المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ قد أبطل تطوعه كما سبق - التحبير شرح التحرير - جـ ٢

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌فصل

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ عَن التَّضْحِيَة بالعوراء والعرجاء) انْتهى.وَنَحْوه: النَّهْي عَن الدُّبَّاء، والحنتم، والمقير، فَإِنَّهُ ينصب إِلَى مَا يلْزم مِنْهُ، وَهُوَ النَّبِيذ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ قَالَ لوفد عبد الْقَيْس: " آمركُم بِأَرْبَع: الْإِيمَان بِاللَّه، وَهل تَدْرُونَ مَا الْإِيمَان بِاللَّه؟ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَصَوْم رَمَضَان، وَأَن تعطوا من الْمَغَانِم الْخمس) .وَفِيهِمَا / عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي

- ‌ أَنه قَالَ: " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن…" الحَدِيث

- ‌ بَين الْإِسْلَام وَالْإِيمَان، وَأدْخل الْأَعْمَال فِي مُسَمّى الْإِسْلَام، دون مُسَمّى الْإِيمَان.قَالَ الْعَلامَة ابْن رَجَب فِي " شرح النووية ": (وَجه الْجمع بَين النُّصُوص الْمُتَقَدّمَة، وَبَين حَدِيث سُؤال جِبْرِيل، يَتَّضِح بتقرير أصل، وَهُوَ:

- ‌ فسر الْإِيمَان عِنْد ذكره مُفردا فِي حَدِيث وَفد عبد الْقَيْس، بِمَا فسر بِهِ الْإِسْلَام المقرون بِالْإِيمَان، فِي حَدِيث جِبْرِيل، وَفسّر فِي حَدِيث آخر الْإِسْلَام بِمَا فسر بِهِ الْإِيمَان، كَمَا فِي " الْمسند " عَن عَمْرو بن عبسة، قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي

- ‌ الْإِيمَان أفضل الْإِسْلَام وَأدْخل فِيهِ الْأَعْمَال. - قَالَ ابْن رَجَب وَبِهَذَا التَّفْصِيل يظْهر تَحْقِيق القَوْل فِي مَسْأَلَة الْإِيمَان وَالْإِسْلَام، هَل هما وَاحِد، أَو مُخْتَلِفَانِ؟) .وَيَأْتِي ذَلِك فِي الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌ فِي كل أَمر ديني علم مَجِيئه بِهِ ضَرُورَة، فَيكون من الْحَقَائِق الشَّرْعِيَّة نَظِير الصَّوْم وَالصَّلَاة وَالْحج؛ لِأَنَّهُ تَصْدِيق خَاص) انْتهى.وَقَالَت الْجَهْمِية، والشيعة، أَبُو الْحُسَيْن الصَّالِحِي / من الْقَدَرِيَّة، وَغَيرهم: الْإِيمَان: الْمعرفَة، وَذكره بعض أَصْحَابنَا عَن الْأَشْعَرِيّ وَأكْثر

- ‌ حِين وقف على الْمَقَابِر: " وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون

- ‌ عَن الْإِيمَان وَالْإِسْلَام وَالْإِحْسَان، وَتَفْسِير كل وَاحِد بِغَيْر مَا فسر بِهِ الآخر

- ‌ اللَّهُمَّ لَك أسلمت وَبِك آمَنت ".وَقد قَالُوا فِيمَا تقدم: إِن الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ، ثمَّ قَالُوا: الْإِيمَان وَالْإِسْلَام شَيْء وَاحِد، فَيكون الْإِسْلَام هُوَ التَّصْدِيق، وَهَذَا لم يقلهُ أحد من أهل اللُّغَة، وَإِنَّمَا هُوَ الانقياد وَالطَّاعَة، وَفسّر الْإِسْلَام بِالْأَعْمَالِ

