المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ بواجبات، ومحظورات، ومباحات، وكرامات) .وفرض الكفاية: كالجهاد ونحوه، وهو كثير، وقد حصره وعده جماعة من العلماء.وسنة الكفاية: كابتداء السلام، وتشميت العاطس على قول - التحبير شرح التحرير - جـ ٢

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌فصل

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ عَن التَّضْحِيَة بالعوراء والعرجاء) انْتهى.وَنَحْوه: النَّهْي عَن الدُّبَّاء، والحنتم، والمقير، فَإِنَّهُ ينصب إِلَى مَا يلْزم مِنْهُ، وَهُوَ النَّبِيذ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ قَالَ لوفد عبد الْقَيْس: " آمركُم بِأَرْبَع: الْإِيمَان بِاللَّه، وَهل تَدْرُونَ مَا الْإِيمَان بِاللَّه؟ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَصَوْم رَمَضَان، وَأَن تعطوا من الْمَغَانِم الْخمس) .وَفِيهِمَا / عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي

- ‌ أَنه قَالَ: " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن…" الحَدِيث

- ‌ بَين الْإِسْلَام وَالْإِيمَان، وَأدْخل الْأَعْمَال فِي مُسَمّى الْإِسْلَام، دون مُسَمّى الْإِيمَان.قَالَ الْعَلامَة ابْن رَجَب فِي " شرح النووية ": (وَجه الْجمع بَين النُّصُوص الْمُتَقَدّمَة، وَبَين حَدِيث سُؤال جِبْرِيل، يَتَّضِح بتقرير أصل، وَهُوَ:

- ‌ فسر الْإِيمَان عِنْد ذكره مُفردا فِي حَدِيث وَفد عبد الْقَيْس، بِمَا فسر بِهِ الْإِسْلَام المقرون بِالْإِيمَان، فِي حَدِيث جِبْرِيل، وَفسّر فِي حَدِيث آخر الْإِسْلَام بِمَا فسر بِهِ الْإِيمَان، كَمَا فِي " الْمسند " عَن عَمْرو بن عبسة، قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي

- ‌ الْإِيمَان أفضل الْإِسْلَام وَأدْخل فِيهِ الْأَعْمَال. - قَالَ ابْن رَجَب وَبِهَذَا التَّفْصِيل يظْهر تَحْقِيق القَوْل فِي مَسْأَلَة الْإِيمَان وَالْإِسْلَام، هَل هما وَاحِد، أَو مُخْتَلِفَانِ؟) .وَيَأْتِي ذَلِك فِي الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌ فِي كل أَمر ديني علم مَجِيئه بِهِ ضَرُورَة، فَيكون من الْحَقَائِق الشَّرْعِيَّة نَظِير الصَّوْم وَالصَّلَاة وَالْحج؛ لِأَنَّهُ تَصْدِيق خَاص) انْتهى.وَقَالَت الْجَهْمِية، والشيعة، أَبُو الْحُسَيْن الصَّالِحِي / من الْقَدَرِيَّة، وَغَيرهم: الْإِيمَان: الْمعرفَة، وَذكره بعض أَصْحَابنَا عَن الْأَشْعَرِيّ وَأكْثر

- ‌ حِين وقف على الْمَقَابِر: " وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون

- ‌ عَن الْإِيمَان وَالْإِسْلَام وَالْإِحْسَان، وَتَفْسِير كل وَاحِد بِغَيْر مَا فسر بِهِ الآخر

- ‌ اللَّهُمَّ لَك أسلمت وَبِك آمَنت ".وَقد قَالُوا فِيمَا تقدم: إِن الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ، ثمَّ قَالُوا: الْإِيمَان وَالْإِسْلَام شَيْء وَاحِد، فَيكون الْإِسْلَام هُوَ التَّصْدِيق، وَهَذَا لم يقلهُ أحد من أهل اللُّغَة، وَإِنَّمَا هُوَ الانقياد وَالطَّاعَة، وَفسّر الْإِسْلَام بِالْأَعْمَالِ

- ‌[أَلا وَإِن] فِي الْجَسَد مُضْغَة إِذا صلحت صلح الْجَسَد كُله، وَإِذا فَسدتْ فسد الْجَسَد كُله أَلا وَهِي الْقلب "، فَلَا يتَحَقَّق الْقلب / بِالْإِيمَان إِلَّا وسعت الْجَوَارِح فِي أَعمال الْإِسْلَام، وَلَيْسَ كل مُسلم مُؤمنا، فَإِنَّهُ قد يكون الْإِيمَان ضَعِيفا فَلَا يتَحَقَّق الْقلب بِهِ تحققاً تَاما

- ‌ أَو مُسلم ". انْتهى كَلَام ابْن رَجَب، وَقد أَجَاد وأشفى الغصة، وَقد أطلنا الْكَلَام فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَهِي أهل لذَلِك

