الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولكونه فرعا فِي الْعَمَل: {فعال لما يُرِيد} [هود: 107، والبروج: 16] ، وَهَذَانِ مقيسان.
وَرُبمَا أكد بهَا بِدُخُولِهَا على الْمَفْعُول نَحْو: {ردف لكم} [النَّمْل: 72] .
وَلم يذكر سِيبَوَيْهٍ زِيَادَة اللَّام، وَتَابعه الْفَارِسِي.
الْعَاشِر: أَن تكون بِمَعْنى " إِلَى "، نَحْو:{سقناه لبلد ميت} ، {بِأَن رَبك أوحى لَهَا} [الزلزلة: 5] .
الْحَادِي عشر: التَّعْدِيَة، نَحْو: مَا أضْرب زيدا لعَمْرو، وَجعل مِنْهُ ابْن مَالك:{فَهَب لي من لَدُنْك وليا} [مَرْيَم: 5]، وَقيل: إِنَّهَا لشبه الْملك.
الثَّانِي عشر: بِمَعْنى " على "، نَحْو {يخرون للأذقان} [الْإِسْرَاء: 107] .
وَحكى الْبَيْهَقِيّ عَن حَرْمَلَة عَن الشَّافِعِي فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -: "
واشترطي لَهُم الْوَلَاء "، أَن المُرَاد: عَلَيْهِم
.
الثَّالِث عشر: بِمَعْنى " فِي "، كَقَوْلِه تَعَالَى:{وَنَضَع الموازين الْقسْط ليَوْم الْقِيَامَة} [الْأَنْبِيَاء: 47] .
الرَّابِع عشر: بِمَعْنى " عِنْد "، أَي: الوقتية وَمَا يجْرِي مجْراهَا، كَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم َ -:" صُومُوا لرُؤْيَته وأفطروا لرُؤْيَته "، وَمِنْه قَوْلك: كتبته لخمس لَيَال من كَذَا، أَي: عِنْد انْقِضَائِهَا.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: (وَمِنْه: {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} [الْإِسْرَاء: 78]، {يَا لَيْتَني قدمت لحياتي} [الْفجْر: 24] .
الْخَامِس عشر: بِمَعْنى " من "، نَحْو: سَمِعت لَهُ صراخاً، أَي: مِنْهُ.
السَّادِس عشر: بِمَعْنى " عَن "، كَقَوْلِه تَعَالَى:{وَقَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا لَو كَانَ خيرا مَا سبقُونَا إِلَيْهِ} [الْأَحْقَاف: 11]، أَي: قَالُوا عَنْهُم ذَلِك، وضابطها: أَن تجر اسْم من غَابَ حَقِيقَة أَو حكما عَن قَول قَائِل يتَعَلَّق بِهِ، وَلم يَخُصُّهُ بَعضهم بِمَا بعد القَوْل.
فَائِدَة: قَالَ الزَّرْكَشِيّ فِي " شرح جمع الْجَوَامِع ": (وَاعْلَم أَن مجيئها
لهَذِهِ الْمعَانِي مَذْهَب كُوفِي، وَأما حذاق الْبَصرِيين فَهِيَ عِنْدهم على بَابهَا، ثمَّ يضمنُون الْفِعْل مَا يصلح مَعهَا، ويرون التَّجَوُّز فِي الْفِعْل، أسهل من التَّجَوُّز فِي الْحَرْف) انْتهى.
{و} لهَذَا وَالله أعلم قَالَ أَبُو الْخطاب من أَصْحَابنَا {فِي " التَّمْهِيد "} : هِيَ {حَقِيقَة فِي الْملك، لَا يعدل عَنهُ إِلَّا بِدَلِيل} ) .
وَقَالَ الْبرمَاوِيّ: (دلَالَة حرف على معنى حرف هُوَ طَرِيق الْكُوفِيّين، وَأما البصريون فَهُوَ عِنْدهم على تضمين الْفِعْل الْمُتَعَلّق بِهِ ذَلِك الْحَرْف مَا يصلح مَعَه معنى ذَلِك الْحَرْف على الْحَقِيقَة، ويرون التَّجَوُّز فِي الْفِعْل، أسهل من التَّجَوُّز فِي الْحَرْف) ، وَهُوَ معنى مَا تقدم.
اعْلَم أَن " بل " من حُرُوف الْعَطف [مشارك] مَا بعْدهَا لما قبلهَا فِي الْإِعْرَاب إِذا كَانَا مفردين، سَوَاء فِي الْإِثْبَات وَمَا فِي حكمه، أَو فِي النَّفْي وَمَا فِي حكمه، إِلَّا أَنَّهَا فِي الْقسم الأول لسلب الحكم - قطعا عَمَّا قبلهَا وتجعله لما بعْدهَا، أَي: يصير الأول كالمسكوت عَنهُ، وَيثبت الحكم للثَّانِي، نَحْو: جَاءَ زيد بل عَمْرو، وَأكْرم زيدا بل عمرا.