- ‌[أَلا وَإِن] فِي الْجَسَد مُضْغَة إِذا صلحت صلح الْجَسَد كُله، وَإِذا فَسدتْ فسد الْجَسَد كُله أَلا وَهِي الْقلب "، فَلَا يتَحَقَّق الْقلب / بِالْإِيمَان إِلَّا وسعت الْجَوَارِح فِي أَعمال الْإِسْلَام، وَلَيْسَ كل مُسلم مُؤمنا، فَإِنَّهُ قد يكون الْإِيمَان ضَعِيفا فَلَا يتَحَقَّق الْقلب بِهِ تحققاً تَاما

- ‌ أَو مُسلم ". انْتهى كَلَام ابْن رَجَب، وَقد أَجَاد وأشفى الغصة، وَقد أطلنا الْكَلَام فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَهِي أهل لذَلِك

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌{الِاشْتِقَاق}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌{الْحُرُوف}

- ‌ من حلف على يَمِين "، أَي: يَمِينا.وَأنكر سِيبَوَيْهٍ وُقُوع زيادتها.فَائِدَة: اخْتلف فِي " على "، هَل تكون اسْما أم لَا؟ على مَذَاهِب

- ‌ واشترطي لَهُم الْوَلَاء "، أَن المُرَاد: عَلَيْهِم

- ‌ قَالَ فِي سَالم مولى أبي

- ‌ فِي بنت أم سَلمَة: " لَو لم تكن ربيبتي فِي حجري مَا حلت لي، إِنَّهَا لابنَة أخي من الرضَاعَة "، فَإِن لتحريمها سببين: كَونهَا ربيبته، وَكَونهَا ابْنة أَخِيه من الرضَاعَة.الثَّالِث: أَن يكون أدون مِنْهُ، وَلَكِن يلْحق بِهِ لمشاركته فِي الْمَعْنى، كَقَوْلِك فِي أُخْت النّسَب

- ‌ لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف لما قَالَ: تزوجت: " أولم وَلَو بِشَاة ": (المُرَاد بِالشَّاة هُنَا وَالله أعلم للتقليل، أَي: وَلَو بِشَيْء قَلِيل كشاة) انْتهى.قلت: فِيهِ شَيْء، لدلَالَة الْحَال، فَإِن عبد الرَّحْمَن رضي الله عنه لما قدم الْمَدِينَة وَتزَوج هَذِه الْأَنْصَارِيَّة، كَانَ فَقِيرا

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ باسم لم يسمه بِهِ أَبوهُ، وَلَا يُسمى بِهِ نَفسه، وَكَذَا كل كَبِير من الْخلق ".قَالَ: " فَإِذا امْتنع فِي حق المخلوقين، فامتناعه فِي حق الله تَعَالَى أولى ".وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يجوز أَن يُطلق عَلَيْهِ اسْم وَلَا صفة توهم نقصا، وَلَو ورد ذَلِك نصا، فَلَا يُقَال: ماهد

- ‌ بَين مُرَاده فِيمَا جَاءَ بِهِ، وَلنَا أَلْفَاظ نقطع بمدلولها بمفردها، وَتارَة بانضمام قَرَائِن، أَو شَهَادَة الْعَادَات، ثمَّ يمْنَع مُعَارضَة الدَّلِيل الْعقلِيّ الْقطعِي للدليل الشَّرْعِيّ.وَقَوْلهمْ: الْمَوْقُوف على المظنون مظنون، بَاطِل، لِأَن الْمَوْقُوف على الْمُقدمَات الظنية قد يكون

- ‌قَوْله: {فصل فِي الْأَحْكَام}

- ‌قَوْله: {فصل شكر الْمُنعم}

- ‌ وشرعها) .وَقَالَ: (وعَلى هَذَا يخرج وجوب معرفَة الله تَعَالَى، هَل هِيَ وَاجِبَة

- ‌قَوْله: {فصل]

- ‌(من أعظم الْمُسلمين جرما من سَأَلَ عَن شَيْء لم يحرم محرملأجل مَسْأَلته ") ، وَقَوله

- ‌ من الله تَعَالَى، لِأَنَّهُ وَحي، وَتَقْرِير لَهُ فِيمَا اجْتهد بِهِ) انْتهى.وَقَالَ ابْن عقيل أَيْضا -: (الْأَلْيَق بمذهبه أَن يُقَال: لَا نَدْرِي مَا الحكم)