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌{الِاشْتِقَاق}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌{الْحُرُوف}

- ‌ من حلف على يَمِين "، أَي: يَمِينا.وَأنكر سِيبَوَيْهٍ وُقُوع زيادتها.فَائِدَة: اخْتلف فِي " على "، هَل تكون اسْما أم لَا؟ على مَذَاهِب

- ‌ واشترطي لَهُم الْوَلَاء "، أَن المُرَاد: عَلَيْهِم

- ‌ قَالَ فِي سَالم مولى أبي

- ‌ فِي بنت أم سَلمَة: " لَو لم تكن ربيبتي فِي حجري مَا حلت لي، إِنَّهَا لابنَة أخي من الرضَاعَة "، فَإِن لتحريمها سببين: كَونهَا ربيبته، وَكَونهَا ابْنة أَخِيه من الرضَاعَة.الثَّالِث: أَن يكون أدون مِنْهُ، وَلَكِن يلْحق بِهِ لمشاركته فِي الْمَعْنى، كَقَوْلِك فِي أُخْت النّسَب

- ‌ لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف لما قَالَ: تزوجت: " أولم وَلَو بِشَاة ": (المُرَاد بِالشَّاة هُنَا وَالله أعلم للتقليل، أَي: وَلَو بِشَيْء قَلِيل كشاة) انْتهى.قلت: فِيهِ شَيْء، لدلَالَة الْحَال، فَإِن عبد الرَّحْمَن رضي الله عنه لما قدم الْمَدِينَة وَتزَوج هَذِه الْأَنْصَارِيَّة، كَانَ فَقِيرا

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ باسم لم يسمه بِهِ أَبوهُ، وَلَا يُسمى بِهِ نَفسه، وَكَذَا كل كَبِير من الْخلق ".قَالَ: " فَإِذا امْتنع فِي حق المخلوقين، فامتناعه فِي حق الله تَعَالَى أولى ".وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يجوز أَن يُطلق عَلَيْهِ اسْم وَلَا صفة توهم نقصا، وَلَو ورد ذَلِك نصا، فَلَا يُقَال: ماهد

- ‌ بَين مُرَاده فِيمَا جَاءَ بِهِ، وَلنَا أَلْفَاظ نقطع بمدلولها بمفردها، وَتارَة بانضمام قَرَائِن، أَو شَهَادَة الْعَادَات، ثمَّ يمْنَع مُعَارضَة الدَّلِيل الْعقلِيّ الْقطعِي للدليل الشَّرْعِيّ.وَقَوْلهمْ: الْمَوْقُوف على المظنون مظنون، بَاطِل، لِأَن الْمَوْقُوف على الْمُقدمَات الظنية قد يكون

- ‌قَوْله: {فصل فِي الْأَحْكَام}

- ‌قَوْله: {فصل شكر الْمُنعم}

- ‌ وشرعها) .وَقَالَ: (وعَلى هَذَا يخرج وجوب معرفَة الله تَعَالَى، هَل هِيَ وَاجِبَة

- ‌قَوْله: {فصل]

- ‌(من أعظم الْمُسلمين جرما من سَأَلَ عَن شَيْء لم يحرم محرملأجل مَسْأَلته ") ، وَقَوله

- ‌ من الله تَعَالَى، لِأَنَّهُ وَحي، وَتَقْرِير لَهُ فِيمَا اجْتهد بِهِ) انْتهى.وَقَالَ ابْن عقيل أَيْضا -: (الْأَلْيَق بمذهبه أَن يُقَال: لَا نَدْرِي مَا الحكم)

- ‌ اتَّقوا فراسة الْمُؤمن فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله ".وَقَوله

- ‌ شَهَادَة قلبه بِلَا حجَّة أولى من الْفَتْوَى، فَثَبت أَن الإلهام حق، فَإِنَّهُ وَحي بَاطِن، إِلَّا أَن العَبْد إِذا عصى ربه وَعمل بهواه حرم هَذِه الْكَرَامَة.وَلَا حجَّة فِي شَيْء من ذَلِك، لِأَنَّهُ لَيْسَ المُرَاد الْإِيقَاع فِي الْقلب بِلَا دَلِيل، بل الْهِدَايَة إِلَى الْحق بِالدَّلِيلِ، كَمَا قَالَ عَليّ

- ‌قَوْله: {فصل الحكم الشَّرْعِيّ}

- ‌ لَكِن خطاب الْمَلَائِكَة، وخطاب الرَّسُول دلّت على خطاب الله تَعَالَى.فخطاب جنس، وَهُوَ مصدر خَاطب، لَكِن المُرَاد بِهِ هُنَا الْمُخَاطب بِهِ، لَا معنى الْمصدر الَّذِي هُوَ تَوْجِيه الْكَلَام لمخاطب، فَهُوَ من إِطْلَاق الْمصدر على اسْم الْمَفْعُول.وَخرج: خطاب غير الشَّارِع؛ إِذْ لَا

