الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتور.. الزوج
..!!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية
التاريخ 6/4/1422
السؤال
أنا امرأة متزوجة منذ عشر سنوات من رجل لم أكن أعرفه تمام المعرفة ولكن كما تعلمون الزواج المتعارف عليه في مجتمعاتنا الخليجية، في بداية زواجنا كانت حياتنا تسير على ما يرام مع حدوث الكثير من الحوادث التي كنت دائماً أقوم على حلها له حتى رزقنا الله بأربعة من الأبناء والبنات بعد العناء والمعالجة في المستشفيات حيث أن الحمل كان في بداية الأمر صعب عندي ولكن الحمد لله على كل حال، والآن تغيرت حياتي وانقلبت رأساً على عقب فزوجي أشعر أنه لا يرغب بي كالسابق ولا يحترم آرائي ولا يهتم بها ولا حتى ابسط حقوقي الزوجية وهو حق المعاشرة الزوجية لا يقوم به حتى أنه لتمضي الشهور على ذلك ولا أدري كيف أتصرف معه؟ أرشدوني للحل أفادكم الله؟
الجواب
أيتها الأخت الكريمة يبدو أن مشكلتك تدور حول محاور أربعة وفي فهم تلك المحاور قد تخرجين بفائدة أرجو أن تساهم ولو جزئياً في حل مشكلتك هذه المحاور هي أنت كزوجة وزوجك والعوامل الخارجية المحيطة بكما كزوجين وأخيراً العلاقات والروابط المشتركة بينك وبين زوجك.
قد يتبادر لذهن كثير من الناس أن وجود مثل هذه المشكلة إنما يتمثل بسبب الزوجة كعامل رئيسي لوجود مثل هذا الفتور في العلاقات الزوجية فالزوجة هي الملومة الأولى في مثل هذه الحالة فالحياة الروتينية رسّخت عندها عدم المبالاة في مراعاة زوجها ومراعاة مشاعره ورغباته.
هذا الروتين وخصوصاً بعد هذه المدة الزمنية المديدة ووجود الأطفال جعلها أقل حرصاً على التجمّل والتفنن إن صح التعبير في عرض جمالها ورونقها لزوجها لتجذبه إليها وتجعله مشغوفاً بها على الدوام بحيث لا يجد السأم إليه طريقاً ولا يرى الملل إليه مسلكاً ينبعث من خلاله عند فئة من الناس الزوجة هي المفتاح الجاذب والماسك في نفس الوقت لزوجها فإن شاءت أرسلته وتركته وإن شاءت احتفظت به فلا تراه يشغف تفكيرها.
أيضاً قد يرى آخرين أن الزوج إنما حصل له مثل هذا الفتور في العلاقات الزوجية هو نتيجة طبيعية لإتباع نفسه هواها، فإطلاقه البصر والنظر إلى ما حرم الله ومشاهدة الأفلام الهابطة وبعض القنوات الفضائية وما تعرضه من صور رخيصة جعلته يزهد فيما عنده من الحلال، بل أصبح لا يجد تلك اللذة والسعادة الزوجية التي كان يراها ويستمتع بها في السابق، وهنا يجب أن أشير إلى أن هذا لا يعني أن كل بروديه في العلاقات الزوجية عند الأزواج إنما مردّها إلى هذا السبب، لا، بل هناك أسباب أخرى عديدة ولكن هذا السبب موجود لدى عينة غير صغيرة في مجتمع الرجال.