- ‌ اتَّقوا فراسة الْمُؤمن فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله ".وَقَوله

- ‌ شَهَادَة قلبه بِلَا حجَّة أولى من الْفَتْوَى، فَثَبت أَن الإلهام حق، فَإِنَّهُ وَحي بَاطِن، إِلَّا أَن العَبْد إِذا عصى ربه وَعمل بهواه حرم هَذِه الْكَرَامَة.وَلَا حجَّة فِي شَيْء من ذَلِك، لِأَنَّهُ لَيْسَ المُرَاد الْإِيقَاع فِي الْقلب بِلَا دَلِيل، بل الْهِدَايَة إِلَى الْحق بِالدَّلِيلِ، كَمَا قَالَ عَليّ

- ‌قَوْله: {فصل الحكم الشَّرْعِيّ}

- ‌ لَكِن خطاب الْمَلَائِكَة، وخطاب الرَّسُول دلّت على خطاب الله تَعَالَى.فخطاب جنس، وَهُوَ مصدر خَاطب، لَكِن المُرَاد بِهِ هُنَا الْمُخَاطب بِهِ، لَا معنى الْمصدر الَّذِي هُوَ تَوْجِيه الْكَلَام لمخاطب، فَهُوَ من إِطْلَاق الْمصدر على اسْم الْمَفْعُول.وَخرج: خطاب غير الشَّارِع؛ إِذْ لَا

- ‌ وكالحكم بِشَهَادَة

- ‌ صلَة الرَّحِم تزيد فِي الْعُمر "؛ فَإِنَّهُ [إِخْبَار بِخلق] الْعَمَل، لَا أنشأ مُتَعَلق بِالْعَمَلِ اقْتِضَاء أَو تخييراً؛ لِأَن الِاقْتِضَاء: هُوَ الطّلب للْفِعْل جزما، أَو غير جزم، أَو التّرْك جزما، أَو غير جزم، بنهي مَقْصُود أَو غَيره، [والتخيير: الْإِبَاحَة]

- ‌ استاكوا

- ‌ إِذا تَوَضَّأ أحدكُم فَأحْسن وضوءه، ثمَّ خرج عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِد فَلَا يشبك بَين أَصَابِعه فَإِنَّهُ فِي / صَلَاة " رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، وَابْن

- ‌ لَا يمسك ذكره وَهُوَ يَبُول ".وَإِن ورد الْخطاب بالتخيير فَهُوَ الْإِبَاحَة، كَقَوْلِه

- ‌قَوْله: { [فصل] }

- ‌قَوْله: { [فصل] }

- ‌ قَالَ: " يَقُول الله تَعَالَى: مَا تقرب إِلَيّ عَبدِي بِمثل أَدَاء مَا افترضت عَلَيْهِ

- ‌ فَرضهَا "، فسوى بَينهمَا، وَقَالَ فِي رِوَايَة الْمَرْوذِيّ: (ابْن عمر يَقُول: " فرض رَسُول الله

- ‌ غسل يَوْم الْجُمُعَة وَاجِب على كل محتلم "، كَمَا قَالَ القَاضِي، وَتقول: حَقك عَليّ وَاجِب.قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي " المسودة ": (وَذهب طَائِفَة من أَصْحَابنَا وَغَيرهم إِلَى أَنَّهَا تحْتَمل توكيد الِاسْتِحْبَاب) انْتهى

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ فنؤمر بِقَضَاء الصَّوْم " مُتَّفق عَلَيْهِ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ فَإِنَّهُ

- ‌ بواجبات، ومحظورات، ومباحات، وكرامات) .وَفرض الْكِفَايَة: كالجهاد وَنَحْوه، وَهُوَ كثير، وَقد حصره وعده جمَاعَة من الْعلمَاء.وَسنة الْكِفَايَة: كابتداء السَّلَام، وتشميت الْعَاطِس على قَول