- ‌ وكالحكم بِشَهَادَة

- ‌ صلَة الرَّحِم تزيد فِي الْعُمر "؛ فَإِنَّهُ [إِخْبَار بِخلق] الْعَمَل، لَا أنشأ مُتَعَلق بِالْعَمَلِ اقْتِضَاء أَو تخييراً؛ لِأَن الِاقْتِضَاء: هُوَ الطّلب للْفِعْل جزما، أَو غير جزم، أَو التّرْك جزما، أَو غير جزم، بنهي مَقْصُود أَو غَيره، [والتخيير: الْإِبَاحَة]

- ‌ استاكوا

- ‌ إِذا تَوَضَّأ أحدكُم فَأحْسن وضوءه، ثمَّ خرج عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِد فَلَا يشبك بَين أَصَابِعه فَإِنَّهُ فِي / صَلَاة " رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، وَابْن

- ‌ لَا يمسك ذكره وَهُوَ يَبُول ".وَإِن ورد الْخطاب بالتخيير فَهُوَ الْإِبَاحَة، كَقَوْلِه

- ‌قَوْله: { [فصل] }

- ‌قَوْله: { [فصل] }

- ‌ قَالَ: " يَقُول الله تَعَالَى: مَا تقرب إِلَيّ عَبدِي بِمثل أَدَاء مَا افترضت عَلَيْهِ

- ‌ فَرضهَا "، فسوى بَينهمَا، وَقَالَ فِي رِوَايَة الْمَرْوذِيّ: (ابْن عمر يَقُول: " فرض رَسُول الله

- ‌ غسل يَوْم الْجُمُعَة وَاجِب على كل محتلم "، كَمَا قَالَ القَاضِي، وَتقول: حَقك عَليّ وَاجِب.قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي " المسودة ": (وَذهب طَائِفَة من أَصْحَابنَا وَغَيرهم إِلَى أَنَّهَا تحْتَمل توكيد الِاسْتِحْبَاب) انْتهى

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ فنؤمر بِقَضَاء الصَّوْم " مُتَّفق عَلَيْهِ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ فَإِنَّهُ

- ‌ بواجبات، ومحظورات، ومباحات، وكرامات) .وَفرض الْكِفَايَة: كالجهاد وَنَحْوه، وَهُوَ كثير، وَقد حصره وعده جمَاعَة من الْعلمَاء.وَسنة الْكِفَايَة: كابتداء السَّلَام، وتشميت الْعَاطِس على قَول

- ‌ شَاتين أَو عشْرين درهما "، وَمثل الْوَاجِب فِي الْمِائَتَيْنِ من الْإِبِل: " أَربع حقاق أَو خمس بَنَات لبون "، وكالتخيير بَين غسل الرجلَيْن فِي الْوضُوء للابس الْخُف أَو الْمسْح عَلَيْهِ، وَنَحْوهَا

- ‌وَقَوله: {فصل}

- ‌ أَوله وَآخره وَقَالَ: " الْوَقْت مَا بَينهمَا "، وَقَالَهُ لَهُ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: [فصل فِي الشَّخْص الْوَاحِد ثَوَاب وعقاب}

- ‌قَوْله " { [فصل}

- ‌ وَالْمُسْتَحب: مَا فعله مرّة أَو مرَّتَيْنِ. - وَألْحق بذلك بَعضهم: مَا أَمر بِهِ، وَلم ينْقل أَنه فعله والتطوع: مَا لم يرد فِيهِ بِخُصُوصِهِ نقل) .ورده أَبُو الطّيب فِي " منهاجه ": (بِأَن النَّبِي

- ‌ وَالْمُسْتَحب: مَا أَمر بِهِ، سَوَاء فعله، أَو لَا، أَو فعله وَلم يداوم عَلَيْهِ) .وَقيل: (السّنة: مَا ترتبت، كالراتبة مَعَ الْفَرِيضَة، وَالنَّفْل وَالنَّدْب: مَا زَاد على ذَلِك) .وَقَالَت الْمَالِكِيَّة: (مَا أَمر الشَّرْع بِهِ وَبَالغ فِيهِ سنة، وَأول الْمَرَاتِب تطوع ونافلة

- ‌ لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة " مُتَّفق عَلَيْهِ، ولعصى بِتَرْكِهِ.رد: المُرَاد بهَا أَمر الْإِيجَاب، وَلِهَذَا قَيده بالمشقة، وَكَذَا خبر بَرِيرَة الْآتِي فِي أَن الْأَمر للْوُجُوب

- ‌ كَانَ يَنْوِي صَوْم التَّطَوُّع ثمَّ يفْطر "، رَوَاهُ مُسلم وَغَيره

- ‌ قد أبطل تطوعه كَمَا سبق

الفصل: ‌ بواجبات، ومحظورات، ومباحات، وكرامات) .وفرض الكفاية: كالجهاد ونحوه، وهو كثير، وقد حصره وعده جماعة من العلماء.وسنة الكفاية: كابتداء السلام، وتشميت العاطس على قول

فَفرض الْعين وَسنة الْعين: مَا تنَاول كل وَاحِد من الْمُكَلّفين فرضا ونفلاً: كَالصَّلَاةِ، وَالصَّوْم، وَنَحْوهمَا.

