضِي الْجَبَل: مجَاز

‌قَوْله: {فصل}

أَبُو يُوسُف، والقرافي، وَابْن حمدَان، وَابْن قَاضِي الْجَبَل: مجَاز رَاجع أولى من حَقِيقَة مرجوحة، وَأَبُو حنيفَة، وَابْن الْحَاجِب، وَابْن مُفْلِح: هِيَ مَا لم تهجر، والرازي، والبيضاوي: مُجمل، والأصفهاني: مَحَله إِن منع حمله على حَقِيقَته ومجازه مَعًا، وَابْن الرّفْعَة: مَحَله فِي إِثْبَات، وَفِي نفي يعْمل بالمجاز قطعا} .

ص: 478

إِذا تَعَارَضَت الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فالحقيقة أولى فِي الْجُمْلَة؛ لِأَنَّهَا الأَصْل، وَإِنَّمَا مَحل الْخلاف: إِذا ترجح الْمجَاز حَتَّى يصير معادلاً للْحَقِيقَة لاشتهاره، فَيصير حَقِيقَة شَرْعِيَّة أَو عرفية، أَو تدل قَرَائِن على ضعف الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة بِحَيْثُ لَا تمات أصلا وَإِنَّمَا تتساوى مَعَ الْمجَاز، وَهِي الْمَسْأَلَة الْمَذْكُورَة هُنَا، وفيهَا مَذَاهِب:

أَحدهَا: تقدم الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة المرجوحة لِأَنَّهَا الأَصْل، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمن تبعه، وَذَلِكَ كَمَا لَو حلف ليشربن من هَذَا النَّهر، فَإِن

ص: 479

حَقِيقَته: أَن يكرع مِنْهُ، ومجازه الرَّاجِح المعادل للْحَقِيقَة: أَن يغترف بِإِنَاء مِنْهُ وَيشْرب، فالحقيقة لَيست مماتة أصلا، لِأَن كثيرا من الرُّعَاة وَغَيرهم يكرع بِفِيهِ.

وَالْمذهب الثَّانِي: يقدم الْمجَاز؛ لغلبته، وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمن تبعه، لِأَنَّهُ الظَّاهِر، والتكليف إِنَّمَا هُوَ بالظهور، وَهُوَ قَول أبي / الْخطاب فِي الْحلف على أكل الرؤوس وَالْبيض، ذكره ابْن حمدَان فِي " مقنعه "، وَنسبه صَاحب " الْقَوَاعِد الْأُصُولِيَّة " إِلَى الْأَصْحَاب، فِيمَا إِذا حلف لَا يشرب من دجلة أَو من الْفُرَات، فَقَالَ:(من قدم الْمجَاز الرَّاجِح يَقُول: يَحْنَث باغترافه مِنْهُ بِإِنَاء وَنَحْوه وشربه مِنْهُ) . - قَالَ وَهَذَا قَول أَصْحَابنَا، وَقَول أبي يُوسُف.

وَمن قَالَ: تقدم الْحَقِيقَة المرجوحة، قَالَ: لَا يَحْنَث إِلَّا بِأَن يكرع مِنْهُ، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة) انْتهى.

وَالْمذهب الثَّالِث: أَنه مُجمل، اخْتَارَهُ الرَّازِيّ فِي المعالم،

ص: 480

والبيضاوي وَجمع وعزي إِلَى الشَّافِعِي، للتعارض؛ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا رَاجِح من وَجه.

وَقَالَ الْأَصْفَهَانِي: (مَحل الْخلاف إِذا لم يحمل اللَّفْظ على حَقِيقَته ومجازه عِنْد عدم الْقَرِينَة، أما إِذا جَوَّزنَا الْحمل حمل عَلَيْهِمَا مَعًا وَهُوَ الظَّاهِر والأقوى "، وَحَكَاهُ الْبرمَاوِيّ قولا فِي الْمَسْأَلَة: وَالْأولَى: أَن يكون ذَلِك مُقَيّدا لمحل الْخلاف.