الصراحة والمكاشفة بين الزوجين هما في نظري الحل الناجح والأجدر بالعمل به لكل زوجين أرادا أن تدوم الألفة والمحبة بينهما، ولكن المشكلة أن هذه الوسيلة هي في حد ذاتها مشكلة تحتاج إلى حل. إذا أنها غائبة تماماً عند كثير من الأزواج. المصارحة والمكاشفة بين الواحد والآخر هي مع الأسف آخر ما يمكن أن يفكر في طرقه وعمله كل من الزوج والزوجة، يأخذ الزوج أو الزوجة على خاطره ويتعب على الآخر وربما يتضايق من تصرف معين أو عادة يقوم بها أحدهما باستمرار ولا تجد الآخر يحاول مكاشفتة فيها، أصبح كل منها مخزوناً مليئاً بكل نقد وعتب على الآخر ولكن وبسبب معين أو لجدار وهمي ساهم في بنائه كل منها على مرّ الزمن لا يستطيعان أو قل لا يملكان القوة والشجاعة الكافية التي تمكنهما من مصارحة إحداهما الآخر بما يجد في نفسه عليه. وكنتيجة طبيعية لهذا العمل نجد أن هذا المخزون من العتب والسأم يتحول وبطريقة لا إرادية إلى أشكال مختلفة من التصرفات والنزاعات وربما المشاجرات بين الزوجين، كثير من حالات الخصام والشجار بين الزوجين تبدأ بسبب تافه وبسيط ربما يخجل كل منهما حتى الإفصاح عنه فيما بعد لتفاهته وصغره وهو في الحقيقة إنما هو قناع حاول كل من الزوجين تفريغ ما في جعبته من شحنات العتب التي طالما تكدّست عندهما من خلاله فما برح أن أنفجر حالما وجد فرصة ولو بسيط أو سامجة إن صح التعبير ليكون بذلك بذرة وبداية لنزاعات يجر بعضها بعضاً.
إذا الحل كما أراه أنا ويراه كثيرون غيري والمتمثل في الحوار والمصارحة والمكاشفة إنما هو مشكلة بحد ذاته وذلك في غيابه التام عن الساحة الزوجية وبعده الساحق عن العلاقة الزوجية المتردية، ولذلك فإني أنصح أختي السائلة وأرشدها في أن تبدأ في مد خطوط المكاشفة مع الزوج وأن تبدأ في بناء حلقة مناقشة جادة هادئة وتشييد حوار صريح ولطيف مع زوجها تحاول فيه من التعرف على مكمن الخلل الحاصل لهما في علاقتهما الزوجية، وبالطبع فإن للمصارحة والمكاشفة الزوجية والحوار بينهما آداباً وسلوكيات يحسن بك أختي الإلمام بها ولعلي أرشدك إلى محاضرة نفسية في هذا المجال للشيخ عبد العزيز المقبل هي بعنوان " لا صداع مع الجوار " وفيه تعرض الشيخ لهذه المسألة باستفاضة وشمول أرجو أن تجدي فيها الفائدة وما يعينك في مهمتك القادمة.
أمران أخيران أود التنبيه إليهما قبل أن أنهي هذه الاستشارة:
- أولاً: إياك أن يأتيك الشيطان ويوحي إليك أن سبب عزوف زوجك عنك هو بسبب إنجابك أو نوعية إنجابك فيوحي إليك بامور قد تتعبك من الناحية النفسية وهي ابعد ما تكون عن الواقع!! ، إنك يجب أن تعلمي وتؤمني أن هذا كله بأمر الله وحكمته ولا يسع المؤمن إلا الرضى بما قسمه الله
- الأمر الآخر: وهو شائع جداً بين الناس وهو إرجاع مثل هذه المشاكل الزوجية القائمة بين الأزواج لظروف خارجية مثل العين والحسد والسحر، نعم هناك مشاكل زوجية سببها هذه الأشياء ولكنها محدودة جداً بحمد الله، فلا يسعنا كزوج وزوجة أن نجعلها شماعة نعلق عليها كل ما يدّب بيننا من خلافات ونزاعات.
إن العين والسحر أصبحت لدى كثير من الأزواج والزوجات المفر السهل والمخرج الأقرب الذي يخرجون به من أخطائهم ويهربون من خلاله ومن مواجه المصاعب ويزيد الأمر سوءاً وتعقيداً إذا رُمي به إنسان بري فاعتقد أحد الزوجين أن فلاناً سحره أو فلاناً حسده بعين وهو في الحقيقة بريء من ذلك براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.
قبل الخوض في مسألة العين والسحر وهما حق بلا شك يجدر بالزوج أو الزوجة أن يتغوص كلٌ في نفسه ويصارح شريك حياته فربما توصلا إلى حل ناجح يقطعان به وساوس الشيطان واتهام غيرهم من المسلمين.
والله ولي التوفيق.