الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْله: {فصل}
{الْعِبَادَة إِن لم يكن لَهَا وَقت معِين، لم تُوصَف بأَدَاء، وَلَا قَضَاء، وَلَا إِعَادَة} .
كالنوافل الْمُطلقَة من صَلَاة وَصَوْم وَصدقَة وَحج وَنَحْوهَا، وَسَوَاء كَانَ لَهَا سَبَب: كتحية الْمَسْجِد وَسُجُود التِّلَاوَة أَو لَا.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: (وَقد يُوصف مَا لَهُ سَبَب بِالْإِعَادَةِ، كمن أَتَى بِذَات سَبَب مثلا مُخْتَلفَة، فتداركها حَيْثُ يُمكن التَّدَارُك ".
قَوْله: {وَإِلَّا فَمَا وَقتهَا غير مَحْدُود: كحج، وَزَكَاة [مَال] ، وَكَفَّارَة، تُوصَف بِالْأَدَاءِ} .
مَا وقته غير مَحْدُود الطَّرفَيْنِ: كَالْحَجِّ الْوَاجِب، وَزَكَاة المَال، وَالْكَفَّارَة يُوصف بِالْأَدَاءِ، وَلَو أخر عَن وقته شرعا، لعدم تعْيين وَقت الزَّكَاة وَنَحْوهَا، لوُجُوبهَا عِنْد تَمام الْحول على الْفَوْر، وَهُوَ وَقت وُجُوبهَا، فَلَو أخرت عَنهُ لغير عذر ثمَّ فعلت، لم تسم قَضَاء لوَجْهَيْنِ:
أَحدهمَا: أَن وَقتهَا غير مَحْدُود الطَّرفَيْنِ، وَنحن قُلْنَا:(الْقَضَاء: هُوَ فعل الْوَاجِب خَارج الْوَقْت الْمُقدر لَهُ شرعا) .
وَالثَّانِي: أَن كل وَقت من الْأَوْقَات الَّتِي يُؤَخر أَدَاؤُهَا فِيهَا هُوَ مُخَاطب بإخراجها فِيهِ، وَذَلِكَ وَاجِب عَلَيْهِ، فَلَو قُلْنَا: إِن أداءها فِي الْوَقْت الثَّانِي بعد تَأْخِيرهَا قَضَاء، لزم مثل ذَلِك فِي الثَّالِث وَالرَّابِع وَمَا بعده، وَكَذَلِكَ الْكَفَّارَة، وَالْحج، فَكَانَ أَدَاء على كل حَال.
وَقَوْلنَا: وَزَكَاة المَال، احْتِرَاز من زَكَاة الْفطر، فَإِنَّهَا تُوصَف بِالْأَدَاءِ وبالقضاء إِذا أَخّرهَا.
{وَلنَا وَجه} : أَنَّهَا تُوصَف { [بِالْقضَاءِ] } إِذا أَخّرهُ عَن وقته، فَإِنَّهَا وَاجِبَة عندنَا على الْفَوْر.
قَوْله: {وَإِطْلَاق الْقَضَاء فِي الْحَج الْفَاسِد، لشبهه بالمقضي} فِي استدراكه.
وَذَلِكَ أَنه لما شرع وتلبس بأفعاله تضيق الْوَقْت عَلَيْهِ، وَذَلِكَ كَمَا لَو تلبس بِأَفْعَال الصَّلَاة، مَعَ أَن الصَّلَاة وَاجِب موسع.
وَهَذَا جَوَاب عَن سُؤال مُقَدّر، تَقْدِيره: أَنْتُم قُلْتُمْ: إِن الْحَج لَا يُوصف بِالْقضَاءِ، وَقد وصفتموه هُنَا.
قَوْله: {وَفعل الصَّلَاة بعد تَأْخِير قَضَائهَا لَا يُسمى قَضَاء الْقَضَاء} لامتناعه وتسلسله، كَمَا تقدم فِي الزَّكَاة وَغَيرهَا.
قَوْله: {وَمَا وقته مَحْدُود يُوصف بذلك [سوى الْجُمُعَة] }
يَعْنِي: الَّذِي لَهُ وَقت مَحْدُود يُوصف بِالْأَدَاءِ وَالْقَضَاء والإعادة.
فَإِن فعل فِي وقته الْمَحْدُود مرّة كَانَ أَدَاء، وَإِلَّا كَانَ قَضَاء، وَإِن فعل ثَانِيًا كَانَ إِعَادَة: كالصلوات الْخمس، وسننها، وَالصَّوْم. وَقَوْلنَا: سوى الْجُمُعَة، فَإِن الْجُمُعَة لَو فَاتَت لَا تقضى، وَإِنَّمَا تصلى ظهرا، فالجمعة لَا تُوصَف بِالْقضَاءِ، فَلَا تسمى الْجُمُعَة بِالثَّلَاثَةِ بِالْأَدَاءِ وَالْقَضَاء والإعادة، أما الْأَدَاء فتسمى بِهِ، وَأما الْقَضَاء فَلَا تقضى، وَأما الْإِعَادَة فَإِن حصل ذَلِك فِي فعلهَا وَأمكن تداركها فِي وَقتهَا فعلت.
قَوْله: {فالأداء} .
لما علمت أَن مَا وقته مَحْدُود يُوصف بِالْأَدَاءِ وَالْقَضَاء والإعادة، شرعنا نبين الْأَدَاء مَا هُوَ؟ وَكَذَلِكَ الْقَضَاء والإعادة.
