المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌قَوْله: {فصل}   {الْأَرْبَعَة، وَالْأَكْثَر: الْحَقِيقَة الشَّرْعِيَّة وَاقعَة منقولة، [والمعتزلة: وَاقعَة بِلَا - التحبير شرح التحرير - جـ ٢

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌فصل

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ عَن التَّضْحِيَة بالعوراء والعرجاء) انْتهى.وَنَحْوه: النَّهْي عَن الدُّبَّاء، والحنتم، والمقير، فَإِنَّهُ ينصب إِلَى مَا يلْزم مِنْهُ، وَهُوَ النَّبِيذ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ قَالَ لوفد عبد الْقَيْس: " آمركُم بِأَرْبَع: الْإِيمَان بِاللَّه، وَهل تَدْرُونَ مَا الْإِيمَان بِاللَّه؟ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَصَوْم رَمَضَان، وَأَن تعطوا من الْمَغَانِم الْخمس) .وَفِيهِمَا / عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي

- ‌ أَنه قَالَ: " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن…" الحَدِيث

- ‌ بَين الْإِسْلَام وَالْإِيمَان، وَأدْخل الْأَعْمَال فِي مُسَمّى الْإِسْلَام، دون مُسَمّى الْإِيمَان.قَالَ الْعَلامَة ابْن رَجَب فِي " شرح النووية ": (وَجه الْجمع بَين النُّصُوص الْمُتَقَدّمَة، وَبَين حَدِيث سُؤال جِبْرِيل، يَتَّضِح بتقرير أصل، وَهُوَ:

- ‌ فسر الْإِيمَان عِنْد ذكره مُفردا فِي حَدِيث وَفد عبد الْقَيْس، بِمَا فسر بِهِ الْإِسْلَام المقرون بِالْإِيمَان، فِي حَدِيث جِبْرِيل، وَفسّر فِي حَدِيث آخر الْإِسْلَام بِمَا فسر بِهِ الْإِيمَان، كَمَا فِي " الْمسند " عَن عَمْرو بن عبسة، قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي

- ‌ الْإِيمَان أفضل الْإِسْلَام وَأدْخل فِيهِ الْأَعْمَال. - قَالَ ابْن رَجَب وَبِهَذَا التَّفْصِيل يظْهر تَحْقِيق القَوْل فِي مَسْأَلَة الْإِيمَان وَالْإِسْلَام، هَل هما وَاحِد، أَو مُخْتَلِفَانِ؟) .وَيَأْتِي ذَلِك فِي الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌ فِي كل أَمر ديني علم مَجِيئه بِهِ ضَرُورَة، فَيكون من الْحَقَائِق الشَّرْعِيَّة نَظِير الصَّوْم وَالصَّلَاة وَالْحج؛ لِأَنَّهُ تَصْدِيق خَاص) انْتهى.وَقَالَت الْجَهْمِية، والشيعة، أَبُو الْحُسَيْن الصَّالِحِي / من الْقَدَرِيَّة، وَغَيرهم: الْإِيمَان: الْمعرفَة، وَذكره بعض أَصْحَابنَا عَن الْأَشْعَرِيّ وَأكْثر

- ‌ حِين وقف على الْمَقَابِر: " وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون

- ‌ عَن الْإِيمَان وَالْإِسْلَام وَالْإِحْسَان، وَتَفْسِير كل وَاحِد بِغَيْر مَا فسر بِهِ الآخر

- ‌ اللَّهُمَّ لَك أسلمت وَبِك آمَنت ".وَقد قَالُوا فِيمَا تقدم: إِن الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ، ثمَّ قَالُوا: الْإِيمَان وَالْإِسْلَام شَيْء وَاحِد، فَيكون الْإِسْلَام هُوَ التَّصْدِيق، وَهَذَا لم يقلهُ أحد من أهل اللُّغَة، وَإِنَّمَا هُوَ الانقياد وَالطَّاعَة، وَفسّر الْإِسْلَام بِالْأَعْمَالِ

