الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم إتقان التلاوة
المجيب د. مساعد بن سليمان الطيار
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن
التاريخ 08/10/1425هـ
السؤال
هل إجادة تلاوة القرآن الكريم فرض على من يستطيع التعلم وإن لم يتعلم فهل عليه إثم؟ جزاكم الله عنا خيرًا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
لقد أنزل الله القرآن على نبيه محمد عليه الصلاة والسلام؛ وأحب من المسلم أن يتلوه آناء الليل وأطراف النهار، وإذا كانت تلاوة القرآن عبادة، فإن معرفة كيفية قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؛ في هذه العبادة مطلب لكل مسلم حريص على قراءة القرآن كما أُنزل، يستوي في ذلك الأمر الصحابةُ، رضي الله عنهم، فضلاً عمن جاء بعدهم. والقرآن له كيفية مخصوصة في الأداء لا يشاركه فيها غيره من وجوه الكلام، لذا نوَّه الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا في قوله:"مَن أحَبَّ أنْ يقرَأ القُرآنَ غَضًّا كما أُنزل فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قراءةِ ابنِ أُمِّ عَبْدٍ". أخرجه أحمد (4255) ، وابن ماجة (138) ، من حديث ابن مسعود، رضي الله عنه. كما لم يدع للصحابة- وهم عرب خلص- مجالاً في الأداء، بل قال لهم:"اقْرَؤوا كَمَا عُلِّمْتُمْ". انظر مسند أحمد (832) ، وصحيح ابن حبان (746) ، وانظر كذلك صحيح البخاري (2410) .
وقال لهم: "خُذُوا القُرآنَ عَلَى أَرْبَعَةٍ". أخرجه البخاري (3760) ، ومسلم (2464) ، من حديث ابن مسعود، رضي الله عنه. وحثَّهم على تحسين الصوت بالقرآن بقوله:"ليس مِنَّا مَن لَمْ يَتَغَنَّ بالقرآنِ". أخرجه البخاري (7527) ، من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه. وفي رواية:"ما أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ كأَذَنِهِ لنبيٍّ يَتَغَنَّى بالقرآنِ". انظر صحيح البخاري (5024) ، وصحيح مسلم (792) إلى غير ذلك من الآثار الدالة على قدر زائد على أداء حروفه بالعربية، وإذا تأملت هذه النصوص وغيرها مما جاء في أداء القرآن، وعلمت أن قراءته عبادة، وكيفية أداء العبادة سنة، وأن هذه السنة قد نقلها القراء كما نقلوا حروفه، فإن كنت تقبل نقلهم في الحروف فإن قبول نقلهم للأداء كقبول نقلهم للحروف سواء بسواء.
أقول إذا تأملت هذا، فإن إجادة تلاوة القرآن مطلب لكل مسلم، فمن مهر به كان مع السفرة الكرام البررة، ومن شق عليه كان له أجران، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، في قوله:"الماهِرُ بالقرآنِ معَ السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، والَّذي يَقْرَأُ القُرآنَ ويَتَتعْتَعُ فِيه، وهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَه أَجْرَان". أخرجه البخاري (4937) ومسلم (798) ، من حديث عائشة، رضي الله عنها. ويعني بالأجرين: أجر تلاوته وأجر مشقته.
أما مسألة فرضية إجادة التلاوة فتحتاج إلى تحرير فقهي، إذ فرض الشيء، على المسلمين ليس بالأمر الهين، لكن يكفيك قوله صلى الله عليه وسلم:"ليس مِنَّا مَن لَمْ يَتَغَنَّ بالقرآنِ". والله الموفق.