الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْله: {فصل}
{من أخر الْوَاجِب الموسع مَعَ ظن مَانع، موت أَو غَيره، أَثم إِجْمَاعًا} . لتضيقه عَلَيْهِ بظنه.
وَقَوله: (أَو غَيره) ، مِثْلَمَا إِذا ظنت حيضا فِي أثْنَاء الْوَقْت وَكَانَ لَهَا عَادَة بذلك، أَو أعير ستْرَة أول الْوَقْت فَقَط، أَو متوضئ عدم المَاء فِي السّفر وطهارته لَا تبقى إِلَى آخر الْوَقْت، وَلَا يَرْجُو وجوده، ومستحاضة لَهَا عَادَة بِانْقِطَاع دَمهَا فِي وَقت [يَتَّسِع] لفعلها.
قَالَ الْأَصْحَاب: (فَيتَعَيَّن فعل الصَّلَاة فِي ذَلِك الْوَقْت فِي هَذِه الصُّور، وَلَا يجوز لَهُ التَّأْخِير) .
{ [قَالَ ابْن حمدَان فِي " مقنعه "] : يَأْثَم مَعَ عدم ظن الْبَقَاء إِجْمَاعًا} .
وَهَذِه الطَّرِيقَة فِي حِكَايَة الْإِجْمَاع أَعم من الَّتِي قبلهَا، فَإِنَّهُ يدْخل فِي هَذَا الْإِجْمَاع: مَا إِذا اسْتَوَى الْأَمْرَانِ، وَمَا إِذا ظن الْمَوْت، وَهُوَ ضَعِيف فِي الْمَسْأَلَة الأولى، فَفِي حِكَايَة الْإِجْمَاع على هَذِه الصّفة نظر فِيمَا يظْهر.
وَقَالَ الْمُوفق فِي " الرَّوْضَة "، والطوفي:(لَا يُؤَخر إِلَّا إِلَى وَقت يظنّ بَقَاءَهُ إِلَيْهِ) .
قَوْله: {ثمَّ إِن بَقِي فَفعله فِي وقته فأداء} .
هَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد جَمَاهِير الْعلمَاء، مِنْهُم: الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وأتباعهم، وَغَيرهم، لبَقَاء الْوَقْت، وَلَا عِبْرَة بِالظَّنِّ الْبَين خَطؤُهُ.
5
- {وَخَالف [القَاضِي أَبُو بكر ابْن الباقلاني، وَالْقَاضِي الْحُسَيْن الشَّافِعِي] } ، وَقَالا:(يكون قَضَاء لضيق وقته بظنه) .
وألزمهما بَعضهم: (أَن يوجبا نِيَّة الْقَضَاء، وَأَن يَأْثَم بِالتَّأْخِيرِ من اعْتقد قبل الْوَقْت انقضاؤه) .
قَالَ الطوفي: (لَهُ الْتِزَامه، وَمنع وَقت الْأَدَاء فِي الأول، وعصيانه فِي الثَّانِي، لعدوله عَن منَاط التَّعَبُّد وَهُوَ مَا ظَنّه حَقًا) .
قَالَ ابْن مُفْلِح: (كَذَا قَالَ) .
وَقَالَ بعض الشَّافِعِيَّة: (لَا يعرف هَذَا القَوْل عَن القَاضِي الْحُسَيْن، إِلَّا أَن يكون أَخذ ذَلِك من إِفْسَاد الصَّلَاة ثمَّ فعلهَا فِي الْقُوت، فَإِنَّهُ من الْقَائِلين بِأَنَّهَا قَضَاء، على مَا يَأْتِي) .
قَوْله: {وَمن لَهُ [تَأْخِيرهَا] وَمَات، لم يعْص فِي الْأَصَح [كالأربعة] } وَغَيرهم.
وَحَكَاهُ بعض أَصْحَابنَا إِجْمَاعًا، لِأَنَّهُ فعل مَا لَهُ فعله، وَاعْتِبَار سَلامَة الْعَاقِبَة مَمْنُوع، لِأَنَّهُ غيب فَلَيْسَ [إِلَيْنَا] .
قَالَ ابْن مُفْلِح فِي " فروعه ": (وَمن لَهُ التَّأْخِير فَمَاتَ قبل الْفِعْل لم يَأْثَم فِي الْأَصَح، وفَاقا للأئمة الْأَرْبَعَة، [وَلنَا وَجه: يَأْثَم، كَقَوْل بعض الشَّافِعِيَّة] .
