الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَوله: {فصل}
{وَقت الْعِبَادَة إِمَّا بِقدر فعلهَا، وَهُوَ الْمضيق: كَالصَّوْمِ، أَو أقل فَمن الْمحَال} .
أَي: التَّكْلِيف بِهِ من الْمحَال، مثل: أَن يُوجب عَلَيْهِ صَلَاة أَربع رَكْعَات كاملات فِي وَقت لَا يَسعهَا: كطرفة عين، وَنَحْوه.
{أَو أَكثر} .
أَي: وَقت الْعِبَادَة أَكثر من وَقت فعلهَا.
{وَهُوَ الموسع [كالصلوات] المؤقتة، فَيتَعَلَّق} الْوُجُوب {بِجَمِيعِهِ
موسعاً، أَدَاء، [عِنْد أَصْحَابنَا] ، والمالكية، وَالشَّافِعِيَّة، وَالْأَكْثَر} من الْمُتَكَلِّمين، والأشاعرة، وَغَيرهم، وَمن أهل الرَّأْي: مُحَمَّد بن شُجَاع الثَّلْجِي، وَأَبُو زيد الدبوسي.
{ [فعلى هَذَا القَوْل: أوجب] أَكثر أَصْحَابنَا والمالكية الْعَزْم [بدل الْفِعْل أول الْوَقْت] [إِذا أخر] ، وَيتَعَيَّن} الْفِعْل {آخِره} ،
وَذكره الرَّازِيّ عَن أَكثر الْمُتَكَلِّمين، وَنَقله الْمجد فِي " المسودة " عَن أَصْحَابنَا، وَنَقله الرَّازِيّ عَن أَكثر [الشَّافِعِيَّة] ، والمعتزلة، وَنَصره الباقلاني، والآمدي، وَصَححهُ النَّوَوِيّ فِي " شرح الْمُهَذّب ".
{وَلم [يُوجِبهُ] أَبُو الْخطاب وَالْمجد} ابْن تَيْمِية، و {مَال إِلَيْهِ} القَاضِي أَبُو يعلى {فِي " الْكِفَايَة "} .
وَادّعى التَّاج السُّبْكِيّ: (أَنه لَا يعرف الأول إِلَّا عَن ابْن الباقلاني وَمن تبعه، وَأَنه مَعْدُود من هفواته، وَمن العظائم فِي الدّين، فَإِنَّهُ إِيجَاب بِلَا دَلِيل) انْتهى.
وَلم يمعن النّظر فِي النَّقْل وتحريره عَن أربابه.
{وَقَالَ قوم: [يتَعَلَّق الْوُجُوب بِأول الْوَقْت، فَإِن أَخّرهَا عَنهُ] فقضاء} لحَدِيث: " الصَّلَاة فِي أول الْوَقْت رضوَان الله، وَفِي آخِره عَفْو الله "، وَلَيْسَ الْمُقْتَضِي للعفو هُنَا إِلَّا الْعِصْيَان بِخُرُوج الصَّلَاة عَن
وَقتهَا مَعَ أَن هَذَا الحَدِيث ضَعِيف، ذكره ابْن مُفْلِح فِي " الْآدَاب " فِي مَسْأَلَة الْعَمَل بِالْحَدِيثِ الضَّعِيف.
فَعنده: أَن الْوُجُوب يتَعَلَّق بآخر الْوَقْت، أَو بِالدُّخُولِ فِيهَا، فَيكون وَقتهَا أَيْضا -، فلهَا عِنْده وقتان يتَعَلَّق الْوُجُوب بهما بِالدُّخُولِ فِيهَا، وَإِلَّا بِالْآخرِ.
فعلى قَول أَكثر الْحَنَفِيَّة لَهُم قَولَانِ.
أَحدهمَا: { [إِن] قدم} وَصلى قبل آخر الْوَقْت {فتعجيل} ، ويكن أَوله سَببا للْجُوَاز، فَإِذا أَتَى بهَا فِيهِ فتعجل لوُجُود السَّبَب: كإخراج الزَّكَاة قبل الْحول إِذا كمل النّصاب.