وَاخْتلف فِي الْقسم الثَّانِي، نَحْو: مَا قَامَ زيد بل عَمْرو، وَلَا تضرب زيدا بل عمرا.
فَقَالَ الْجُمْهُور: إِنَّهَا لتقرير حكم مَا قبلهَا، وَجعل ضِدّه لما [بعْدهَا] ، فتقرر نفي الْقيام أَو النَّهْي لزيد، وضده لعمر.
وَأَجَازَ الْمبرد [وَابْن عبد الْوَارِث] ، وتلميذه الْجِرْجَانِيّ مَعَ
ذَلِك أَن تكون ناقلة للْحكم الأول لما بعْدهَا، كَمَا فِي الْإِثْبَات وَمَا فِي حكمه، فَيحْتَمل عِنْدهم فِي نَحْو: مَا قَامَ زيد بل عَمْرو، أَن يكون المُرَاد: بل مَا قَامَ عَمْرو، وَفِي: لَا تضرب زيدا بل عمرا، أَن يكون التَّقْدِير: لَا تضرب عمرا أَيْضا -، حَتَّى لَو قَالَ: مَاله عَليّ دِرْهَم بل دِرْهَمَانِ، لَا يلْزمه شَيْء إِذا التَّقْدِير: بل مَاله عَليّ دِرْهَمَانِ - أَيْضا -، فَيكون النَّفْي للأمرين.
بل قَالَ القواس فِي " شرح ألفية معطي ": (إِنَّهُم أوجبوا تَقْدِير حرف النَّفْي بعْدهَا، فتحقق الْمُطَابقَة فِي الإضراب عَن منفي إِلَى منفي، كَمَا تتَحَقَّق من مُوجب إِلَى مُوجب) .
أما إِذا وَقع [بعد بل] جملَة، نَحْو: مَا قَامَ زيد بل عَمْرو قَائِم، فَلَا تكون عاطفة عِنْد الْجُمْهُور، بل حرف ابْتِدَاء تفِيد الإضراب، وَهُوَ ضَرْبَان: إضراب [إبِْطَال] للْحكم السَّابِق: كَقَوْلِه تَعَالَى: {أم يَقُولُونَ بِهِ جنَّة بل جَاءَهُم بِالْحَقِّ} [الْمُؤْمِنُونَ: 70] ، {وَقَالُوا اتخذ الرَّحْمَن ولدا سُبْحَانَهُ بل عباد مكرمون} ،
فَفِي ذَلِك كُله رد على ابْن العلج فِي " الْبَسِيط "، وَتَبعهُ ابْن مَالك فِي " شرح الكافية ": أَن هَذَا الْقسم لم يَقع فِي الْقُرْآن، بل قَالَ فِي " الْبَسِيط ": وَلَا فِي كَلَام فصيح، وَإِنَّمَا يَقع الثَّانِي، وَهُوَ: إضراب الِانْتِقَال من حكم إِلَى حكم من غير إبِْطَال الأول، كَقَوْلِه تَعَالَى:{ولدينا كتاب ينْطق بِالْحَقِّ وهم لَا يظْلمُونَ بل قُلُوبهم فِي غمرة} [الْمُؤْمِنُونَ: [62 - 63]، وَقَوله تَعَالَى:{بل أدْرك علمهمْ فِي الْآخِرَة بل هم فِي شكّ مِنْهَا بل هم مِنْهَا عمون} ، لم يبطل شَيْئا مِمَّا سبق، إِنَّمَا فِيهِ انْتِقَال من خبر عَنْهُم إِلَى خبر آخر.
فَالْحَاصِل: أَن الإضراب الانتقالي: قطع للْخَبَر لَا للمخبر عَنهُ، وَظَاهر كَلَام ابْن مَالك أَن هَذِه عاطفة أَيْضا -، لَكِن جملَة على جملَة، وَصرح بِهِ وَلَده فِي " شرح الألفية ".
مِثَال الشَّك: قَامَ زيد أَو عَمْرو، إِذا لم تعلم: أَيهمَا قَامَ؟ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {لبثنا يَوْمًا أَو بعض يَوْم} [الْكَهْف: 19، والمؤمنون: 113] .
وَالْفرق وَبَينهَا وَبَين " إِمَّا " الَّتِي للشَّكّ: أَن الْكَلَام مَعَ " إِمَّا " لَا يكون إِلَّا [مُبينًا] على الشَّك، بِخِلَاف " أَو " فقد يَبْنِي الْمُتَكَلّم كَلَامه على الْيَقِين، ثمَّ يُدْرِكهُ الشَّك فَيَأْتِي بهَا.
وَمِثَال الْإِبْهَام، وَيُقَال: التشكيك: قَامَ زيد أَو عَمْرو، إِذا علمت الْقَائِم مِنْهُمَا، وَلَكِن قصدت الْإِبْهَام على الْمُخَاطب، فالشك من جِهَة الْمُتَكَلّم، والإبهام على السَّامع.