وَقيل: مَحل الْخلاف فِي الْإِثْبَات، أما فِي النَّفْي فَيعْمل بالمجاز الرَّاجِح قطعا، قَالَه ابْن الرّفْعَة الشَّافِعِي فِي الْمطلب، فِي بَاب الْإِيلَاء.

فَائِدَة: حرر الْحَنَفِيَّة فِي كتبهمْ مَحل النزاع فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، فَإِن مرجعها إِلَيْهِم، فَقَالُوا: الْمجَاز أَقسَام:

أَحدهَا: أَن يكون الْمجَاز مرجوحاً لَا يفهم إِلَّا بِقَرِينَة، كالأسد للشجاع، فَتقدم الْحَقِيقَة.

الثَّانِي: أَن يغلب اسْتِعْمَاله حَتَّى يُسَاوِي الْحَقِيقَة، فاتفق أَبُو حنيفَة،

ص: 481

وَأَبُو يُوسُف على تَقْدِيم الْحَقِيقَة، وَجعل ابْن التلمساني فِي " شرح المعالم " هَذِه الصُّورَة مَحل الْخلاف.

الثَّالِث: أَن يكون راجحاً والحقيقة مماتة لَا ترَاد فِي الْعرف، فقد اتفقَا على تَقْدِيم الْمجَاز؛ لِأَنَّهُ إِمَّا حَقِيقَة شَرْعِيَّة كَالصَّلَاةِ، أَو عرفية كالدابة، وَلَا خلاف فِي تَقْدِيمهَا على الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة.

مِثَاله: لَو حلف لَا يَأْكُل من هَذِه النَّخْلَة فَأكل من ثَمَرهَا، حنث، وَإِن أكل من خشبها لم يَحْنَث، وَإِن كَانَ / الْخشب هُوَ الْحَقِيقَة؛ لِأَنَّهَا قد أميتت.

الرَّابِع: أَن يكون راجحاً والحقيقة تتعاهد فِي بعض الْأَوْقَات، فَهَذِهِ مَحل الْخلاف عِنْد الْأَكْثَر، كَمَا لَو حلف ليشربن من هَذَا النَّهر، فَهُوَ حَقِيقَة فِي الكرع مِنْهُ بِفِيهِ، وَلَو اغترف بكوز وَشرب فَهُوَ مجَاز، لِأَنَّهُ شرب من الْكوز لَا من النَّهر، لكنه مجَاز رَاجِح متبادر إِلَى الْفَهم، والحقيقة قد ترَاد، لِأَن كثيرا من الرعاء وَغَيرهم يكرع [بِفِيهِ] .

وَقَالَ الْأَصْفَهَانِي فِي " شرح الْمَحْصُول ": (مَحل الْخلاف: أَن يكون

ص: 482

الْمجَاز راجحاً على الْحَقِيقَة، بِحَيْثُ يكون هُوَ الْمُتَبَادر إِلَى الذِّهْن عِنْد الْإِطْلَاق، كالمنقول الشَّرْعِيّ والعرفي، وَورد اللَّفْظ من غير الشَّرْع وَالْعرْف، أما إِن ورد من أَحدهمَا فَإِنَّهُ يحمل على مَا وضع [لَهُ] انْتهى؛ وَهُوَ أظهر، وَالظَّاهِر أَنه مُرَادهم، وَلذَلِك يَقُولُونَ: اللَّفْظ يحمل على عرف الْمُتَكَلّم بِهِ، وَيَأْتِي فِي التَّرْجِيح تَقْدِيم الْمجَاز على الْمُشْتَرك فِي الْأَصَح.

قَوْله: {وَلَو لم يَنْتَظِم الْكَلَام إِلَّا بارتكاب [مجَاز] زِيَادَة أَو نُقْصَان، فالنقصان أولى} .

وَذَلِكَ؛ لِأَن الْحَذف فِي كَلَام الْعَرَب أَكثر من الزِّيَادَة، قَالَه كثير من الْعلمَاء.