وَقد يتناولان وَاحِدًا معينا: كخصائص النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -،‌

‌ فَإِنَّهُ

صلى الله عليه وسلم َ - قد اخْتصَّ بفرائض وَسنَن.

قَالَ الإِمَام أَحْمد: (خص النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -‌

‌ بواجبات، ومحظورات، ومباحات، وكرامات) .

وَفرض الْكِفَايَة: كالجهاد وَنَحْوه، وَهُوَ كثير، وَقد حصره وعده جمَاعَة من الْعلمَاء.

وَسنة الْكِفَايَة: كابتداء السَّلَام، وتشميت الْعَاطِس على قَول

،

ص: 873

وَالْأُضْحِيَّة فِي حق أهل الْبَيْت، وَتَسْمِيَة أحد الآكلين عَن بَقِيَّتهمْ، نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي.

وَقد ذكر النَّاظِم، وَابْن مُفْلِح، وَابْن قَاضِي الْجَبَل، وَغَيرهم: سنة الْكِفَايَة.

وَسمي فرض الْكِفَايَة؛ لِأَن فعل الْبَعْض فِيهِ يَكْفِي فِي سُقُوط الْإِثْم.

وَالْفرق بَينه وَبَين فرض الْعين: أَن فرض الْعين: مَا تَكَرَّرت مصْلحَته بتكرره كالصلوات الْخمس وَغَيرهَا، فَإِن مصلحتها الخضوع لله، وتعظيمه، ومناجاته، والتذلل والمثول بَين يَدَيْهِ، وَهَذِه الْآدَاب تكْثر كلما كررت الصَّلَاة.

وَفرض الْكِفَايَة: مَا لَا تَتَكَرَّر مصْلحَته بتكرره: كإنجاء الغريق، وَغسل الْمَيِّت، وَدَفنه، وَنَحْوهَا.

فهما متباينان تبَاين النَّوْعَيْنِ، خلافًا للمعتزلة فِي قَوْلهم: تبَاين الجنسين، إِذْ الْوَاجِب أَو الْمَنْدُوب صَادِق على الْأَمريْنِ بالتواطؤ، من حَيْثُ أَن كلا مِنْهُمَا لابد من وُقُوعه، أَو وُقُوعه مُحَصل لما يَتَرَتَّب عَلَيْهِ من الثَّوَاب، فَلَيْسَ لفظ الْفَرْض وَالسّنة مُشْتَركا بَينهمَا اشتراكاً لفظياً كَمَا يَزْعمُونَ.

ص: 874

قَوْله: { [وهما] : مُهِمّ يقْصد حُصُوله من غير نظر بِالذَّاتِ إِلَى فَاعله} .

وأصل هَذَا الْحَد للغزالي، إِلَّا أَنه قَالَ:(كل مُهِمّ ديني يقْصد الشَّرْع حُصُوله من غير نظر إِلَى فَاعله) ، حَكَاهُ عَنهُ الرَّافِعِيّ فِي كتاب " السّير "، وَمَعْنَاهُ: أَن فروض الْكِفَايَة أُمُور كُلية تتَعَلَّق بهَا مصَالح دينية ودنيوية لَا يَنْتَظِم الْأَمر إِلَّا بحصولها، فيقصد الشَّرْع حُصُولهَا، وَلَا يقْصد تَكْلِيف الْوَاحِد وامتحانه فِيهَا، بِخِلَاف فروض الْأَعْيَان فَإِن الْكل مكلفون بهَا ممتحنون بتحصيلها، وَهَذَا الْحَد " يَشْمَل سنة الْكِفَايَة، [فَإِنَّهُ] لم يقل: يقْصد الشَّارِع حُصُوله لُزُوما.

والمهم قِسْمَانِ: مُهِمّ لابد من حُصُوله، ومهم الشَّرْع حُصُوله.

وأسقطت من الْحَد لفظ: (كل) ؛ لِأَنَّهَا للأفراد، والتعريف للماهية.

وأسقطت لَفْظَة: (ديني) ؛ ليدْخل نَحْو الْحَرْف والصناعات.

