الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحكمة في جعل السماوات والأراضين سبعًا
المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح
باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة
القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة
التاريخ 10/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله. وبعد:
ما حكمة الله -تعالى- أو الإعجاز العلمي في العدد سبعة سماوات. سبعة أراضين. إلخ.. وجزاكم الله عنا خير الجزاء؟.
الجواب
حكمة بالغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إجابةً على السؤال: ما حكمة الله تعالى أو الإعجاز العلمي في العدد سبعة مثل سبع سماوات؟ أقول مستعينًا بالله العلي القدير العزيز الحكيم، سائله تعالى التوفيق والرشاد:
إن ثمرة الوجود هي الإنسان المُهَيَّأ للتطلع حوله ليُعاين في كل شيء دلالة تدله على مضمون مستور، وإذا نزع الإنسان حُجُب الإلف والغفلة فسيرى كل شيء مُظهرًا لوحدانية الله وتجسيدًا لصفات الكمال والجلال والتنزيه فيقشعر بدنه ويحنو وجدانه ويستقر جنانه ويخبت في ابتهال ساجدًا لله في يقين، فالجمادات لن تبدو بعين البصيرة كذلك وإنما حشود تُسَبِّح كُلٌّ يميزه إيقاع، وتلك الرؤية الوجدانية ليست وهمية؛ لأن كل شيء تتحرك لبناته بجِدٍّ وعَجَلٍ وفق تقدير يدفع الصدفة ويَئِن حقيقةً مترنمًا بجلال الله كأنما خُلِقَ من عَجَل، هكذا يرى البصير في كل شيء آية تشهد لله بالوحدانية والاقتدار والعظمة، والعجيب أن وحدة الإنشاد تلك هي آخر صيحة في الفيزياء تصف الكون كوتر واحد يُصدر كافة النغمات في إيقاعات منتظمة بلا نشاز.
وإن شئت فأنصت لإنشاد تردده جنبات الكون ومناجاة تشدو لتستحث الغافلين في روائع يفيض بها القرآن تأخذ بالوجدان وتهز الكيان؛ يقول تعالى: (سَبّحَ للهِ مَا فِي السّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[الحديد:1] .
ويقول تعالى: (يُسَبّحُ لِلّهِ مَا فِي السّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ الْمَلِكِ الْقُدّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)[الجمعة:1] .
ويقول تعالى: (يُسَبّحُ لِلّهِ مَا فِي السّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[التغابن:1] .
ولا يسعك عند تبصر حقيقة كل شيء إلا أن تشارك الحشود في التسبيح على بصيرة في هيبةٍ وإجلال.
والمدهش أن يُنزِل القرآن كل شيء في الوجود منزلة العقلاء المسبحين مما حيَّر أعلام المفسرين، قال الطبري:(يعني تعالى ذكره.. أن كلّ ما دونه من خلقه يسبحه تعظيمًا له، وإقرارًا بربوبيته، وإذعانًا لطاعته، كما قال جلّ ثناؤه: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ والأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإنْ مِنْ شَيْءٍ إلَاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقُهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)[الإسراء:44](تفسير الطبري ج27/ص215) .
وقال ابن الجوزي: (فأما تسبيح الحيوان الناطق فمعلوم، وتسبيح الحيوان غير الناطق فجائز أن يكون بصوته وجائز أن يكون بدلالته على صانعه، وفي تسبيح الجمادات ثلاثة أقوال؛ أحدها أنه تسبيح لا يعلمه إلا الله، والثاني أنه خضوعه وخشوعه لله، والثالث أنه دلالته على صانعه فيوجب ذلك تسبيح مُبصره، فإن قلنا إنه تسبيح حقيقةً كان قوله: (وَلَكِنْ لا تَفْقُهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) . لجميع الخلق، وإن قلنا إنه دلالته على صانعه كان الخطاب للكفار لأنهم لا يستدلون) (تفسير زاد المسير - ابن الجوزي ج5/ص40) .