- ‌[أَلا وَإِن] فِي الْجَسَد مُضْغَة إِذا صلحت صلح الْجَسَد كُله، وَإِذا فَسدتْ فسد الْجَسَد كُله أَلا وَهِي الْقلب "، فَلَا يتَحَقَّق الْقلب / بِالْإِيمَان إِلَّا وسعت الْجَوَارِح فِي أَعمال الْإِسْلَام، وَلَيْسَ كل مُسلم مُؤمنا، فَإِنَّهُ قد يكون الْإِيمَان ضَعِيفا فَلَا يتَحَقَّق الْقلب بِهِ تحققاً تَاما

- ‌ أَو مُسلم ". انْتهى كَلَام ابْن رَجَب، وَقد أَجَاد وأشفى الغصة، وَقد أطلنا الْكَلَام فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَهِي أهل لذَلِك

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌{الِاشْتِقَاق}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌{الْحُرُوف}

- ‌ من حلف على يَمِين "، أَي: يَمِينا.وَأنكر سِيبَوَيْهٍ وُقُوع زيادتها.فَائِدَة: اخْتلف فِي " على "، هَل تكون اسْما أم لَا؟ على مَذَاهِب

- ‌ واشترطي لَهُم الْوَلَاء "، أَن المُرَاد: عَلَيْهِم

- ‌ قَالَ فِي سَالم مولى أبي

- ‌ فِي بنت أم سَلمَة: " لَو لم تكن ربيبتي فِي حجري مَا حلت لي، إِنَّهَا لابنَة أخي من الرضَاعَة "، فَإِن لتحريمها سببين: كَونهَا ربيبته، وَكَونهَا ابْنة أَخِيه من الرضَاعَة.الثَّالِث: أَن يكون أدون مِنْهُ، وَلَكِن يلْحق بِهِ لمشاركته فِي الْمَعْنى، كَقَوْلِك فِي أُخْت النّسَب

- ‌ لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف لما قَالَ: تزوجت: " أولم وَلَو بِشَاة ": (المُرَاد بِالشَّاة هُنَا وَالله أعلم للتقليل، أَي: وَلَو بِشَيْء قَلِيل كشاة) انْتهى.قلت: فِيهِ شَيْء، لدلَالَة الْحَال، فَإِن عبد الرَّحْمَن رضي الله عنه لما قدم الْمَدِينَة وَتزَوج هَذِه الْأَنْصَارِيَّة، كَانَ فَقِيرا

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ باسم لم يسمه بِهِ أَبوهُ، وَلَا يُسمى بِهِ نَفسه، وَكَذَا كل كَبِير من الْخلق ".قَالَ: " فَإِذا امْتنع فِي حق المخلوقين، فامتناعه فِي حق الله تَعَالَى أولى ".وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يجوز أَن يُطلق عَلَيْهِ اسْم وَلَا صفة توهم نقصا، وَلَو ورد ذَلِك نصا، فَلَا يُقَال: ماهد

- ‌ بَين مُرَاده فِيمَا جَاءَ بِهِ، وَلنَا أَلْفَاظ نقطع بمدلولها بمفردها، وَتارَة بانضمام قَرَائِن، أَو شَهَادَة الْعَادَات، ثمَّ يمْنَع مُعَارضَة الدَّلِيل الْعقلِيّ الْقطعِي للدليل الشَّرْعِيّ.وَقَوْلهمْ: الْمَوْقُوف على المظنون مظنون، بَاطِل، لِأَن الْمَوْقُوف على الْمُقدمَات الظنية قد يكون

- ‌قَوْله: {فصل فِي الْأَحْكَام}

- ‌قَوْله: {فصل شكر الْمُنعم}

- ‌ وشرعها) .وَقَالَ: (وعَلى هَذَا يخرج وجوب معرفَة الله تَعَالَى، هَل هِيَ وَاجِبَة

- ‌قَوْله: {فصل]

- ‌(من أعظم الْمُسلمين جرما من سَأَلَ عَن شَيْء لم يحرم محرملأجل مَسْأَلته ") ، وَقَوله

- ‌ من الله تَعَالَى، لِأَنَّهُ وَحي، وَتَقْرِير لَهُ فِيمَا اجْتهد بِهِ) انْتهى.وَقَالَ ابْن عقيل أَيْضا -: (الْأَلْيَق بمذهبه أَن يُقَال: لَا نَدْرِي مَا الحكم)