وَمِثَال الْإِبَاحَة: جَالس الْحسن [أَو] ابْن سِيرِين.
وَمِثَال التَّخْيِير: خُذ دِينَارا أَو درهما، تزوج زَيْنَب أَو أُخْتهَا، وَمِنْه:{إطْعَام عشرَة مَسَاكِين من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم أَو كسوتهم أَو تَحْرِير رَقَبَة} ، وَحَدِيث الْجبرَان فِي الْمَاشِيَة:" شَاتَان أَو عشرُون درهما ".
وَالْفرق بَينهمَا: امْتنَاع الْجمع فِي التَّخْيِير، وجوازه فِي الْإِبَاحَة.
قَالَ بَعضهم: (وَالظَّاهِر أَنَّهَا قسم وَاحِد، لِأَن حَقِيقَة الْإِبَاحَة هِيَ التَّخْيِير، وَإِنَّمَا امْتنع: خُذ دِينَارا أَو درهما، للقرينة الْعُرْفِيَّة، لَا من مَدْلُول اللَّفْظ، كَمَا أَن الْجمع بَين صُحْبَة الْعلمَاء والزهاد، وصف كَمَال لَا ينقص فِيهِ) انْتهى، وَهُوَ كَمَا قَالَ.
قَالَ: والتخيير [و] الْإِبَاحَة لَا يكونَانِ إِلَّا فِي الطّلب، بِخِلَاف الشَّك والإبهام فيكونان فِي الْخَبَر.
وَمِثَال مُطلق الْجمع ك " الْوَاو ": قَوْله تَعَالَى: {وأرسلناه إِلَى مائَة ألف أَو يزِيدُونَ} [الصافات: 147] على قَول الْكُوفِيّين، وفيهَا غير ذَلِك يَأْتِي.
وَمِثَال التَّقْسِيم: الْكَلِمَة: اسْم أَو فعل أَو حرف، وَعبر عَنهُ ابْن مَالك بِالتَّفْرِيقِ الْمُجَرّد، أَي: من الْمعَانِي السَّابِقَة، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:{وَقَالُوا كونُوا هوداً أَو نَصَارَى} [الْبَقَرَة: 135]، قَالَ: (وَالتَّعْبِير عَنهُ
بِالتَّفْرِيقِ أولى من التَّقْسِيم؛ لِأَن اسْتِعْمَال " الْوَاو " فِيمَا هُوَ تَقْسِيم أَجود من اسْتِعْمَال " أَو ") .
وَاعْترض عَلَيْهِ بِأَن اسْتِعْمَال " الْوَاو " فِي التَّقْسِيم أَكثر، لَا يَقْتَضِي أَن " أَو " لَا تَأتي لَهُ، بل يَقْتَضِي ثُبُوت ذَلِك غير أَكثر.
وَمِثَال كَونهَا بِمَعْنى " إِلَى ": لألزمنك أَو تقضي حَقي، وَقيل: وَمِنْه: {أَو تفرضوا لَهُنَّ فَرِيضَة} [الْبَقَرَة: 236] إِذا قدر " تفرضوا " مَنْصُوبًا بِأَن مقدرَة.
وَمِثَال كَونهَا بِمَعْنى " إِلَّا ": لأقتلن الْكَافِر أَو يسلم، أَي: إِلَّا أَن يسلم فَلَا أَقتلهُ، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(وَكنت إِذا غمزت قناة قوم
…
كسرت كعوبها أَو تستقيما)
أَي: إِلَّا أَن تستقيم، فَلَا أكسرها.
وَمِثَال الإضراب: قَوْله تَعَالَى: {أَو يزِيدُونَ} ، على قَول الْفراء وَغَيره مِمَّن لَا يَجْعَلهَا لمُطلق الْجمع فِي الْآيَة، ثمَّ قيل: إِنَّهَا تَأتي للإضراب
مُطلقًا، وَعَن سِيبَوَيْهٍ: لَا تَجِيء إِلَّا بِشَرْطَيْنِ: تقدم نفي أَو نهي، [و] إِعَادَة الْعَامِل، نَحْو: مَا قَامَ زيد أَو قَامَ عَمْرو، وَلَا يقم زيد أَو لَا يقم عَمْرو.
وَمِثَال التَّقْرِيب وَقَالَهُ الحريري [وَمِنْه] قَوْله: (مَا أَدْرِي أسلم أَو ودع) ، لسرعته، وَإِن كَانَ يعلم أَنه سلم أَولا، وَذكره أَبُو الْبَقَاء أَيْضا، وَجعل مِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{وَمَا أَمر السَّاعَة إِلَّا كلمح الْبَصَر أَو هُوَ أقرب} [النَّحْل: 77] .
