المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ شاتين أو عشرين درهما "، ومثل الواجب في المائتين من الإبل: " أربع حقاق أو خمس بنات لبون "، وكالتخيير بين غسل الرجلين في الوضوء للابس الخف أو المسح عليه، ونحوها - التحبير شرح التحرير - جـ ٢

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌فصل

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ عَن التَّضْحِيَة بالعوراء والعرجاء) انْتهى.وَنَحْوه: النَّهْي عَن الدُّبَّاء، والحنتم، والمقير، فَإِنَّهُ ينصب إِلَى مَا يلْزم مِنْهُ، وَهُوَ النَّبِيذ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ قَالَ لوفد عبد الْقَيْس: " آمركُم بِأَرْبَع: الْإِيمَان بِاللَّه، وَهل تَدْرُونَ مَا الْإِيمَان بِاللَّه؟ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَصَوْم رَمَضَان، وَأَن تعطوا من الْمَغَانِم الْخمس) .وَفِيهِمَا / عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي

- ‌ أَنه قَالَ: " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن…" الحَدِيث

- ‌ بَين الْإِسْلَام وَالْإِيمَان، وَأدْخل الْأَعْمَال فِي مُسَمّى الْإِسْلَام، دون مُسَمّى الْإِيمَان.قَالَ الْعَلامَة ابْن رَجَب فِي " شرح النووية ": (وَجه الْجمع بَين النُّصُوص الْمُتَقَدّمَة، وَبَين حَدِيث سُؤال جِبْرِيل، يَتَّضِح بتقرير أصل، وَهُوَ:

- ‌ فسر الْإِيمَان عِنْد ذكره مُفردا فِي حَدِيث وَفد عبد الْقَيْس، بِمَا فسر بِهِ الْإِسْلَام المقرون بِالْإِيمَان، فِي حَدِيث جِبْرِيل، وَفسّر فِي حَدِيث آخر الْإِسْلَام بِمَا فسر بِهِ الْإِيمَان، كَمَا فِي " الْمسند " عَن عَمْرو بن عبسة، قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي

- ‌ الْإِيمَان أفضل الْإِسْلَام وَأدْخل فِيهِ الْأَعْمَال. - قَالَ ابْن رَجَب وَبِهَذَا التَّفْصِيل يظْهر تَحْقِيق القَوْل فِي مَسْأَلَة الْإِيمَان وَالْإِسْلَام، هَل هما وَاحِد، أَو مُخْتَلِفَانِ؟) .وَيَأْتِي ذَلِك فِي الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌ فِي كل أَمر ديني علم مَجِيئه بِهِ ضَرُورَة، فَيكون من الْحَقَائِق الشَّرْعِيَّة نَظِير الصَّوْم وَالصَّلَاة وَالْحج؛ لِأَنَّهُ تَصْدِيق خَاص) انْتهى.وَقَالَت الْجَهْمِية، والشيعة، أَبُو الْحُسَيْن الصَّالِحِي / من الْقَدَرِيَّة، وَغَيرهم: الْإِيمَان: الْمعرفَة، وَذكره بعض أَصْحَابنَا عَن الْأَشْعَرِيّ وَأكْثر

- ‌ حِين وقف على الْمَقَابِر: " وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون

- ‌ عَن الْإِيمَان وَالْإِسْلَام وَالْإِحْسَان، وَتَفْسِير كل وَاحِد بِغَيْر مَا فسر بِهِ الآخر

- ‌ اللَّهُمَّ لَك أسلمت وَبِك آمَنت ".وَقد قَالُوا فِيمَا تقدم: إِن الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ، ثمَّ قَالُوا: الْإِيمَان وَالْإِسْلَام شَيْء وَاحِد، فَيكون الْإِسْلَام هُوَ التَّصْدِيق، وَهَذَا لم يقلهُ أحد من أهل اللُّغَة، وَإِنَّمَا هُوَ الانقياد وَالطَّاعَة، وَفسّر الْإِسْلَام بِالْأَعْمَالِ

