الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْله: {فصل}
إِنَّمَا كَانَ ضِدّه بِاعْتِبَار تَقْسِيم أَحْكَام التَّكْلِيف، وَإِلَّا الْحَرَام فِي الْحَقِيقَة ضد الْحَلَال، إِذْ يُقَال: هَذَا حَلَال، وَهَذَا حرَام، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة يُونُس:{هَذَا حَلَال وَهَذَا حرَام} .
إِذا علم ذَلِك؛ لما فَرغْنَا من أَحْكَام الْوَاجِب ومسائله وَمَا يتَعَلَّق بِهِ، شرعنا نتكلم على ضِدّه وَهُوَ الْحَرَام لِأَنَّهُ قد تقدم: أَن الْخطاب إِن ورد بِطَلَب فعل طلبا جَازِمًا فَهُوَ الْوَاجِب، وَإِن ورد بِطَلَب ترك طلبا جَازِمًا فَهُوَ الْحَرَام.
احترزنا بالذم عَن الْمَكْرُوه وَالْمَنْدُوب والمباح، إِذْ لَا ذمّ فِيهَا.
واحترزنا بقولنَا: (فَاعله) عَن الْوَاجِب، فَإِنَّهُ يذم تَاركه لَا فَاعله.
وَالْمرَاد: الَّذِي من شَأْنه أَن يذم فَاعله وَلَو تخلف، كمن وطئ أَجْنَبِيَّة يَظُنهَا زَوجته.
وَقَوْلنَا: (وَلَو قولا)، أَعنِي: أَن من الْحَرَام مَا يكون قولا: كالغيبة، والنميمة، وَنَحْوهمَا.
وَمن الْحَرَام مَا يكون عملا بِالْقَلْبِ: كالحسد، والحقد، والنفاق وَنَحْوهَا.
وَلَفْظَة (شرعا) مُتَعَلقَة بذم، وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن الذَّم لَا يكون إِلَّا من الشَّرْع.
وَكثير من الْأُصُولِيِّينَ لم يذكرُوا: (وَلَو قولا) و (عمل الْقلب) اكْتِفَاء بقَوْلهمْ: فَاعله، لِأَن المُرَاد بِالْفِعْلِ: مَا يصدر عَن الْمُكَلف، فَيعم: الْأَقْوَال، وَالْأَفْعَال، وَعمل الْقلب، وَإِنَّمَا أبرزنا ذَلِك للإيضاح.
وَيرد على الْحَد: فعل الْمُبَاح، لِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ ترك وَاجِب، وَأَنه يذم فَاعله، لَكِن لَا من جِهَة فعله، بل لما لزمَه من ترك الْوَاجِب، وَلَو زيد فِي الْحَد: بِوَجْه مَا، أَو: من حَيْثُ فعله، سلم من الْإِيرَاد.
قَوْله: {وَيُسمى: مَحْظُورًا، وممنوعاً، ومزجوراً، ومعصية، وذنباً وقبيحاً، وسيئة، وفاحشة، وإثماً} .
لِلْحَرَامِ عشرَة أَسمَاء، وَزيد عَلَيْهَا:(زجرا) ، و (محرما)، لَكِن يشملهما لفظ:(الْحَرَام) و (المزجور) لِأَنَّهُمَا من مادتهما.
وَزيد أَيْضا -: (حرجاً) و (تحريجاً) و (عُقُوبَة) ، وَإِنَّمَا سميت بذلك؛ لِأَنَّهَا تترتب على فعله، [فَبِهَذَا] التَّقْرِير يَصح تَسْمِيَته بذلك.
فَسُمي مَحْظُورًا من الْحَظْر، وَهُوَ الْمَنْع، فَسُمي الْفِعْل بالحكم الْمُتَعَلّق بِهِ. قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل:(وَالْمَعْصِيَة: فعل مَا نهى الله تَعَالَى عَنهُ، وَعند الْمُعْتَزلَة: فعل مَا كرهه الله، وَهُوَ مَبْنِيّ على خلق الْأَعْمَال، وَإِرَادَة الكائنات) انْتهى.
وَسمي مَعْصِيّة لنَهْيه تَعَالَى عَنهُ، وَسمي ذَنبا لتوقع الْمُؤَاخَذَة عَلَيْهِ.