الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبب نزول قوله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم
…
)
المجيب د. عبد الله بن مقبل القرني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
القرآن الكريم وعلومه/
أسباب النزول
التاريخ 29/2/1425هـ
السؤال
ما سبب نزول قول الله تبارك وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم" أفيدونا أفادكم الله وشكراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، وبعد:
رداً على سؤال الأخ السائل عن سبب نزول قوله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ"[المائدة:105] ، أقول وبالله التوفيق إن هذه الآية الكريمة العظيمة من نداءات القرآن لأهل الإيمان فيها الأمر بإصلاح النفس، والعمل على طاعة الله، والبعد عن معصيته، وقد تحدث عنها وما يتعلق بها جمع من الصحابة رضي الله عنهم منهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فقد روى أبو داود (4338)، والترمذي (2168) وغيرهما بسند حسن عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ"، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه".فدل على أنه لا بد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال البغوي في تفسيره روينا عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم" وتضعونها في غير موضعها ولا تدرون ما هي، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن الناس إذا رأوا منكراً فلم يغيروه يوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسي بيده لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم" رواه الترمذي (2169) من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، وقال ابن مسعود رضي الله عنه:"قولوها ما قبلت منكم فإذا ردت عليكم فعليكم أنفسكم"، (أي مر بالمعروف وانه عن المنكر فإذا لم يقبل منك فعليك أن تعمل
بالمعروف وتنتهي عن المنكر" أما سبب نزول هذه الآية، فقد ذكر الواحدي في كتابه أسباب نزول:" قوله تعالى " يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا عَلَيكُم أَنفُسَكُم لا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذا اِهتَدَيتُم " الآية. قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل هجر وعليهم منذر بن ساوى يدعوهم إلى الإسلام فإن أبوا فليؤدوا الجزية، فلما أتاه الكتاب عرضه على من عنده من العرب واليهود والنصارى والصابئين والمجوس، فأقروا بالجزية وكرهوا الإسلام وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أما العرب، فلا تقبل منهم إلا الإسلام أو السيف، وأما أهل الكتاب والمجوس فاقبل منهم الجزية فلما قرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت العرب، وأما أهل الكتاب والمجوس فأعطوا الجزية، فقال منافقو العرب: عجباً من محمد يزعم أن الله بعثه ليقاتل الناس كافة حتى يسلموا ولا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب، فلا نراه إلا قبل من مشركي أهل هجر ما رد على مشركي العرب، فأنزل الله تعالى " عَلَيكُم أَنفُسَكُم لا يَضُرُّكُم مَن ضَلَّ إِذا اِهتَدَيتُم "، يعني من ضل من أهل الكتاب. وهذه الرواية ضعيفة لأنها من طريق الكلبي عن أبي صالح وهي أضعف الطرق التي يذكر فيها قول ابن عباس رضي الله عنهما.وقد نقل ابن الجوزي في كتابه زاد المسير في علم التفسير في سبب نزولها قولين فذكر ما تقدم ثم قال: (وقال مقاتل: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب، فلما أسلمت العرب طوعاً وكرهاً قبلها من مجوس هجر، فطعن المنافقون في ذلك، فنزلت هذه الآية. والثاني: أن الرجل كان إذا أسلم، قالوا له سفهت آباءك وضللتهم، وكان ينبغي لك أن تنصرهم. فنزلت هذه الآية. والمعتبر مما تقدم هو ما قاله أبو بكر الصديق رضي الله عنه والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.