وزدنا: (بِالذَّاتِ) من قَوْلنَا: (من غير نظر بِالذَّاتِ إِلَى فَاعله) ؛ لِأَن مَا من فعل يتَعَلَّق بِهِ الحكم إِلَّا وَينظر فِيهِ للْفَاعِل، حَتَّى يُثَاب على واجبه

ص: 875

ومندوبه، ويعاقب على ترك الْوَاجِب، وَإِنَّمَا يفترقان فِي كَون الْمَطْلُوب عينا يختبر فِيهِ الْفِعْل ويمتحن ليثاب أَو يُعَاقب، وَالْمَطْلُوب كِفَايَة يقْصد حُصُوله قصدا ذاتياً، وَقصد الْفَاعِل فِيهِ تبع لَا ذاتي.

قَوْله: { [وَالْأول] وَاجِب على الْجَمِيع عِنْد الْأَرْبَعَة وَغَيرهم} .

هَذَا هُوَ الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِير الْعلمَاء، مِنْهُم الْأَرْبَعَة، نَقله عَنْهُم ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله " وَغَيره.

قَالَ الإِمَام أَحْمد: (الْغَزْو وَاجِب على النَّاس كلهم، فَإِذا غزا بَعضهم أَجْزَأَ عَنْهُم) ، وَقَالَهُ أَصْحَابه.

وَقَالَ الإِمَام الشَّافِعِي فِي " الْأُم ": (حق على النَّاس غسيل الْمَيِّت، وَالصَّلَاة عَلَيْهِ، وَدَفنه، لَا يسع عامتهم تَركه، وَإِذا قَامَ بِهِ من فِيهِ كِفَايَة أَجْزَأَ عَنْهُم إِن شَاءَ الله تَعَالَى) .

ص: 876

وَقَالَ مَعْنَاهُ فِي بَاب السّلف، وَجرى عَلَيْهِ أَصْحَابه.

وَمن الْأُصُولِيِّينَ: الصَّيْرَفِي، والباقلاني، والشيرازي، وَالْغَزالِيّ، وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيّ، وَنَقله عَن أَصْحَابهم، وَابْن الْحَاجِب، وَغَيرهم.

فَائِدَة: إِذا قُلْنَا: إِنَّه تعلق بِالْجَمِيعِ، فَهَل مَعْنَاهُ: أَنه يتَعَلَّق بِكُل وَاحِد، أَو بِالْجَمِيعِ من حَيْثُ هُوَ جَمِيع؟

مُقْتَضى كَلَام الباقلاني الأول، وَظَاهر كَلَام الْأَكْثَرين الثَّانِي.

فَمَعْنَى الأول: أَن كل مُكَلّف مُخَاطب بِهِ، فَإِذا قَامَ بِهِ بعض سقط عَن غَيرهم رخصَة وتخفيفاً لحُصُول الْمَقْصُود.

وَمعنى الثَّانِي: أَن الْجَمِيع مخاطبون بإيقاعه مِنْهُم، من أَي فَاعل فعله، وَلَا يلْزم على هَذَا أَن يكون الشَّخْص مُخَاطبا بِفعل غَيره. لأَنا نقُول: كلفوا بِمَا هُوَ أَعم من فعلهم وَفعل غَيرهم، وَذَلِكَ مَقْدُور تَحْصِيله مِنْهُم، لِأَن كلا قَادر عَلَيْهِ، وَلَو لم يَفْعَله غَيره، وَفرض الْعين الْمَقْصُود مِنْهُ امتحان كل وَاحِد بِمَا خُوطِبَ بِهِ لحُصُول ذَلِك الْفِعْل مِنْهُ بِنَفسِهِ.

ص: 877

وَقَالَ طَائِفَة من الْأُصُولِيِّينَ: يلْزم طَائِفَة مُبْهمَة، وَهُوَ مُقْتَضى كَلَام الرَّازِيّ فِي " الْمَحْصُول "، وَحكي عَن الْمُعْتَزلَة.

[قَالَ] الْبرمَاوِيّ: (اخْتَار الرَّازِيّ وَأَتْبَاعه: أَنه على الْبَعْض، وَاخْتَارَهُ التَّاج السُّبْكِيّ.

ورد هَذَا القَوْل: بإثم الْجَمِيع بِتَرْكِهِ إِجْمَاعًا، وإثم وَاحِد مِنْهُم لَا يعقل، لِأَنَّهُ لَا يُمكن عِقَابه، وَسُقُوط الْإِثْم بِفعل بَعضهم لَيْسَ مَانِعا.

وَأما قَوْله تَعَالَى: {فلولا نفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة ليتفقهوا فِي الدّين ولينذروا قَومهمْ إِذا رجعُوا إِلَيْهِم} [التَّوْبَة: 122]، فَالْمُرَاد بالطائفة: المسقطة للْوَاجِب.

وَقيل: يجب على طَائِفَة مُعينَة عِنْد الله تَعَالَى دون النَّاس.

وَقيل: مَا قَامَ بِهِ فَهُوَ الْوَاجِب عَلَيْهِ.