- ‌ اتَّقوا فراسة الْمُؤمن فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله ".وَقَوله

- ‌ شَهَادَة قلبه بِلَا حجَّة أولى من الْفَتْوَى، فَثَبت أَن الإلهام حق، فَإِنَّهُ وَحي بَاطِن، إِلَّا أَن العَبْد إِذا عصى ربه وَعمل بهواه حرم هَذِه الْكَرَامَة.وَلَا حجَّة فِي شَيْء من ذَلِك، لِأَنَّهُ لَيْسَ المُرَاد الْإِيقَاع فِي الْقلب بِلَا دَلِيل، بل الْهِدَايَة إِلَى الْحق بِالدَّلِيلِ، كَمَا قَالَ عَليّ

- ‌قَوْله: {فصل الحكم الشَّرْعِيّ}

- ‌ لَكِن خطاب الْمَلَائِكَة، وخطاب الرَّسُول دلّت على خطاب الله تَعَالَى.فخطاب جنس، وَهُوَ مصدر خَاطب، لَكِن المُرَاد بِهِ هُنَا الْمُخَاطب بِهِ، لَا معنى الْمصدر الَّذِي هُوَ تَوْجِيه الْكَلَام لمخاطب، فَهُوَ من إِطْلَاق الْمصدر على اسْم الْمَفْعُول.وَخرج: خطاب غير الشَّارِع؛ إِذْ لَا

- ‌ وكالحكم بِشَهَادَة

- ‌ صلَة الرَّحِم تزيد فِي الْعُمر "؛ فَإِنَّهُ [إِخْبَار بِخلق] الْعَمَل، لَا أنشأ مُتَعَلق بِالْعَمَلِ اقْتِضَاء أَو تخييراً؛ لِأَن الِاقْتِضَاء: هُوَ الطّلب للْفِعْل جزما، أَو غير جزم، أَو التّرْك جزما، أَو غير جزم، بنهي مَقْصُود أَو غَيره، [والتخيير: الْإِبَاحَة]

- ‌ استاكوا

- ‌ إِذا تَوَضَّأ أحدكُم فَأحْسن وضوءه، ثمَّ خرج عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِد فَلَا يشبك بَين أَصَابِعه فَإِنَّهُ فِي / صَلَاة " رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، وَابْن

- ‌ لَا يمسك ذكره وَهُوَ يَبُول ".وَإِن ورد الْخطاب بالتخيير فَهُوَ الْإِبَاحَة، كَقَوْلِه

- ‌قَوْله: { [فصل] }

- ‌قَوْله: { [فصل] }

- ‌ قَالَ: " يَقُول الله تَعَالَى: مَا تقرب إِلَيّ عَبدِي بِمثل أَدَاء مَا افترضت عَلَيْهِ

- ‌ فَرضهَا "، فسوى بَينهمَا، وَقَالَ فِي رِوَايَة الْمَرْوذِيّ: (ابْن عمر يَقُول: " فرض رَسُول الله

- ‌ غسل يَوْم الْجُمُعَة وَاجِب على كل محتلم "، كَمَا قَالَ القَاضِي، وَتقول: حَقك عَليّ وَاجِب.قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي " المسودة ": (وَذهب طَائِفَة من أَصْحَابنَا وَغَيرهم إِلَى أَنَّهَا تحْتَمل توكيد الِاسْتِحْبَاب) انْتهى

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ فنؤمر بِقَضَاء الصَّوْم " مُتَّفق عَلَيْهِ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ فَإِنَّهُ

- ‌ بواجبات، ومحظورات، ومباحات، وكرامات) .وَفرض الْكِفَايَة: كالجهاد وَنَحْوه، وَهُوَ كثير، وَقد حصره وعده جمَاعَة من الْعلمَاء.وَسنة الْكِفَايَة: كابتداء السَّلَام، وتشميت الْعَاطِس على قَول

- ‌ شَاتين أَو عشْرين درهما "، وَمثل الْوَاجِب فِي الْمِائَتَيْنِ من الْإِبِل: " أَربع حقاق أَو خمس بَنَات لبون "، وكالتخيير بَين غسل الرجلَيْن فِي الْوضُوء للابس الْخُف أَو الْمسْح عَلَيْهِ، وَنَحْوهَا

- ‌وَقَوله: {فصل}

- ‌ أَوله وَآخره وَقَالَ: " الْوَقْت مَا بَينهمَا "، وَقَالَهُ لَهُ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: [فصل فِي الشَّخْص الْوَاحِد ثَوَاب وعقاب}

- ‌قَوْله " { [فصل}

- ‌ وَالْمُسْتَحب: مَا فعله مرّة أَو مرَّتَيْنِ. - وَألْحق بذلك بَعضهم: مَا أَمر بِهِ، وَلم ينْقل أَنه فعله والتطوع: مَا لم يرد فِيهِ بِخُصُوصِهِ نقل) .ورده أَبُو الطّيب فِي " منهاجه ": (بِأَن النَّبِي

- ‌ وَالْمُسْتَحب: مَا أَمر بِهِ، سَوَاء فعله، أَو لَا، أَو فعله وَلم يداوم عَلَيْهِ) .وَقيل: (السّنة: مَا ترتبت، كالراتبة مَعَ الْفَرِيضَة، وَالنَّفْل وَالنَّدْب: مَا زَاد على ذَلِك) .وَقَالَت الْمَالِكِيَّة: (مَا أَمر الشَّرْع بِهِ وَبَالغ فِيهِ سنة، وَأول الْمَرَاتِب تطوع ونافلة

- ‌ لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة " مُتَّفق عَلَيْهِ، ولعصى بِتَرْكِهِ.رد: المُرَاد بهَا أَمر الْإِيجَاب، وَلِهَذَا قَيده بالمشقة، وَكَذَا خبر بَرِيرَة الْآتِي فِي أَن الْأَمر للْوُجُوب

- ‌ كَانَ يَنْوِي صَوْم التَّطَوُّع ثمَّ يفْطر "، رَوَاهُ مُسلم وَغَيره

- ‌ قد أبطل تطوعه كَمَا سبق

الفصل: ‌ ‌قَوْله: {فصل}   {الْأَرْبَعَة، وَالْأَكْثَر: الْحَقِيقَة الشَّرْعِيَّة وَاقعَة منقولة، [والمعتزلة: وَاقعَة بِلَا

اعْلَم أَن اللَّفْظ إِذا وضع لِمَعْنى، ثمَّ نقل / فِي الشَّرْع إِلَى معنى ثَان لمناسبة بَينهمَا، وَغلب اسْتِعْمَاله فِي الْمَعْنى الثَّانِي، يُسمى: مَنْقُولًا شَرْعِيًّا.

إِذا علم ذَلِك؛ فَاخْتلف الْعلمَاء فِي الْحَقِيقَة الشَّرْعِيَّة، هَل هِيَ وَاقعَة منقولة أم لَا؟ على أَقْوَال.

وَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة، وَأكْثر الْعلمَاء، - حَتَّى قَالَ ابْن برهَان:(قَالَ بِهِ الْفُقَهَاء قاطبة) -: أَنَّهَا وَاقعَة، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يمْتَنع وضع الشَّارِع اسْما لِمَعْنى، لِأَن دلَالَته لَيست ذاتية، وَلَا يجب اسْم لمسمى؛ لجَوَاز إِبْدَاله أول الْوَضع وانتفائه قبل التَّسْمِيَة، وَالْقطع أَن الصَّلَاة لُغَة: الدُّعَاء أَو الِاتِّبَاع، وَالزَّكَاة: النَّمَاء، وَالصَّوْم: إمْسَاك مُطلق، وَالْحج: قصد مُطلق، وَشرعا لأمور مَعْرُوفَة.

قَالَ فِي " التَّمْهِيد " وَغَيره: (تَارَة يُسَمِّي عليه الصلاة والسلام اسْما لمعاني لَا تعرفها الْعَرَب، وَتارَة لشبه من معنى الِاسْم لُغَة) .

ص: 492

وَقَالَت الْمُعْتَزلَة: وَقعت مُطلقًا، يعنون: الشَّرْعِيَّة والدينية مَوْضُوعَات مبتدآت، ابتدأها الشَّارِع وَلم ينقلها عَن الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة، فَلَيْسَتْ حقائق لغوية وَلَا مجازات عَنْهَا.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: (أثبتهما الْمُعْتَزلَة [مَعًا] ، لَكِن على معنى أَن الشَّارِع اخترع أَسمَاء خَارِجَة عَن اللُّغَة لمعان أثبتها شرعا، فمخالفتهم فِي إِثْبَات الشَّرْع للأمرين على الْوَجْه الْمَذْكُور، وَإِن أوهمت عبارَة ابْن الْحَاجِب بعض شراحه: أَنهم يثبتون الدِّينِيَّة ومخالفون فِي الشَّرْعِيَّة؛ فَالصَّوَاب: أَن خلافهم فِي الدِّينِيَّة، وَإِنَّمَا لم يُصَرح ابْن الْحَاجِب فِي نصب الْأَدِلَّة بذلك؛ لِأَنَّهُ مَحل وفَاق) .

قَوْله: (وَهِي مَا تعلق بأصول الدّين فِي الْأَصَح) .

اخْتلف النَّقْل عَن الْمُعْتَزلَة فِي تَفْسِير الدِّينِيَّة، وَالأَصَح: أَنه مَا تعلق بأصول الدّين، كالإيمان، وَالْكفْر، وَالْفِسْق، وَنَحْوهَا، بِخِلَاف نَحْو: الصَّلَاة، وَالزَّكَاة، وَالصَّوْم، وَالْحج، وَنَحْوهَا، وَهُوَ الَّذِي نَقله عَنْهُم ابْن الباقلاني فِي " التَّقْرِيب "، وَأَبُو الْمَعَالِي فِي " التَّلْخِيص "، و " الْبُرْهَان "،

ص: 493

والقشيري، وَالْغَزالِيّ، وَغَيرهم.

وَنقل / الرَّازِيّ وَجمع عَنْهُم: أَن الديني: أَسمَاء الفاعلين، كالمؤمن، وَالْفَاسِق، وَالْمُصَلي، والصائم، بِخِلَاف الْإِيمَان، وَالْفِسْق، وَالصَّلَاة، وَالصَّوْم، فَإِن ذَلِك شَرْعِي لَا ديني.

ورد: بِأَنَّهُ يلْزم تَسْمِيَة اللَّفْظ باسم لَا يجْرِي فِي الْمُشْتَقّ مِنْهُ.

وَقيل: وَقعت إِلَّا الدِّينِيَّة، فالشرعية وَقعت، وَلم تقع الدِّينِيَّة.

قَالَ الْبرمَاوِيّ فِي " شرح منظومته ": (وَالْمُخْتَار وفَاقا للشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ، وَابْن الصّباغ، وَأكْثر أَصْحَابنَا: أَن النَّقْل إِنَّمَا وَقع فِي الشَّرْعِيَّة لَا فِي الدِّينِيَّة، وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب وَغَيره، وَمِنْهُم من يَجْعَل الْخلاف فِي الْإِيمَان فَقَط، لَا فِي كل ديني) انْتهى.

ص: 494

وَقَالَ الباقلاني، وَالْقَاضِي أَبُو يعلى، وَأَبُو الْفرج الْمَقْدِسِي، وَالْمجد ابْن تَيْمِية، وَابْن السَّمْعَانِيّ، وَغَيرهم: اللُّغَوِيَّة بَاقِيَة وزيدت شُرُوطًا، فَهِيَ حَقِيقَة لغوية مجَاز شَرْعِي، حَكَاهُ فِي " التَّمْهِيد " عَن الأشعرية، وَأَن للشَّافِعِيّ قَوْلَيْنِ.

ص: 495

قَالَ القَاضِي أَبُو يعلى فِي " الْجَامِع ": (الْإِيمَان لُغَة: التَّصْدِيق وَأقرهُ الشَّارِع وَزَاد عَلَيْهِ الطَّاعَات الظَّاهِرَة، كَصَلَاة وَغَيرهَا) .

وَنقل ابْن مَنْصُور عَن الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل أَنه قَالَ: (كَانَ بَدْء الْإِيمَان نَاقِصا فَجعل يزِيد)، وَظَاهره: أَنه زيد عَلَيْهِ وَلم ينْقل عَنهُ.

قَالَ: ويفيد هَذَا: إِن ثَبت نَقله، زَالَ الِاسْم بِوُجُود ضِدّه وَهُوَ الْمعاصِي، وَإِن لم ينْقل، لم يزل الِاسْم، لِأَنَّهُ لم يُوجد ضِدّه، بل ينْقل اسْم الْكَمَال) انْتهى.

ص: 496

ووقف الْآمِدِيّ فِي " الْمُنْتَهى ".

وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَجمع من الْعلمَاء: لم تنقل وَلم يزدْ فِيهَا، بل الشَّارِع استعملها على وَجه اخْتصَّ بمراده.

اسْتدلَّ للْمَذْهَب الأول بِمَا تقدم، وَبِأَنَّهُ لَا يلْزم من ذَلِك محَال لذاته، وَالْقطع بالاستقراء، لِأَن الْعِبَادَات الْمُتَقَدّمَة للمعلوم شرعا، وَهِي لُغَة لغير ذَلِك.

فَإِن قيل: هِيَ بَاقِيَة، والزيادات شُرُوط.

قيل: إِطْلَاق الصَّلَوَات على الرَّكْعَات / يمنعهُ.

فَإِن قيل: إِطْلَاق هَذِه الْمعَانِي عَلَيْهَا مجَاز، لكَون الدُّعَاء جُزْء مُسَمّى الصَّلَاة، وَالزَّكَاة سَبَب النَّمَاء.

أُجِيب: إِن أردتم: أَن الشَّارِع استعملها فِي غير موضوعاتها اللُّغَوِيَّة فَهِيَ الْمُدعى، وَإِن أردتم: أَن أهل اللُّغَة استعملوها فِيهَا، فخلاف الظَّاهِر، لِأَن اسْتِعْمَالهَا فرع تعقلها، وَلم يتعقلوها وَلَا عرفوها؛ وَلِأَن هَذِه الْمعَانِي تفهم من هَذِه الْأَسْمَاء بِغَيْر قرينَة.

لَا يُقَال: الْفَهم بِغَيْر قرينَة لكَونه مجَازًا راجحاً، لِأَن الْمجَاز الرَّاجِح لَا يَخْلُو عَن قرينَة عرفية، وَهِي ممتنعة هُنَا، أَو شَرْعِيَّة، وَهُوَ الْمُدعى.

ص: 497

وَاسْتدلَّ للْمَنْع بِوُجُوه:

أَحدهَا: لَو وَقع ذَلِك لَكَانَ مُخَاطبا لَهُم بِغَيْر لغتهم، وَقد قَالَ الله تَعَالَى:{وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا بِلِسَان قومه} [إِبْرَاهِيم: 4] .

الثَّانِي: لَو وَضعهَا الشَّارِع لزمَه تَعْرِيفهَا، لِئَلَّا يلْزم مَا لَا يُطَاق، وَلَو عرفهَا لَكَانَ ذَلِك بالتواتر، لعدم قيام الْحجَّة بالآحاد هُنَا، وَلَا تَوَاتر.

قيل: بعد تَسْلِيم مَا لَا يُطَاق، إِنَّهَا فهمت بالقرائن كتعليم الْأَطْفَال اللُّغَات من غير أَن يُصَرح مَعَهم بِوَضْع اللَّفْظ للمعنى، لامتناعه بِالنِّسْبَةِ إِلَى من لَا يعلم شَيْئا من الْأَلْفَاظ.

قَالَ الْعَضُد: (وَهُوَ طَرِيق قَطْعِيّ لَا يُنكر) ، وَبَينهَا عَاما وَنقل خَاصّا كالأذان.

الثَّالِث: لَو كَانَت لكَانَتْ غير عَرَبِيَّة لعدم وَضعهَا لُغَة، فَيلْزم: كَون الْقُرْآن غير عَرَبِيّ.

أُجِيب: عَرَبِيَّة بِوَضْع الشَّارِع لَهَا مجَازًا، و (أَنزَلْنَاهُ) فِي قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة يُوسُف:{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قرءاناً عَرَبيا} [الْآيَة: 2] يجوز عود الضَّمِير إِلَى السُّورَة، لِأَن الْقُرْآن يَصح إِطْلَاقه على السُّورَة وَالْآيَة. لَو حلف لَا يقْرَأ الْقُرْآن حنث بِقِرَاءَة آيَة.

ص: 498

وَصِحَّة الْإِطْلَاق لاشْتِرَاكهمَا فِي الْمَعْنى، لِأَن جُزْء الشَّيْء إِذا شَارك كُله معنى صَحَّ أَن يُقَال: هُوَ كَذَا، وَهُوَ بعضه، كَالْمَاءِ [وَالْعَسَل] ، وَاللَّحم، وَاللَّبن، وَنَحْوهَا.

وَإِن لم يُشَارك لم يَصح، كالمائة، والرغيف، وَنَحْوهمَا، لعدم تَسْمِيَة الْأَجْزَاء بِالْمِائَةِ، والرغيف. /

قلت: عوده إِلَى السُّورَة ضَعِيف، مَعَ توارد الْأُصُولِيِّينَ عَلَيْهِ، لكِنهمْ لَا يجزمون بِهِ إِنَّمَا يَقُولُونَ: يجوز أَن يعود، وَقد اخْتَار هَذِه الزّجاج، وَابْن الْقَاسِم، لَكِن مُعظم الْعلمَاء على أَنه عَائِد إِلَى الْكتاب، حكى الْخلاف ابْن الْجَوْزِيّ فِي " زَاد الْمسير ".

[وَلَو] سلم عوده إِلَى الْقُرْآن لجَاز تَسْمِيَته عَرَبيا اعْتِبَارا بالغالب، كشعر عَرَبِيّ فِيهِ فارسية.

قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل وَغَيره: (لكنه مجَاز لصِحَّة الِاسْتِثْنَاء) انْتهى.

وَلما تَعَارَضَت الْأَدِلَّة عِنْد الْآمِدِيّ وقف.

ص: 499

وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين، وَجمع من الْعلمَاء:(لم تنقل وَلم يزدْ فِيهَا، بل الشَّارِع استعملها على وَجه اخْتصَّ بمراده) ، وَهُوَ أظهر وَأولى.

قَوْله: {فَائِدَة: الْإِيمَان: [التَّصْدِيق بِمَا غَابَ، لُغَة]، وَشرعا: عقد بالجنان ونطق بِاللِّسَانِ وَعمل بالأركان، عِنْد [الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة] ، وَالسَّلَف، فَدخل كل الطَّاعَات، وَقَالَ الْأَشْعَرِيّ، وَأكْثر أَصْحَابه، وَهُوَ لُغَة وَشرعا: التَّصْدِيق، وَالْأَفْعَال من شرائعه، وَلَا يدْخل فِيهِ عمل الْقلب، وَيجوز الِاسْتِثْنَاء، وَأَبُو حنيفَة، والمرجئة، وَابْن كلاب، وَغَيرهم: تَصْدِيق بِالْقَلْبِ وَعمل بِاللِّسَانِ، وَيدخل بعض المرجئة عمل الْقلب فِيهِ، والجهمية وَغَيرهم: الْمعرفَة، والكرامية، قَول بِاللِّسَانِ فَقَط، والمعتزلة: فعل الْوَاجِبَات، [وَعند أبي حنيفَة وَأَصْحَابه، وَغَيرهم، لَا يزِيد وَلَا ينقص] ،

ص: 500

وَلَا اسْتثِْنَاء فِيهِ، [وَقَالَهُ][أَبُو الْمَعَالِي فِي الأولى] } .

إِنَّمَا ذكرت هَذِه الْمَسْأَلَة اسْتِطْرَادًا؛ لكَون لَهَا مدْخل فِي الْمَسْأَلَة الَّتِي قبلهَا، وَأَن بعض الْعلمَاء قَالَ: وَقعت إِلَّا الْإِيمَان، فَإِنَّهُ بَاقٍ على مَدْلُوله لُغَة.

إِذا علم ذَلِك؛ فَفِي ضمن هَذَا الْكَلَام أَربع مسَائِل، مَسْأَلَة فِي معنى الْإِيمَان، وَمَسْأَلَة فِي زِيَادَته ونقصانه، وَمَسْأَلَة فِي جَوَاز الِاسْتِثْنَاء فِيهِ، وَمَسْأَلَة فِي الْخلاف فِي تباينه لِلْإِسْلَامِ وترادفه.

أما الْمَسْأَلَة الأولى وَهُوَ مَعْنَاهُ فالإيمان لَهُ مَعْنيانِ:

معنى فِي اللُّغَة، وَمعنى فِي الشَّرْع.

فَمَعْنَاه فِي اللُّغَة: التَّصْدِيق بِمَا غَابَ، قولا كَانَ أَو فعلا، قَالَ الله تَعَالَى:{وَمَا أَنْت بِمُؤْمِن لنا وَلَو كُنَّا / صَادِقين} [يُوسُف: 17] .

[وَأما] مَعْنَاهُ فِي الشَّرْع [فَاخْتلف] الْعلمَاء فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا.

فَذهب الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وهم الإِمَام أَحْمد، وَالْإِمَام مَالك، وَالْإِمَام

ص: 501

الشَّافِعِي -، وَالسَّلَف، وجماهير الْعلمَاء، وَأهل الحَدِيث، والقلانسي، وَابْن مُجَاهِد، من الْمُتَكَلِّمين، وَغَيرهم، حَتَّى حَكَاهُ الإِمَام الشَّافِعِي إِجْمَاع الصَّحَابَة، وَالتَّابِعِينَ، وَمن بعدهمْ مِمَّن أدركهم، نَقله عَنهُ ابْن رَجَب.

وَنقل حَرْب قَالَ: سُئِلَ الإِمَام أَحْمد عَن الْإِيمَان فَقَالَ: (قَول وَعمل، وَيزِيد وَينْقص)، قيل: وَيسْتَثْنى مِنْهُ؟ قَالَ: (نعم) .

ص: 502

قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفضل ابْن حجر: (السّلف قَالُوا: هُوَ اعْتِقَاد بِالْقَلْبِ، ونطق بِاللِّسَانِ، وَعمل بالأركان، وَأَرَادُوا بذلك: أَن الْأَعْمَال شَرط فِي كَمَاله، وَمن هُنَا نَشأ لَهُم القَوْل بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَان) .

قَالَ ابْن رَجَب: (وَأنكر السّلف على من أخرج الْأَعْمَال عَن الْإِيمَان إنكاراً شَدِيدا، وَمِمَّنْ أنكرهُ على قَائِله وَجعله قولا مُحدثا: سعيد بن جُبَير، وَمَيْمُون بن مهْرَان، وَقَتَادَة وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ، وَإِبْرَاهِيم

ص: 503

النَّخعِيّ، وَالزهْرِيّ، وَيحيى بن أبي كثير وَغَيرهم.

قَالَ الثَّوْريّ: (هُوَ رَأْي مُحدث) .

ص: 504

وَكتاب عمر بن عبد الْعَزِيز فِي البُخَارِيّ، فَإِنَّهُ كتب إِلَى أهل الْأَمْصَار:(أما بعد، فَإِن الْإِيمَان فَرَائض وَشَرَائِع فَمن استكملها اسْتكْمل الْإِيمَان، وَمن لم يستكملها لم يستكمل الْإِيمَان) .

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: (كَانَ من مضى مِمَّن سلف لَا يفرقون بَين الْإِيمَان وَالْعَمَل) .

وَقد دلّ على دُخُول الْأَعْمَال فِي الْإِيمَان قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين إِذا ذكر الله وجلت قُلُوبهم وَإِذا تليت عَلَيْهِم ءاياته زادتهم إِيمَانًا وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا} [الْأَنْفَال: 2 - 4] .

ص: 505