وَذهب بَعضهم فِي " أَو ": أَنَّهَا مَوْضُوعَة للقدر الْمُشْتَرك بَين الْمعَانِي السَّابِقَة، وَهُوَ لأحد الشَّيْئَيْنِ أَو الْأَشْيَاء، وَإِنَّمَا فهمت هَذِه الْمعَانِي من الْقَرَائِن.
" لَكِن " حرف عطف واستدراك، وَتَأْتِي ابتدائية لمُجَرّد إِفَادَة الِاسْتِدْرَاك فَإِن وَليهَا مُفْرد فَهِيَ العاطفة بِشَرْطَيْنِ:
أَحدهمَا: أَن يتقدمها نفي أَو نهي، نَحْو:[مَا قَامَ] زيد لَكِن عَمْرو، وَلَا يقم زيد لَكِن عَمْرو. الشَّرْط الثَّانِي: أَن لَا تقترن بِالْوَاو، [قَالَه] الْفَارِسِي وَأكْثر النُّحَاة.
وَقَالَ قوم: لَا تسْتَعْمل مَعَ الْمُفْرد إِلَّا بِالْوَاو.
وَفِي نَحْو: مَا قَامَ زيد [وَلَكِن] عَمْرو، أَرْبَعَة أَقْوَال، ذكرهَا ابْن هِشَام فِي " الْمُغنِي ".
وَفهم من الشَّرْط الأول: أَنَّهَا لَا تقع فِي الْإِيجَاب، وَهُوَ مَذْهَب
الْبَصرِيين، وَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ، نَحْو: أَتَانِي زيد لَكِن عَمْرو.
وَأما إِذا وَليهَا جملَة، فَتكون حِينَئِذٍ بعد إِيجَاب، أَو نفي، أَو نهي، أَو أَمر، لَا اسْتِفْهَام، وَهِي بعد الْجُمْلَة ابتدائية، لَا حرف عطف عِنْد أَكثر المغاربة، وَقيل: عاطفة.
تَنْبِيه: معنى الِاسْتِدْرَاك: أَن تنْسب لما بعْدهَا حكما مُخَالفا لحكم مَا قبلهَا، وَلذَلِك لابد أَن يتقدمها كَلَام مُنَاقض لما بعْدهَا.
قَوْله: {وَالْبَاء [للإلصاق] حَقِيقَة ومجازاً، وَلها معَان كَثِيرَة، وَقيل: [وللتبعيض] } .
للباء معَان كَثِيرَة، لَا بَأْس بذكرها تكميلاً للفائدة:
أَحدهَا: أَن تكون للإلصاق، وَهُوَ: أَن يُضَاف الْفِعْل إِلَى الِاسْم فيلصق بِهِ، بعد مَا كَانَ لَا يُضَاف إِلَيْهِ لَوْلَا دُخُولهَا، نَحْو: خضت المَاء برجلي، ومسحت برأسي، [وَهُوَ] أصل مَعَانِيهَا، وَلم يذكر لَهَا سِيبَوَيْهٍ غَيره، وَلِهَذَا قَالَت المغاربة: لَا تنفك عَنهُ، إِلَّا أَنَّهَا قد تتجرد لَهُ، وَقد يدخلهَا مَعَ ذَلِك معنى آخر.
ثمَّ قد يكون حَقِيقَة، نَحْو: أَمْسَكت الْحَبل بيَدي، وَقد يكون مجَازًا، نَحْو: مَرَرْت بزيد، فَإِن الْمُرُور لم يلصق بزيد، وَإِنَّمَا ألصق بمَكَان يقرب مِنْهُ.
وَالصَّحِيح: أَن لَهَا مَعَاني غير الإلصاق.
الثَّانِي من مَعَانِيهَا: التَّعْدِيَة، وَتسَمى بَاء النَّقْل أَيْضا -، وَهِي الْقَائِمَة مقَام الْهمزَة فِي تصيير الْفَاعِل مَفْعُولا، كَقَوْلِه تَعَالَى:{ذهب الله بنورهم} [الْبَقَرَة: 17]، وَأَصله: ذهب نورهم.
الثَّالِث: الِاسْتِعَانَة، وَهِي الدَّاخِلَة على آلَة الْفِعْل وَنَحْوهَا، نَحْو: كتبت بالقلم، وَقطعت بالسكين، وَمِنْه:{وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة} [الْبَقَرَة: 45] .
الرَّابِع: السَّبَبِيَّة، كَقَوْلِه تَعَالَى:{فكلا أَخذنَا بِذَنبِهِ} [العنكبوت: 40] ، وَلم يذكر فِي " التسهيل "" بَاء " الِاسْتِعَانَة، وأدرجها فِي " بَاء " السَّبَبِيَّة.