وَيتَفَرَّع على ذَلِك: إِذا قَالَ لزوجتيه: إِن حضتما حَيْضَة فأنتما طالقتان، إِذْ لَا شكّ فِي اسْتِحَالَة اشتراكهما فِي حَيْضَة، وَتَصْحِيح الْكَلَام، هُنَا، إِمَّا بِدَعْوَى الزِّيَادَة وَهُوَ قَوْله: حَيْضَة، وَإِمَّا بِدَعْوَى الْإِضْمَار وَتَقْدِيره: إِن حَاضَت كل وَاحِدَة مِنْكُمَا حَيْضَة.

وَفِي الْمَسْأَلَة لِأَصْحَابِنَا أَرْبَعَة أوجه:

ص: 483

أَحدهَا: سلوك الزِّيَادَة، وَيصير التَّقْدِير: إِن حضتما فأنتما طالقتان، فَإِذا طعنتا فِي الْحيض طلقتا، وَهُوَ قَول القَاضِي أبي يعلى وَغَيره، وَهُوَ الْمَشْهُور فِي الْمَذْهَب.

وَالْوَجْه الثَّانِي: سلوك النَّقْص - وَهُوَ الْإِضْمَار - فَلَا تطلق وَاحِدَة مِنْهُمَا، حَتَّى تحيض كل وَاحِدَة حَيْضَة، وَيكون التَّقْدِير كَمَا تقدم: إِن حَاضَت كل وَاحِدَة مِنْكُمَا / حَيْضَة فأنتما طالقتان نَظِيره قَوْله تَعَالَى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جلدَة} [النُّور: 4]، أَي: اجلدوا كل [وَاحِد] مِنْهُم ثَمَانِينَ جلدَة، وَهُوَ قَول الْمُوفق، وَالْمجد، وَالشَّارِح، وَابْن حمدَان، وَغَيرهم، وَهُوَ مُوَافق للقاعدة.

ص: 484

وَالْوَجْه الثَّالِث: تطلقان بِحَيْضَة من إِحْدَاهمَا؛ لِأَنَّهُ لما تعذر وجود الْفِعْل مِنْهُمَا، وَجب إِضَافَته إِلَى إِحْدَاهمَا، كَقَوْلِه تَعَالَى:{يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان} [الرَّحْمَن: 22] ، وَإِنَّمَا يخرج من أَحدهمَا.

وَالْوَجْه الرَّابِع: لَا يطلقان بِحَال، بِنَاء على أَنه لَا يَقع الطَّلَاق الْمُعَلق على الْمحَال.

قَوْله: {فَائِدَة: الْكِنَايَة حَقِيقَة إِن اسْتعْمل اللَّفْظ فِي مَعْنَاهُ وَأُرِيد لَازم الْمَعْنى، ومجاز إِن لم يرد الْمَعْنى وَإِنَّمَا عبر بالملزوم عَن اللَّازِم، و [عِنْد الْأَكْثَر:] حَقِيقَة مُطلقًا، وَقيل: عَكسه، وَقيل: بنفيهما} .

الْكَلَام على الْكِنَايَة والتعريض من وَظِيفَة عُلَمَاء الْمعَانِي وَالْبَيَان لَا عُلَمَاء الْأُصُول، لَكِن لما كَانَت مُخْتَلفا فِيهَا هَل هِيَ حَقِيقَة أَو مجَاز؟ ذكر [ا] اسْتِطْرَادًا، وَأَيْضًا فقد يلتبسان على السَّامع، وَلذَلِك لم يذكرهما إِلَّا الْقَلِيل من الْأُصُولِيِّينَ.

ص: 485

فَقَالَ عُلَمَاء هَذَا الْفَنّ: اللَّفْظ يَنْقَسِم إِلَى: تَصْرِيح، وكناية، وتعريض، وَاخْتلف فِي الْكِنَايَة هَل هِيَ حَقِيقِيَّة أم مجَاز، أَو لَا وَاحِد مِنْهُمَا، أَو [فِيهَا] حَقِيقَة ومجاز؟ على أَقْوَال.