وكما ينطق الوجود بجلال الله كذلك يفيض القرآن بدلائل قدرته ووحدانيته، يقول تعالى:
(لَوْ أَنزَلْنَا هََذَا الْقُرْآنَ عَلَىَ جَبَلٍ لّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مّتَصَدّعًا مّنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ)[الحشر:21] .
وهنا أنزل الجماد كذلك منزلة العقلاء الخاشعين هيبةً أمام عظمة الله وجعله مثلًا ليتفطن مغزاه المتأملون، وبهذا بلغ التمثيل في القرآن غاية الإحكام والبيان لينبه الغافلين ويستحث النابهين، قال ابن كثير:(فإذا كان الجبل في غلظته وقساوته لو فهم هذا القرآن فتدبر ما فيه لخشع وتصدع من خوف الله عز وجل فكيف يليق بكم يا أيها البشر أن لا تلين قلوبكم وتخشع وتتصدع من خشية الله وقد فهمتم عن الله أمره وتدبرتم كتابه)(تفسير ابن كثير ج4/ص344) .
قال النسفي: (جائز أن يكون هذا تمثيلاً كما في قوله تعالى: (إِنّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا
…
) [الأحزاب: 72] .
ويدل عليه قوله: (وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ) .
وهي إشارة إلى هذا المثل وإلى أمثاله في مواضع من التنزيل) (تفسير النسفي ج4/ص234) .
وقال البيضاوي: (تمثيل وتخييل.. ولذلك عقبه بقوله: (وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ) . (تفسير البيضاوي ج5/ص323) .
وقال السمرقندي: (هذا على وجه المثل، يعني: لو كان الجبل له تمييز لتصدع من خشية الله)(تفسير السمرقندي ج3/ص409) .
وقال الثعالبي: (ضرب الله سبحانه هذا المثل ليتفكر فيه العاقل)(تفسير الثعالبي ج4/ص288) .
وعن القرطبي: (أي إنه لو أنزل هذا القرآن على جبل لخشع لوعده وتصدع لوعيده، وأنتم أيها المقهورون بإعجازه لا ترغبون في وعده ولا ترهبون من وعيده)(تفسير القرطبي ج18/ص44) .
قال القفال: (فإذا تقرر أنه تعالى يضرب الأمثال وورد علينا من الخبر ما لا يخرج إلا على ضرب المثل وجب حمله عليه)(تفسير القرطبي ج14/ص256) .
وهكذا حاكت ألفاظ القرآن دلالات تفوق بكثير أقصى ما يمكن أن يبلغه فرسان البلاغة وأساطين البيان، فاستولى على وجدانهم وأخذ بألبابهم منذ زمن التنزيل، وأذعن له غلاظ المكابرين وصاروا أتباعًا مناصرين قبل أن يكشف أحد أدلة ما فيه من تشريع يسمو بالإنسان إلى سواء الفطرة أو علم بالتكوين يشهد بالتنزيل؛ عن الزركشي:(قال الخطابي: وقلت في إعجاز القرآن وجهًا آخر ذهب عنه الناس فلا يكاد يعرفه إلا الشاذ في آحادهم، وهو صنيعه بالقلوب وتأثيره في النفوس، فإنك لا تسمع كلامًا غير القرآن منظومًا ولا منثورًا إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذة والحلاوة في حال، ومن الروعة والمهابة في حال أخرى..، قال الله تعالى: (لَوْ أَنزَلْنَا هََذَا الْقُرْآنَ عَلَىَ جَبَلٍ لّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مّتَصَدّعًا مّنْ خَشْيَةِ اللهِ) . وقال تعالى: (اللهُ نَزّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مّتَشَابِهًا مّثَانِيَ تَقْشَعِرّ مِنْهُ جُلُودُ الّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبّهُمْ) الآية.
قلت: ولهذا أسلم جبير بن مطعم لما سمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للطور حتى انتهى إلى قوله: (إِنّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِع) . قال: "فكأنما صدع قلبي" أخرجه أحمد (16762) . وفى لفظ: كاد قلبي يطير أخرجه البخاري (4854) ، فأسلم.
