الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث صلاة الأبرار
المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها
التاريخ 30/6/1424هـ
السؤال
الرجاء التفضل بتعليق فضيلتكم بيان المقصود بقوله: "فصلى ركعتين" في حديث أبي أمامة الذي أخرجه الطبراني في الكبير:
عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من توضأ ثم أتى المسجد فصلى ركعتين قبل الفجر ثم جلس حتى يصلي الفجر كتبت صلاته يومئذ في صلاة الأبرار وكتب في وفد الرحمن".
قوله:"فصلى ركعتين قبل الفجر" هل سنة الفجر أو قيام الليل أو تحية المسجد أو ركعتين لهما ثواب معين؟.
حديث عثمان مرفوعا "من توضأ مثل هذا الوضوء ثم أتى المسجد فركع ركعتين ثم جلس غفر له ما تقدم من ذنبه ولا تغتروا". (صحيح) انظر صحيح الجامع.
الظاهر في هذا أن المراد بقوله:"فصلى ركعتين" هي سنة الفجر.
أن أكثر الأحاديث الواردة في قوله:"ركعتين قبل الفجر" المراد بها سنة الفجر.
كما في مسند أحمد: عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى ركعتين قبل الفجر ربما اضطجع.
وكما روى النسائي في سننه عن مالك بن ربيعة السلولي، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فأسرينا ليلة، فلما كان في وجه الصبح، نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنام، ونام الناس، فلم يستيقظ إلا بالشمس قد طلعت علينا، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤذن، فأذن، ثم صلى ركعتين قبل الفجر، ثم أمره، فأقام، ثم صلى بالناس، ثم حدثنا ما هو كائن، حتى تقوم الساعة. وعند النسائي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي فيه "ثم أتيته فقمت عن يساره فتناولني بيده فأقامني عن يمينه فصلى ثلاث عشرة ركعة ثم اضطجع حتى جاءه بلال رضي الله عنه فأذن بالصلاة فقام فصلى ركعتين قبل الفجر".
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي في (باب ما جاء في الوتر بركعة 2/454) قوله:"أطيل في ركعتي الفجر" المراد بركعتي الفجر سنة الفجر، وفي رواية البخاري: قلت لابن عمر أرأيت الركعتين قبل صلاة الغداة أطيل فيهما القراءة.
وأما معنى قوله صلاة الأبرار: فقال المناوي في فيض القدير الجزء الرابع في حديث (صلاة الأبرار ركعتان إذا دخلت بيتك وركعتان إذا خرجت (عن عثمان بن أبي سودة مرسلا. (ضعيف) انظر حديث رقم: 3508 في ضعيف الجامع) .
(صلاة الأبرار) لفظ هذه الرواية كما حكاه المؤلف (أي السيوطي) في مختصر الموضوعات، وكذا غيره صلاة الأوابين وصلاة الأبرار (ركعتان إذا دخلت بيتك وركعتان إذا خرجت من بيتك) أي: من محل إقامتك بيتاً أو غيره، فهاتان الركعتان سنة للدخول والخروج.
على أنه صححه الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب (1/240-241) وبيَّن أحاديث أفضلية صلاة السنة الراتبة في البيت؛ لأن لكل منهما أجراً خاصاً به.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره واتقى حدّه. أما بعد:
فجواباً على السؤال أقول وبالله التوفيق:
الحديث المسؤول عنه منكر سنداً ومتناً.
فقد أخرجه الطبراني في الكبير (رقم 7766) ، ومسند الشاميين (رقم 525-1229) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن هود، عن محمد بن يزيد الكلاعي الواسطي، عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن عروة بن رُويم، عن القاسم بن عبد الرحمن الشامي، عن أبي أمامة
…
به مرفوعاً.
قلت: فيه إسماعيل بن إبراهيم بن هود -وينسب إلى جده- الواسطي، مولى قريش أبو إبراهيم الضرير، (ت 243هـ) مختلف فيه، لكن الأرجح أنه ضعيف، فانظر (لسان الميزان 1/101-102 رقمه 1125) .
ثم هو مخالف في إسناده: فقد أخرجه عبد الرزاق (رقم 4783) عن الأوزاعي، عن عروة بن رُويم، قال:"من صلى ركعتي الفجر، وصلى الصبح في جماعة، كُتبت صلاته يومئذ في صلاة الأوابين، وكُتب يومئذ في وفد المتقين".
وأخرجه أبو نعيم في الحلية (6/122) من وجه آخر عن الأوزاعي بمثله، ثم تعقبه بالإشارة إلى مخالفته لحديث عاصم بن رجاء بن حيوة.
ولا شك أن الأوزاعي وحديثه أرجح وأصح إسناداً.
ثم هو يختلف في متنه عن متن الحديث المرفوع، مما يدل على نكارة متن الحديث المسؤول عنه أيضاً، حيث إن هذا الحديث يدل على أن الركعتين الأولى هي سنة الفجر، وليس فيه أنها كانت في المسجد، وأن الركعتين الثانية هي فريضة الفجر في جماعة، ولو صح الحديث المسؤول عنه، فيحمل على تحية المسجد بعد أداء راتبته في البيت.
وأما فقه المسألة: فقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية جواز صلاة النافلة غير راتبة الفجر قبل فريضة، بشرط ألا يتخذ ذلك سنة، كما في مجموع الفتاوى (23/205) .
وأما ما نقله السائل من تصحيح الألباني -عليه رحمة الله- للحديث، في صحيح الترغيب والترهيب، فلم أجده فيه، بل وجدت نقيضه، فقد أورده في ضعيف الترغيب والترهيب (1/125-126 رقم 228) ، مشيراً في الحاشية إلى أنه كان قد حسنه، ثم رجع عن ذلك إلى الحكم بنكارته.
هذا والله أعلم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين.