الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الزاني والزانية
المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة
التاريخ 3/12/1424هـ
السؤال
السلام عليكم
ما حكم الزاني والزانية في القرآن الكريم، وأي الآيات التي تدل على الرجم حتى الموت أمام الملأ؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الزاني لا يخلو إما أن يكون بكراً -وهو الذي لم يتزوج- أو محصناً وهو الذي وطئ في نكاح صحيح، فأما إذا كان بكراً لم يتزوج فإن حده جلد مائة، لقول الله -تعالى-:"الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين"[النور: 20] ، هذا ما ورد في القرآن في حكم الزاني البكر، وجاء في السنة أنه يغرب سنة مع الجلد، وذلك فيما رواه البخاري في كتاب الأحكام (7195)، ومسلم في كتاب الحدود (1698) من رواية الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجنهي رضي الله عنهما قالا: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله، فقام خصمه وكان أفقه منه فقال: صدق، اقض بيننا بكتاب الله، وأذن لي يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"قل" فقال: إن ابني هذا كان عسيفاً - يعني أجيراً- على هذا فزنى بامرأته، فافتديت منه بمائة شاة وخادم، فسألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله- جل ذكره- المائة والخادم رد عليك، وعلى ابنك جلد، وتغريب عام، ويا أنيس أغد على امرأة هذا فسلها فإن اعترفت فارجمها، فاعترفت فرجمها"، وفي هذا الحديث دلالة على تغريب الزاني عام مع جلد مائة، كما في الآية، وبهذا قال جمهور أهل العلم في حق الزاني البكر، وهذا القول هو المأثور عن مالك والشافعي وأحمد، أما أبو حنيفة رحمه الله فيرى أن التغريب مرده إلى الإمام، إن شاء غرب وإن شاء لم يغرب، وفي هذه المسألة نزاع طويل وتفصيل ليس هذا محل بسطه، وأما إذا كان الزاني محصناً، وهو الذي وطئ في نكاح صحيح وهو حرّ بالغ عاقل فحده الرجم، لحديث أبي هريرة وزيد بن خالد رضي الله عنهما السابق، ولأحاديث أخرى، منها ما أخرجه البخاري في الحدود (6829) ، ومسلم في الحدود أيضاً (1691)، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"جلس عمر رضي الله عنه على المنبر، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: "أما بعد: فإن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرجم، فقرأناها ووعيناها وعقلناها، رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم،ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة، أوكان الحبل أو الاعتراف"،وقوله: كان مما أنزل الله آية الرجم، المراد بهذه الآية (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما) .
وعن شعبة عن قتادة عن يونس بن جبير عن كثير بن الصلت، قال: قال زيد بن ثابت رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" قال عمر رضي الله عنه لما أنزلت، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أكتبنيها - قال شعبة- كأنه كره ذلك، فقال عمر رضي الله عنه ألا ترى أن الشيخ إذا لم يحصن جلد؟ وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم؟، وقد ساق بعض طرق هذا الحديث ابن كثير في تفسيره (10/162) ثم قال: وهذه طرق كلها متعددة متعاضدة، ودالة على أن آية الرجم كانت مكتوبة فنسخ تلاوتها، وبقي حكمها معمولاً به ولله الحمد.
وأما الآية التي تدل على الرجم حتى الموت فهي قول الله تعالى: "واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم، فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت، حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا"[النساء: 15] .
قال البغوي رحمه الله في تفسيره (1/405) قوله: "فإن شهدوا فأمسكوهن" فاحبسوهن في البيوت "حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا" وهذا كان في أول الإسلام قبل نزول الحدود، وكانت المرأة إذا زنت حبست في البيوت حتى تموت، ثم نسخ ذلك في حق البكر بالجلد والتغريب، وفي حق الثيب بالجلد والرجم" اهـ. الجواب مختصراً. والله سبحانه أعلم.