وَهُوَ نَظِير الْخلاف فِي الْوَاجِب الْمُخَير.

ص: 878

قَوْله: {قَالَ أَصْحَابنَا [وَغَيرهم] : وَمن ظن أَن غَيره لَا يقوم بِهِ وَجب عَلَيْهِ} .

وَذَلِكَ لِأَن الظَّن منَاط التَّعَبُّد.

قَوْله: { [وَإِن] فعله الْجَمِيع مَعًا كَانَ فرضا إِجْمَاعًا} .

لعدم التَّمْيِيز، لَكِن رَأَيْت لإِمَام الْحَرَمَيْنِ احْتِمَالا أَن يَجْعَل كمسح الرَّأْس فِي الْوضُوء دفْعَة، هَل الْفَرْض الْكل، أَو مَا يَقع عَلَيْهِ الِاسْم؟ ثمَّ قَالَ:(وَقد يَقُول الفطن: رُتْبَة الْفَرْضِيَّة فَوق السّنيَّة، وكل مصل من الْجَمِيع يَنْبَغِي أَن لَا يحرم الْفَرْضِيَّة، وَقد قَامَ بِمَا أَمر بِهِ، وَهَذَا لطيف لَا يَصح مثله فِي الْمسْح) انْتهى.

قلت: وَقَرِيب مِمَّا قَالَ، لَو وَجب عَلَيْهِ سبع بَدَنَة فأخرجها كَامِلَة، هَل يُوصف الْكل بِالْوُجُوب، أَو السَّبع وَالْبَاقِي سنة؟ لنا فِيهِ وَجْهَان.

ص: 879

قَوْله: {وَيسْقط [الطّلب الْجَازِم] بِفعل من يَكْفِي كسقوط الْإِثْم إِجْمَاعًا} .

وَذَلِكَ لِأَن الْمَقْصُود مِنْهُ الْفِعْل، وَقد وجد، وَيَكْفِي فِي سُقُوطه غَلَبَة الظَّن، فَإِذا غلب على ظن طَائِفَة أَن غَيرهَا قَامَ بِهِ سقط، قَالَه القَاضِي، وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين، والطوفي، وَغَيرهم.

قَالَ الطوفي: (لَو غلب على ظن طَائِفَة أَن غَيرهَا قَامَ بِهِ سقط عَنْهَا، وَإِن غلب على ظن كل من الطَّائِفَتَيْنِ أَو الطوائف أَن الْأُخْرَى قَامَت بِهِ سقط عَن الْجَمِيع، عملا بِمُوجب الظَّن؛ لِأَنَّهُ كَمَا يصلح مثبتاً للتكاليف يَصح مسْقطًا لَهَا) انْتهى.

وَقَالَ الْإِسْنَوِيّ فِي " شرح منهاج الْبَيْضَاوِيّ ": (وَإِن ظنت طَائِفَة قيام غَيرهَا بِهِ، وظنت أُخْرَى عَكسه، سقط عَن الأولى، وَوَجَب على الثَّانِيَة.

وَقَالَ: فلك أَن تَقول: هَذَا يشكل بِالِاجْتِهَادِ؛ فَإِنَّهُ من فروض الْكِفَايَة، وَلَا إِثْم فِي تَركه، وَإِلَّا لزم تأثيم أهل الدُّنْيَا.

فَإِن قيل: إِنَّمَا انْتَفَى الْإِثْم لعدم الْقُدْرَة.

قلتنا: فَيلْزم أَن لَا يكون فرضا) انْتهى.

ص: 880

{ [قيل] : الثَّانِي فرض أَيْضا، [وَجزم بِهِ ابْن عقيل فِي " الْوَاضِح "] ، فَلَا يُجزئ بنية [النَّفْل] [وفَاقا للشَّافِعِيَّة] } ، وذكروه أَيْضا فِي صَلَاة الْجِنَازَة مرّة أُخْرَى، [لتعيينها] بشروعه، لِأَنَّهَا شرعت لمصْلحَة، وَهِي قبُول الشَّفَاعَة، وَلم يعلم.

ورد: يَكْفِي الظَّن بِدَلِيل سُقُوط الْإِثْم.

وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: (إِذا بَاشر الْجِهَاد وَقد سقط الْفَرْض، فَهَل يَقع فرضا أَو نفلا؟ علىوجهين كالوجهين فِي صَلَاة الْجِنَازَة إِذا أَعَادَهَا بعد أَن صلاهَا غَيره، وانبنى على الْوَجْهَيْنِ جَوَاز فعلهَا بعد الْعَصْر وَالْفَجْر مرّة ثَانِيَة، وَالصَّحِيح: أَن ذَلِك يَقع فرضا، وَأَنه يجوز فعلهَا بعد الْعَصْر وَالْفَجْر، وَإِن كَانَ ابْتِدَاء الدُّخُول فِيهِ تَطَوّعا كَمَا فِي التَّطَوُّع الَّذِي يلْزم بِالشُّرُوعِ، فَإِنَّهُ كَانَ نفلا ثمَّ يصير إِتْمَامه وَاجِبا) انْتهى.