فالأداء: {مَا فعل فِي وقته الْمُقدر لَهُ أَولا شرعا} .
فقولنا: (مَا فعل) جنس للْأَدَاء وَغَيره.
وَقَوْلنَا: (فِي وقته الْمُقدر) ، يخرج الْقَضَاء، وَمَا لم يقدر لَهُ وَقت: كإنكار الْمُنكر إِذا ظهر، وإنقاذ الغريق إِذا وجد، وَالْجهَاد إِذا تحرّك الْعَدو، والنوافل الْمُطلقَة، وتحية الْمَسْجِد، وَسُجُود التِّلَاوَة.
وَقَوْلنَا: (أَولا) ، ليخرج مَا فعل فِي وقته الْمُقدر لَهُ شرعا، لكنه فِي غير الْوَقْت الَّذِي قدر لَهُ أَولا شرعا: كَالصَّلَاةِ إِذا ذكرهَا بعد خُرُوج وَقتهَا، أَو اسْتَيْقَظَ بعد خُرُوج الْوَقْت، لقَوْله عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَأتم السَّلَام -:" من نَام عَن صَلَاة أَو نَسِيَهَا فليصلها إِذا ذكرهَا " فَإِن ذَلِك وَقتهَا، فَإِذا فعلهَا فِي
ذَلِك الْوَقْت، فَهُوَ وَقت ثَان لَا أول، فَلم يكن أَدَاء، وَيخرج بِهِ أَيْضا قَضَاء الصَّوْم، فَإِن الشَّارِع جعل لَهُ وقتا مُقَدرا لَا يجوز تَأْخِيره عَنهُ، وَهُوَ من حِين الْفَوات إِلَى رَمَضَان السّنة الْآتِيَة، فَإِذا فعله كَانَ قَضَاء، لِأَنَّهُ فعله فِي وقته الْمُقدر لَهُ ثَانِيًا لَا أَولا.
وَقَوْلنَا: (شرعا) ، ليخرج مَا قدر لَهُ وَقت لَا بِأَصْل الشَّرْع، كمن ضيق عَلَيْهِ [الْمَوْت] لعَارض ظَنّه الْفَوات إِن لم يُبَادر.
وَقَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: (الْأَدَاء: إِيقَاع الْعِبَادَة فِي وَقتهَا الْمُقدر شرعا لمصْلحَة اشْتَمَل عَلَيْهَا الْوَقْت.
فتقييدها بِالْوَقْتِ، احْتِرَاز من تعين الْوَقْت لمصْلحَة الْمَكَان، كَمَا إِذا قُلْنَا: الْأَمر على الْفَوْر فَإِنَّهُ يتَعَيَّن الزَّمن الأول، وَلَا يُوصف بِكَوْنِهِ أَدَاء فِي وقته وَلَا قَضَاء بعد وقته.
وَقَالَ ابْن الزَّاغُونِيّ: (هُوَ بعد وقته قَضَاء، وَالْقَضَاء لُغَة: نفس الْفِعْل، وَاصْطِلَاحا: فعل الْعِبَادَة خَارج وَقتهَا الْمعِين شرعا لمصْلحَة فِيهِ) . - ثمَّ قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل -: للْقَضَاء فِي اصْطِلَاح الْعلمَاء ثَلَاثَة معَان.
أَحدهَا: مَا تقدم.
وَثَانِيها: مَا وَقع بعد فعله لسببه والشروع فِيهِ.
وَثَالِثهَا: مَا فعل على خلاف نظامه: كقضاء الْفَوَائِت) انْتهى. - ثمَّ قَالَ -: تَنْبِيه: قَالَ ابْن الزَّاغُونِيّ: " اخْتلفت الرِّوَايَة عَن أَحْمد، هَل الْقَضَاء بَاقٍ أَو مَنْقُول؟ على رِوَايَتَيْنِ، فعلى الأولى: يَصح الْأَدَاء بنية الْقَضَاء وَعَكسه، وعَلى [الثَّانِيَة] : لَيْسَ كَذَلِك ") انْتهى.
قَوْله: {وَالْقَضَاء: مَا فعل بعد وَقت الْأَدَاء} ، وَذَلِكَ كَفعل الصَّلَوَات الْخمس، وسننها، وَالصَّوْم، بعد خُرُوج وَقتهَا، وَهُوَ ظَاهر، وَهَذَا إِذا حصل التَّأْخِير بِغَيْر عذر فِي الْجُمْلَة، فَأَما إِن أخر لعذر، فَتَارَة يُمكن فعله: كَصَوْم الْمُسَافِر وَالْمَرِيض، وَتارَة لَا يُمكن فعله، إِمَّا {لمَانع شَرْعِي:[كالحيض] } ، وَالنّفاس، {أَو} لمَانع [عَقْلِي:[كالنوم] } ، وَالْإِغْمَاء وَالسكر، وَنَحْوهَا.
وعَلى كل حَال فَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور: أَنه بعد ذَلِك إِذا زَالَ الْعذر وَفعل، كَانَ قَضَاء، وَذَلِكَ { [لوُجُوبه عَلَيْهِم] } حَالَة وجود الْعذر {عِنْد الإِمَام أَحْمد وَأَصْحَابه [وَغَيرهم] } ، وَحَيْثُ كَانَ وَاجِبا