- ‌ شَاتين أَو عشْرين درهما "، وَمثل الْوَاجِب فِي الْمِائَتَيْنِ من الْإِبِل: " أَربع حقاق أَو خمس بَنَات لبون "، وكالتخيير بَين غسل الرجلَيْن فِي الْوضُوء للابس الْخُف أَو الْمسْح عَلَيْهِ، وَنَحْوهَا

- ‌وَقَوله: {فصل}

- ‌ أَوله وَآخره وَقَالَ: " الْوَقْت مَا بَينهمَا "، وَقَالَهُ لَهُ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: [فصل فِي الشَّخْص الْوَاحِد ثَوَاب وعقاب}

- ‌قَوْله " { [فصل}

- ‌ وَالْمُسْتَحب: مَا فعله مرّة أَو مرَّتَيْنِ. - وَألْحق بذلك بَعضهم: مَا أَمر بِهِ، وَلم ينْقل أَنه فعله والتطوع: مَا لم يرد فِيهِ بِخُصُوصِهِ نقل) .ورده أَبُو الطّيب فِي " منهاجه ": (بِأَن النَّبِي

- ‌ وَالْمُسْتَحب: مَا أَمر بِهِ، سَوَاء فعله، أَو لَا، أَو فعله وَلم يداوم عَلَيْهِ) .وَقيل: (السّنة: مَا ترتبت، كالراتبة مَعَ الْفَرِيضَة، وَالنَّفْل وَالنَّدْب: مَا زَاد على ذَلِك) .وَقَالَت الْمَالِكِيَّة: (مَا أَمر الشَّرْع بِهِ وَبَالغ فِيهِ سنة، وَأول الْمَرَاتِب تطوع ونافلة

- ‌ لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة " مُتَّفق عَلَيْهِ، ولعصى بِتَرْكِهِ.رد: المُرَاد بهَا أَمر الْإِيجَاب، وَلِهَذَا قَيده بالمشقة، وَكَذَا خبر بَرِيرَة الْآتِي فِي أَن الْأَمر للْوُجُوب

- ‌ كَانَ يَنْوِي صَوْم التَّطَوُّع ثمَّ يفْطر "، رَوَاهُ مُسلم وَغَيره

- ‌ قد أبطل تطوعه كَمَا سبق

الفصل: ‌ قد أبطل تطوعه كما سبق

وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} [مُحَمَّد: 33] ، فَيحمل على التَّنْزِيه جمعا بَين الدَّلِيلَيْنِ، هَذَا إِن لم يُفَسر بُطْلَانهَا بِالرّدَّةِ، بِدَلِيل الْآيَة الَّتِي قبلهَا، أَو أَن المُرَاد: فَلَا تبطلوها بالرياء، نَقله ابْن عبد الْبر عَن أهل السّنة، وَنقل عَن الْمُعْتَزلَة تَفْسِيرهَا بِمَعْنى: لَا تبطلوها بالكبائر، لَكِن الظَّاهِر تَفْسِيرهَا بِمَا تقدم.

وَاحْتج الْمُخَالف: بِحَدِيث الْأَعرَابِي: هَل عَليّ غَيرهمَا؟ قَالَ: " لَا إِلَّا أَن تطوع "، أَي: فيلزمك التَّطَوُّع إِن تَطَوَّعت، وَإِن كَانَ تَطَوّعا فِي أَصله.

وَعِنْدنَا: أَن الِاسْتِثْنَاء مُنْقَطع، بِدَلِيل أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -‌

‌ قد أبطل تطوعه كَمَا سبق

.

ص: 992

وَمِمَّا اسْتشْكل على أبي حنيفَة: تجويزه للمتنفل بعد أَن يشرع فِي الصَّلَاة قَائِما، الصَّلَاة قَاعِدا، فَلذَلِك حالفه صَاحِبَاه، فمنعا الْقعُود طرداً للقاعدة.