أَحدهَا: أَنَّهَا تَنْقَسِم إِلَى حَقِيقَة ومجاز، اخْتَارَهُ السُّبْكِيّ، وَولده التَّاج، والبرماوي، وقبلهم جمَاعَة.

فالكناية: القَوْل الْمُسْتَعْمل فِي مَعْنَاهُ الْمَوْضُوع لَهُ حَقِيقَة، وَلَكِن أُرِيد بِإِطْلَاقِهِ لَازم الْمَعْنى، كَقَوْلِهِم: كثير الرماد، يكنون عَن كرمه، فكثرة الرماد مُسْتَعْمل فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ، وَلَكِن أُرِيد بِهِ لَازمه وَهُوَ الْكَرم، وَإِن كَانَ بِوَاسِطَة لَازم آخر؛ لِأَن لَازم كَثْرَة الرماد كَثْرَة الطَّبْخ، ولازم كَثْرَة الطَّبْخ كَثْرَة الضيفان، ولازم كَثْرَة الضيفان / الْكَرم، فَكل ذَلِك عَادَة، فالدلالة على الْمَعْنى الْأَصْلِيّ بِالْوَضْعِ، وعَلى اللَّازِم بانتقال الذِّهْن من الْمَلْزُوم إِلَيْهِ.

وَمثله قَوْلهم: طَوِيل النجاد، كِنَايَة عَن طول الْقَامَة؛ لِأَن نجاد الطَّوِيل يكون طَويلا بِحَسب الْعَادة، وعَلى هَذَا فَهُوَ حَقِيقَة؛ لِأَنَّهُ اسْتعْمل فِي مَعْنَاهُ وَإِن أُرِيد بِهِ اللَّازِم، فَلَا تنَافِي بَينهمَا.

وَإِن لم يرد الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ، وَإِنَّمَا عبر بالملزوم عَن اللَّازِم، بِأَن يُطلق الْمُتَكَلّم كَثْرَة الرماد على اللَّازِم وَهُوَ الْكَرم، وَطول النجاد على اللَّازِم وَهُوَ طول الْقَامَة، من غير مُلَاحظَة الْحَقِيقَة أصلا، فَهُوَ مجَاز؛ لِأَنَّهُ اسْتعْمل فِي غير

ص: 486

مَعْنَاهُ، والعلاقة فِيهِ إِطْلَاق الْمَلْزُوم على اللَّازِم.

ورده: الكوراني من وُجُوه: مِنْهَا: (أَن الْمَشْهُور: أَن الْفرق بَين الْمجَاز وَالْكِنَايَة: إِنَّمَا هُوَ بِأَن الِانْتِقَال فِي الْمجَاز من الْمَلْزُوم إِلَى اللَّازِم، وَفِي الْكِنَايَة من اللَّازِم إِلَى الْمَلْزُوم، أطبق عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ، وَكَلَام المُصَنّف يُخَالِفهُ صَرِيحًا) .

وَالْقَوْل الثَّانِي: - وَهُوَ الْأَصَح -: أَنه حَقِيقَة فِيهَا، وَإِلَيْهِ جنح كثير من البيانيين، بل قَالَ الكوراني:(الْجُمْهُور أَنَّهَا من الْحَقِيقَة)، وتبعهم ابْن عبد السَّلَام فِي كتاب " الْمجَاز " فَقَالَ: (الظَّاهِر أَن الْكِنَايَة لَيست من الْمجَاز، لِأَنَّهَا وَإِن اسْتعْملت فِيمَا وضع لَهُ لَكِن أُرِيد بهَا الدّلَالَة على غَيره، [كدليل الْخطاب] فِي قَوْله:{فَلَا تقل لَهما أُفٍّ} [الْإِسْرَاء: 23] ، وَكَذَا

ص: 487