الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استغاثة زينب أخت الحسين يوم كربلاء
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها
التاريخ 22/07/1426هـ
السؤال
في قصة كربلاء ذكر بعضهم أن زينب أخت الإمام الحسين رضي الله عنه حفيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم نادت: "يا محمد يا محمد قد هلك أهلك اليوم" أو شيء من هذا القبيل. فما مدى صحة هذه الرواية؟
وإذا صحَّت، فما توضيح أهل السنة والجماعة لقولها؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
الرواية المذكورة أخرجها الطبري في تاريخه (5/455) ، من رواية أبي مخنف، قال: حدثني أبو زهير العبسي، عن قرة بن قيس التميمي، قال: نظرت إلى تلك النسوة لما مررن بحسين وأهله وولده صِحْنَ ولطمن وجوههن، قال: فاعترضتهن على فرس، فما رأيت منظراً من نسوة قط كان أحسن من منظر رأيته منهم ذلك اليوم، قال: فما نسيت من الأشياء لا أنس قول زينب ابنة فاطمة حين مرت بأخيها الحسين صريعاً وهي تقول: يا محمداه يا محمداه صلى عليك ملائكة السماء، هذا الحسين بالعراء مرمل بالدماء، مقطع الأعضاء، يا محمداه وبناتك سبايا، وذريتك مقتلة، تسفي عليها الصبا، قال: فأبكت والله كل عدو وصديق.
وأبو مخنف هو: لوط بن يحيى، وهو شيعي ضعيف الحديث، أجمع نقاد الحديث على تضعيفه، بل على تركه وأنه لا يعتد بروايته، ولا ريب أن مقتل الحسين رضي الله عنه يحزن له كل مسلم، وهو مصيبة عظيمة، أخرج البخاري (5994) بسنده عن ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، قَالَ: كُنْتُ شَاهِدًا لابن عُمَرَ رضي الله عنهما وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، قَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُول: ُ "هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنْ الدُّنْيَا".
والحسين رضي الله عنه من سادات المسلمين وعلماء الصحابة، وابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي أفضل بناته، وكان عابداً شجاعاً سخياً، وقد أسرف الرافضة في إظهار الجزع والحزن لمقتل الحسين، وأحدثوا كثيراً من البدع الشنيعة يوم عاشورا إحياءً لذكرى مقتل الحسين رضي الله عنه، قال الحافظ ابن كثير: "فكل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتله رضي الله عنه، ولكن لا يحسن ما يفعله الشيعة من إظهار الجزع والحزن الذي لعل أكثره تصنعٌ ورياءٌ، وقد كان أبوه أفضل منه، فقتل وهم لا يتخذون مقتله مأتما كيوم مقتل الحسين، فإن أباه قتل يوم الجمعة وهو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين، وكذلك عثمان كان أفضل من علي عند أهل السنة والجماعة، وقد قتل وهو محصورٌ في داره في أيام التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين، وقد ذبح من الوريد إلى الوريد، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك عمر بن الخطاب وهو أفضل من عثمان وعلي، قتل وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الفجر ويقرأ القرآن ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك الصديق كان أفضل منه ولم يتخذ الناس يوم وفاته مأتما، ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، وقد قبضه الله إليه كما مات الأنبياء قبله، ولم يتخذ أحد يوم موتهم مأتما يفعلون فيه ما يفعله هؤلاء الجهلة من الرافضة
…
وأحسن ما يقال عند ذكر هذه المصائب وأمثالها ما رواه علي بن الحسين عن جده رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما من مسلم يصاب بمصيبة فيتذكرها وإن تقادم عهدها فيحدث لها استرجاعا إلا أعطاه الله من الأجر مثل يوم أصيب بها"[البداية والنهاية (8/203) ] .
وقال في موضع آخر: "وقد أسرف الرافضة في دولة بني بويه في حدود الأربعمائة وما حولها فكانت الدبادب - أي الطبل - تضرب ببغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء، ويُذر الرماد والتبن في الطرقات والأسواق، وتعلق المسوح على الدكاكين، ويظهر الناس الحزن والبكاء، وكثيرٌ منهم لا يشرب الماء ليلتئذٍ موافقةً للحسين؛ لأنه قتل عطشان ثم تخرج النساء حاسراتٍ عن وجوههن ينحن ويلطمنَ وُجوههن وصدورهن حافيات في الأسواق إلى غير ذلك من البدع الشنيعة "، هذا والله أعلم.