ص: 881

فَائِدَة: من شُرُوط سُقُوط فرض الْكِفَايَة: أَن يكون فَاعله مُكَلّفا من الْآدَمِيّين، فَلَا يسْقط بِفعل مُمَيّز إِلَّا فِيمَا الْمَقْصُود حُصُوله فَقَط، كحمل الْمَيِّت وَدَفنه وَنَحْوهمَا، وَلنَا خلاف فِي الْأَذَان، وَغسل الْمَيِّت، وَغَيرهمَا، لَكِن الْمَشْهُور من الْمَذْهَب صِحَة الْأَذَان وَغسل الْمَيِّت من الْمُمَيز.

وَلنَا أَيْضا فِي غسل الْمَلَائِكَة وَالْجِنّ للْمَيت خلاف ضَعِيف فِي الْإِجْزَاء.

قَوْله: {وَلَا فرق بَينه وَبَين فرض الْعين ابْتِدَاء، قَالَه الْمُوفق وَغَيره} .

يَعْنِي: على القَوْل بِأَنَّهُ وَاجِب على الْجَمِيع، قَالَه الْمُوفق وَغَيره، وَإِنَّمَا يتفرقان فِي ثَانِي الْحَال، وَهُوَ 0 فرق حكمي.

قَوْله: {وَفرض الْعين أفضل مِنْهُ، وَيلْزم بِالشُّرُوعِ فِي الْأَظْهر فيهمَا} . ذكرنَا مَسْأَلَتَيْنِ.

ص: 882

إِحْدَاهمَا: هَل فرض الْعين أفضل، أم فرض الْكِفَايَة؟

فِيهِ قَولَانِ:

أَحدهمَا: - وَهُوَ الصَّحِيح أَن فرض الْعين أفضل، لِأَن فَرْضه أهم وَلذَلِك وَجب على الْأَعْيَان، وَهَذَا قَول الْأَكْثَر.

وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن فرض الْكِفَايَة أفضل، اخْتَارَهُ الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الإِسْفِرَايِينِيّ فِي كتاب " التَّرْتِيب "، وَأَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ فِي كِتَابه " الْمُحِيط "، وَولده أَبُو الْمَعَالِي، وَحَكَاهُ الشَّيْخ أَبُو عَليّ فِي أول " شرح التَّلْخِيص " عَن الْمُحَقِّقين؛ لِأَن فَاعله ساع فِي صِيَانة الْأمة كلهَا عَن الْإِثْم، وَلَا شكّ فِي رُجْحَان من حل مَحل الْمُسلمين أَجْمَعِينَ فِي الْقيام بمهمات الدّين، قَالَه أَبُو الْمَعَالِي.

قلت: لَو قيل: إنَّهُمَا سَوَاء فِي الْفَضِيلَة لَكَانَ متجهاً، لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا اخْتصَّ بمزية لَا تُوجد فِي الآخر، فَكَانَا سَوَاء.

ص: 883

وفاعل فرض الْكِفَايَة أفضل من غير فَاعله، ضَرُورَة أَنه حصل الْمصلحَة دون غَيره، نعم؛ هما سيان فِي الْخُرُوج من الْعهْدَة.

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة: هَل يلْزم فرض الْكِفَايَة بِالشُّرُوعِ أم لَا؟

قَالَ فِي " الْقَوَاعِد الْأُصُولِيَّة ": (قَالَ بعض أَصْحَابنَا: فِي الْمَسْأَلَة قَولَانِ أخذا من احْتِمَالَيْنِ فِي " التَّلْخِيص " للشَّيْخ فَخر الدّين ابْن تَيْمِية فِي اللَّقِيط إِذا أَرَادَ الْمُلْتَقط رده إِلَى الْحَاكِم مَعَ قدرته، وَعلل احْتِمَال الْمَنْع بِأَنَّهُ فرض كِفَايَة وَقد شرع فِيهِ وَقدر عَلَيْهِ فَصَارَ مُتَعَيّنا.

وَيُؤْخَذ أَيْضا من أحد الْقَوْلَيْنِ من مَسْأَلَة حفظ الْقُرْآن، إِنَّه فرض كِفَايَة إِجْمَاعًا، فَإِذا حفظه وَأخر تِلَاوَته حَتَّى نَسيَه وَلَا عذر، حرم على الصَّحِيح من الْمَذْهَب.

قَالَ الإِمَام أَحْمد: (مَا أَشد مَا جَاءَ فِيمَن حفظه ثمَّ نَسيَه) .

