الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عصبيتها وصلت إلى حالة مرضية
المجيب يوسف صديق البدري
داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 07/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
أخي: أنا في محنة من عصبيتي، وصلت لحالة مرضية، وكان السبب فيها ظلم زوجي لي ولأولادي، كان يتعمد إثارتي، حتى إنني بسبب عصبيتي أضغط على أعصابي بشدة ولا أملك زمام نفسي، حتى إني خسرت الكثير، وانفصلت عن زوجي الذي يعيش في بذخ، ويفضِّل الكماليات والأشياء الترفيهية على أن ينفق على أطفاله، وينفق على أطفاله من زوجته الأولى، ويحرم هؤلاء الأطفال من حقهم الشرعي، وأنا صابرة عليه أكثر من 6 سنوات، ولعله يتقي الله، ولكن لا جدوى، بعت ما أملكه، وأخذ ذهبي مني حين تركته وسافرت بحجة أني تركته، ويقول ليس لك حق فيه وأنت تركتيه، وأنا لا أعرف إن كان سكوتي عليه ظلم لأطفالي أم لا، لا أريد أن أذهب للقضاء ولا للمحاكم، ماذا أفعل معه؟ وماذا أفعل لعلاج العصبية؟ مع العلم يا فضيلة الشيخ أني طيبة القلب جدًا ولا نزكي على الله أحداً، ومع العلم أن مطلقي دكتور في الشريعة والفقه، ولكن يعلم الله به في فتواه وأفعاله، والله المستعان على أمثاله. أرجو الرد علي حتى لا يضيع أطفالي ولا أجد لهم ما يعينهم على الحياة، ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد
فمرحبا بك ـ أختنا الكريمة ـ وندعو الله تعالى أن يرفع عنك ما أهمك وما أغمك، وأن يبدل حالك إلى أحسن الأحوال، واعلمي يا أختاه أن دوام الحال من المحال، وأن الله يعز من يشاء ويذل من يشاء، وهو الذي يقلب الليل والنهار، فلن يبقى الظالم ظالمًا ولا المظلوم مظلومًا، واعلمي أن الدنيا دار ابتلاء وشقاء، فقد يبتلى الرجل بزوجة سيئة الخلق يشقى بها، وكذلك المرأة قد تبتلى بزوج ظالم يسيمها سوء العذاب، وما على هذا تقوم حياة الأسرة المسلمة، فللإسلام رأيه ومنهجه في حالة الحب والكره، في الاستقرار والانفصال، ولم يترك أهله دون تشريع ينظم لهم أمورهم، ولقد أوصى الإسلام الزوج بزوجته، وكذلك أوصى المرأة بزوجها، وأوصى كلاهما بأولادهم حفظًا ورعاية ونفقة، كما أن في هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الأسوة في علاقته مع أزواجه: يقول ابن القيم رحمه الله (وكانت سيرته مع أزواجه: حسن المعاشرة، وحسن الخلق. وكان يسرب على عائشة بنات الأنصار يلعبن معها. وكانت إذا هوت شيئًا لا محذور فيه تابعها عليه. وكانت إذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه موضع فمها وشرب، وكان إذا تعرقت عرقًا ـ وهو العظم الذي عليه لحم ـ أخذه فوضع فمه موضع فمها
…
) ويضيف ابن القيم (وكان لطفه وحسن خلقه أنه يمكنها من اللعب ويريها الحبشة، وهم يلعبون في مسجده، وهي متكئة على منكبيه، تنظر وسابقها في السير على الأقدام مرتين.. وتدافعا في خروجهما من المنزل مرة) . (وكان يقول: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله") أخرجه الترمذي (3895) كما أن الشريعة ـ يا أختنا الكريمة ـ ويفترض أن يكون مطلقك ـ دكتور الشريعة ـ سامحه الله ـ أعلم بذلك، أقول: إن الشريعة أوجبت على الزوج أن يوفر لامرأته المطالب المادية من النفقة والكسوة والمسكن والعلاج ونحوها، بحسب حاله وحالها، ومن الآداب الزوجية التي ذكرها الغزالي في "إحياء علوم الدين": أن يزيد على احتمال الأذى منها، بالمداعبة والمزاح والملاعبة، فهي التي تطيب قلوب النساء، أما إذا استحالت العشرة ووصل الأمر إلى الطلاق؛ فينبغي أن يكون بالمعروف، قال تعالى:(وعاشروهن بالمعروف)[النساء:19] ؛ لذا فإني ـ وفي حالتك هذه ـ أنصحك يا أختنا بالآتي:
1ـ تكرار المحاولة مع زوجك هذا بتذكيره بحقوقكم عليه أنت والأولاد، وليكن هذا ـ مثلاً ـ عن طريق الأولاد فربما لان قلبه، ورق فؤاده
2 ـ توسيط بعض أقاربه أو أقاربك ممن تتوسمين فيهم الحكمة والصلاح، وإلا فبعض من زملاء مهنته من أساتذة الفقه والشريعة
3-
فإن لم تفلح هذه المحاولات ولم تأت بنتيجة، ولم تصل بك إلى حق، فلا عليك أن تلجئي إلى مقاضاته لأخذ حقك وحق أولادك، وإن كنا نفضل أن يمتثل لأمر الله ورسوله من قريب، وأن يعطي الحق لأهله، وألا ينسى الفضل بينكم،
أما عن "العصبية" التي تعانين منها فهي نتيجة طبيعية لما مر بك من محنة وألم، لكن ـ يا أختنا الطيبة ـ هوني على نفسك، فستمر المحنة وتنكشف الغمة، وستدور الأيام دورتها، ولن يبقى الحال على ما هو عليه، قال تعالى:"وتلك الأيام نداولها بين الناس.."[آل عمران:140]، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر المؤمن بصبره وشكره في جميع أحواله. فعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له". رواه الإمام أحمد (18934) ، ومسلم (2999) .
كما أنصحك بكثرة صلاة النوافل؛ فهي من أعظم أنواع القرب من الله والاستعانة به، قال تعالى:"واستعينوا بالصبر والصلاة"[البقرة: آية 45] .
وكذلك أكثري من تلاوة القرآن، وذكر الله تعالى، وخصوصا الاستغفار، ففيه تفريج الهموم، والرزق الكريم، فعن ابن عباس- رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب " رواه أبو داود (1518) ، وابن ماجه (3819) .