مَعَ أَنه نقل أَبُو نصر الْعِرَاقِيّ عَن أبي حنيفَة فِي كتاب الصَدَاق: (أَن لَهُ الْخُرُوج من صَوْم التَّطَوُّع، إِلَّا أَنه يجب الْقَضَاء) .

وَأما الْحَج وَالْعمْرَة فَيلْزم إِتْمَامهمَا فِي التَّطَوُّع لمن شرع فيهمَا.

وَفرق بَينهمَا وَبَين سَائِر التطوعات بِوَجْهَيْنِ:

أَحدهمَا: أَن نفلهما مسَاوٍ لفرضهما، نِيَّة، وَكَفَّارَة، وَغَيرهمَا، فَوَجَبَ أَن يتساويا فِي الْإِتْمَام واللزوم.

وَالثَّانِي: - وَهُوَ أَجود، وَبِه أجَاب الإِمَام الشَّافِعِي فِي " الْأُم " أَنه

ص: 993

يجب الْمُضِيّ فِي فَاسد التَّطَوُّع مِنْهُمَا كواجبه، فإتمام صَحِيح التَّطَوُّع أولى، قَالَه الْبرمَاوِيّ.

قَالَ ابْن مُفْلِح فِي " فروعه ": (لِأَن نفل [الْحَج] كفرضه فِي الْكَفَّارَة، وَتَقْرِير الْمهْر بالخلوة مَعَه، بِخِلَاف الصَّوْم) .

وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: (لانعقاد الْإِحْرَام لَازِما) .

وَقَالَ فِي " الْمُغنِي " و " الشَّرْح ": (لتأكد إحرامهما، وَلَا يخرج مِنْهُمَا بإفسادهما) .

قَالَ الْبرمَاوِيّ فِي " شرح منظومته ": (على أَن هَذَا السُّؤَال قد أفسد من أَصله، بِأَن الْحَج لَا يُمكن وُقُوعه تَطَوّعا، [فَإِنَّهُ إِقَامَة شعار الْبَيْت، وَمن فروض] الكفايات، وَهِي تلْزم بِالشُّرُوعِ على الْأَصَح) انْتهى.

وَتبع فِي ذَلِك الزَّرْكَشِيّ فِي " شرح جمع الْجَوَامِع ".

قلت: وَفِيه نظر، وَذَلِكَ أَنه لَو حج حجَّة الْإِسْلَام مَعَ من حج حجَّة ثَانِيَة: هَل يُقَال: إِن الَّذِي حج ثَانِيًا مَعَ الَّذِي وَجب عَلَيْهِ حجَّة الْإِسْلَام، يكون حجَّة من فروض الكفايات وَالْحَالة هَذِه؟ فِيهِ نظر ظَاهر.

ص: 994

وَقد قَالَ أَصْحَابنَا: (إِن الْحَج فرض كِفَايَة فِي كل عَام)، ومرادهم - وَالله أعلم -: إِذا خلا عَام من أَن يُوجد من وَجب عَلَيْهِ حجَّة الْإِسْلَام، فَإِنَّهُ يلْزم الْحَج وَيكون فرض كِفَايَة، لَا أَن كل من حج ثَانِيًا يكون حجَّة ذَلِك من فروض الْكِفَايَة، هَذَا مَا ظهر.

وينتفض أَيْضا بِحَجّ الْمُرَاهق، فَإِن حجه نفل، لِأَنَّهُ غير مُخَاطب، إِذْ الْخطاب لَا يتَوَجَّه إِلَيْهِ.

وَعَن أَحْمد رِوَايَة بِوُجُوب إتْمَام الصَّوْم، وَلُزُوم الْقَضَاء إِن أفطر، وفَاقا لأبي حنيفَة، وَمَالك، كَمَا تقدم.

وَعَن أَحْمد تلْزم صَلَاة التَّطَوُّع بِخِلَاف الصَّوْم، وَمَال إِلَيْهِ أَبُو إِسْحَاق الْجوزجَاني، وَقَالَ:(الصَّلَاة ذَات إِحْرَام وإحلال كَالْحَجِّ) .