وَقَالَ فِي " شَرحه ": (النُّحَاة يعبرون عَن هَذِه بالاستعانة، وآثرت التَّعْبِير بالسببية، من أجل الْأَفْعَال المنسوبة إِلَى الله تَعَالَى، فَإِن اسْتِعْمَال السَّبَب فِيهَا يجوز، وَاسْتِعْمَال الِاسْتِعَانَة فِيهَا لَا يجوز) انْتهى.
الْخَامِس: التعليلية، كَقَوْلِه تَعَالَى:{فبظلم من الَّذين هادوا} [النِّسَاء: 160] .
وَالْفرق بَينهمَا: أَن الْعلَّة مُوجبَة لمعلولها، بِخِلَاف السَّبَب لمسببه، فَهُوَ كالأمارة عَلَيْهَا.
السَّادِس: المصاحبة، وَهُوَ الَّذِي يصلح فِي موضعهَا " مَعَ "، أَو يُغني عَنْهَا وَعَن مصحوبها الْحَال، كَقَوْلِه تَعَالَى:{قد جَاءَكُم الرَّسُول بِالْحَقِّ} ، أَي: مَعَ الْحق، أَو: محقاً.
السَّابِع: الظَّرْفِيَّة، بِمَعْنى " فِي "، للزمان، كَقَوْلِه تَعَالَى:{إِنَّكُم لتمرون عَلَيْهِم مصبحين وباليل} [الصافات: 137 - 138] ، وللمكان، كَقَوْلِه تَعَالَى:{وَلَقَد نصركم الله ببدر} [آل عمرَان: 123] .
وَرُبمَا كَانَت الظَّرْفِيَّة مجازية، نَحْو: بكلامك بهجة.
الثَّامِن: الْبَدَل، بِأَن يَجِيء موضعهَا بدل، كَقَوْلِه فِي الحَدِيث:" مَا يسرني بهَا حمر النعم "، أَي: بدلهَا.
التَّاسِع: الْمُقَابلَة، وَهِي الدَّاخِلَة على الْأَثْمَان والأعواض، نَحْو: اشْتريت الْفرس بِأَلف، ودخولها غَالِبا / على الثّمن، وَرُبمَا دخلت على الْمُثمن كَقَوْلِه تَعَالَى:{لَا تشتروا بآياتي ثمنا قَلِيلا} [الْبَقَرَة: 41، والمائدة: 44]، وَلم يقل: وَلَا تشتروا آياتي بِثمن قَلِيل.
قلت: قَالَ فِي " التَّلْخِيص " و " الرِّعَايَة " والآدمي: (يتَمَيَّز الثّمن عَن
الْمُثمن بِدُخُول " بَاء " الْبَدَلِيَّة "، وَقيل: إِن كَانَ فِيهَا أحد النَّقْدَيْنِ فَهُوَ الثّمن، وَإِلَّا مَا دَخلته " الْبَاء ") .
الْعَاشِر: الْمُجَاوزَة، بِمَعْنى " عَن "، وَيكثر بعد السُّؤَال:{فَسئلَ بِهِ خَبِيرا} [الْفرْقَان: 59] ، وَنقل بعد غَيره، نَحْو:{وَيَوْم تشقق السَّمَاء بالغمام} [الْفرْقَان: 25] ، وَهُوَ مَذْهَب كُوفِي، وتأوله الشلوبين على أَنَّهَا " بَاء " السَّبَبِيَّة، أَي: فاسأل بِسَبَبِهِ، أَو تضمين " اسْأَل " معنى اطلب، لِأَن السُّؤَال طلب فِي الْمَعْنى.
الْحَادِي عشر: الاستعلاء، كَقَوْلِه تَعَالَى:{وَمِنْهُم من إِن تأمنه بِدِينَار} [آل عمرَان: 75] أَي: على دِينَار، وَحَكَاهُ أَبُو الْمَعَالِي فِي " الْبُرْهَان " عَن الشَّافِعِي.
الثَّانِي عشر: الْقسم، وَهِي أصل حُرُوفه، نَحْو: بِاللَّه لَأَفْعَلَنَّ.
الثَّالِث عشر: الْغَايَة، نَحْو:{وَقد أحسن بِي} [يُوسُف: 100]، أَي: إِلَيّ.
الرَّابِع عشر: التوكيد، وَهِي الزَّائِد، إِمَّا مَعَ الْفِعْل، نَحْو: أحسن بزيد، على قَول الْبَصرِيين: إِنَّه فَاعل، أَو [مَعَ] الْمَفْعُول، نَحْو:
{وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة} [مَرْيَم: 25] ، أَو مَعَ الْمُبْتَدَأ، نَحْو: بحسبك دِرْهَم، أَو الْخَبَر، نَحْو:{أَلَيْسَ الله بكاف عَبده} [الزمر: 36] .
