الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وانفث عن يسارك ثلاثا، والله سبحانه وتعالى يعيذك منه، ولا تيأس بل عليك بالجد والنشاط في محاربة عدو الله بجمع قلبك على الله، واستحضارك أنك بين يديه ترجو رحمته وتخشى عقابه، وتستشعر أيضا أن هذه الصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم العبادات، وهي أم الفرائض بعد الشهادتين، وبهذا الاستحضار وبهذه المراقبة، وبهذا التوجه تسلم إن شاء الله من عدو الله، وفقنا الله وإياك والمسلمين.
14 -
حكم من تكثر عليه الوساوس في الصلاة
س: تقول أختنا: إنني في بعض الأحيان أقف أصلي بين يدي الله، ولكنني أشعر بأنني أقرأ آية القرآن بشدة، ولا أشعر بخشوع، ولكنني أحاول ولا أستطيع، في بعض الأحيان أشعر بخشوع وأستمر في البكاء من خشية الله، وأتذكر في الصلاة وأندم على أنني لم أخشع في المرات السابقة. هل علي ذنب في هذا، وما هو الذنب؟ أرجو توجيهي جزاكم الله خيرا، وهل يصح الندم والتفكر أثناء الصلاة (1)؟
ج: الخشوع في الصلاة من أفضل القربات، ومن أسباب القبول ومن
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (161)
صفات أهل الإيمان، قال تعالى في كتابه العظيم:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1){الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2) ولكن لو عرض للإنسان شيء من التفكير وشيء من عدم الخشوع، فصلاته صحيحة لا تبطل بذلك؛ لأن الإنسان عرضة للوساوس والأقدار، التي تعرض له في الصلاة، فلا تبطل صلاته ولا تلزم عليه الإعادة، بل صلاته صحيحة وعليه المجاهدة لنفسه، إذا دخل في الصلاة، وأن يستحضر أنه بين يدي الله، وأن الله شرع له الخشوع، فيجتهد في ذلك ويستعين بالله على ذلك، وإذا كثر عليه الوساوس استعاذ بالله من الشيطان، ونفث عن يساره ثلاثا. يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وهو في الصلاة لا حرج في ذلك، فقد سأل عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأنه غلبت عليه الوساوس، فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يستعيذ بالله من الشيطان، إذا عرضت له في الصلاة، ففعل ذلك فعافاه الله من ذلك.
فالمقصود أن المؤمن والمؤمنة كلاهما يجتهدان في إحضار القلب في الصلاة، والخشوع والإقبال على الصلاة، والتذكر بأن العبد بين يدي
(1) سورة المؤمنون الآية 1
(2)
سورة المؤمنون الآية 2
الله، وأنه يناجيه سبحانه وتعالى، وأن الصلاة عمود الإسلام، وأنها أعظم الفرائض بعد الشهادتين، فإن هذا التذكر يعينه على الخشوع وعلى حضور القلب، وعلى الإقبال على الصلاة، ولكن متى لم يحضر الخشوع، ولم يستكمل ذلك فإنه لا يضر وصلاته صحيحة والحمد لله، ولا شيء عليه فيما مضى من صلوات، كلها صحيحة، وإنما عليه المجاهدة والاستعانة بالله على ذلك، وسؤاله التوفيق، والله سبحانه وتعالى يقول:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (1)، وهو القائل سبحانه:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (2)، فنوصيك أيتها الأخت في الله بكثرة الضراعة إلى الله، ودعائه أن يعينك على ذكره والخشوع في الصلاة، وأن يعيذك من نزغات الشيطان وهمزاته ووساوسه، وهكذا نوصي كل مؤمن وكل مؤمنة بالإقبال على الصلاة، وإحضار القلب فيها والخشوع فيها، والحرص على السلامة من الوساوس، وسائر ما يقدح في الصلاة أو يضعف أجرها. والله ولي التوفيق.
(1) سورة البقرة الآية 186
(2)
سورة غافر الآية 60