ص: 995

قَالَ الْمجد: (وَرِوَايَة إتْمَام الصَّوْم عكس هَذِه الرِّوَايَة، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عبَادَة تجب بإفسادها الْكَفَّارَة الْعُظْمَى كَالْحَجِّ) .

وَالْمذهب التَّسْوِيَة، وَقيل: الِاعْتِكَاف كَالصَّوْمِ.

وَذكر القَاضِي وَجَمَاعَة من الْأَصْحَاب: (أَن الطّواف كَالصَّلَاةِ فِي الْأَحْكَام، إِلَّا مَا خصّه الدَّلِيل)، فَظَاهره: أَنه كَالصَّلَاةِ هُنَا، وفَاقا لمَالِك.

وَلَا تلْزم الصَّدَقَة، وَالْقِرَاءَة، والأذكار، بِالشُّرُوعِ، وفَاقا للأئمة الْأَرْبَعَة.

قَوْله: {فرع: الزَّائِد على قدر [الْوَاجِب] فِي قيام وَنَحْوه} - كركوع وَسُجُود {نفل عِنْد الْأَرْبَعَة، وَغَيرهم} .

ص: 996

مِنْهُم: أَكثر أَصْحَابنَا، لجَوَاز تَركه مُطلقًا، وَهَذَا شَأْن النَّفْل.

قَالَ ابْن برهَان: (على هَذَا أجمع الْفُقَهَاء والمتكلمون) ، وَلم يحك فِيهِ خلافًا إِلَّا عَن الْكَرْخِي.

{وواجب عِنْد بعض الشَّافِعِيَّة، والكرخي} ، لتناول الْأَمر مِنْهُمَا. قَالَ القَاضِي:(وَهُوَ ظَاهر كَلَام أَحْمد) ، وَأَخذه من نَصه على أَن الإِمَام إِذا أَطَالَ الرُّكُوع فأدركه فِيهِ مَسْبُوق أدْرك الرَّكْعَة، وَلَو لم يكن الْكل وَاجِبا لما صَحَّ لَهُ ذَلِك، لِأَنَّهُ يكون اقْتِدَاء مفترض بمنتفل.

ورده ابْن عقيل وَأَبُو الْخطاب بِمَا يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَة الَّتِي بعد هَذِه.

ص: 997

{ [وللقاضي من أَصْحَابنَا كالقول الأول وَالثَّانِي] } .

قَوْله: { [وَعند الثَّلَاثَة: إِن أدْرك الرُّكُوع أدْركهَا] } .

أَي: ذهبت الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة: أَبُو حنيفَة، وَالشَّافِعِيّ، وَأحمد: أَنه لَو أدْرك الإِمَام رَاكِعا و [لَو] بعد الطُّمَأْنِينَة مِنْهُ أدْرك الرَّكْعَة.

قَالُوا: لِأَن الِاتِّبَاع يسْقط الْوَاجِب: كمسبوق، وَصَلَاة امْرَأَة الْجُمُعَة، وَيُوجب الِاتِّبَاع مَا كَانَ غير وَاجِب: كمسافر ائتم بمقيم، فَيلْزمهُ إتْمَام الصَّلَاة.

قَالَ ابْن عقيل: (نَص أَحْمد، - يَعْنِي:[الَّذِي] تقدم فِي الَّتِي قبلهَا لَا يدل عِنْدِي على هَذَا الْمَذْهَب، بل يُعْطي أحد أَمريْن: إِمَّا جَوَاز ائتمام المفترض بالمتنفل، وَيحْتَمل أَن يجرى مجْرى الْوَاجِب فِي بَاب الِاتِّبَاع خَاصَّة، إِذا الِاتِّبَاع قد يسْقط الْوَاجِب، كَمَا فِي الْمَسْبُوق، ومصلي الْجُمُعَة من امْرَأَة، وَعبد، ومسافر، وَقد يُوجب مَا لَيْسَ بِوَاجِب: كالمسافر الْمُؤْتَم بمقيم.

ص: 998

وَقِيَاس الزِّيَادَة الْمُنْفَصِلَة، وَهُوَ فعل الْمثل على الزِّيَادَة الْمُتَّصِلَة) انْتهى.

