الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ربط النصوص الدينية بالظواهر الطبيعية
المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح
باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة
القرآن الكريم وعلومه/التفسير الموضوعي
التاريخ 27/12/1424هـ
السؤال
قرأت مقالاً في أحد المنتديات:
ذكر علماء الفلك أن كوكب المريخ قد تباطأت سرعته في الاتجاه الشرقي في الأسابيع القليلة الماضية، حتى وصل إلى مرحلة التذبذب ما بين الشرق والغرب، وفي يوم الأربعاء 30 يوليو توقفت حركة المريخ عن السير في الاتجاه الشرقي، وبعد ذلك في شهري أغسطس وسبتمبر تحول المريخ بالانطلاق بشكل عكسي نحو الغرب، وذلك إلى نهاية شهر سبتمبر، وذلك يعني أن الشمس تشرق الآن من مغربها على المريخ، وهذه الظاهرة العجيبة تسمى retrograde motion أو الحركة العكسية، ويقول العلماء إن كل الكواكب سوف تحدث لها هذه الظاهرة مرة على الأقل، ومن بينها كوكبنا
(كوكب الأرض) ، سوف تحدث له هذه الحركة العكسية يوماً ما، وسوف تشرق الشمس من مغربها، وقد يكون هذا الأمر قريباً ونحن غافلون.
قد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم إن من علامات الساعة الكبرى أن تشرق الشمس من مغربها، وعندما يحدث ذلك لا تقبل التوبة، والعجيب أن علماء الشريعة قد ذكروا أن طلوع الشمس من المغرب يحدث فقط مرة واحدة يوم الطلوع، ثم تعود إلى الطلوع من المشرق وتستمر هكذا إلى أن يشاء الله، وهذا مشابه لما يحدث في المريخ، فإنه يتوقف ويعكس الاتجاه لفترة بسيطة ثم يعود كما كان، وقال صلى الله عليه وسلم:"إن الله –تعالى- يبسط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار؛ ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " رواه مسلم. إن هذا الخبر على خطورته فإنه يفتح أبوابا للدعوة سواء للمسلمين الغافلين أو الكفار، فعندما نعرض هذه الأحاديث التي ذكرت تلك الظاهرة قبل 1400 سنة، فسوف يدخل في الإسلام خلقٌ كثيرٌ، وأما المسلمون فقد رأوا أن هذا الأمر حدث للمريخ، وما يدرينا لعله مقدمة لما سيحدث على كوكبنا في القريب العاجل.
وسؤالي: هل هذا الكلام صحيح؟ فنحن من كثرة ما نسمع من أحاديث آخر الزمان أصبحنا لا نعرف الحق من الكذب. أفيدونا جزاكم الله خيراً مع أملي بأن تلحقون الإجابة بعلامات الساعة الكبرى بالترتيب.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد:
تبدو النجوم للراصد الأرضي ثابتة على مر الأعوام نتيجة لبعدها الشديد، ولذا اتخذت منذ القدم علامات ثابتة يهتدي بها المسافرون، بينما تتغير مواقع الكواكب ويمكن رصد حركتها أمام النجوم، ولذا سميت بالسيارات، ومن المعلوم فلكياً أن الأرض هي الكوكب الثالث بالنسبة للشمس، ويسبقها عطارد والزهرة وتليها مجموعة الكواكب الخارجية التي منها المريخ والمشترى وزحل، وقد لوحظ منذ القدم أن السيارات الخارجية تنكص حركتها دورياً، فيقف تقدمها حول الشمس ظاهرياً وتبدو متراجعة، وقد فسرت تلك الظاهرة حديثاً على أساس أنها ذات مدارات أكبر من الأرض وسرعات أقل، ولذا تبدو دورياً متراجعة، بينما تنعدم تلك الحركة التناقصية الظاهرية في حالتي عطارد والزهرة؛ لأن مداريهما أصغر وسرعتهما أكبر، وفي الحقيقة أن حركة جميع الكواكب لا تتوقف سواء حول الشمس أو حول نفسها، وهذه الحركة التراجعية الظاهرية للكواكب معلومة لدى المفسرين رحمهم الله حتى إن بعضهم فسر بها قول الله - جل وعلا-:"فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس"[التكوير: 15-16] باعتبار أنها جوار أي سيارات والخنس النكوص والتراجع، وتراجع المريخ حالياً ليس إذاً ظاهرة غير معلومة سابقاً لننزل عليها أحاديث آخر الزمان، بل إحدى سنن الله المعتادة في خلقه، وينبغي الحذر والحيطة عند ربط النصوص الدينية بالظواهر الطبيعية أو الاجتماعية؛ لأن التعجل بإنزالها على الواقع بلا بينة مجازفة وشهادة بغير علم، وقد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه خاصة مع ترصد من ينتظر زلة ليطعن في نصوص الوحي. والله -تعالى- أعلم.