- ‌[أَلا وَإِن] فِي الْجَسَد مُضْغَة إِذا صلحت صلح الْجَسَد كُله، وَإِذا فَسدتْ فسد الْجَسَد كُله أَلا وَهِي الْقلب "، فَلَا يتَحَقَّق الْقلب / بِالْإِيمَان إِلَّا وسعت الْجَوَارِح فِي أَعمال الْإِسْلَام، وَلَيْسَ كل مُسلم مُؤمنا، فَإِنَّهُ قد يكون الْإِيمَان ضَعِيفا فَلَا يتَحَقَّق الْقلب بِهِ تحققاً تَاما

- ‌ أَو مُسلم ". انْتهى كَلَام ابْن رَجَب، وَقد أَجَاد وأشفى الغصة، وَقد أطلنا الْكَلَام فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَهِي أهل لذَلِك

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌{الِاشْتِقَاق}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌{الْحُرُوف}

- ‌ من حلف على يَمِين "، أَي: يَمِينا.وَأنكر سِيبَوَيْهٍ وُقُوع زيادتها.فَائِدَة: اخْتلف فِي " على "، هَل تكون اسْما أم لَا؟ على مَذَاهِب

- ‌ واشترطي لَهُم الْوَلَاء "، أَن المُرَاد: عَلَيْهِم

- ‌ قَالَ فِي سَالم مولى أبي

- ‌ فِي بنت أم سَلمَة: " لَو لم تكن ربيبتي فِي حجري مَا حلت لي، إِنَّهَا لابنَة أخي من الرضَاعَة "، فَإِن لتحريمها سببين: كَونهَا ربيبته، وَكَونهَا ابْنة أَخِيه من الرضَاعَة.الثَّالِث: أَن يكون أدون مِنْهُ، وَلَكِن يلْحق بِهِ لمشاركته فِي الْمَعْنى، كَقَوْلِك فِي أُخْت النّسَب

- ‌ لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف لما قَالَ: تزوجت: " أولم وَلَو بِشَاة ": (المُرَاد بِالشَّاة هُنَا وَالله أعلم للتقليل، أَي: وَلَو بِشَيْء قَلِيل كشاة) انْتهى.قلت: فِيهِ شَيْء، لدلَالَة الْحَال، فَإِن عبد الرَّحْمَن رضي الله عنه لما قدم الْمَدِينَة وَتزَوج هَذِه الْأَنْصَارِيَّة، كَانَ فَقِيرا

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ باسم لم يسمه بِهِ أَبوهُ، وَلَا يُسمى بِهِ نَفسه، وَكَذَا كل كَبِير من الْخلق ".قَالَ: " فَإِذا امْتنع فِي حق المخلوقين، فامتناعه فِي حق الله تَعَالَى أولى ".وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يجوز أَن يُطلق عَلَيْهِ اسْم وَلَا صفة توهم نقصا، وَلَو ورد ذَلِك نصا، فَلَا يُقَال: ماهد

- ‌ بَين مُرَاده فِيمَا جَاءَ بِهِ، وَلنَا أَلْفَاظ نقطع بمدلولها بمفردها، وَتارَة بانضمام قَرَائِن، أَو شَهَادَة الْعَادَات، ثمَّ يمْنَع مُعَارضَة الدَّلِيل الْعقلِيّ الْقطعِي للدليل الشَّرْعِيّ.وَقَوْلهمْ: الْمَوْقُوف على المظنون مظنون، بَاطِل، لِأَن الْمَوْقُوف على الْمُقدمَات الظنية قد يكون

- ‌قَوْله: {فصل فِي الْأَحْكَام}

- ‌قَوْله: {فصل شكر الْمُنعم}

- ‌ وشرعها) .وَقَالَ: (وعَلى هَذَا يخرج وجوب معرفَة الله تَعَالَى، هَل هِيَ وَاجِبَة

- ‌قَوْله: {فصل]

- ‌(من أعظم الْمُسلمين جرما من سَأَلَ عَن شَيْء لم يحرم محرملأجل مَسْأَلته ") ، وَقَوله

- ‌ من الله تَعَالَى، لِأَنَّهُ وَحي، وَتَقْرِير لَهُ فِيمَا اجْتهد بِهِ) انْتهى.وَقَالَ ابْن عقيل أَيْضا -: (الْأَلْيَق بمذهبه أَن يُقَال: لَا نَدْرِي مَا الحكم)