وفى أثر آخر أن عمر لما سمع سورة طه أسلم أخرجه الدارقطني 1/123، والحاكم4/65 والبيهقي 1/88 وغير ذلك) (البرهان في علوم القرآن - الزركشي ج2/ص106) .
وبالمِثْلِ تتساوق الأرقام في القرآن مع الواقع كما الألفاظ وترسم ظلالاً وصورًا فتتجاوز مألوف دلالاتها، فالكون بناء ممتد إلى حيث يكل النظر، لبناته شديدة الترابط لا تتجاوز سبعة آفاق تمامًا كنُطُق بنية الذرة، والشمس والقمر من معالم فضاء الكواكب التي يسبح معها بيتنا المعمور المأهول وحده بينها بذوي الإدراك، وكان حد معرفة الشعوب قبل عصر المناظير هو خمسة كواكب معهما تحت سقف تناثرت عليه النجوم تطوف حول الأرض الساكنة كما يعدها بمجرد النظر القاطنون، فظنوا مداراتها هي "السماوات السبع"، لكن الكواكب ليست إلا معالم في الفضاء الأدنى تُطبق عليها بروج النجوم في مستويات متزايدة العلو؛ التجمع المحلي للنجوم فالأعظم ثم المجرة فالتجمع المحلي للمجرات فالأعظم ثم ما يدعى بالكوازارات، وطبيعة التكوين الطبقي للكون تنعكس في الذرة كأصغر لبنة فلا تزيد مستويات مداراتها كذلك عن سبع، والكل في حركة دائبة لا يمل من التسبيح، وبذا اكتسب العدد سبعة معنى إضافيًّا يتجاوز دلالة الإحصاء، فأفاد بلوغ الغاية حتى أفاد في مواضع معنى الاكتمال أو التكثير واقترن بوحدة طابع التكوين والانتظام.
لا تزيد مستويات الطاقة حول نواة الذرة عن سبعة مستويات في غاية الانتظام
وفي قوله تعالى: (هُوَ الّذِي خَلَقَ لَكُمْ مّا فِي الأرْضِ جَمِيعًا ثُمّ اسْتَوَىَ إِلَى السّمَآءِ فَسَوّاهُنّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[البقرة:29] .
قال أبو حيان: (إنما خلق السماوات سبعًا لأن السبعة والسبعين فيه دلالة على تضاعيف القوة والشدة كأنه ضوعف سبع مرات.. لما في ذكرها من دليل المضاعفة؛ قال تعالى: (خُذُوهُ فَغُلّوهُ* ثُمّ الْجَحِيمَ صَلّوهُ* ثُمّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ* إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ)[الحاقة:30- 33] . وقال تعالى: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)[التوبة:80] .
والسبعة تذكر في جلائل الأمور؛ الأيام سبعة، والسماوات سبع، و (نُطُق) الأرض سبع، و (السَّيَّارات) .. سبعة: زحل والمشتري وعطارد والمريخ والزهرة والشمس والقمر. والبحار سبعة، وأبواب جهنم سبعة) (تفسير البحر المحيط لأبي حيان ج1 ص282) .
وورد عن الأعلام أن السماء التي وردت في النظم بعد تشكيل الأرض ليست كل ما يعلوها من الكون وإنما دخان خرج منها عند بدء تكوينها فشكل طبقات الجو، وهو ما يوافق الرؤية العلمية الحديثة أنها كانت في غاية الالتهاب وما زال باطنها كذلك يمور في دوامات هائلة تحمينا منها طبقة رقيقة مثل قشرة البيضة، نقل الماوردي عنهم أنها:(الدخان الذي جعله الله للأرض سماء)(تفسير النكت والعيون للماوردي ج1ص92) .
وكأنهم فسروا قوله تعالى: (ثُمّ اسْتَوَىَ إِلَى السّمَآءِ فَسَوّاهُنّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ) . بعد خلق الأرض بقوله: (ثُمّ اسْتَوَىَ إِلَى السّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ* فَقَضَاهُنّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ..)[فصلت:11،12] .