{ [و] } قَالَ الإِمَام { [مَالك] } : لَا يدْرك الرُّكُوع إِلَّا إِن أدْرك { [مَعَه الطُّمَأْنِينَة] } .

قَالَ ابْن مُفْلِح فِي " فروعه ": (من أدْرك الإِمَام رَاكِعا فَرَكَعَ مَعَه أدْرك الرَّكْعَة، وفَاقا لأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ.

وَقيل: إِن أدْرك مَعَه الطُّمَأْنِينَة وفَاقا لمَالِك) انْتهى.

قَوْله: {فَائِدَة: أَصْحَابنَا، والمالكية، وَالشَّافِعِيَّة: الْعِبَادَة [الطَّاعَة] ، وَالْحَنَفِيَّة: بِشَرْط النِّيَّة} .

قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي آخر " المسودة ": (كل مَا كَانَ طَاعَة ومأموراً بِهِ فَهُوَ عبَادَة عِنْد أَصْحَابنَا، والمالكية، وَالشَّافِعِيَّة، وَعند الْحَنَفِيَّة: الْعِبَادَة مَا كَانَ من شَرط النِّيَّة) انْتهى.

ص: 999

فَدخل فِي كَلَام أَصْحَابنَا وَغَيرهم: الْأَفْعَال والتروك: كَتَرْكِ الْمعاصِي، [والنجاسة] ، وَالزِّنَا، والربا، وكل محرم، وَالْأَفْعَال: كَالْوضُوءِ، وَالْغسْل، وَالزَّكَاة، وَقَضَاء الدّين، وَغَيرهَا.

وَيدخل فِيهِ: رد الغصوب، والعواري، والودائع، وَالنَّفقَة الْوَاجِبَة، وَالدّين، وَنَحْوهَا، مَعَ الْغَفْلَة عَن النِّيَّة.

وَمِنْهَا: الْإِسْلَام على قَول يَأْتِي، وَتقدم.

وَلما اشْترطت الْحَنَفِيَّة النِّيَّة، لم يدْخل فِي حَدهمْ التروك كلهَا، وَلَيْسَ الْوضُوء عِنْدهم بِعبَادة، لصِحَّته عِنْدهم بِلَا نِيَّة.

قَالَ الْمجد فِي " المسودة " فِي أوائلها: (قَالَ القَاضِي: الْعِبَادَة كل مَا كَانَ طَاعَة لله، أَو قربَة إِلَيْهِ، أَو امتثالاً لأَمره، وَلَا فرق بَين أَن يكون فعلا أَو تركا، فالفعل: كَالْوضُوءِ، وَالْغسْل، وَالزَّكَاة، وَقَضَاء الدّين، وَالتّرْك: كَتَرْكِ الزِّنَا والربا، وَترك أكل الْمُحرمَات وشربها.

فَأَما التّرْك؛ فَلَا يحْتَاج إِلَى نِيَّة بِمَنْزِلَة رد الغصوب، وَإِطْلَاق الْمحرم الصَّيْد، وَغسل الطّيب عَن بدنه وثوبه؛ لِأَن ذَلِك كُله طَريقَة التّرْك، فَإِن الْعِبَادَة فِي تجنبه، فَإِذا أَصَابَهُ، لم يُمكن تَركه إِلَّا بِالْفِعْلِ، كَانَ طَرِيقه التّرْك، فيخالف الْوضُوء، لِأَنَّهُ فعل مُجَرّد لَيْسَ فِيهِ ترك.

ص: 1000

وَقَالَ أَصْحَاب أبي حنيفَة: لَيْسَ بِعبَادة؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ من شَرطهَا النِّيَّة.

[وأفسده] وَقَالَ: سُقُوط النِّيَّة فِي صِحَة الْفِعْل الْمَأْمُور بِهِ، لَا يدل على أَنه لَيْسَ بِعبَادة، كَمَا لَا يدل على أَنه لَيْسَ بِطَاعَة وقربة) انْتهى.