ص: 884

وَفِيه وَجه: يكره، وَقدمه بعض الْأَصْحَاب) ، وللشافعية قَولَانِ، وَلم يرجح الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ شَيْئا، وَاخْتَارَ ابْن الرّفْعَة، أَنه لَا يلْزم.

وَقَالَ ابْن الْبَارِزِيّ فِي " التَّمْيِيز ": (لَا يلْزم فرض الْكِفَايَة بِالشُّرُوعِ

ص: 885

- فِي الْأَصَح إِلَّا فِي الْجِهَاد وَصَلَاة الْجِنَازَة) انْتهى. وَخُرُوج الْجِهَاد وَصَلَاة الْجِنَازَة لما فِي الأول من تخذيل الْمُسلمين وَكسر الْقُلُوب، وَلما فِي الثَّانِي من هتك حُرْمَة الْمَيِّت، فَيكون هَذَا وَجها ثَالِثا فِي الْمَسْأَلَة.

قَوْله: { [كفرض عين وَلَو موسعاً: كَصَلَاة، وَقَضَاء رَمَضَان عِنْد الْأَرْبَعَة] } .

يَعْنِي: أَن فرض الْعين يَنْقَسِم إِلَى قسمَيْنِ:

أَحدهمَا: أَن يكون وقته مضيقاً: كَصَوْم رَمَضَان، وَصَلَاة فِي آخر وَقتهَا، وَنَحْوهمَا، فَهَذَا يلْزم بِالشُّرُوعِ، وَتلْزم الْمُبَادرَة إِلَيْهِ بِلَا نزاع.

وَالثَّانِي: أَن يكون وقته موسعاً: كَالصَّلَاةِ فِي أول وَقتهَا، وَقَضَاء رَمَضَان، إِذا كَانَ الْوَقْت متسعاً، وَالنّذر الْمُطلق، وَالْكَفَّارَة، فَهَذَا أَيْضا يلْزم بِالشُّرُوعِ، وَيحرم خُرُوجه مِنْهُ بِلَا عذر عَنهُ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَغَيرهم.

ص: 886

قَالَ الشَّيْخ موفق الدّين: (هَذَا بِغَيْر خلاف) .

وَقَالَ الشَّيْخ مجد الدّين: (لَا نعلم فِيهِ خلافًا، لِأَن الْخُرُوج من عُهْدَة الْوَاجِب مُتَعَيّن، وَدخلت التَّوسعَة فِي وقته وَقفا ومظنة الْحَاجة، فَإِذا شرع تعيّنت الْمصلحَة فِي إِتْمَامه، وَجَاز للصَّائِم فِي السّفر الْفطر لقِيَام الْمُبِيح وَهُوَ السّفر، كالمرض) .

وَخَالف جمَاعَة من الشَّافِعِيَّة فِي الصَّوْم، ووافقوا على الْمَكْتُوبَة أول وَقتهَا، نقل ذَلِك ابْن مُفْلِح فِي أَوَاخِر الصَّوْم.

وَقَالَ ولد الْمجد فِي " المسودة ": (الْعِبَادَة الموسعة: كَالصَّلَاةِ، وَقَضَاء الصَّوْم، لَا يصير فعلهَا بعد التَّلَبُّس بهَا وَاجِبا، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: تلْزم بِالشُّرُوعِ) ، وَأقرهُ وَلَده الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَلم يتعقبه بِشَيْء، فَدلَّ أَنه مُوَافق عَلَيْهِ، لَكِن الَّذِي يظْهر أَن فِي هَذَا النَّقْل نظرا.

ص: 887

فَائِدَة: قَالَ الْمحلي: (سنة الْكِفَايَة كفرضها فِي الْأُمُور الْمُتَقَدّمَة وَهِي أَرْبَعَة:

أَحدهَا: من حَيْثُ التَّمْيِيز عَن سنة الْعين: مُهِمّ يقْصد حُصُوله من غير نظر إِلَى فَاعله.

ثَانِيهَا: أَنَّهَا أفضل من سنة الْعين، عِنْد الْأُسْتَاذ وَمن مَعَه، لسُقُوط الطّلب [بِقِيَام الْبَعْض] بهَا عَن كل المطلوبين بهَا.

ثَالِثهَا: أَنَّهَا مَطْلُوبَة من الْكل عِنْد الْجُمْهُور، وَقيل: الْبَعْض، وَعَلِيهِ فِيهِ الثَّلَاثَة أَقْوَال.

[رَابِعهَا] : أَنَّهَا [تتَعَيَّن] بِالشُّرُوعِ، أَي: تصير بِهِ سنة عين، يَعْنِي: مثلهَا فِي تَأَكد طلب الْإِتْمَام) انْتهى.

قَوْله: { [فَإِن] طلب وَاحِد من الْأَشْيَاء كخصال الْكَفَّارَة وَنَحْوهَا، فَالْوَاجِب وَاحِد لَا بِعَيْنِه} .

ص: 888