الْخَامِس عشر: التَّبْعِيض، قَالَ بِهِ الْكُوفِيُّونَ، والأصمعي، والفارسي، وَابْن مَالك، نَحْو:{عينا يشرب بهَا عباد الله} [الْإِنْسَان: 6]، أَي: مِنْهَا، وَخرج قَوْله تَعَالَى:{وامسحوا برءوسكم} [الْمَائِدَة: 6] ، والمثبتون قصروها على وُرُودهَا مَعَ الْفِعْل الْمُتَعَدِّي، وَأنْكرهُ ابْن جني، وَابْن برهَان فَقَالَ:(من قَالَ: إِن " الْبَاء " للتَّبْعِيض فقد أَتَى أهل اللُّغَة بِمَا لَا يعرفونه) ، نَقله عَنهُ فِي " الْكَافِي ".
وَأولُوا مَا اسْتدلَّ بِهِ على التَّضْمِين، أَو أَن التَّبْعِيض إِنَّمَا اسْتُفِيدَ من الْقَرَائِن.
قَالَ الشَّيْخ موفق الدّين فِي " الْكَافِي ": (فَهُوَ كَقَوْلِه: {فامسحوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ} و " الْبَاء " زَائِدَة) .
ورد الرَّازِيّ قَول ابْن جني: (بِأَنَّهَا شَهَادَة نفي فَلَا تقبل) .
وَأجَاب عَنهُ ابْن دَقِيق الْعِيد: (بِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَهَادَة نفي، وَإِنَّمَا هُوَ إِخْبَار عَن ظن غَالب، يسْتَند إِلَى الاستقراء مِمَّن هُوَ أهل لذَلِك مطلع على لِسَان الْعَرَب، كَمَا فِي سَائِر الاستقراءات، لَا يُقَال فِيهَا، شَهَادَة نفي، وَحِينَئِذٍ فَيتَوَقَّف مُقَابِله على ثُبُوت ذَلِك من كَلَامهم) .
وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: (إِنَّمَا يُفِيد فَائِدَة غير التَّبْعِيض، وَهُوَ الدّلَالَة على مَمْسُوح بِهِ. - قَالَ -: وَالْأَصْل فِيهِ، امسحوا برؤوسكم المَاء، فَيكون من بَاب الْقلب، وَالْأَصْل رؤوسكم بِالْمَاءِ) .
لإذا معَان:
أَحدهَا: أَن تكون للمفاجأة، وَهِي الَّتِي يَقع بعْدهَا الْمُبْتَدَأ، فرقا بَينهَا وَبَين الشّرطِيَّة، فَإِن الْوَاقِع بعْدهَا الْفِعْل، وَقد اجْتمعَا فِي قَوْله تَعَالَى:{ثمَّ إِذا دعَاكُمْ دَعْوَة من الأَرْض إِذا أَنْتُم تخرجُونَ} [الرّوم: 25]، وَتقول فِي الْمِثَال الأول: خرجت فَإِذا الْأسد، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:{فَإِذا هِيَ حَيَّة تسْعَى} [طه: 20] ، وَلَا تحْتَاج إِلَى جَوَاب، وَمَعْنَاهَا الْحَال.
قَالَ ابْن الْحَاجِب: (وَمعنى المفاجأة: حُضُور الشَّيْء مَعَك فِي وصف من أوصافك الفعلية.
وتصويره فِي هَذَا الْمِثَال: حُضُور الْأسد مَعَك فِي زمن وصفك بِالْخرُوجِ، أَو فِي مَكَان خُرُوجك، [وحضوره مَعَك فِي مَكَان خُرُوجك، ألصق بك من
حُضُوره فِي زمن خُرُوجك، لِأَن ذَلِك الْمَكَان يخصك دون من أشبهك، وَذَلِكَ الزَّمَان لَا [يخصك] دون من أشبهك، وَكلما كَانَ ألصق، كَانَت المفاجأة فِيهِ أقوى.
وَاخْتلف فِيهَا على ثَلَاثَة مَذَاهِب.
أَحدهَا: - وَهُوَ أَصَحهَا أَنَّهَا حرف، وَبِه قَالَ الْأَخْفَش، وَابْن مَالك.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا ظرف مَكَان، وَبِه قَالَ الْمبرد، وَابْن عُصْفُور.
وَالثَّالِث: ظرف زمَان، وَبِه قَالَ الزّجاج، والزمخشري.
وَنسب الْقَوْلَانِ / الأخيران لسيبويه؟
وَتظهر فَائِدَة الْخلاف: فِي أَنه لَا يَصح إعرابها خَبرا فِي قَوْلك: خرجت فَإِذا الْأسد، لَا على الحرفية، وَلَا على ظرفية الزَّمَان؛ لِأَن الزَّمَان لَا يخبر بِهِ عَن الجثة، وَيصِح على ظرفية الْمَكَان، أَي: فبالحضرة الْأسد.
