الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَعْصِهِ "، فَعدم الْمعْصِيَة مَحْكُوم بِثُبُوتِهِ، لِأَنَّهُ إِذا ثَبت مَعَ عدم الْخَوْف فثبوته مَعَ الْخَوْف أولى.
وَأَصَح مِنْهُ مَا روى عَن سَالم مولى أبي حُذَيْفَة.
قَالَ ابْن الْعِرَاقِيّ: (لَا أعلم لكَلَام عمر لِصُهَيْب إِسْنَادًا، ويغني عَنهُ مَا رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي " الْحِلْية ": أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
قَالَ فِي سَالم مولى أبي
حُذَيْفَة: " إِنَّه شَدِيد الْحبّ لله، لَو كَانَ لَا يخَاف الله مَا عَصَاهُ "، أَي: أَن لانْتِفَاء الْمعْصِيَة شَيْئَيْنِ: الْمحبَّة وَالْخَوْف، فَلَو انْتَفَى الْخَوْف لم تُوجد الْمعْصِيَة، لوُجُود الآخر وَهُوَ الْمحبَّة.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: (قَالَ بعض الْحفاظ: كثيرا مَا نسْأَل عَنهُ، وَلم نجد لَهُ أصلا) .
الثَّالِث وَبِه قَالَ الشلوبين -: أَنَّهَا لمُجَرّد الرَّبْط؛ أَي: إِنَّمَا تدل على التَّعْلِيق فِي الْمَاضِي، كَمَا تدل " إِن " على التَّعْلِيق فِي الْمُسْتَقْبل، وَلَا تدل على امْتنَاع شَرط وَلَا جَوَاب.
وَضعف: بِأَنَّهُ جحد للضروريات، إِذْ كل من سمع:" لَو فعل "، فهم عدم وُقُوع الْفِعْل، وَلِهَذَا جَازَ استدراكه، فَتَقول: لَو جَاءَ زيد لأكرمته لكنه لم يجِئ.
الرَّابِع: أَنَّهَا تَقْتَضِي امْتنَاع مَا يَلِيهِ واستلزامه لتاليه، أَي: تَقْتَضِي أَمريْن: أَحدهمَا: امْتنَاع مَا يَلِيهِ، وَهُوَ شَرطه.
وَالثَّانِي: كَون مَا يَلِيهِ مستلزماً لتاليه، وَهُوَ جَوَابه، وَلَا يدل على امْتنَاع الْجَواب فِي نفس الْأَمر وَلَا ثُبُوته.
فَإِذا قلت: لَو قَامَ زيد لقام عَمْرو، فقيام زيد مَحْكُوم بانتفائه فِيمَا مضى، وَيكون ثُبُوته مستلزماً لثُبُوت قيام عَمْرو.
وَهل لعَمْرو قيام أَولا؟ لَيْسَ فِي الْكَلَام تعرض لَهُ.
وَصحح هَذِه الْعبارَة السُّبْكِيّ، وَولده التَّاج، وَهِي فِي بعض نسخ " التسهيل ".
قَالَ الْمرَادِي فِي " شرح الألفية ": (قَالَ ابْن مَالك فِي " شرح الكافية ": " الْعبارَة الجيدة فِي " لَو " أَن يُقَال: حرف يدل على امْتنَاع [تال] يلْزم لثُبُوته ثُبُوت تاليه، فقيام زيد، من قَوْلك: لَو قَامَ زيد لقام [عَمْرو] ، مَحْكُوم بانتفائه فِيمَا مضى وَكَونه مستلزماً ثُبُوته لثُبُوت قيام عَمْرو، وَهل [لعَمْرو] قيام آخر غير اللَّازِم عَن قيام زيد أَو لَيْسَ لَهُ؟ لَا تعرض لذَلِك، بل الْأَكْثَر كَون الأول وَالثَّانِي غير واقعين) .
وَقَالَ فِي " التسهيل ": " لَو: حرف شَرط يَقْتَضِي امْتنَاع مَا يَلِيهِ واستلزامه لتاليه "، وَفِي بعض النّسخ:" لَو: حرف يَقْتَضِي نفي مَا يلْزم لثُبُوته ثُبُوت غَيره ".) .
قَالَ الْمرَادِي: [عباراته الثَّلَاث] بِمَعْنى وَاحِد.
لَكِن قَالَ ابْن هِشَام فِي " الْمُغنِي ": (فِي عبارَة ابْن مَالك نقص، فَإِنَّهَا لَا تفِيد أَن اقتضاءها للامتناع فِي الْمَاضِي، فَإِذا قيل: " لَو " حرف يَقْتَضِي فِي الْمَاضِي امْتنَاع مَا يَلِيهِ واستلزامه لتاليه كَانَ ذَلِك أَجود الْعبارَات) انْتهى. فَلذَلِك ألحقتها فِي الْمَتْن.
ثمَّ قسم صَاحب هَذِه الْمقَالة الْجَواب وَهُوَ مُرَاده بالتالي _ إِلَى أَقسَام: أَحدهَا: أَن يكون منتفياً، وَذَلِكَ فِيمَا إِذا كَانَ التَّرْتِيب بَينه وَبَين الأول مناسباُ، وَلم يخلف الأول غَيره، نَحْو:{لَو كَانَ فيهمَا ألهة إِلَّا الله لفسدتا} [الْأَنْبِيَاء: 22] .
الثَّانِي: أَن يكون مَعَ مناسبته خَلفه غَيره، كَقَوْلِك: الطَّائِر لَو كَانَ إنْسَانا لَكَانَ حَيَوَانا، فَإِنَّهُ خلف الإنسانية شَيْء آخر يدل على الحيوانية فثبتت.
الثَّالِث: أَن لَا يكون التَّرْتِيب بَين الأول وَالثَّانِي مناسباً، فَيثبت التَّالِي.
ثمَّ قسم ثُبُوته إِلَى أَقسَام:
أَحدهَا: أَن يكون أولى بالثبوت من الأول، نَحْو:" لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ ".