الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الحق بإذنك. تسأله أن يهديك للصواب، والحق الذي وقع فيه الخلاف بين الناس، وتتوسل إليه بأنه الذي يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، فأنت تسأله بهذه الوسائل أن يهديك إلى الحق والصواب.
62 -
حكم الجمع بين جميع الأدعية الواردة في دعاء الاستفتاح
س: تقول السائلة: ذكر النووي في كتاب الأذكار: أنه يستحب ألا يجمع بين جميع الأدعية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستفتاح أو في الركوع. فما هو رأي سماحتكم؟ (1)
ج: السنة أن ينوع في الاستفتاح، ما كان النبي يجمعها عليه الصلاة والسلام، تارة يستفتح بما جاء في حديث عمر:«سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (2)»
وتارة ما جاء في حديث أبي هريرة: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب البيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد (3)» وهو في
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (191)
(2)
أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598).
الصحيحين.
وتارة يستفتح بما جاء في حديث عائشة: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم (1)»
وهكذا يستفتح بما جاء في حديث علي: «وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا، وما أنا من المشركين (2)» إلى آخره وهو حديث طويل رواه مسلم في الصحيح، أو بما جاء في حديث ابن عباس في البخاري، ورواه مسلم أيضا، وهو حديث طويل:«اللهم لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض وما فيهن (3)» إلى آخر الحديث الطويل.
فالمؤمن
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (770).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (771)
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب التهجد بالليل، برقم (1120)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل، وقيامه، برقم (769)
والمؤمنة هكذا وهكذا، يعني تارة يستفتح بهذا، وتارة يستفتح بهذا وإن استمر على واحد فلا بأس، وأصحها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستفتح إذا كبر في الصلاة الفريضة، يقول:«اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد (1)» خرجه البخاري ومسلم في الصحيحين.
أما الأذكار في الركوع والسجود فإنه يأتي منها بما تيسر، يشرع له أن يأتي بما تيسر، لكن يخص: سبحان ربي العظيم. في الركوع و: سبحان ربي الأعلى. في السجود، فيقول في الركوع: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. وإذا كررها ثلاثا فهو أفضل، والواجب مرة، وذهب الجمهور إلى أنها مستحبة فقط، ولكن ذهب جمع من أهل العلم إلى وجوب هذا الذكر: سبحان ربي العظيم. في الركوع، و: سبحان ربي الأعلى. في السجود؛ لأن الرسول حافظ عليها عليه الصلاة
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598).
والسلام، وقال:«صلوا كما رأيتموني أصلي (1)»
وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لما نزل قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} (2) قال: «اجعلوها في ركوعكم، ولما نزل قوله: قال: اجعلوها في سجودكم (4)»
فينبغي للمؤمن والمؤمنة المحافظة على ذلك: سبحان ربي العظيم. في الركوع، و: سبحان ربي الأعلى في السجود، والأفضل أن يكرر ذلك ثلاثا، وإن كرر أكثر فهو أفضل، ويستحب مع هذا أن يقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي في الركوع والسجود، تقول عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده:«سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي (5)»
ويستحب أن يقول: «سبوح قدوس رب
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631).
(2)
سورة الحاقة الآية 52
(3)
أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده، برقم (869)
(4)
سورة الأعلى الآية 1 (3){سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}
(5)
أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484).
الملائكة والروح (1)» يقوله النبي في الركوع والسجود عليه الصلاة والسلام. فإذا أتى بما تيسر من هذا كان هذا أفضل، وإذا اقتصر على البعض فلا بأس، وإن جمع الجميع فلا بأس، لكن لا يدع: سبحان ربي العظيم في الركوع و: سبحان ربي الأعلى في السجود، ولو مرة، ويستحب له أن يكثر في السجود من الدعاء؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:«أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (2)» يعني: حري أن يستجاب لكم. رواه مسلم في صحيحه.
وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء (3)» رواه مسلم وغيره، فالسنة الإكثار من الدعاء في السجود، مع قول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. مع قول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. وهكذا بين السجدتين يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني (4)» يكرر ذلك، وإن
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (487)
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479)
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482)
(4)
أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898).
دعا بزيادة: اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين. فلا بأس كله دعاء، والسنة أن يطيل هذا الركن، وهو الجلوس بين السجدتين، كان النبي عليه الصلاة والسلام يطيله حتى يقول القائل: قد نسي. وهكذا الاعتدال بعد الركوع، السنة أن يطيل الاعتدال بعد الركوع، قال أنس رضي الله عنه:«كان النبي يطيل الاعتدال بعد الركوع، وبين السجدتين حتى يقول القائل: قد نسي (1)»
بعض الناس ينقر هذا الركن ولا يعطيه حقه، بل يعجل، وهذا لا يجوز، بل الواجب الطمأنينة في جميع الصلاة، الركوع والسجود، والاعتدال بعد الركوع، والجلوس بين السجدتين، يجب الاعتدال في هذا والطمأنينة، أما ذكر الاعتدال بعد الركوع فلم يرد ما يدل على التكرار، لكن يأتي به إذا تيسر كله، وهو: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. هذا هو الكمال، وإذا اقتصر على قوله: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا ولك الحمد أجزأه؛ الإمام والمأموم
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع، برقم (800)