وَهُوَ ظَاهر اخْتِيَار أبي الْمَعَالِي.
ورد: بِأَن التَّقْدِيم لَا تصح فِيهِ نِيَّة التَّعْجِيل إِجْمَاعًا.
نعم؛ هُوَ مَنْقُول عَن الْحَنَفِيَّة أَو أَكْثَرهم كَمَا نَقله أَبُو بكر الرَّازِيّ.
وَكَذَلِكَ شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ نقل عَن [الثَّلْجِي] وَأكْثر مشايخهم الْعِرَاقِيّين ذَلِك.
وَلَكِن الدبوسي قَالَ فِي تَقْوِيم الْأَدِلَّة بِالْوُجُوب الموسع كَمَا تقدم، وأبطل القَوْل بتعليقه بالأخير.
{ [وَالْقَوْل الثَّانِي: نفل] يسْقط الْفَرْض} ، نَقله الْآمِدِيّ، وَابْن الْحَاجِب، وَغَيرهمَا عَن الْحَنَفِيَّة.
وَلَكِن بعض شارحي " الْهِدَايَة " قَالَ: (إِن هَذَا قَول ضَعِيف لبَعض أَصْحَابنَا وَلَيْسَ هَذَا مَنْقُولًا عَن أبي حنيفَة) انْتهى.
وَضعف هَذَا القَوْل: بِأَن النَّفْل لَا يقوم مقَام الْفَرْض أبدا، حَتَّى لَو صلى ألف رَكْعَة بَدَلا عَن صَلَاة الصُّبْح مَا سَقَطت عَنهُ بذلك.
قَوْله: {وَأَكْثَرهم} .
أَي: وَقَالَ أَكْثَرهم: {إِن بَقِي مُكَلّفا، فَمَا قدمه وَاجِب، [وَإِلَّا فَلَا وجوب] } .
يَعْنِي: إِذا لم يبْق مُكَلّفا، وَكَانَ قد صلى فِي أول الْوَقْت.
قَالَ ابْن مُفْلِح بعد نَقله عَن الْحَنَفِيَّة (أَنه يتَعَلَّق بِآخِرهِ)، وَزِيَادَة الْكَرْخِي بِالدُّخُولِ -:(فَإِن قدمه فنفل يسْقط الْفَرْض، وَأَكْثَرهم: إِن بَقِي مُكَلّفا، فَمَا قدمه وَاجِب، وَعِنْدهم: [إِن] طَرَأَ مَا يمْنَع الْوُجُوب فَلَا وجوب) انْتهى.
وَنقل غَيره عَن الْكَرْخِي: (أَن الْآتِي بِالْعبَادَة أول الْوَقْت إِن بَقِي بِصفة الْوُجُوب إِلَى آخر الْوَقْت أَي: بِصفة تَقْتَضِي تعلق الْوُجُوب بِهِ
فَيكون مَا فعله حِينَئِذٍ وَاجِبا، وَإِن طَرَأَ مَا يمْنَع الْوُجُوب: كموت وجنون وحيض، تبين أَن فعله [فِي الْوَاجِب نفل] ) .
وَنقل عَنهُ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فِي " شرح اللمع ": (أَن الْوَاجِب يتَعَيَّن بِالْفِعْلِ فِي أَي وَقت كَانَ) ، وَحكى الْآمِدِيّ الْقَوْلَيْنِ عَنهُ كَمَا قُلْنَا قبل ذَلِك.
قَوْله: {وَقيل: يتَعَلَّق بِوَقْت غير معِين، [ويتأدى بالمعين] كخصال الْكَفَّارَة، { [اخْتَارَهُ] ابْن عقيل [فِي " الْفُصُول "] ، وَابْن حمدَان} ، وَبَعض الْمُتَكَلِّمين نَقله عَنْهُم ابْن مُفْلِح {والرازي} نَقله عَنهُ ابْن قَاضِي الْجَبَل {وَالْمجد} ابْن تَيْمِية، {وَقَالَ: يجب حمل مُرَاد أَصْحَابنَا عَلَيْهِ} ، [وَذكره] ابْن عقيل عَن الْكَرْخِي.