- ‌ اتَّقوا فراسة الْمُؤمن فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله ".وَقَوله

- ‌ شَهَادَة قلبه بِلَا حجَّة أولى من الْفَتْوَى، فَثَبت أَن الإلهام حق، فَإِنَّهُ وَحي بَاطِن، إِلَّا أَن العَبْد إِذا عصى ربه وَعمل بهواه حرم هَذِه الْكَرَامَة.وَلَا حجَّة فِي شَيْء من ذَلِك، لِأَنَّهُ لَيْسَ المُرَاد الْإِيقَاع فِي الْقلب بِلَا دَلِيل، بل الْهِدَايَة إِلَى الْحق بِالدَّلِيلِ، كَمَا قَالَ عَليّ

- ‌قَوْله: {فصل الحكم الشَّرْعِيّ}

- ‌ لَكِن خطاب الْمَلَائِكَة، وخطاب الرَّسُول دلّت على خطاب الله تَعَالَى.فخطاب جنس، وَهُوَ مصدر خَاطب، لَكِن المُرَاد بِهِ هُنَا الْمُخَاطب بِهِ، لَا معنى الْمصدر الَّذِي هُوَ تَوْجِيه الْكَلَام لمخاطب، فَهُوَ من إِطْلَاق الْمصدر على اسْم الْمَفْعُول.وَخرج: خطاب غير الشَّارِع؛ إِذْ لَا

- ‌ وكالحكم بِشَهَادَة

- ‌ صلَة الرَّحِم تزيد فِي الْعُمر "؛ فَإِنَّهُ [إِخْبَار بِخلق] الْعَمَل، لَا أنشأ مُتَعَلق بِالْعَمَلِ اقْتِضَاء أَو تخييراً؛ لِأَن الِاقْتِضَاء: هُوَ الطّلب للْفِعْل جزما، أَو غير جزم، أَو التّرْك جزما، أَو غير جزم، بنهي مَقْصُود أَو غَيره، [والتخيير: الْإِبَاحَة]

- ‌ استاكوا

- ‌ إِذا تَوَضَّأ أحدكُم فَأحْسن وضوءه، ثمَّ خرج عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِد فَلَا يشبك بَين أَصَابِعه فَإِنَّهُ فِي / صَلَاة " رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، وَابْن

- ‌ لَا يمسك ذكره وَهُوَ يَبُول ".وَإِن ورد الْخطاب بالتخيير فَهُوَ الْإِبَاحَة، كَقَوْلِه

- ‌قَوْله: { [فصل] }

- ‌قَوْله: { [فصل] }

- ‌ قَالَ: " يَقُول الله تَعَالَى: مَا تقرب إِلَيّ عَبدِي بِمثل أَدَاء مَا افترضت عَلَيْهِ

- ‌ فَرضهَا "، فسوى بَينهمَا، وَقَالَ فِي رِوَايَة الْمَرْوذِيّ: (ابْن عمر يَقُول: " فرض رَسُول الله

- ‌ غسل يَوْم الْجُمُعَة وَاجِب على كل محتلم "، كَمَا قَالَ القَاضِي، وَتقول: حَقك عَليّ وَاجِب.قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي " المسودة ": (وَذهب طَائِفَة من أَصْحَابنَا وَغَيرهم إِلَى أَنَّهَا تحْتَمل توكيد الِاسْتِحْبَاب) انْتهى

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ فنؤمر بِقَضَاء الصَّوْم " مُتَّفق عَلَيْهِ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ فَإِنَّهُ

- ‌ بواجبات، ومحظورات، ومباحات، وكرامات) .وَفرض الْكِفَايَة: كالجهاد وَنَحْوه، وَهُوَ كثير، وَقد حصره وعده جمَاعَة من الْعلمَاء.وَسنة الْكِفَايَة: كابتداء السَّلَام، وتشميت الْعَاطِس على قَول

- ‌ شَاتين أَو عشْرين درهما "، وَمثل الْوَاجِب فِي الْمِائَتَيْنِ من الْإِبِل: " أَربع حقاق أَو خمس بَنَات لبون "، وكالتخيير بَين غسل الرجلَيْن فِي الْوضُوء للابس الْخُف أَو الْمسْح عَلَيْهِ، وَنَحْوهَا

- ‌وَقَوله: {فصل}

- ‌ أَوله وَآخره وَقَالَ: " الْوَقْت مَا بَينهمَا "، وَقَالَهُ لَهُ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: [فصل فِي الشَّخْص الْوَاحِد ثَوَاب وعقاب}

- ‌قَوْله " { [فصل}

- ‌ وَالْمُسْتَحب: مَا فعله مرّة أَو مرَّتَيْنِ. - وَألْحق بذلك بَعضهم: مَا أَمر بِهِ، وَلم ينْقل أَنه فعله والتطوع: مَا لم يرد فِيهِ بِخُصُوصِهِ نقل) .ورده أَبُو الطّيب فِي " منهاجه ": (بِأَن النَّبِي

- ‌ وَالْمُسْتَحب: مَا أَمر بِهِ، سَوَاء فعله، أَو لَا، أَو فعله وَلم يداوم عَلَيْهِ) .وَقيل: (السّنة: مَا ترتبت، كالراتبة مَعَ الْفَرِيضَة، وَالنَّفْل وَالنَّدْب: مَا زَاد على ذَلِك) .وَقَالَت الْمَالِكِيَّة: (مَا أَمر الشَّرْع بِهِ وَبَالغ فِيهِ سنة، وَأول الْمَرَاتِب تطوع ونافلة

- ‌ لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة " مُتَّفق عَلَيْهِ، ولعصى بِتَرْكِهِ.رد: المُرَاد بهَا أَمر الْإِيجَاب، وَلِهَذَا قَيده بالمشقة، وَكَذَا خبر بَرِيرَة الْآتِي فِي أَن الْأَمر للْوُجُوب

- ‌ كَانَ يَنْوِي صَوْم التَّطَوُّع ثمَّ يفْطر "، رَوَاهُ مُسلم وَغَيره

- ‌ قد أبطل تطوعه كَمَا سبق

الفصل: ‌ شاتين أو عشرين درهما "، ومثل الواجب في المائتين من الإبل: " أربع حقاق أو خمس بنات لبون "، وكالتخيير بين غسل الرجلين في الوضوء للابس الخف أو المسح عليه، ونحوها

التَّعْبِير بالمطلوب أولى، لِأَنَّهُ أَعم من أَن يكون وَاجِبا أَو مُسْتَحبا، وَإِن كَانَ الْمَشْهُور التَّعْبِير بِالْوَاجِبِ الْمُخَير.

وتصوير الْمَنْدُوب فِي الْمَطْلُوب الْمُخَير حَيْثُ تسْتَحب الْكَفَّارَة.

وَالْمرَاد بِالْكَفَّارَةِ: كَفَّارَة الْيَمين فِي قَوْله تَعَالَى: {فكفارته إطْعَام عشرَة مَسَاكِين من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم أَو كسوتهم أَو تَحْرِير رَقَبَة} [الْمَائِدَة: 89] ، وَنَحْوهَا، كجزاء الصَّيْد فِي قَوْله تَعَالَى:{فجزاء مثل مَا قتل من النعم يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم هَديا بَالغ الْكَعْبَة أَو كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين أَو عدل ذَلِك صياما} [الْمَائِدَة: 95]، وكفدية الْأَذَى فِي قَوْله تَعَالَى:{فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك} [الْبَقَرَة: 196]، وكالجبران فِي الزَّكَاة فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -: "‌

‌ شَاتين أَو عشْرين درهما "، وَمثل الْوَاجِب فِي الْمِائَتَيْنِ من الْإِبِل: " أَربع حقاق أَو خمس بَنَات لبون "، وكالتخيير بَين غسل الرجلَيْن فِي الْوضُوء للابس الْخُف أَو الْمسْح عَلَيْهِ، وَنَحْوهَا

.

ص: 889

إِذا علم ذَلِك؛ فَالْوَاجِب وَاحِد لَا بِعَيْنِه {عِنْد [أَكثر الْعلمَاء] } ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخ موفق [الدّين] ، وَغَيره من الْأَصْحَاب، وَذكره أَبُو مُحَمَّد التَّمِيمِي عَن الإِمَام أَحْمد، وَقَالَهُ عَامَّة الْفُقَهَاء، والأشعرية، وَنقل ابْن الباقلاني [أَن] إِجْمَاع السّلف وأئمة الْفِقْه عَلَيْهِ، وَقَالَ الْأُسْتَاذ:(هُوَ مَذْهَب الْفُقَهَاء كَافَّة) .

فعلى هَذَا قَالَ { [القَاضِي] ، وَابْن عقيل: يتَعَيَّن} ذَلِك الْوَاحِد {بِالْفِعْلِ} ، وَذكره ابْن عقيل {عَن الْفُقَهَاء والأشعرية.

ص: 890

وَقيل: [يتَعَيَّن بِتَعْيِين الَّذِي وَجب عَلَيْهِ قبل فعله] } .

[قَالَ] الْبرمَاوِيّ: (ثمَّ على القَوْل الأول، بِمَاذَا يتَعَيَّن الْوَاجِب؟ أباختيار الْمُكَلف أَو بِالْفِعْلِ؟ قَولَانِ.

وَحكى الأول ابْن دَقِيق الْعِيد فِي " شرح الْإِلْمَام ") انْتهى.

{وَقَالَ أَبُو الْخطاب} وَغَيره: (هُوَ {معِين عِنْد الله تَعَالَى، علم أَنه لَا يفعل غَيره) } .

فَحِينَئِذٍ يخْتَلف الْوَاجِب بِحَسب الفاعلين.

ورده ابْن حمدَان فِي " مقنعه ": (بِأَنَّهُ لَو مَاتَ قبل أَن يفعل شَيْئا، وَلم [يغْفل] عَنهُ، بَان أَنه لَا وجوب، وَهُوَ خلاف الْإِجْمَاع) انْتهى.

وَقَالَ الرَّازِيّ فِي " الْمَحْصُول ": (أَصْحَابنَا ينسبون هَذَا القَوْل إِلَى الْمُعْتَزلَة، والمعتزلة تنسبه إِلَى أَصْحَابنَا، وَاتفقَ الْفَرِيقَانِ على فَسَاده) ، وَيُسمى قَول التراجم.

ص: 891

لذَلِك قَالَ السُّبْكِيّ: (وَعِنْدِي أَنه لم يقل بِهِ أحد) .

قلت: لَيْسَ الْأَمر كَذَلِك، فقد اخْتَارَهُ الإِمَام أَبُو الْخطاب من أَئِمَّة أَصْحَابنَا، وَحَكَاهُ [الْقطَّان] من الشَّافِعِيَّة عَن بعض الْأُصُولِيِّينَ، فَلَا وَجه لإنكاره بحثا.

قلت: وَيحْتَمل أَن يكون لكل من الْمُعْتَزلَة والأشعرية، وَلكنه ضَعِيف شَاذ عِنْد كل من الطَّائِفَتَيْنِ لم يشْتَهر، وَهُوَ أولى من النَّفْي، فَإِن النَّاقِل من الطَّائِفَتَيْنِ قد يكون ثِقَة من الْأَئِمَّة، فَهُوَ مقدم على النَّافِي فِيمَا يظْهر، وَلَا يُقَال: هَذَا نفي مَحْصُور، أَو تتبعنا فَلم نجد نقلا بِهِ، وَالله أعلم.

{وَقيل: بِالْوَقْفِ} لتعارض الْأَدِلَّة.

{وَعَن الْمُعْتَزلَة كَالْقَاضِي} أبي يعلى.

يَعْنِي: أَنهم قَالُوا: الْوَاجِب وَاحِد يتَعَيَّن بِالْفِعْلِ.

{ [وَقَالَ بعض الْمُعْتَزلَة] } : الْوَاجِب وَاحِد {معِين} عِنْد الله، {وَيسْقط بِغَيْرِهِ} إِذا فعله الْمُكَلف، وَيكون نفلا أسقط فرضا.