وَقَالَ ابْن مُفْلِح فِي " فروعه ": (مَا لم يعلم إِلَّا من الشَّارِع فَهُوَ عبَادَة: كَصَلَاة، وَغَيرهَا.

وَهُوَ معنى قَول الْفَخر إِسْمَاعِيل، وَأبي الْبَقَاء، وَغَيرهمَا:(الْعِبَادَة مَا أَمر بِهِ الشَّارِع من غير اطراد عرفي و [لَا اقْتِضَاء] عَقْلِي) .

قيل لأبي الْبَقَاء: الْإِسْلَام وَالنِّيَّة عبادتان، وَلَا يفتقران إِلَى النِّيَّة؟ فَقَالَ: (الْإِسْلَام لَيْسَ بِعبَادة لصدوره من الْكَافِر، وَلَيْسَ من أَهلهَا، سلمنَا، لَكِن للضَّرُورَة، لِأَنَّهُ لَا يصدر إِلَّا من كَافِر.

وَأما النِّيَّة فلقطع التسلسل) .

وَقَالَ القَاضِي فِي " الْخلاف ": (مَا كَانَ طَاعَة لله تَعَالَى فعبادة)، - وَتقدم -. ثمَّ قَالَ ابْن مُفْلِح: وَذكر بعض أَصْحَابنَا، والمالكية، وَالشَّافِعِيَّة: أَنه لَيْسَ من شَرط الْعِبَادَة النِّيَّة، خلافًا للحنفية، وَنِيَّة الصَّلَاة تَضَمَّنت الستْرَة واستقبال الْقبْلَة لوجودهما فِيهَا حَقِيقَة، وَلِهَذَا يَحْنَث بالاستدامة) انْتهى.

ص: 1001

فَهَذَا الَّذِي ذكره عَن بعض الْأَصْحَاب، هُوَ الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي الْمَتْن، وَهُوَ الَّذِي ذكره الْمجد وحفيده.

لَكِن يبْقى نِسْبَة ذَلِك إِلَى بَقِيَّة الْمذَاهب، يَنْبَغِي أَن يجْرِي من أَرْبَابهَا، وَالله أعلم.

قَوْله: {وَالطَّاعَة: مُوَافقَة الْأَمر، وَالْمَعْصِيَة: مُخَالفَته، عِنْد الْفُقَهَاء، وَعند الْمُعْتَزلَة: مُخَالفَة الْإِرَادَة} .

قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي آخر " المسودة ": (الطَّاعَة: مُوَافقَة الْأَمر عندنَا، وَبِه قَالَ الْفُقَهَاء، والأشعرية، وَقَالَت الْمُعْتَزلَة: [هِيَ] مُوَافقَة الْإِرَادَة) .

وَقَالَ فِي أول " المسودة ": (فصل: قَالَ القَاضِي فِي الْحُدُود، وَفِي مَسْأَلَة الْمَأْمُور بِهِ أَمر ندب: [إِن كل طَاعَة فَهُوَ مَأْمُور

ص: 1002

بِهِ] ، الطَّاعَة: مُوَافقَة الْأَمر، وَالْمَعْصِيَة: مُخَالفَة الْأَمر.

وَقَالَ على ظهر الْجُزْء: حد الْأَمر: مَا كَانَ الْمَأْمُور بِفِعْلِهِ ممتثلاً، وَلَيْسَ حَده: مَا كَانَ طَاعَة، لِأَن الْفِعْل يكون طَاعَة بالترغيب فِي الْفِعْل وَإِن لم يَأْمر بِهِ، كَقَوْلِه: من صلى غفرت لَهُ، وَمن صَامَ فقد أَطَاعَنِي، وَلَا يكون ذَلِك أمرا) انْتهى.

وَقَالَ فِي " الْوَاضِح ": (الطَّاعَة: الْمُوَافقَة لِلْأَمْرِ على مَذْهَب أهل السّنة، والموافقة للإرادة على مَذْهَب الْمُعْتَزلَة) .

ص: 1003