الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْله: { [فصل] }
{الْوَاجِب لُغَة: السَّاقِط وَالثَّابِت] } .
قَالَ الْجَوْهَرِي: (وَجب الشَّيْء: لزم، يجب وجوبا وأوجبه الله تَعَالَى، واستوجبه أَي: اسْتَحَقَّه. والوجبة: السقطة مَعَ الهدة.
وَوَجَب الْمَيِّت: إِذا سقط وَمَات) .
وَقَالَ فِي " الْقَامُوس ": (وَجب يجب وجبة: سقط، وَالشَّمْس وجباً ووجوباً: غَابَتْ، والوجبة: السقطة مَعَ الهدة، أَو صَوت السَّاقِط، والأكلة فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة، أَو أَكلَة فِي الْيَوْم إِلَى مثلهَا من الْغَد) .
وَقَالَ فِي " الْمِصْبَاح ": (وَجب البيع وَالْحق يجب وجوبا [وجبة] : لزم وَثَبت، وَوَجَبَت الشَّمْس وجوبا: غربت، وَوَجَب الْحَائِط وَنَحْوه: سقط، وَوَجَب الْقلب وجباً ووجيباً: رجف، واستوجبه: اسْتَحَقَّه، [وَأوجب البيع بِالْألف يُوجب] ، وأوجبت السّرقَة الْقطع) انْتهى.
وَقَالَ الطوفي فِي " شَرحه ": (التَّحْقِيق فِي الْوُجُوب لُغَة: أَنه بِمَعْنى الثُّبُوت والاستقرار، وَإِلَى هَذَا الْمَعْنى ترجع فروع مادته، فَمَعْنَى: الشَّمْس وَجَبت: ثَبت غُرُوبهَا وَاسْتقر.
وَوَجَب الْمَيِّت: ثَبت مَوته وَاسْتقر.
وَقَوله تَعَالَى: {فَإِذا وَجَبت جنوبها} [الْحَج: 36]، أَي: ثبتَتْ [واستقرت] فِي الأَرْض.
وَوَجَب الْمهْر [وَالدّين] : ثَبت فِي مَحَله وَاسْتقر، إِلَى غير ذَلِك) انْتهى.
وَمِثَال الثُّبُوت: (أَسأَلك مُوجبَات رحمتك) .
وَتقدم الْخلاف فِي حَده شرعا.
وَقَوله: {وَالْفَرْض لُغَة: التَّقْدِير والتأثير، قَالَ ابْن عقيل: [والإنزال] وَالْإِبَاحَة} .
فمثال التَّقْدِير: {فَنصف مَا فرضتم} [الْبَقَرَة: 237] ، أَي قدرتم، وَمِنْه:{لأتخذن من عِبَادك نَصِيبا مَفْرُوضًا} [النِّسَاء: 118]، أَي: مَعْلُوما، وَمِنْه:{سُورَة أنزلناها وفرضناها} [النُّور: 1]، أَي: أَوجَبْنَا الْعَمَل بهَا، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:{إِن الَّذِي فرض عَلَيْك الْقُرْآن} [الْقَصَص: 85]، أَي: أوجب عَلَيْك الْعَمَل بِهِ، فهما فِي الْآيَتَيْنِ بِمَعْنى التَّقْدِير على قَول بعض الْمُفَسّرين.
وَمِثَال التَّأْثِير: فرضة الْقوس والجبل.
قَالَ الْجَوْهَرِي: (الْفَرْض: الحز فِي الشَّيْء، وَفرض الْقوس: الحز الَّذِي يَقع فِيهِ الْوتر، والفرائض: السِّهَام الْمَفْرُوضَة، والتفريض: التحزيز) .
وَقَالَ فِي " الْقَامُوس ": (الْفَرْض: التَّوْقِيت، وَمِنْه: {فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج} [الْبَقَرَة: 197] ، و [الحز] فِي الشَّيْء كالتفريض، وَمن الْقوس موقع الْوتر) انْتهى.
وَقَالَ فِي " الْمِصْبَاح ": (فرضة الْقوس: مَوضِع حزها للوتر، والفرضة [فِي الْحَائِط] وَنَحْوه كالفرجة، وفرضة النَّهر: الثلمة الَّتِي ينحدر مِنْهَا المَاء، وتصعد مِنْهَا السفن، وفرضت الْخَشَبَة فرضا من بَاب ضرب -: حززتها، وَفرض القَاضِي النَّفَقَة فرضا أَي: قدرهَا وَحكم بهَا، وَالْفَرِيضَة: فعيلة بِمَعْنى مفعولة، وَالْجمع: فَرَائض، قيل اشتقاقها من الْفَرْض هُوَ التَّقْدِير؛ لِأَن الْفَرَائِض مقدرات، وَقيل: من فرض الْقوس، وَفرض الله تَعَالَى الْأَحْكَام) انْتهى.