ص: 892

ورد: بالِاتِّفَاقِ على أَنه فعل الْوَاجِب لَا بدله.

{ [وَقَالَ بعض الْمُعْتَزلَة] } أَيْضا {كلهَا وَاجِب على التَّخْيِير} ، وَهُوَ مَنْقُول عَن الجبائي وَابْنه، وَنسبه قوم إِلَى كل الْمُعْتَزلَة، وتبعهم قوم من الْفُقَهَاء كَمَا نَقله ابْن الباقلاني.

{ [وَمعنى ذَلِك] : أَن كل وَاحِد مُرَاد} لَا على معنى أَنه يجب الْإِتْيَان بِكُل وَاحِد، بل على أَنه لَا يجوز الْإِخْلَال بِالْجَمِيعِ، فعلى هَذَا لَا خلاف فِي " الْمَعْنى "، بل فِي الْعبارَة، وَإِنَّمَا مَأْخَذ الْمُعْتَزلَة: أَن الحكم عِنْدهم يتبع الْحسن والقبح العقليين، فَلَو كَانَ أحد الْخِصَال وَاجِبا، لزم خلو الْبَاقِي عَن الْحسن الْمُقْتَضِي للْإِيجَاب، فيرتفع الْمُقْتَضِي فِي كل وَاحِد وَاحِد.

كَذَا قرر أَن الْخلاف لَفْظِي: ابْن الباقلاني، وَأَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ،

ص: 893

وَأَبُو الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ، وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ، وَابْن الْقشيرِي، وَابْن برهَان، وَابْن السَّمْعَانِيّ، وسليم الرَّازِيّ، والرازي، وَأَتْبَاعه.

وَقَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب: (بل الْخلاف معنوي، لأَنا نخطئهم فِي إِطْلَاق اسْم الْوُجُوب على الْجَمِيع، لإِجْمَاع الْمُسلمين على أَن الْوَاجِب فِي الْكَفَّارَة المخيرة أحد الْأُمُور) .

وَقَالَ الْأَصْفَهَانِي: (الَّذِي يظْهر من كَلَام الْغَزالِيّ، وَابْن فورك: أَنه معنوي) .

وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيّ، وَابْن التلمساني وَغَيرهم.

ص: 894

وَقيل: (تظهر فَائِدَته فِي الثَّوَاب وَالْعِقَاب، إِذا فعل الْجَمِيع، أَو أخل بِالْكُلِّ) وَهُوَ ضَعِيف.

دَلِيل أَرْبَاب القَوْل الأول وَهُوَ الصَّحِيح -: أَنه يجوز التَّكْلِيف بِهِ عقلا: كتكليف السَّيِّد عَبده بِفعل هَذَا الشَّيْء أَو ذَاك، على أَن يثيبه على أَيهمَا فعل، ويعاقبه بترك الْجَمِيع، وَلَو أطلق لم يفهم وجوبهما، وَالنَّص دلّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لم يرد الْجَمِيع وَلَا وَاحِدًا بِعَيْنِه، لِأَنَّهُ خَيره، وَلَو أوجب التَّخْيِير الْجَمِيع، لَوَجَبَتْ عتق الْجَمِيع إِذا وَكله فِي إِعْتَاق أحد عبديه، وتزويج موليته بالخطابين، إِذا وكلته فِي التَّزْوِيج بِأَحَدِهِمَا.

قَالُوا: غير الْمعِين مَجْهُول فَلَا يشْعر بِهِ، ويستحيل وُقُوعه فَلَا يُكَلف بِهِ.

ورد: بتعيينه من حَيْثُ هُوَ وَاجِب، وَهُوَ وَاحِد من الثَّلَاثَة، فَيَنْتَفِي الشخصي، فصح إطلاقهما عَلَيْهِ باعتبارين.

قَالُوا: لَو لم يجب الْجَمِيع لوَجَبَ وَاحِد، فَإِن تعين فَلَا تَخْيِير، أَو وَقع التَّخْيِير بَين وَاجِب وَغَيره، وَإِن لمة يتعسن فواحد غير وَاجِب، فَإِن تعدد لزم التَّخْيِير بَين وَاجِب وَغَيره، وَإِن اتَّحد اجْتمع الْوُجُوب وَعَدَمه.