الْمَعْنى الثَّانِي: أَن تكون ظرفا للمستقبل متضمنة معنى الشَّرْط غَالِبا، وَلذَلِك تجاب بِمَا تجاب بِهِ أدوات الشَّرْط، نَحْو: إِذا جَاءَ زيد فَقُمْ إِلَيْهِ، فَهِيَ بَاقِيَة على ظرفيتها إِلَّا أَنَّهَا ضمنت معنى الشَّرْط، وَلذَلِك لم تثبت لَهَا سَائِر أَحْكَام الشَّرْط، فَلم يجْزم بهَا الْمُضَارع، وَلَا تكون إِلَّا فِي الْمُحَقق، وَمِنْه:{وَإِذا مسكم الضّر فِي الْبَحْر} [الْإِسْرَاء: 67] ؛ لِأَن مس الضّر فِي الْبَحْر مُحَقّق، وَلما لم يُقيد بالبحر أَتَى ب " إِن " الَّتِي تسْتَعْمل فِي الْمَشْكُوك فِيهِ، نَحْو:{وَإِذا مَسّه الشَّرّ فذو دُعَاء عريض} ، وتختص بِالدُّخُولِ على الْجُمْلَة الفعلية.
الْمَعْنى الثَّالِث: أَن تكون ظرفا للماضي، مثل " إِذْ "، كَقَوْلِه تَعَالَى:{وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك} [التَّوْبَة: 92]، {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة} [الْجُمُعَة: 11] ،
قَالَه ابْن مَالك، وَأنْكرهُ الْجُمْهُور، وتأولوا مَا أوهم ذَلِك.
الْمَعْنى الرَّابِع: أَن تكون ظرفا للْحَال، كَقَوْلِه تَعَالَى:{وَاللَّيْل إِذا يغشى} [اللَّيْل: 1]، {والنجم إِذا هوى} [النَّجْم: 1] ، قَالَه ابْن الْحَاجِب، وَقَالَ غَيره: كَمَا جردت هُنَا عَن الشَّرْط جردت عَن الظّرْف، وَهِي هُنَا لمُجَرّد الْوَقْت من غير أَن يكون ظرفا، وَلِهَذَا قُلْنَا فِي هذَيْن الْمَعْنيين:(وَمنع الْأَكْثَر مجيئها للماضي وَالْحَال) .
" إِذا " اسْم بِالْإِجْمَاع، لتنوينها فِي نَحْو:{يَوْمئِذٍ} ، وَالْإِضَافَة فِي نَحْو:{بعد إِذْ هديتنا} [آل عمرَان: 8] وَلها معَان:
أَحدهَا وَهُوَ الْأَغْلَب -: أَن تكون ظرفا للزمان الْمَاضِي، كَقَوْلِه تَعَالَى:{فقد نَصره الله إِذْ أخرجه الَّذين كفرُوا} [التَّوْبَة: 40] .
الْمَعْنى الثَّانِي: أَن تكون مَفْعُولا، نَحْو:{واذْكُرُوا إِذْ كُنْتُم قَلِيلا فكثركم} [الْأَعْرَاف: 86] .
الْمَعْنى الثَّالِث: أَن تكون بَدَلا من الْمَفْعُول، نَحْو:{وَاذْكُر فِي الْكتاب مَرْيَم إِذْ انتبذت} [مَرْيَم: 16] ، ف " إِذْ " بدل اشْتِمَال من مَرْيَم.
الْمَعْنى الرَّابِع: أَن يُضَاف إِلَيْهَا اسْم زمَان، سَوَاء صلح الِاسْتِغْنَاء عَنهُ، نَحْو " يَوْمئِذٍ " أَو لَا، نَحْو:{بعد إِذْ هديتنا} [آل عمرَان: 8] .
الْمَعْنى الْخَامِس: أَن تكون ظرفا للزمان الْمُسْتَقْبل، مثل " إِذا "، صَححهُ ابْن مَالك وَطَائِفَة، كَقَوْلِه تَعَالَى:{فَسَوف يعلمُونَ إِذْ الأغلال فِي أَعْنَاقهم} [غَافِر: 70 - 71] ، وَمنع الْأَكْثَر، وَأَجَابُوا عَن الْآيَة وَنَحْوهَا: بِأَن ذَلِك نزل منزلَة الْمَاضِي لتحَقّق وُقُوعه، مثل:{أَتَى أَمر الله} [النَّحْل: 1] .
الْمَعْنى السَّادِس: أَن تكون للتَّعْلِيل، كَقَوْلِه تَعَالَى:{وَلنْ ينفعكم الْيَوْم إِذْ ظلمتم} [الزخرف: 39]، {وَإِذ لم يهتدوا بِهِ فسيقولون} [الْأَحْقَاف: 11] .
ثمَّ اخْتلف فِي أَنَّهَا حِينَئِذٍ تكون حرفا بِمَنْزِلَة " لَام " الْعلَّة، وَنسب لسيبويه، وَصرح بِهِ ابْن مَالك فِي بعض نسخ " التسهيل "، أَو ظرفا وَالتَّعْلِيل مُسْتَفَاد من قُوَّة الْكَلَام لَا من اللَّفْظ.