وَمِثَال الْإِنْزَال على قَول ابْن عقيل وَغَيره -: {إِن الَّذِي فرض عَلَيْك الْقُرْآن لرادك إِلَى معاد} [الْقَصَص: 85]، أَي: أنزل عَلَيْك الْقُرْآن، وَهُوَ قَول أَكثر الْمُفَسّرين، قَالَه الْبَغَوِيّ.
وَمِثَال الْإِبَاحَة على قَوْله -: {مَا كَانَ على النَّبِي من حرج فِيمَا فرض الله لَهُ} [الْأَحْزَاب: 38]، أَي: فِيمَا أَبَاحَ الله لَهُ.
وَقَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل وَغَيره " (وَهُوَ بِمَعْنى الْإِحْلَال، أَي: فِيمَا أحل الله لَهُ) ، وَقطع بِهِ الْبَغَوِيّ فِي " تَفْسِيره ".
قلت: والإحلال يَأْتِي بِمَعْنى الْإِبَاحَة على مَا يَأْتِي.
وَقَالَ ابْن الهائم فِي " شرح منظومته ": (أصل الْفَرْض فِي اللُّغَة: الْقطع والحز، وَمِنْه فرض الْقوس بِفَتْح الْفَاء وفرضتها بضَمهَا للحز الَّذِي يَقع فِيهِ الْوتر، وفرضة النَّهر: ثلمته الَّتِي مِنْهَا يستقى، وَيَجِيء لمعان أخر: التَّقْدِير: {فَنصف مَا فرضتم} [الْبَقَرَة: 237] ، وَفرض الْحَاكِم النَّفَقَة، والإنزال:{إِن الَّذِي فرض عَلَيْك الْقُرْآن لرادك إِلَى معاد} [الْقَصَص: 85]، وَالْبَيَان:{سُورَة أنزلناها وفرضناها} [النُّور: 1]- بِالتَّخْفِيفِ -، والإيجاب والإلزام:{فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج} [الْبَقَرَة: 197]، أَي: أوجب على نَفسه فِيهِنَّ الْإِحْرَام، والعطية الموسومة: فرضت لَهُ وافترضت، أَي: أَعْطيته، وفرضت لَهُ فِي الدِّيوَان، قَالَه فِي " الصِّحَاح ".
فَيجوز أَن تكون الْفَرِيضَة حَقِيقَة فِي الْمعَانِي السِّتَّة، أَو فِي الْقدر الْمُشْتَرك بَينهَا وَهُوَ التَّقْدِير، فَيكون مقولاً بالاشتراك اللَّفْظِيّ، أَو بالتواطؤ، وَيجوز أَن يكون حَقِيقَة فِي الْقطع مجَازًا فِي غَيره، لتصريح كثير من أهل اللُّغَة بِأَصْلِهِ) انْتهى.
وَهُوَ كَلَام جَامع.
وَلما قَالَ ابْن عقيل: إِنَّه يَأْتِي بِمَعْنى الْإِنْزَال وَالْإِبَاحَة، {قَالَ هُوَ
وَغَيره: (الْوَاجِب آكِد} لاختصاصه وتأثيره أَيْضا) انْتهى.
وَذَلِكَ وَالله أعلم أَن الْفَرْض لما أَتَى عِنْده بِمَنْزِلَة الْإِنْزَال وَالْإِبَاحَة انحط عَن دَرَجَة وَالْوَاجِب، فَكَانَ الْوَاجِب آكِد لِأَنَّهُ الثَّابِت اللَّازِم، وَلم تأت لَهُ هَذِه الْمعَانِي.
قَوْله: {الْمُوفق، [وَابْن حمدَان وَغَيرهمَا] : [الْفَرْض آكِد] } .
قلت: وَهَذَا الصَّحِيح، وَلذَلِك لنا ولغيرنا خلاف شرعا، فِي أَن الْفَرْض مَا ثَبت بِالْكتاب، وَالْوَاجِب مَا ثَبت بِالسنةِ، أَو الْفَرْض مَا ثَبت بمقطوع بِهِ، وَالْوَاجِب مَا ثَبت بمظنون، وَلم يقل أحد بِالْعَكْسِ، بل قَالَت الْحَنَفِيَّة وَغَيرهَا: إِن الْفَرْض أخص من الْوَاجِب، فَدلَّ ذَلِك على أَن الْفَرْض آكِد فِي الْجُمْلَة.
وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِك فِي الشَّرْع تبعا للغة، لِأَن تَعْلِيلهم فِي تَأْكِيد الْفَرْض شرعا لأجل اللُّغَة.
قَوْله: {وهما مُتَرَادِفَانِ شرعا} .
الْفَرْض وَالْوَاجِب لفظان مُتَرَادِفَانِ، أَي: متحدان مفهوماً، إِذْ الِاتِّحَاد - مفهوماً هُوَ معنى الترادف، لَا المتحدان ذاتاً كالإنسان والناطق فَإِنَّهُمَا