وأجاز ابن عاشور رأيًا يحفظ للأداة "ثم" أصل دلالتها على ترتيب الأحداث ويدفع الخلاف حول أسبقية التكوين؛ الأرض أم السماء؟ بالتمييز بين السماء التي تسبق الأرض في النَّظم والتكوين والسماء التي تلحق بها، قال ابن عاشور رحمهم الله جميعًا) :(والسماء إن أريد بها الجو المحيط بالكرة الأرضية فهو تابع لها متأخر عن خلقها، وإن أريد بها (محل الأجرام السماوية فهي) .. أعظم من الأرض فتكون أسبق خلقًا، وقد يكون كل من الاحتمالين ملاحظًا في مواضع من القرآن غير الملاحظ فيها الاحتمال الآخر) (تفسير التحرير والتنوير ج1ص384) . وهذا يؤكد تباين دلالة لفظ "السماء" حسب السياق منها ما نراه وما هو غيب من ذلك البناء المحيط بنا.
وفي قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ..)[المؤمنون:17] . ورد عن الأعلام تفسيرها بمسارات الأجرام السماوية التي تعلونا تارةً وبالسماوات السبع تارةً أخرى، كما في قوله تعالى:(وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا* وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهّاجًا)[النبأ:12،13] .
وقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا* وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنّ نُورًا وَجَعَلَ الشّمْسَ سِرَاجًا)[نوح:15، 16] . قال ابن عاشور: (قد عدَّ الله تعالى- السماوات (العُلَى كذلك) سبعًا، وهو أعلم بها وبالمراد منها، إلا أن الظاهر الذي دلت عليه القواعد العلمية أن المراد من السماوات (محل) الأجرام العلوية العظيمة.. ويدل على ذلك أمور:
أحدها أن السماوات ذكرت في غالب مواضع القرآن مع ذكر الأرض.. فدل على أنها عوالم كالعالم الأرضي.. ثانيها أنها ذكرت مع الأرض من حيث أنها أدلة على بديع صنع الله تعالى فناسب أن يكون تفسيرها تلك الأجرام المشاهدة) (تفسير التحرير والتنوير ج1ص385) .
والقرآن يدعو في مواضع عديدة إلى النظر في السماوات كما النظر في الأرض ومشاهدة دلائل الوحدانية والاقتدار، وقوله تعالى:(أَوَلَمْ يَرَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ أَنّ السّمَوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا..)[الأنبياء:30] . فيه دلالة على وحدة الأصل في النشأة والتكوين بينة على وحدانية الله وقدرته، كما قال غير واحد من المحققين، والمعلوم اليوم أن كل الأجرام تتكون من نفس المواد، وأما وحدة النشأة فهي محصلة جهود المختصين، وفي الحقيقة يذهل اليوم كل عارف بخفايا التكوين أمام تلك الأوصاف المبهرة في القرآن والمؤيدة لرسالته.
إن الرقم "واحد" في كل اللغات يعني وحدة الكينونة كاللفظ "أحد" بلا تجزئة أو اشتراك بعكس الرقم "اثنين"، وأما "الثلاثة" أو كل ما تجاوز المفرد والمثنى فهو بداهةً في قواعد لغات التخاطب "جمع"، ولذا تثليث الرقم "واحد" تناقض صارخ يجعل المفرد والجمع سواء فيناطح المسلمات الراسخة كالجبال الشوامخ، وأما الرقم "سبعة" فبينة على العلم بخفايا التكوين تشهد بالوحي للقرآن الكريم، وهو بصمة في كيان كل شيء تعلن عن الوحدة والانتظام في طبيعة التكوين من أصغر لبنة لأكبر تكوين، فتشهد لكل يقظ فطين بوحدانية الله وقدرته، وهكذا تسطع حكمة بالغة في حديث القرآن كما في الكون المنظور لم تتخلف عن بيانها الأرقام مشاركةً الحشود في التسبيح، يقول العلي القدير:(أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىَ أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)[الأعراف: 185] .