رد: يلْزم فِي الْإِعْتَاق وَالتَّزْوِيج، ثمَّ الْوَاجِب لم يُخَيّر فِيهِ لإبهامه، والمخير فِيهِ لم يجب لتعيينه، وَهِي الْأَفْرَاد الثَّلَاثَة، وَلِأَنَّهُ يَتَعَدَّد الْوُجُوب والتخيير، فتعدد متعلقاهما: الْوَاجِب والمخير، كَمَا لَو حرم الشَّارِع وَاحِدًا وَأوجب وَاحِدًا.

ص: 895

قَالُوا: يجب أَن يعلم الْآمِر مَا أوجبه، لِاسْتِحَالَة طلب غير مُتَصَوّر. رد: يُعلمهُ حسب مَا أوجبه، وَإِذا أوجبه غير معِين علمه كَذَلِك.

قَالُوا: علم مَا يَفْعَله الْمُكَلف، فَكَانَ الْوَاجِب، لِأَنَّهُ يمْتَنع إِيجَابه مَا علم عدم وُقُوعه.

رد: بِمَنْعه، ثمَّ لم يجب بخصوصة للْقطع بتساوي النَّاس فِي الْوَاجِب إِجْمَاعًا.

فَائِدَتَانِ:

إِحْدَاهمَا: حرر ابْن الْحَاجِب معنى الْإِبْهَام فِيهِ، فَقَالَ: (مُتَعَلق الْوُجُوب هُوَ الْقدر الْمُشْتَرك بَين الْخِصَال، وَلَا تَخْيِير فِيهِ لِأَنَّهُ وَاحِد، وَلَا يجوز تَركه، ومتعلق التَّخْيِير خصوصيات الْخِصَال الَّتِي فِيهَا التَّعَدُّد، وَلَا وجوب فِيهَا ".

قَالَ السُّبْكِيّ الْكَبِير: (وَعِنْدِي زِيَادَة أُخْرَى فِي التَّحْرِير، وَهِي: أَن الْقدر الْمُشْتَرك يُقَال على المتواطي كَالرّجلِ، وَلَا إِبْهَام فِيهِ، فَإِن حَقِيقَته مَعْلُومَة متميزة [عَن غَيرهَا] من الْحَقَائِق، وَيُقَال على الْمُبْهم من شَيْئَيْنِ أَو أَشْيَاء كَأحد الرجلَيْن.

وَالْفرق بَينهمَا: أَن الأول لم يقْصد فِيهِ إِلَّا الْحَقِيقَة، وَالثَّانِي قصد فِيهِ ذَلِك مَعَ أحد الشخصين بِعَيْنِه، أَي: لَا بِاعْتِبَار معنى مُشْتَرك بَينهمَا، وَإِن لم يعين، وَلذَلِك سمي مُبْهما، لِأَنَّهُ أبهم علينا أمره، فَلَا يُقَال فِي الأول الَّذِي

ص: 896

هُوَ نَحْو: أعتق رَقَبَة -: إِنَّه وَاجِب مُخَيّر، لِأَنَّهُ لم يقل أحد فِيهِ: بتعلق الحكم [بخصوصياته] ، بِخِلَاف الثَّانِي، فَإِنَّهُم أَجمعُوا على تَسْمِيَته مُخَيّرا، وَمن الأول أَكثر أوَامِر الشَّرِيعَة.

فَيتَعَيَّن أَن الْقدر الْمُشْتَرك فِي الثَّانِي أخص من الْقدر الْمُشْتَرك فِي الأول، وَإِلَيْهِ يرشد قَوْلهم: من أُمُور مُعينَة.

وَالْمعْنَى: أَن النّظر إِلَيْهَا من حَيْثُ تعينها وتميزها مَعَ الْإِبْهَام احْتِرَاز من الْقسم الأول) انْتهى.

الثَّانِيَة: مَحل الْخلاف فِي صِيغَة وَردت يُرَاد بهَا التَّخْيِير، أَو مَا فِي معنى وُرُود ذَلِك، كَمَا سبق التَّمْثِيل بِهِ.

فَأَما نَحْو تَخْيِير المستنجئ بَين المَاء وَالْحجر، والناسك بَين الْإِفْرَاد والتمتع وَالْقرَان، وَنَحْو ذَلِك، فَلَيْسَ مِنْهُ، لِأَنَّهُ لم يرد تَخْيِير بِلَفْظ وَلَا بِمَعْنَاهُ، بِخِلَاف مَا تقدم.

قَوْله: {تَنْبِيه: لَا يجب أَكثر من وَاحِدَة إِجْمَاعًا} .

وَهُوَ وَاضح، لِأَنَّهُ قد خَيره فِي ذَلِك.

ص: 897

{ [وَإِن] كفر بهَا مرتبَة فَالْوَاجِب الأول إِجْمَاعًا} .

لِأَنَّهُ الَّذِي أسقط الْفَرْض، وَالَّذِي بعده لم يُصَادف وجوبا فِي الذِّمَّة. {أَو مَعًا} .

يَعْنِي: إِذا كفر بهَا مَعًا فِي وَقت وَاحِد، وَيتَصَوَّر ذَلِك، وصورها أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فِي " شرح اللمع ": بِأَن يكون قد بَقِي عَلَيْهِ من الصَّوْم يَوْم ووكل فِي الْإِطْعَام وَالْعِتْق.

قلت: وَأولى مِنْهَا من كَفَّارَة الْيَمين، بِأَن يُوكل شخصا يطعم وشخصاً يكسو أَو يعْتق، وَهُوَ فِي آن وَاحِد، أَو يُوكل فِي الْكل، وَيفْعل فِي وَقت وَاحِد.

إِذا علم ذَلِك؛ { [فَلَا] يُثَاب ثَوَاب الْوَاجِب على كل وَاحِد إِجْمَاعًا، بل على أَعْلَاهَا} ، لِأَنَّهُ لَا ينقصهُ مَا انْضَمَّ إِلَيْهِ، وترجيح الْأَعْلَى لكَون الزِّيَادَة فِيهِ لَا يَلِيق بكرم الله تَعَالَى تضييعها على الْفَاعِل، مَعَ الْإِمْكَان وقصدها بِالْوُجُوب وَإِن اقْترن بِهِ آخر.

ص: 898

{وَإِن ترك الْكل لم يَأْثَم عَلَيْهِ} .

أَي: على الْكل {إِجْمَاعًا} ، لِأَن الْكل لَيْسَ بِوَاجِب عَلَيْهِ حَتَّى يَأْثَم عَلَيْهِ إِذا تَركه.

{ [بل قَالَ] القَاضِي} أَبُو يعلى، {و} القَاضِي { [أَبُو الطّيب] } - محققين لذَلِك -:( { [يَأْثَم] بِقدر عِقَاب أدناها، [لَا أَنه] [نفس عِقَاب أدناها] } ) .

وَغَيرهمَا قَالَ: (يُعَاقب على الْأَدْنَى، لِأَن الْوُجُوب يسْقط بِهِ) .

{وَقَالَ أَبُو الْخطاب، وَابْن عقيل: (يُثَاب على وَاحِد وَيَأْثَم بِهِ) }

وَقيل: (يَأْثَم على وَاحِد لَا بِعَيْنِه كَمَا هُوَ وَاجِب عَلَيْهِ) ، وَلَعَلَّه قَول أبي الْخطاب، وَابْن عقيل.

ص: 899

وَقيل: (يُثَاب على فعل الْكل على مَجْمُوع أُمُور، لَا يجوز ترك كلهَا، وَلَا يجب فعلهَا.

أَي: ثَوَاب وَاجِبَات مخيرة، وَهُوَ أَزِيد من ثَوَاب بَعْضهَا، وَكَذَلِكَ الْعقَاب، يُعَاقب على ترك مَجْمُوع أُمُور، كَانَ الْمُكَلف مُخَيّرا بَين ترك أَي وَاحِد مِنْهَا شَاءَ بِشَرْط فعل الآخر) ، وَاخْتَارَ هَذَا الرَّازِيّ وَأَتْبَاعه، وَلَا يخفى مَا فِيهِ من الغموض والإبهام.

ص: 900