قَالَ القَاضِي من أَصْحَابنَا وَغَيره بعد أَن ذكر مَا تقدم -: وعَلى أَنه [لَا يمْتَنع أَنه لَا يَأْثَم] ، وَالْحق فِي الذِّمَّة، كَدين مُعسر لَا يسْقط بِمَوْتِهِ، وَلَا يَأْثَم بِالتَّأْخِيرِ، لدُخُول النِّيَابَة، لجَوَاز الْإِبْرَاء، وَقَضَاء الْغَيْر عَنهُ.
وَقيل للْقَاضِي: لَو وَجَبت الزَّكَاة لطولب بهَا فِي الْآخِرَة، ولحقه المأثم كَمَا لَو أمكنه؟ فَقَالَ: هَذَا لَا يمْنَع من ثيوت الْحق فِي الذِّمَّة، بِدَلِيل الْمُؤَجّر والمعسر بِالدّينِ) انْتهى.
وَلابْن عقيل معنى ذَلِك فِي " الْفُنُون ".
قَوْله: { [وَيسْقط] بِمَوْتِهِ عِنْدهم} .
أَي: عِنْد الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة.
قَالَ ابْن مُفْلِح فِي " فروعه " كَمَا تقدم -: (وَمن لَهُ التَّأْخِير فَمَاتَ قبل الْفِعْل لم يَأْثَم فِي الْأَصَح وفَاقا، وَيسْقط إِذن بِمَوْتِهِ وفَاقا.
قَالَ القَاضِي وَغَيره: لِأَنَّهَا لَا تدْخلهَا النِّيَابَة، فَلَا فَائِدَة فِي بَقَائِهَا فِي الذِّمَّة، بِخِلَاف الزَّكَاة وَالْحج) انْتهى.
قَوْله: { [وَيَأْثَم بِالْحَجِّ] } .
أَي: بِتَأْخِير إِلَى الْمَوْت، {فِي الْأَصَح للشَّافِعِيَّة} .
{ [وَقَالَ] الْغَزالِيّ [وَحكي عَن الشَّافِعِي]-: [يَعْصِي الشَّيْخ] } دون غَيره.
للشَّافِعِيَّة فِي هَذِه الْمَسْأَلَة ثَلَاثَة أوجه:
أَحدهَا وَهُوَ الصَّحِيح من مَذْهَبهم -: يَأْثَم لتأخيره عَن وقته وَهُوَ الْعُمر فَيَمُوت عَاصِيا، لِأَنَّهُ [لما لم] يعلم الآخر، كَانَ جَوَاز التَّأْخِير لَهُ مَشْرُوط بسلامة الْعَاقِبَة، بِخِلَاف الموسع، وَهُوَ الْمَعْلُوم الطَّرفَيْنِ.
وَحكى ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله " التأثيم فِي الْحَج عَن الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة.
وَقَالَ بعض الشَّافِعِيَّة: (لَا يَأْثَم بِمَوْتِهِ، لِئَلَّا تبطل رخصَة التَّأْخِير) ، ثمَّ ألزم بالموسع.
وَحكى بَعضهم عَن الشَّافِعِي: (أَن الشَّيْخ يَأْثَم وَلَا يَأْثَم الشَّاب الصَّحِيح) ، وَاخْتَارَهُ الْغَزالِيّ.
وَفرقُوا أَيْضا على الأول بَينه وَبَين الموسع: بِأَن بِالْمَوْتِ فِي الْحَج خرج وقته، وبالموت فِي أثْنَاء وَقت الصَّلَاة لم يخرج وَقتهَا، وَنَظِير الْحَج: أَن يَمُوت آخر وَقت الصَّلَاة، أَو قبله بِمَا لَا يَسعهَا، فَإِنَّهُ يَعْصِي حِينَئِذٍ.
وَحكى الْجَوْزِيّ وَالظَّاهِر أَنه من الشَّافِعِيَّة تَقْدِير التَّأْخِير المستنكر
بِبُلُوغِهِ نَحوا من خمسين سنة، وَالأَصَح: من استمداد الْعِصْيَان وَإِلَى آخر سني الْإِمْكَان، بِجَوَاز التَّأْخِير إِلَيْهَا، وَقيل: إِلَى أَولهَا لاستقرار الْوُجُوب حِينَئِذٍ.