السَّابِع: أَن تكون للمفاجأة الْوَاقِعَة بعد [" بَينا "] و " بَيْنَمَا "، نَحْو
قَوْلك: بَينا أَنا كَذَا إِذْ جَاءَ زيد، نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ، وَيعود هُنَا الْخلاف - أَيْضا فِي أَنَّهَا حِينَئِذٍ حرف، أَو بَاقِيَة على ظرفيتها الزمانية. وَهنا قَول ثَالِث: أَنَّهَا ظرف مَكَان، كَمَا قيل بِهِ فِي " إِذا " الفجائية، وَالله أعلم.
قَوْله: {و " لَو " حرف شَرط فِي الْأَصَح لماض، فتصرف الْمُضَارع إِلَيْهِ عكس " إِن "} .
" لَو " حرف شَرط فِي الْمَاضِي، وَإِن دخلت على الْمُضَارع صرفته للمضي، عكس " إِن " الشّرطِيَّة، فَإِنَّهَا تصرف الْمَاضِي إِلَى الِاسْتِقْبَال، قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ، وَابْن مَالك، وَغَيرهمَا.
وَأنكر قوم كَونهَا حرف شَرط؛ لِأَن الشَّرْط فِي الِاسْتِقْبَال، و " لَو " للتعليق فِي الْمَاضِي.
وَقَالَ بَعضهم: النزاع لَفْظِي، فَإِن أُرِيد بِالشّرطِ: الرَّبْط الْمَعْنَوِيّ الْحكمِي، فَهُوَ شَرط، وَإِن أُرِيد بِهِ مَا يعْمل فِي الجزئين فَلَا.
قَوْله: {وَتَأْتِي لمستقبل فِي الْأَصَح قَلِيلا فتصرف الْمَاضِي إِلَيْهِ} .
قد ترد " لَو " للمستقبل، مثل " إِن "، فتصرف الْمَاضِي إِلَى الِاسْتِقْبَال، كَقَوْلِه تَعَالَى:{وَمَا أَنْت بِمُؤْمِن لنا وَلَو كُنَّا صَادِقين} [يُوسُف: 17] ، قَالَه جمَاعَة، وخطأهم ابْن الْحَاج: بأنك لَا تَقول: لَو يقوم زيد فعمرو منطلق، كَمَا تَقول إِلَّا يقم [زيد] فعمرو منطلق.
وَكَذَا قَالَ بدر الدّين ابْن مَالك: (عِنْدِي أَنَّهَا لَا تكون لغير الشَّرْط فِي الْمَاضِي، وَلَا حجَّة فِيمَا تمسكوا بِهِ لصِحَّة حمله على الْمُضِيّ) .
قَوْله: {وَأما مَعْنَاهَا، فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: حرف لما كَانَ سيقع لوُقُوع غَيره، وَقَالَ الْأَكْثَر: حرف امْتنَاع لِامْتِنَاع، [والشلوبين] لمُجَرّد الرَّبْط، وَفِي " التسهيل " وَغَيره: امْتنَاع مَا يَلِيهِ واستلزامه لتاليه، [قلت: فِي الْمَاضِي] ،
فَيَنْتَفِي الْجَواب إِن ناسب وَلم يخلف الأول غَيره، وَإِن ناسب وَخَلفه غَيره ثَبت الْجَواب، كَمَا لَو لم يُنَاسب بِالْأولَى، أَو [المساويٍ] ، أَو الأدون} .
اخْتلف فِي معنى " لَو " على أَقْوَال:
أَحدهَا وَبِه قَالَ سِيبَوَيْهٍ -: (إِنَّهَا حرف لما كَانَ سيقع لوُقُوع غَيره)، أَي: أَنَّهَا تَقْتَضِي فعلا مَاضِيا كَانَ يتَوَقَّع ثُبُوته لثُبُوت غَيره، والمتوقع غير وَاقع، فَكَأَنَّهُ قَالَ: حرف يَقْتَضِي فعلا امْتنع لِامْتِنَاع مَا كَانَ [يثبت] لثُبُوته.
الثَّانِي وَبِه قَالَ الْأَكْثَر -: أَنَّهَا حرف امْتنَاع لِامْتِنَاع، أَي: يدل على امْتنَاع الثَّانِي لِامْتِنَاع الأول، فقولك: لَو جئتني لأكرمتك، دَال على انْتِفَاء الْمَجِيء وَالْإِكْرَام.
وَاعْترض عَلَيْهِ: بِأَن جوابها قد لَا يكون مُمْتَنعا بل يثبت، كَقَوْلِك لطائر: لَو كَانَ هَذَا إنْسَانا لَكَانَ حَيَوَانا، فإنسانيته منتفية وحيوانيته ثَابِتَة، وكما قَول عمر فِي صُهَيْب رضي الله عنهما: " لَو لم يخف الله لم